الحمد لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد؛ أما بعد:
فإن ذبح الأضاحي عبادة سنَّها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمر الله بها في قوله سبحانه: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]، والنيَّة شرطٌ في جميع العبادات؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم: إنَّما الأعمال بالنِّيات، وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى [1] ، فلا بد مِن النيَّة في الأضحية: نيَّةِ التقرب إلى الله، وهذه حقيقة الإخلاص، ونيَّةِ المتقرَّب به، فلا يتحقق التقرُّب بشيء من المال إلا بقصد التقرُّب به، ويشمل ذلك تعيين المتقرَّب به، ونوع القربة؛ أضحيةً -مثلا- أو عقيقةً أو هديًا، أو زكاة أو صدقةَ تطوُّع، وقد نصَّ الفقهاء -رحمهم الله- على أنه لابد في الأضحية وغيرها من التَّعيين، وذكروا ما يحصل به التَّعيين من قول أو فعل؛ كقول المضحِّي: هذه أضحية، أو يشتريها بنيَّة أن يضحِّي بها، [2] والحاصل أنَّه لابد من تعيين المضحَّى به، وذلك يشمل تعيين المضحَّى به، وتعيين المضحَّى عنه، فينوي أن هذه أضحية، وأنها أضحية عن فلان، والطريقة المذكورة في التطبيق الوارد في السؤال يفُوت فيها تعيين المضحَّى عنه؛ فعشر ضحايا عن عشرة لابد من نيَّة كلِّ أضحية عن واحد معيَّن منهم، وهذا لا يتحقق إلا بأن يقال: هذه أضحية فلان، وإلا كانت كلُّ واحدةٍ مشتركةً بين الجميع، والأضحية لا يصح فيها الاشتراك في الملك. [3]
ولي تجربة للسَّلامة من هذا الإشكال؛ فقد كنتُ أبعث أضاحي من عندنا إلى من يقبل التوكيل في بعض البلاد الإسلامية؛ فعرَض لي هذا الإشكال، فبدا لي للتخلص من هذا أن نرسل بقائمة أصحاب الأضاحي مرقَّمةً؛ لكل واحد رقم يخصُّه، وطلبتُ من الوكيل المتعهِّد أن يعيَّن تلك الأضاحي بوضع الأرقام عليها، من غير مراعاة الترتيب عند ذبحها، فالأضحية رقم (1) تكون عن الشخص الذي رقمه (1) في البيان، وهكذا، وهذه الطريقة تحقق تعيين صاحبِ كلِّ أضحية، فينبغي إرشاد الذين يعملون بالتطبيق إلى هذا الحل، ويبيَّن لهم أنه لا ينبغي التهاون في هذا الأمر؛ لأن تعيين صاحب كلِّ أضحية لا بد منه. والله أعلم.
أملاه:
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
حرر في 2 رجب 1443 هـ
الحاشية السفلية