الحمدُ لله ربّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمَّد، وعلى آله وصحبه، أمَّا بعد :
فما فعلته الأختُ المعلمة -هداها الله ووفَّقها- هو عن حسنِ نيَّة، غايتُه نبيلةٌ، وهي التَّذكير باطِّلاع الله على ما يعمله العبدُ مِن طاعة ومعصية، ثم ستره القبيحَ مِن عمله، كرمًا منه ولطفًا، وقبوله صالح العمل كرمًا منه وفضلًا سبحانه وتعالى، ويمكن الوصول إلى هذه الغاية بذكر ما يدلّ على كرمِ الرَّب -جلَّ وعلا- مِن الآيات والأحاديث، فذلك أبلغُ مِن الطريقة التي سلكتها المعلمة الفاضلة جزاها الله خيرًا، فإنَّ إيصال المعاني الشَّرعية بذكر أدلتها مِن الكتاب والسُّنَّة أتمّ وأبلغ، ومِن البدهي أنَّ أيَّ مسلمٍ يؤمن بالله واليوم الآخر إذا سُئِلَ هذا السؤال الوارد في القصة أن يجيب بالنَّفي، والطريقة المذكورة لا أرى فيها منكرًا، لكن لا حاجة إليها، ولا كبير فائدة منها.
وأما ذِكْرُ المعلمة لقوله تعالى عن المؤمن الذي يؤتى كتابه بيمينه: هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ فغيرُ مناسب؛ فإنَّ المؤمن الذي يؤتى كتابه بيمينه يقول: هاؤم اقرؤوا كتابيه، يقول ذلك استبشارًا وسرورًا؛ إذ ليس في كتابه ما يسوؤه، ولعل هذا -والله أعلم- يكون بعد تذكير الله للعبد المؤمن بذنوبه، وسترها عليه، ثم مغفرتها له، فصار كتابه ليس فيه إلا ما يسره، لذلك قال: هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيهْ [الحاقة:19-20] والله أعلم، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمَّد .
أملاه :
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
لثلاث عشرة بقين من شهر الله المحرم 1437هــ