الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، أما بعد:
فقد أخبر تعالى عن أمره الملائكة بالسجود لآدم، وأنهم كلَّهم سجدوا له، وأخبر أن أبوي يوسف -عليه السلام- وإخوته سجدوا له، ولم يكن شيءٌ من ذلك شركًا، بل كل ذلك سجود تحية وإكرام، [1] وقد حُرِّم ذلك في هذه الشريعة المحمديَّة؛ لما ثبت أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نهى معاذًا عن السجود له لما قدم من الشام وسجد للنبي -صلى الله عليه وسلم-، [2] وقال -صلى الله عليه وسلّم- لقيس بن سعد: لو كنت آمرًا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن، لما جعل الله لهم عليهن من الحق رواه أبو داود وغيره، [3] وإنما يكون السجود شركًا إذا كان سجود عبادة؛ لأن العبادة محضُ حقِّه تعالى، ولم يرخِّص الله بشيء من العبادة لغيره في شيءٍ من شرائع الرسل، قال تعالى: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف:45] ، ولهذا نقول: إن السجود لا يكون شركًا إلا إذا اقترن بنية العبادة للمسجود له، فعُلم بهذا أن السجود المنسوخ لم يكن شركًا [4] . والله أعلم.
أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في 15 شوال 1443هـ
الحاشية السفلية
↑1 | ينظر: تفسير الطبري (13/355-356)، (14/65). |
---|---|
↑2 | أخرجه أحمد (19403) وابن ماجه (1853) من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، وصححه ابن حبان (4171)، والحاكم -ط الحرمين-(7404). وأخرجه أحمد (21986) من حديث معاذ بن جبل نفسه. وينظر: العلل للدارقطي (6/37 رقم 963).
وورد النهي من حديث جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: أبو هريرة، وأنس بن مالك، وعائشة بنت أبى بكر الصديق. ينظر: الإرواء (1998). |
↑3 | أخرجه أبو داود (2140) وصححه الحاكم (2822). |
↑4 | ينظر: شرح التدمرية -ط المؤسسة- (ص376). |