الرئيسية/الكلمات العامة/كلمة عن فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

كلمة عن فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ

 
         كلمة عن فضل العشر الأوائل من ذي الحجّة
 
قد صحّ فيها قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن أيام العمل الصّالح فيهنّ أحبّ على الله مِن هذه الأيام)، يعني الأيام العشر، وورد فيها أيضاً التّرغيب في كّل الأعمال الصّالحة، هذا الترغيب في كلّ الأعمال: الصّلاة، والصّيام، وصدقة، وتلاوة قرآن، وذكر، ولكن جاء أيضًا التّحرير والتأكيد على كثرة الذّكر، فإنّها الأيام المعلومات، ﴿لِّيَشهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُم وَيَذكُرُواْ اسْمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٍ مَّعلُومَٰتٍ﴾[الحج:28]
ومما جاء تخصيصه مِن الذّكر: التّكبير، والتّهليل في هذه الأيام، وصفته هكذا: "الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، وقال العلماء بناء على ما ورد: إنّ التكبير نوعان: تكبير مُطلق، ما معنى مُطلق؟ يعني ما له وقت معين، في الليل والنهار والصّبح والمساء، وفي المسجد وخارج المسجد، وفي السّوق، أي ساعة.
وكان ابن عمر وأبو هريرة -رضي الله عنهم- يخرجان إلى السوق ويُكبِّران ويُكبِّر الناس بتكبيرهما، ويرفعون أصواتهم مِن أجل إحياء الذّكر في نفوس النّاس، وإظهارًا لفضل هذه الأيام، والحمد لله ربّ العالمين.
هذا اسمه تكبير مطلق، معنى مطلق: أنّه ما يختص بوقت، يعني قبل الصّلاة بعد الصّلاة إلى آخره، في الليل والنهار.

وهناك شيء اسمه "التّكبير المُقَيَّد"، وهو التّكبير في أدبار الصّلوات، قبل التّهليل، قبل التهليل المعتاد دائمًا، وهذا التّكبير المُقيَّد، ورد فيه حديث، وبعض الأحاديث ورد فيه آثار، وأكثر أهل العلم على أنّه مشروع التكبير المُقيَّد بأدبار الصّلوات جماعة، بأدبار الصّلوات جماعة.
ويبدأ مِن فجر يوم عرفة، يعني مِن فجر اليوم التّاسع، يعني يبدأ التّكبير في أدبار الصّلوات مِن فجر اليوم التّاسع، إلى عصر أيام التّشريق، فتكون مدته: التّاسع، والعاشر، والحادي والثاني والثالث عشر، مدته خمسة أيام، يعني في خمسة أوقات، يعني هذا التكبير المقيَّد يختص بهذه الأيام، في هذه الأوقات في أدبار الصّلوات.
أمّا في الأيام العشر في سائر الأيام العشر: فيُشرع بها التكبير المُقيَّد، أعني المُطلق، التكبير المُطلق لا يَفتر، ومعنى هذا: أننا مثلاً في أدبار الصّلوات لا نخصّه بتكبير، نُكبِّر قبل الصّلوات، ومع الأسف نحن مقصِّرون في التّكبير المطلق الذي ينبغي أن نحييه في كلّ وقت، في الليل والنّهار وفي الشارع وفي المسجد، ونقول: الله أكبر الله أكبر.
سبحان الله العظيم، تكبير، فكبره، الله يقول: ﴿وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِيرَۢا﴾[الإسراء:111].

والتكبير شُرع في الصّلاة كم؟ كم تكبيرة في الركعة الواحدة؟ الركعة الواحدة فيها تكبير يمكن خمس؛ في الركوع، والسّجود، والرفع من السّجود، والسّجود، والخفض من السّجود، يعني يصبح في كلّ ركعة خمس تكبيرات، وفي الأولى زيادة تكبيرة التّحريمة، وفي الثّالثة أعني في القيام مِن الثانية للثالثة زيادة تكبيرة، وهو تكبير مِن القيام مِن التّشهّد الأوّل، فيكون في كلّ ركعة خمس تكبيرات، وفي ركعتين مثلاً زيادة ست تكبيرات، فيكون المجموع مجموع التكبيرات في الثلاث: يمكن اثنان وعشرين تكبيرة.
الله أكبر الله أكبر، لابدّ أن نتذكّر معنى هذا التّكبير، معنى "لا إله إلا الله"، معنى "سبحان الله"، سبحان الله: تنزيه لله، تنزيه لله عن كلّ نقص وعيب، سبحان الله، والتّهليل فيه التّوحيد؛ لا إله إلا الله: يعني الله تعالى هو الإله الحق، وكلّ معبود سواه باطل.
الحمد لله؛ فيه الثناء على الله، وأنّه المستحق للحمد كلّه، والتّكبير فيه دلالة على أن الله أكبر مِن كلّ شيء، سبحانه وتعالى، فيجب أن يكون هكذا في قلوبنا، أن يكون أكبر مِن كلّ شيء في قلوبنا، فهذا يدعونا إلى أن نعظّمه بذكره وطاعته ومهابته، وبالخوف منه، وبالتوكّل عليه، فهذا أصل.
وذكر الله: الله تعالى رغَّب فيه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا*وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا﴾[الأحزاب:41-42]
حتى إنّ الله أمر المؤمنين بذكره عند لقاء العدو: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةٗ فَٱثۡبُتُواْ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ٤٥﴾[الأنفال:45]
وقال -صلّى الله عليه وسلّم-: (سبق المُفرِّدون، قالوا: يا رسول الله ما المُفرِّدون؟ قال: الذّاكرون الله كثيرًا والذّاكرات).
أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم مِن الذاكرين له كثيرًا، والله أعلم.