الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب زاد المستقنع/كتاب الطهارة من زاد المستقنع/(3) “مدخل” قوله ولا يرفع حدث رجل طهور يسير خلت به امرأة لطهارة
file_downloadshare

(3) “مدخل” قوله ولا يرفع حدث رجل طهور يسير خلت به امرأة لطهارة

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ

قالَ المصنّفُ -رحمه الله- تعالى:
(ولا يرفعُ حدثَ رجلٍ، طهورٌ يسيرٌ، خلتْ به امرأةٌ، لطهارةٍ كاملةٍ، عن حدثٍ)

يقول المؤلف: "لا يرفع حدث رجلٍ"، هم عندهم شروط لهذه المسألة، تؤخذ من هذه العبارة: (ولا يرفعُ حدثَ رجلٍ) خرج به المرأة، (حدثَ رجلٍ)، (طهورٌ) وغير الطهور لا يرفع به الحدث، (يسيرٌ) خرج به الكثير.
(ولا يرفعُ حدثَ رجلٍ، طهورٌ يسيرٌ خلت به) خرج به، لم تخلُ به، عندهم _من يقول هذا_ عندهم تفصيلات: هل تزول الخلوة بوجود مميز، أم لابد من وجود بالغ؟
لو تطهر رجلٌ بماء يسير، فإنه يرفع حدث الرجل الآخر، لكنه يقول: (خلت به امرأة، لطهارةٍ)، لكن لو خلت به لا لطهارةٍ: تغسل ثياب أو تغسل يديها، الفقهاء يأتون بعبارات دقيقة، يضمّنونها شروط الحكم.
(خلت به امرأةٌ، لطهارةٍ كاملة) لو خلت به لا لطهارةٍ كاملة، يعني تطهّرت بعض الأعضاء، افرض أنه زالت الخلوة في أثناء الطهارة، أو أنها غسلت بعض أعضائها فقط، (لطهارةٍ كاملةٍ، عن حدث)، فلو أنها خلت به لطهارةٍ كاملة، لكن للتجديد لا، عن حدث لتجديد الطهارة، فهذه هي شروط هذا الحكم، وهذا الماء يُسمى "فضل طهور المرأة".
وهذه المسألة جاء فيها حديث، من أحاديث "بلوغ المرام"، عن رجل صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يتوضأ الرجلُ بفضلِ طهورِ المرأةِ، أو المرأة بفضلِ طهورِ الرجلِ، قال: (وليغترفا جميعًا).
فهذا من دليل هؤلاء، ولكن العجب أنّ الحديث دل على نهي الطرفين، نهي الرجل أن يتوضأ بفضل المرأة، أو المرأة بفضل الرجل، وهذا يصلح للذين يدعون إلى تسوية المرأة بالرجل في كل شيء!، يحلوا لهم مثل هذا، فلا يكون هناك شيء يميز به الرجل ضد المرأة كما يقولون.
ولكن وضوء المرأة بفضل الرجل: قالوا بالإجماع أنه يجوز، وأنه لا كراهة فيه، ومنهم من حمل هذا الحديث على كراهة التنزيه، أو قالوا النهي للتنزيه، استدلوا على ذلك بما جاء في الصحيح، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنه توضأ بفضل ميمونة)، في صحيح مسلم، وحديث آخر، وكل هذه الأحاديث في بلوغ المرام، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (جاء ليتوضأ من جفنة، فذكرت له إحدى أزواجه أنها قد اغتسلت منها، وهي جنب)، لاحظ الأمر أكبر من طهارة الحدث الأصغر، هي جنب، فقال: (إنَّ الماءَ لا يجنب).
فهذا مما استدل به الجمهور على جواز، وعدم كراهة وضوء الرجل من فضل المرأة، وإذا كان هذا حكم الرجل، فالمرأة كذلك، أو هي من باب أولى؛ ولهذا نقول: إنّ هذا الرأي، المذكور هنا، مرجوح، فالأدلة الصحيحة، الصريحة، دالة على صحة وضوء الرجل بفضل المرأة، والمراد بفضل المرأة "بقية وضوئها"، كما تقدم.
وأما اشتراطهم "الخلوة" فهذا لا أذكر له تعليلا، لعلكم تلاحظون في الشرح اشتراط الخلوة، الحديث الوارد، ليس فيه الخلوة، اللهم إلا أن يقولوا: وليغترفا جميعا.
صحيحٌ أنه قد ثبت أنه -عليه الصلاة والسلام-: (كانَ يغتسلُ هو وبعضُ أزواجهِ من إناءٍ واحدٍ، يغترفان جميعاً)، هذا لا إشكال فيه، ولا كراهة فيه أصلا.
جاء عن أم سلمة، وعن عائشة، رضي الله عنهما: (أنَّها كانت تغتسلُ ورسولُ اللهِ من إناءٍ يسع الفرق، يغترفان منه جميعاً)، الغسل: غسل الجنابة.
أما حديث ميمونة، فهذا فيه: أنها توضأت، أو اغتسلت، ثم جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- ليغتسل من تلك الجفنة، أو يتوضأ، فقالت أنها اغتسلت منها وهي جنب، فقال: (إنَّ الماءَ لا يجنبُ).
هل ذكر الشيخ عندكم شيئًا؟
قال الشيخ العثيمين: [وقوله: (خلت به)، تفسير الخلوة على المذهب: أن تخلوا به عن مشاهدة ممييز، فإن شاهدها مميّز زالت الخلوة].
لكن لو طفل عندها، فلا تزول الخلوة، على قولهم، فإن شاهدها ممييز، زالت الخلوة ورفع حدث الرجل.
وقيل: تخلوا به، أي: تنفرد به، بمعنى تتوضأ به، ولم يتوضأ به أحدٌ غيرها، وهذا أقرب إلى الحديث، لأن ظاهره العموم، ولم يشترط النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تخلوا به].
 

(وإنْ تغيَّرَ طعمُهُ، أو لونُهُ، أو ريحهُ، بطبخٍ أو ساقطٍ فيهِ، أو رُفِعَ بقليلهِ حَدثٌ، أو غُمِسَ فيهِ يدُ قائمٍ من نومِ ليلٍ، ناقضٍ لوضوءٍ، أو كانَ آخرَ غَسلةٍ زالتِ النجاسةُ بها فطاهرٌ)
هذا هو النوع الثاني من أنواع المياه، الذي قال فيه المصنف: (المياه ثلاثة)، أولها: طهور، لا يرفع الحدث، وما في معناه، ولا يزيل الخبث غيره، الثاني: الطاهر، يقول: إن تغير طعم الماء، أو لونه، أو ريحه بطبخ، ظاهره بطبخ، هكذا بدون.
وقد قيد الطبخ بشيء ظاهر فيه، بقوله: (بطبخ ظاهر فيه)، سبحان الله، هذا نقص في العبارة، "إن تغير طعمه أو لونه أو ريحه بطبخ طاهرٍ فيه"، هذا معقول، لأنه يتغير إذا طُبخ فيه، إن تغير طعم الماء، أو ريحه، أو لونه، بطبخ شيء فيه، قال لك "طاهر"، لكن لو طبخ فيه نجس، هذا لا، لكن لو طبخ فيه طهورٌ، مثل: تراب، لو طُبخ فيه وتغير: لا تزول طهوريته، لأنه لم يطبخ فيه طاهر، بل طُبخ فيه طهور.
(أو تغير طعمُهُ، أو لونُهُ أو ريحهُ، أو ساقطٍ فيه)، بمجرد ساقط، إن كان مما يشق صون الماء عنه، فتقدم أنه لا تزول طهوريته، إن تغير بمكثه، أو بما يشق صون الماء عنه، وظاهر هذا: أنه إن تغير طعمه، أو ريحه، بساقط فيه، بما لا يشق صون الماء عنه، فإنها تزول طهوريته.
(بما لا يشق صون الماء عنه)، افرض أنه ألقي فيه شي من الطعام، ألقيت فيه تمر، ألقيت فيه قصب، تبن وتغير، يقول: إنه إذا تغير طعمه أو ريحه فكذلك، الحكم في آخر العبارة، آخر العبارة فيها: "فطاهر"، طاهر غير مطهر.
ماذا قال الشارح على: (أو ساقطٍ فيه)؟

القارئ: الروض: ["أو ساقطٍ فيه كزعفران، لا تراب، ولو قصداً". قال الشيخ: هذه تعود إلى التراب، كلمة: "ولو قصداً" هذه تعود إلى التراب، أما الزعفران فمن باب أولى إذا سقط فيه من غير قصد، فكيف إذا كان عمد، هو يقول: "لا تراب، ولو قصدا"، يعني: ولو جئت بتراب، وخلطته بالماء لحاجةٍ ما، فإنها لا تزول طهوريته، قال: "كزعفران، لا تراب، ولو قصدا، ولا ما لا يمازجه مما تقدم، فطاهر].
 
(أو رُفِعَ بقليلهِ حدثٌ)
هذه ثلاث مسائل، عندنا الآن واحدة واحدة، القليل تقدم، هو: ما دون القلَّتين، (أو رفع بقليله حدث): فطاهرٌ أيضا، وهذا هو الذي نسميه: الماء المستعمل في رفع الحدث، حكمه طاهر.
 
(أو غُمسَ فيهِ يدُ قائمٍ من نومِ ليلٍ ناقضٍ لوضوء)
هذا -أيضاً- استعملوا فيه، مما تقدم، من مراعاة الشروط، إذا أردنا أن نستعمل الدقة في هذه، "غُمس فيه يد قائم"، يعني سواء غمسها هو، أو أحد أمسك بيد نائم، قائم من نوم ليل وغمسها، لا يختلف الحكم، هذا هو موجب التعبير.
استعمل الشروط، لو غمس فيه رجله، لا يتغير الحكم، والقائم من نوم نهار لا يسلبه الطهورية.
النوم منه ينقض الوضوء، وهو النوم المستغرق –مثلاً-، ومنه ما لا ينقض، وهو ذاك النوم اليسير، على المذهب عند الحنابلة، كما سيأتي في النواقض، "النوم اليسير" من قائمٍ، وقاعدٍ، نوم يسير من قاعد، هذا لا ينقض، فإذا قُدّر أنه نعس، أو نام، وهو قائم، وبعد ما تنبه، ذهب ليتوضأ، وغمس يده، فلا تزول الطهورية، لقوله: (ناقضٍ لوضوء)، وهذا غير ناقض لوضوء، (أو غُمس فيه يدُ قائم)، ثم أيضاً في الشرح الظاهر، يقولون: كلُ يدِ قائم، يعني كلها.
هل ذُكر هذا عندكم؟
القارئ: نعم، [كلُ يد مسلمٍ مكلَّف قائم]
هذه شروط إضافية، كل يد، ولا بد أن يكون مسلما، مكلفا، غير المكلف لا أثر لغمسه يده، فهذه الشروط أخذوها من العبارة التي في المتن، ومما أضافه الشارح، هذه المسألة أصلها ما ثبت في الصحيحين، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا استيقظَ أحدكم مِن نومِهِ، فلا يغمسْ يدهُ في الإناءِ حتى يغسلها ثلاثاً، فإنَّهُ لا يدري أين باتتْ يدهُ).
اختلف العلماء في فهم هذا الحديث، فمنهم من حمله على التعبد، وقال: إن هذا مستحب، وليس بواجب، وهو تعبدي، ومنهم من قال: بل إنه واجب، وإن كان تعبدي، وانتهى الأمر، ولا أثر له في الماء، والماء على حاله، ولا تزول طهوريته.
وقيل: إنه تعبدي من جنس الحدث، من جنس رفع الحدث، وتقدم أن هذا في معنى رفع الحدث، غسل اليد بعد قيام من نوم الليل، في معنى رفع الحدث، فجعلوا الماء الذي غُمست فيه يد قائمٍ من نوم ليلٍ ناقضٍ لوضوء، من جنس الماء المستعمل في رفع الحدث.
بل ربما ذهب بعضهم إلى تنجيسه، ومنهم من علله بالشك في النجاسة، احتمال نجاسة، وقالوا: إن الناس قديماً كانوا يستعملون الحجارة في الاستنجاء، والحجارة لا تزيل أثر النجاسة، تزيل النجاسة فقط، لكن هناك أثر باق، فربما وقعت يده على الموضع، ومع العرق، فتتلوث أو تنجس، هذا احتمال،  فالنهي للشك في النجاسة.
ولكن فسروا بهذا الكلام، بهذا المعنى، قوله: (فإنَّه لا يدري أين باتتْ يدُهُ)، وهذا ليس بظاهر، هذا يمكن أن يختص بمن هذه حالهم، ويختص بمن لا يلبس السروال، ولا عليه ثياب، وأحسن ما يقال في هذا أنه أمر تعبدي، وتعليله: (فإنه لا يدري أين باتت يده)، فيه شيء من التعليل.
وأظن أن شيخ الإسلام، أو ابن القيم، يقول: "إنَّ هذا الحديثَ متناسبٌ مع حديث: (إذا استيقظَ أحدكم من نومهِ فليستنثرْ ثلاثاً، فإنَّ الشيطانَ يبيتُ على خيشومهِ)، وأنَّ قوله: (فإنَّه لا يدري أين باتتْ يدهُ) فربما باتت هنا، فتكون الملابسة، فاليد تغسل ثلاثاً، وليكن الاستنثار ثلاثا".
والصواب -إن شاء الله-: إن غسل اليد قبل غمسها في الإناء واجبٌ للأمر به، ولكن لو غمسها الإنسان –ناسياً، أو متساهلاً، أو جاهلاً-، فإنها لا تزول طهوريته.
والكلام في هذه المسألة مستعجل، وإلا فإن كل هذه المسائل الصواب فيها: أن الماء لا تزول طهوريته بشيء من ذلك، لا تزول طهوريته بشيء مما ذُكر، هذا هو الراجح إن شاء الله، إن طُبخ فيه ما غيّر طعمه أو ريحه، أو سقط فيه، ما غيّر طعمه أو ريحه… إلخ، أو غُمس فيه يد قائم، أو رفع فيها حدث رجل.
والمسألة الأخيرة، قالوا: (أو كانَ آخرَ غسلةٍ زالتِ النجاسةُ بها): يجعلون هذا طاهراً، والصواب: أن كل هذه الأنواع باقية على الأصل، أن الماء طهور، ولا تزول طهوريته إلا بدليل، وإذا زال الاسم: زال الحكم، يعني: ماء سقط فيه ورق شاي، فتغير قليلاً، لكن لم يصبح شاياً، أو سقط فيه شيء من السكر، قليل، وأصبح له طعماً، فلا يزول اسم الماء.
أما إذا ما صنعت الشاي، وجئت بالتمر، وعصرته، فلن يبق ماءً، بل أصبح عصيراً، وأصبح نبيذاً، فإذا زال الاسم: زال الحكم.
ماءٌ وُضعت فيه مادة للصبغ، فصار صبغاً، يستعمل للصبغ، هذا ليس بماء مطلق، ولا يقال له: "ماء"، يقال له: عصير، يقال له: نبيذ.
ومن المشهور أن الحنفية، أو أبا حنيفة، يجيز الوضوء بالنبيذ، نبيذ التمر، لحديثٍ يُروى في ذلك، وهو ضعيف، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لابن مسعود، في ليلة ما، كان معه: (هل معكَ مِن طهورٍ؟ قال: لا، ليس معي إلا نبيذٌ، فقال: تمرةٌ طيبةٌ، وماءٌ طهورٌ)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، كما ورد، والله أعلم.
 
(والنجسُ: ما تغيّرَ بنجاسةٍ، أو لاقاها، وهو يسيرٌ، أو انفصلَ عن محلّ نجاسةٍ قبلَ زوالها)
و(النجس): هذا هو النوع الثالث من أنواع المياه، الماء النجس.
(الماء النجس: ما تغير بنجاسة)، وهذا بالإجماع، بإجماع المسلمين، أن الماء المتغير، إذا تغير طعم الماء، أو ريحه، أو لونه، بنجاسة: فهو نجس، وقد ورد في هذا حديثٌ، لكنه ضعيف، لكنه مجمعٌ على معناه، الحمد لله، هذا لا إشكال فيه.
تقدم أن الماء الطهور ينقسم إلى: قليل ينجس بملاقاة النجاسة، وهو ما دون القلتين، فما دون القلتين لو كان تقع فيه نجاسة، يسيرة، مضمحلة، لا أثر لها، فإنه نجس، وما فوق القلتين: تقدم الكلام، والفرق بين بول الآدمي، وعذرته المائعة، والقول بأنه لا فرق بين النجاسات، تقدم ترجيح أن حكم الماء واحد، وأن الماء -قليلا كان أو كثيرا- الصواب أنه لا ينجس، إلا أن يتغير، فالكلام هنا مبني على ما سبق. (أو لاقاها وهو يسير): لاقى النجاسة، وكلمة "لاقاها" عندهم فيها دقة، "لاقاها": بأن وقعت فيه، أو "لاقاها": بأن ورد عليها، لأن هناك من يفرق بين ورود النجاسة على الماء، وورود الماء على النجاسة، لكن هنا أتى بعبارة دقيقة، ما قال "أو وقعت"، بل قال: "أو لاقاها، وهو يسير"، ولو لاقاها وهو كثير، لا ينجس إلا أن يتغير.

(أو انفصل عن محل نجاسةٍ قبل زوالها): هذه تقابل المسألة المتقدمة، يعني أو كان آخر غسلة زالت بها النجاسة، يعني هذا الموضع، من باب التوضيح، بقطع النظر عن لو كنا نغسل إناءً قد ولغ فيه الكلب، وغسلناه المرة الأولى، والثانية، والثالثة، والرابعة، فهذا الماء الذي غسلنا به الإناء يكون نجساً، لأنه لاقى النجاسة، وانفصل عنها، والماء يسير، فالمسألة هذه كأنها تعتبر جزئية للمسألة التي قبلها.
(أو لاقاها، وهو يسيرٌ): من هذا القبيل، الماء المنفصل في تطهير النجاسة، قبل زوالها، لأنه قد لاقاها، أليس قد لاقاها.
فالغسلات التي تزال بها النجاسة -مثلاً-: بول، أو عذرة -أكرمكم الله-، أو شي، فيمكن أن الغسلة الأولى، والثانية، يصبح في الغالب أنها تتصف بالتغير، هذا شيء ملاحظ، تتغير تغيراً كبيراً، والثاني يمكن أن تتغير دون ذلك، والثالث يمكن أن يتغير بحسب غلظ النجاسة، وكمية النجاسة.
أما إذا كانت النجاسة خفيفة، فما يتضح، فغسل النجاسة عندهم سيأتي في باب "إزالة النجاسة" أن كل نجاسة يجب فيها غسل محلها، سبع مرات، إلا نجاسة كلب، وخنزير، فيكون إحداهن، أو أوَّلهنَّ بالتراب، فقط.
أما كل موضع الثوب الذي وقعت فيه نجاسة، أو البدن، طرف البدن إذا أصابه نجاسة، لابد من غسله سبع مرات، فهذا لا دليل عليه، فالمقصود في إزالة النجاسة: هو زوال النجاسة.
والنجاسة تختلف قدراً ونوعاً، فربما تحتاج إلى عشر غسلات، لا تكفي سبع غسلات، لأن النجاسة فيها غلظ، وفيها التصاق، وفي حالة أخرى: يمكن ثلاث مرات، فلاحظوا الاستنجاء من البول يحتمل الشيء اليسير، يعني لو أخذ غرفة وحدة تكفي، بخلاف الاستنجاء من الغائط، يحتاج إلى أكثر من ذلك، فالنجاسة لا تقدّر، يعني: لا يقدّر لإزالة النجاسة غسلات.
وأما غسل اليدين ثلاثاً، الحكم المتقدم أنه أشبه ما يكون بأنه تعبدي، لا لإزالة نجاسة.
(أو لاقاها وهو يسيرٌ، أو انفصلَ عن محلِّ نجاسةٍ قبل زوالها)، لأنه إما أن يكون قد تغيّر، وإما أن يكون قد لاقى النجاسة، وهو يسير، فهو نجس.
 
(فإن أُضيفَ إلى الماءِ النجسِ: طهورٌ كثيرٌ، غيرُ ترابٍ ونحوهِ، أو زالَ تغيُّرُ النجسِ الكثيرِ بنفسهِ أو نُزِحَ منهُ فبقيَ بعدهُ كثيرٌ، غيرُ متغيِّرٍ، طَهُرَ)
الآن انتهى القول في أقسام المياه: طهور، وطاهر، ونجس، والفرق بين القليل والكثير، من حيث القدر، ومن حيث الحكم.
واختصار القول: إن الماء حكمه واحد، وإن الماء لا ينجس إلا أن يتغير أحد أوصافه بنجاسة، وإن الماء لا تزول طهوريته -لا طهارته- لا تزول طهوريته إلا بزوال اسمه، وتحوله إلى شيء آخر، ويقابل ذلك: الماء الطهور، الماء النجس، وقد عرفنا تحديد الماء النجس.
هنا ينتقل المؤلف إلى ما يُعالج به الماء المتنجّس، الماء المتنجّس أو قل: الماء النجس، الماء المتنجّس يُعالج ليكون طهورًا، ذكر عدة وسائل.
(فإن أُضيف إلى الماء النجس: طهورٌ كثيرٌ) يعني: ماء طهور، أكثر من قلتين، طهور أكثر من قلتين، أضيف إلى الماء النجس، هذا الماء النجس قد يكون من نوع المتغير، المجمع على نجاسته، وقد يكون من المختلف في نجاسته، وهو ما لاقته نجاسة، فإذا أضيف إلى الماء النجس طهور كثير، وزال تغيره بذلك، إن كان قد تغير، صار طهورا، لأن الماء المضاف إليه كثيرٌ، طهورٌ، وقد زال التغير، فيصير طهورا.

(فإن أُضيف َإلى الماءِ النجسِ: طهورٌ كثيرٌ، غيرُ ترابٍ ونحوهِ)، غير تراب: هنا التراب لا ينفع، لأن التراب لا أثر له، بالنسبة للماء، ولا يكثّر الماء، لا يزيل تغير الماء، ولا يكثُر به الماء، احتاج إلى كلمة: "غير تراب" لقوله: "طهور" فقط.
(أو زالَ تغيُّرُ النجسِ الكثيرِ بنفسهِ)، هذه الثانية، يعني: عندنا ماء دون القلتين، ووقعت فيه نجاسة، ربما تغير، وربما لم يتغير، هنا لا يزول تغيره إلا بأن يضاف إليه طهورٌ كثيرٌ، ثم يزول تغيره، إن كان قد تغير.
لكن هنا شيء آخر: إذا كان النجس هو كثير، يعني أكثر من قلتين، وقد زال تغيره بنفسه، فإنه يصير طهوراً، شبهه -إن شئت- بالخمر إذا تخللت، الخمر إذا تخللت، يعني تحولت خلاً بنفسها، فإنها تصير طاهرة، وتصير حلالا، تصبح خلاً، بعد أن كان خمراً محرماً، أصبح خلاً وطاهراً وحلالاً، هنا الماء النجس الذي قد تغير بنجاسة، وهو كثير، ثم زال تغيره، يمكن زال تغيره بمفتوح في مكان، افرض أنه غدير صغير، ومع الهوى والشمس، وكذا، زال تغيره نهائيا، وتبخر، هاتان صورتان.
والثالثة قوله: (أو نُزِحَ منهُ فبقيَ بعدهُ كثيرٌ) أو نزح منه، "النزح" مرت علينا، نزح منه، ماء في بئر، أو في جابية كبيرة، كمصانع طريق مكة، فيما سبق، معنى "نزح منه"؟ يعني: سحب منه، كان النزح بالدلاء، والآن لا نأتي بالمضخة، نأتي "بالمتور"، ونسحب منه كمية.
(أو نزح ماء): الماء الآن كثير، ومتغير بنجاسة، علمنا أمران مما تزول به النجاسة، بما يصير به طهوراً، الثالثة: يكون الماء كثيراً، ومتغيراً بالنجاسة، لكننا نزحنا منه، سحبنا منه كمية، فبقي بعده ماء كثير، كلمة "كثير" لا بد أن تكون مفهومة في المصطلح، "ماء كثير"، هو: ما فوق القلتين، فبقي بعده كثير، غير متغير، فإنه حينئذ يكون طهوراً.
فهذه الثلاثة أشياء، تزول بها نجاسة النجس، المتغير، الماء النجس، إما بإضافة طهور كثير، يزول به تغير الماء النجس، إن كان قد تغير، أو كان الماء النجس كثيراً، ثم زال تغير، أو نزح منه، وهو الثالث، أو نزح منه، سحب، ويمكن أن يحتاج إلى سحب كثير، ثم بقي بعده كثيرٌ غير متغير، ففي كل هذه الأحوال يصير الماء -الذي كان نجساً- طهوراً، والحمد لله.
 
(وإنْ شكَّ في نجاسةِ ماءٍ، أو غيرهِ، أو طهارتهِ، بنى على اليقين)
هذه قاعدة طيبة وسهلة: شك في نجاسة ثوب، أو شك في نجاسة أرض، أو شك في نجاسة أي شيء، شك في نجاسة ماء، أو غيره، أو شك في طهارته، إذا شك في نجاسته، معناه أن الأصل عنده: أنه طاهر، وإن شك في طهارته، فالأصل عنده: أنه كان طاهراً.
يقول: (بنى على اليقين)، يساوي هذا أن نقول: بنى على الأصل، إن شك في نجاسة ماء، أو غيره، والأصل في الماء الطهارة، والطهورية، فنبني على اليقين، واليقين أنه طهور، فالحمد لله: الماء طهور.
شك -مثلاً- في نجاسة هذه الأرض، فالأرض طاهرة، هذا الأصل، شك في نجاسة هذا الثوب، لكن عندك أرض تعلم أنها متنجّسة، أو لا تعلم أنها متنجّسة، أو نجس، ثم شككت: هل طهر؟، هل تطهر؟، فالأصل أنه نجس، وهذا معنى قولهم: "بنى على اليقين"، يعني بنى على الأصل.
وهذه قاعدة عظيمة في كل أبواب الدين، في الطهارة، وفي الصلاة، وفي العبادات، وفي الزكاة، وفي الصيام، وفي أحكام الحج، والأصل فيها حديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شُكي إليه الرجل يخيّل إليه في الصلاة، أنه أحدث، ولم يحدث، قال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً)، وذكر: الصوت، والريح، خرج مخرج الغالب، والمقصود: حتى يتيقن، فلا ينصرف من صلاته، بل يستمر، الأصل أنه على طهارته، حتى يتيقن خروج الحدث، لكن أحيانا الحدث ليس له صوت، ولا ريح، فيبقى يبني على اليقين، إلا أن يحس أنه خرج منه شيء، لكن ما عنده يقين أبدا، فيبقى على صلاته.
وجاء في هذا أيضا: حديث عن أبي هريرة، عند مسلم، وهو من أحاديث "بلوغ المرام" قال: (إذا وجدَ أحدكم في بطنهِ شيئاً، فأشكلَ عليهِ أخرجَ منهُ شيءٌ، أو لا، فلا يخرجنَّ من المسجدِ حتى يسمعَ صوتاً أو يجدَ ريحاً).
هذه قاعدة، قلت أنها تجري في الطهارة، في كل الأبواب، في أبواب من الطهارة، وفي الصلاة، شك -مثلاً- هل صلى ثلاثاً، أو أربعاً، فما هو المتيقن الآن؟ ثلاث ركعات، إذاً يبني على اليقين، إنسان في ذمته دين لفلان، شك، يقول: والله أنا ما أدري هل قضيت هذا الدين، أو لم أقض؟، فاليقين أنه باقٍ، مَدين.
وقل مثل ذلك، والله ما أدري، هل أنا صليت الظهر، أم لا؟ الآن وقت العصر، أو بعد العصر، وشك هل صلى الظهر، يجب عليه أن يصلي، لأنه الآن الأصل أنه لم يصل، هذا الأصل، الأصل أنه لم يصل.
 
(وإن اشتبه طهورٌ بنجسٍ، حرُمَ استعمالُهُما، ولم يتحرّ)
هذه مسائل -اعلموا- أنها مبنية على ما سبق، على القول الراجح: لا يشتبه طهور بنجس، لأن النجس –عندنا- هو: المتغير، فلا يتصور، لكن هذه المسألة تجري على القول بأن الماء يكون نجساً، ولو لم يتغير، كالقليل إذا لاقى النجاسة، فهنا يشتبه.
يعني عند هذا المكلف ماء معلوم أنه نجس، أنه وقعت فيه نجاسة، هو ما تغير، والآخر ما وقعت، لكن لا يدري أيهما، يقول ما هو الحكم؟ (يحرم استعمالهما)، لأنه لا يأمن أنه استعمل النجاسة، يريد يتطهر فيلطخ نفسه بالنجاسة، فيحرم استعمالهما، إذاً ماذا يصنع؟ ما عنده إلا هذان الماءان؟ يتيمم.
 
(ولا يشترطُ للتّيمّمِ إراقتُهما)
يقول: ولا يشترط، كان فيمن يقول ولا يشترط، صحيح، مادام أنه يحرم استعمالهما، فوجودهما كعدمهما.
 
القارئ: الشيخ ابن عثيمين يقول: (وهل يشترطُ للتيمّمِ إراقتهما؟، فيه قولان، ولهذا نفى المؤلِّفُ اشتراطهما، رداً على القول الأوّل)
على كل حال: أنه لا يشترط، الصحيح على المذهب، أنه الصحيح لا يشترط، مادام أنه يحرم استعمالهما، فالشيء المحرم وجوده، كعدمه، لكن الذين قالوا: "يشترط" يريدون زيادة تأكيد، والعذر أنه أصبح عادماً للماء، مائة بالمائة.
 
(ولا يشترطُ للتّيمّمِ إراقتُهما، ولا خلطُهُما. إنْ اشتبهَ بطاهرٍ: توضّأ منهما وضوءاً واحداً)
"إن اشتبه الطهور بطاهر" هذه أهون، هذه نعمة، يقول: إن اشتبه طهور بطاهر، فالطاهر لا يصح التطهر به، لكن هنا عنده ماء طهور، وماء طاهر، فمن أيهما يتوضأ؟ هو ما يدري الآن، وهذه الصورة هي التي قلنا إنها مبنية على المذهب، وإلا فعندنا أنه لا يوجد اشتباه، فكل الماء طهور، فالحمد لله كله طهور، الماء الذي طبخ فيه، وتغير أحد أوصافه، أو سقط فيه، ولكن باق على مائيته.
لكن إن اشتبه، يقولون: ما الحكم؟ قالوا: يتوضأ منهما، وضوءاً واحداً، لكن يأخذ من هذا غرفة، ويغسل وجهه، ومن هذا غرفة، ويغسل وجهه، ويغسل من هذا غرفة، ويغسل يده، ومن هذا، …وإلخ، في الحقيقة: إن شاء هكذا، وإن شاء هكذا، إن شاء توضأ من هذا وضوءاً كاملاً، ثم رجع وتوضأ من الثاني وضوءاً كاملاً، أو عمل الطريقة هذه كأن هذا ليس على وجه الوجوب، أن يأخذ من هذا غرفة، ومن هذا غرفة، لكن حتى يصبح وضوؤه واحداً.
 
(وإنْ اشتبهَ بطاهرٍ: توضّأ منهما وضوءاً واحداً، من هذا غرفةٌ ومن هذا غرفةٌ، وصلّى صلاةً واحدة)
"وصلى صلاةً واحدة" هذا زيادة تأكيد، وإلا لما احتاج أن يصلي صلاتين، هذا مجرد تنبيه.
"صلاةً واحدة" يعني لو قد تطهر بيقين، قد تطهر، توضأ بماء طهور، يقيناً، إذاً فقد ارتفع حدثه.
 
(وإنْ اشتبهتْ ثيابٌ طاهرةٌ بنجسةٍ، أو محرمةٍ: صلّى في كلِّ ثوبٍ صلاةً بعددِ النجسِ أو المحرمِ وزاد صلاةً)
هذه جاءت تبعاً، يعني: تكميلاً لمسائل الشك في الطهارة، يعني عنده عدة ثياب، بعضها طاهر، وبعضها نجس، أو كانت الثياب محرمة، ثياب محرمة، يعني افرض ثيابًا مغصوبة، وبعضها غير مغصوب، يقول: "صلّى في كلِّ ثوبٍ صلاةً".
قد تكون الثياب عدداً كثيراً، يمكن مجموعها عشرين، أو ثلاثين، لكن على ما ذكر، يجب عليه أن يصلي بكل ثوب صلاة، بعدد النجس أو المحرم، "ويزيد صلاة" إذا صلى بعدد النجس، بكل ثوب صلاة، بعدد النجس، وزاد صلاة، تكون النتيجة: صلى بثوب طاهر، مباح، بيقين، هذا هو معنى كلامه، وهذا يكون مبني على: إذا كانت الثياب النجسة معروفة العدد، إذا كان يعرف عددها، لكن إذا كان لا يعرف، فهذا شيء آخر.
والقول الآخر -وهو الصواب-: أنه يتحرى، ويصلي مرة واحدة، والحمد لله ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[الحج: 78]
يعني القول: بأنه يجب، عليه أن يصلي بعدد الثياب، وإذا كان لا يعرف العدد، فمقتضى هذا أنه يصلي بكل الثياب، كلها، حتى يتيقن، ما ندري العدد. انتهى الباب، والحمد لله.

***    ***    ***    ***

 
الأسئلة:
 س1: قوله: مسألة استدلالهم بالطهورية: (أو كان آخر غسلة زالت النجاسة بها فطاهر) هل هذه عليها دليل؟

ج: كأنهم جعلوها من الماء المستعمل.

س2: ما حكم الذبائح التالية، ما يسمى في بعض المناطق بالسفارة: وهي ذبيحة تذبح لخروج المرأة من الولادة، وهي شكر لله على سلامة المرأة، كذلك النزالة وهي الذبح عند سكنة الدار الجديدة؟
ج:
لا بأس بها، كرامة يذبحونها، يكرمونها ويجعلونها كعزيمة لها، هذا هو الظاهر من السؤال، وهذا موجود في كثير: خرجت من النفاس، يمكن يعزمها أقاربها: أهلها، إخوانها، صديقاتها، لا بأس.
وتوجد الهدايا، يعني المرأة إذا ولدت في بعض المجتمعات، وتذهب عند أهلها تُنفس، ويجعلون من العادات أن الزوج يحضر لها هدية، يسمونها "الطواعة"، يعني أمور عادية لا شيء فيها.
أما سكنة الدار، إذا كانت من أجل دعوة الناس، وإكرام الجيران، والأقارب، بمناسبة البيت الجديد: فلا بأس به إذا كان ليس المقصود أنها تذبح عند العتبة من أجل الجن، ومن أجل حفظ البيت، من أجل الدعوة يقيمون وليمة، هذه معروفة، أظن أنها تسمى الوكيرة.

س3: هل أدخل في الوعيد الذي قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- في المتشاحنين: أنه (لا ترفع أعمالهما)، إذا امتنعت عن إلقاء السلام على زميل لي في العمل، يسيء المعاملة معي، من اجل زميلي الآخر، ظلمني ظلماً بيناً، وحاول بشتى الطرق أن يجعلني اترك عملي، ثم لأنه يلحن بحجته استطاع إقناع زملائي أنه محق، فأجد الشخص المذكور -أولا في السؤال- يحول وجهه عني إذا رآني، وقام بضرب باب حجرة العمل بوجهي، فهل أسلم عليه بعد كل هذا وفي النفس شيء من هذا الأمر؟
ج: أصلحه الله، أنت ألقي السلام، فإن ردّ فقد أحسن إليك وإلى نفسه، وإن لم يرد فهو المخطئ على نفسه، لا يضرك شيء إذا قلت: السلام عليكم، لا تشاركه في الشحناء.
وإذا علمت أنه لا يرد، وليس معه في المكان غيره، فلا أرى أنه يلزمك أن تسلم عليه، ما دام أنه لا يرد، لأنه لا معنى للسلام، ما دام أنه لا يرد، وما دام الأذى والإساءة منه -كما تقول- كونه يحدث في خاطرك زعل عليه، أو شيء من هذا القبيل، فلا أرى أن الوعيد سيلحقك، مادام أنك لم ترتكب المحظور: ما شاحنته، ما منعته حقه، لم تعتد عليه، بقول ولا فعل.

س4: هل يأثم من استيقظ من نومه وغمس يده في الإناء عمدا قبل أن يغسلها؟
ج: نعم يأثم، مادام أنه يعلم الدليل، يعلم أن الرسول قال: (فلا يغمسها حتى -أو في اللفظ الآخر- فليغسل يديه ثلاثاً قبل أن يدخلهما في الإناء)، لماذا يتعمد وهو يعلم أمر رسول الله؟ (ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)، ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ﴾(الحشر:٧).

س5: ما أفضل تحقيق لكتاب "إعلام الموقعين" وجزاكم الله خيرا؟
ج: أنا ما أعلم، في تحقيق جديد، ما أعلم أنه في غيره، لمشهور حسن سلمان، سبعة مجلدات.

س6: شيخنا ما هي الأسماء التي تفرّد الله عز وجل بها؟
ج: كل أسماء الله مختصة به، لكن هناك أسماء لا تطلق على غيره، مثل: "الله" هذا أخص أسمائه، أو من أخص، ومثلها قالوا: "رب العالمين"، هذا لا يطلق على غيره، "الإله": هذا مختص به، من هذا النوع.

س7: أحد الإخوة كتب موضوعاً في الحج، ونقل فيه كلام أهل العلم، وقبل هذا كتب المقدمة، وهي: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم لبيك لا شريك لك، "لبيك"، بهذه الكلمة لبى المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، عبر العصور، لخليل الرحمن -عليه الصلاة والسلام- حينما أمره ربه رب العزة والجلال أن يؤذن في الناس بالحج، يقول: فأنكر عليه بعضهم، وقال له: هذا شرك.
ج: لا، يعني هم أجابوا دعوة المؤذن، فأنت إذا قال المؤذن: "حي الصلاة"، ويدعوك باسم الله، وأجبنا دعوته، وهو رسول الله الخليل، هو رسول الله، ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾[النساء: ٨٠] ومن أجاب الخليل فهو مجيب لله.
فأجد أن الأمر ليس بدعوة الخليل، ومعلوم أنه عندما يقول الحاج: "لبيك"، إنما هو يريد إجابة دعوة الله، على لسان الرسل: الخليل، ثم محمد، عليهم الصلاة والسلام، فلعل الأمر سهل.

س8: هل قيء الطفل طاهرٌ أم نجس؟
ج: عند أهل العلم: القيء نجس، والمسألة عندي غير متضحة، فينبغي التنزه، أنا أنصح بالتنزه من قيء الطفل.

س9: جماعة المسجد أصرّوا علي كثيرا أن أكون إماماً، منهم صاحب المسجد الذي بناه، وقال صاحب المسجد: أنا أتكفل براتبك، وقلت لدي مشاغل، قالوا: وإن نريدك إماماً لنا، ولي في ذلك سنتان، وأحيانا أنشغل لمدة أسبوع، أسبوعين، وأجد في نفسي شيئاً من ناحية الراتب، فما هو توجيهكم لي، وجزاكم الله خيرا؟
ج: مادام أنهم رغبوا فيك، فالحمد لله، صل بهم، وحافظ عليه، حافظ ولا تدع المسجد إلا لعذر.

س10: ما هو الراجح في تعريف الشرك الأصغر؟
ج: الشرك الأصغر لا يكاد يكون له تعريف، بعضهم يفسر ويقول: كل ما سمي شركاً، ولم يبلغ حد الشرك الأكبر، وبعضهم يقول: كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر، وما أشبه ذلك.
والذي عندي: أنه لا ينضبط إلا بذكر أنواعه، فنقول: الشرك الأصغر، كالحلف بغير الله، وقول الرجل: "ما شاء الله، وشئت"، وكالاعتماد -مثلاً- على الأسباب، ومثل يسير الرياء، جاء فيه النص: (أخوفُ ما أخافُ عليكم: الشّركُ الأصغرُ، فسُئِلَ عنه، فقال: الرياء) وهذا عند أهل العلم  على اسمه شرك أصغر.