الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب زاد المستقنع/كتاب الصلاة من زاد المستقنع/(36) “فصل” قوله وتصح إمامة ولد الزنا والجندي إذا سلم دينهما
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(36) “فصل” قوله وتصح إمامة ولد الزنا والجندي إذا سلم دينهما

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
– شرح كتاب "زاد المستقنع في اختصار المقنع"
– (كتاب الصّلاة)
– الدّرس: السّادس والثّلاثون

***    ***    ***    ***
 [1]

– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمَّا بعد؛ قال المصنِّفُ رحمهُ اللهُ:
(وتصحُّ إمامَةُ ولدِ الزنى والجنديِّ إذا سَلِمَ دينُهُما)
– الشيخ:
هذه من مسائلِ الإمامةِ، يقولُ: "تصحُّ إمامةُ ولدِ الزّنى والجندي إذا سَلِمَ دينُهُما": كأنّ هذا نُصَّ عليه لوجودِ من يقولُ: إنَّ صلاتَهما لا تصحُّ؛ لأنَّ ولدَ الزّنى خُلقَ من ماءِ الزّاني، والزّنى مِن كبائرِ الذّنوبِ، وهو عملٌ قبيحٌ، وهذا يورثُه انحطاطًا فلا يصحُّ ولا يتأهَّلُ أن يكونَ إمامًا، لكنَّ القولَ الصحيحَ كما قال المصنّفُ: أنَّه يصحُّ أن يكونَ إمامًا إذا سَلِمَ دينُه، وهذا هو الصوابُ، وإذا سَلِمَ دينُه لم يكن فاسقًا، وكان أهلًا للإمامةِ كما تقدَّمَ. والإمامةُ لها اعتباراتٌ، وإذا كان مسلمًا مستقيمًا صالحًا قارئًا للقرآنِ كان مُقدّمًا. واسمُ الزِّنى على الزَّاني، أمَّا هو فلا يلحقُهُ شيءٌ من إثمِ والديهِ؛ كما قال تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] لا يعاقبُهُ اللهُ على زِنى والديهِ، فإنْ كان مسلمًا صالحًا قارئًا للقرآنِ كان الأولى للإمامةِ؛ لقول النبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: (يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ)، بإطلاقِ ولم يقيّدْ ذلكَ بشيءٍ.
وكذلك "الجنديّ": والجنديُّ معروفٌ هو العسكريُّ، ونُصَّ على هذا ردًا على قولِ من يقولُ: إنَّ إمامةَ الجندي لا تصحُّ؛ لأنَّ الغالبَ أنَّه يُوظّفُ في الظلمِ وضربِ الناسِ وأخذِ أموالِهم بغيرِ حقٍّ، ولكنَّ هذا يتعلَّقُ بالفعلِ، فليسَ كلُّ جنديٍّ يعملُ هذه الأعمالَ، وهناكَ جنودٌ صالحونَ أتقياءُ لا يطيعونَ من يأمُرُهم بالمعصيةِ، وهذا كلُّهُ داخلٌ في قولِهِ: "إذا سَلِمَ دينُهُم"، بأن يكونَ مسلمًا مستقيمًا صالحًا صادقًا، فهذا يكونُ كغيرِهِ من المسلمين: تصحُّ إمامتُه، بل ويقدَّمُ على غيرِه إن كان من أهلِ التقديمِ بأنْ يكونَ أقرأَ وأعلمَ.
 
– القارئ: (ومَنْ يؤدي الصلاةَ بمن يقضِيهَا وعكسُهُ)
– الشيخ: يعني: وتصحُّ إمامةُ من يؤدّي الصلاةَ بمن يقضيها. الصلاةُ تكونُ لها حالاتٌ: فتارةً تكونُ أداءً، وتارةً تكونُ قضاءً، وتكونُ إعادةً. فالأداءُ: هو فعلُ الصلاةِ في وقتِها، وقضاءً: هو فعلُها بعد خروجِ وقتِها، والإعادةُ: هو إعادتُها في الوقتِ؛ فعلُ الصلاةِ مرَّةً ثانيةً في الوقتِ. 
"ومن يؤدي": أي تصحُّ إمامةُ من يؤدّي الصلاةَ بمن يقضيها. يأتي إنسانٌ قد فاتته صلاةُ الظهرِ، وأدركَ جماعةً قد جمعوا الظهرَ إلى العصرِ، فهو قد فاتَتْهُ والآنَ هو سيقضيها، فجاءَ إلى الذين يُصلُّونَ الظهرَ في وقتِ العصرِ فيقتدي بهم، هم يُصلُّونَ الظهرَ أداءً؛ لأنَّهم قد جمعوا، وهو يُصلّيها قضاءً؛ لأنَّه يُصلّيها بعدَ خروجِ وقتِها.
"وعكسُهُ": من يقضي الصلاةَ بمن يُؤدّيها، الإمامُ يقضي الصلاةَ والمأمومُ يؤدِّيها في الوقتِ.
 
– القارئ: (لا مفترِضٍ بمتنفِّلٍ، ولا مَنْ يصلِّي الظهرَ بمن يصلِّي العصرَ أو غيرَها)
– الشيخ:
المسائلُ الماضيةُ تصحُّ، أمّا هنا فيقولُ: "لا مُفترضٍ بمتنفِّلٍ": يعني لا يصحُّ اقتداءُ مفترضٍ بمتنفِّل. يأتي من يريدُ أن يُصلّيَ الظهرَ ويجدُ إنسانًا يتطوّعُ، يُصلّي نافلةً، ليسَ له أن يقتدي به. وهذه المسألةُ لها عندَهم دليلٌ وتعليلٌ: الدليلُ: قولُه في الحديثِ: (إنَّما جُعِلَ الإمامُ لِيؤتمَّ به، فلا تختلفوا عليه)، فإذا اختلفتْ نِيّةُ المأمومِ عن نيّةِ الإمامِ كان هذا من الاختلافِ، وكذلك المسائلُ التي بعدها؛ "ولا مَنْ يصلِّي الظهرَ بمن يصلِّي العصرَ"؛ لاختلافِ النيةِ. والتّعليلُ: من جهةِ ائتمامِ المفترضِ خلفَ المتنفّلِ، قالوا: لأنَّ المفترضَ أعلى حُكمًا؛ لأنَّ الفريضةَ أعلى من النافلةِ، فلا يجوزُ مَن صلاتُه أعلى وأفضلُ أن يكونَ مأمومًا لمن هو دونَه، وهذا تعليلٌ يقولُ عنه الشيخُ محمدُ ابنُ عثيمينَ بأنَّهُ عليلٌ. وأمَّا حديثُ: (إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به فلا تختلفوا عليه)
فهذا الاختلافُ ليس على إطلاقِه، بل حالاتٌ كثيرةٌ هم يسوّغونَها، صلاةُ المتنفّلِ خلفَ المفترضِ أليس فيها اختلافٌ؟ نعم فيها اختلافٌ، ومع ذلك فهو جائزٌ. إذًا: الاختلافُ الذي نهى عنه الرسولُ عليه الصلاةُ والسلامُ: هو المخالفةُ في الأفعالِ، بيّنها بتفصيلٍ بقولِه عليه الصلاةُ والسلامُ: (فإذا كبَّرَ فكبّروا، وإذا ركعَ فاركعوا، وإذا قال: سمعَ اللهُ لمن حمدَه، فقولوا: ربَّنا ولك الحمد…. إلى قوله: فإذا صلّى قاعدًا فصلّوا قعودًا أجمعون)، فهذا هو الاختلافُ الذي نهى عنه الرّسولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-؛ (فلا تختلفوا عليه).
ولهذا أقولُ: صلاةُ المفترضِ خلفَ المتنفّلِ صحيحةٌ. ولهذا الحكم أدلّةٌ، أشهرُها حديثُ معاذٍ: أنَّه كان يُصلّي مع النبيّ  -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- صلاةَ العشاءِ، ثمَّ يرجعُ إلى قومِه فيُصلّي بهم، قصَّتُهُ مشهورةٌ، وكان -رضي اللهُ عنه- شابًا ذا همّةٍ وقوةٍ على العبادةِ؛ فكان يُصلّي مع النبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- صلاةَ العشاءِ ثمَّ يرجعُ إلى قومِهِ ويصلي ويُطيلُ بهم حتى حدثت قصّةُ ذلك الرَّجل الذي انفردَ عنه وتركَهُ وصارت قضيةً لهما مع النبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فكانت صلاتُه بقومِهِ نافلةً، وأقرّهُ النبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- على ذلك، وبعد أن بلغَهُ قصةُ الرجلِ مع معاذٍ لم ينكرْ عليه سوى التطويلَ؛ فقال له: (أفتّانٌ أنت يا معاذ).
واستُدلَّ للمسألةِ أيضًا ببعضِ صورِ صلاةِ الخوفِ، إذ كان من صورِها: أنَّه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- تارةً يُصلّي بطائفةٍ صلاةً تامّةً، ثمَّ يُصلّي بالطائفةِ الثانيةِ صلاةً تامّةً، فكانت الأولى فريضةً والثانيةُ نافلةً، فالطائفةُ الثانيةُ كانت تُصلّي الفريضةَ وكانت للرسولِ نافلةً. فالصوابُ: صحّةُ صلاةِ المفترضِ خلفَ المتنفّلِ.
وهكذا القولُ في المسألةِ الأخرى: "من يُصلّي الظهرَ بمن يُصلّي العصرَ"، لا دليلَ لها إلَّا قوله في الحديثِ: (لا تختلفوا عليه)، وهذا نوعُ اختلافٍ، لكن هل هو في الأفعالِ؟ لا، بل هو اختلافِ في النيةِ، وقد علمنا أنَّ الاختلافَ المنهيَّ عنه هو الاختلافُ في الأفعالِ، بل وقد يحصلُ اختلافٌ في الأفعالِ لكنَّه اختلافٌ مأذونٌ فيه بالاتفاقِ؛ وهو اختلافُ المسبوقِ، فالمسبوقُ يُصلّي مع الإمامِ ويختلفُ عنه في النيّةِ، فمن فاتَتْهُ ركعةٌ يُصلّي مع الإمامِ الأولى من صلاتِه على الصحيحِ، إنّ ما يُدركُهُ المسبوقُ هو أوّلُ صلاتِه، فالإمامُ يُصلّي الركعةَ الثانيةَ وهو يُصلّي الأولى، والإمامُ يُصلّي الثالثةَ وهو يُصلّي الثانيةَ، والإمامُ يقعدُ للتشهدِ الأخيرِ ليسلِّمَ وهو يقعدُ للتشهدِ موافقةً للإمامِ لكنَّه يُخالفُهُ في النيّةِ، فالثاني يتشهّدُ ليقضي بعد ذلك، فعُلمَ أنَّ اختلافَ النيّةِ بين الإمامِ والمأمومِ لا تؤثّرُ، ولا من يُصلّي الظهرَ بمن يُصلّي العصرَ.
فالصوابُ صحّةُ ذلك لا سيّما أنَّها متوافقة في الصفةِ، وحتى وإن لم تكن متوافقةً؛ كمن فاتتْهُ العصرُ ووجدَ الناسَ يُصلّونَ المغربَ: فيُصلّي معهم ويتمّ صلاةَ العصرِ، ومن يُصلي المغربَ يمكن أن يأتمَّ ويُصلّي بمن يُصلّي العشاءَ، ثمَّ إن شاءَ انفردَ وسلَّمَ، وإن شاءَ انتظرَ حتى يُسلِّمَ مع الإمامِ.
"أو غيرَها": أي من يُصلّي العصرَ بمَن يُصلّي المغربَ، أو مَن يُصلّي المغربَ بمن يُصلّي العشاء.

– القارئ: (فصل: في موقفِ الإمامِ والمأمومين)
(يقفُ المأمومونَ خلفَ الإمامِ، ويصحُّ معهُ عن يمينِه أو عن جانبيهِ، لا قُدَّامَهُ، ولا عن يسارِهِ فقطْ)
– الشيخ:
الأصلُ أن يقفَ المأمومونَ خلفَ الإمامِ، وهذا مفهومٌ من دِلالةِ الشرعِ فِعلًا، ومن معنى الإمامةِ، فالإمامُ يكونُ أمامَ الجماعةِ، لا يكونُ خلفَهم، لكن قد يكونُ معهم، ويصحُّ أن يكونوا عن جانبيهِ أو عن يمينِه، فإذا كانوا جماعةً فموقِفهم خلفَ الإمامِ كما جاءَ في حديثِ (جابرٍ وجبَّارٍ حينَ جاءَ والرسولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُصلّي فجاءَ أحدُهما فكانَ عن يمينِه فلمّا جاءَ الآخرُ أخّرهما خلفَه)، فهنا الأصلُ أن يكونَ موضعُ الجماعةِ خلفَ الإمامِ.
يقولُ: "ويصحُّ عن جانبيه": فيصحُّ أن يكونَ أحدُهم عن يمينِهِ والآخرُ عن يسارِهِ أو عن يمينِهِ، وممّا يتّصلُ بهذا حديثُ ابن عباسٍ في قصةِ مبيتِهِ في بيتِ خالتِهِ (حينَ قامَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُصلّي، فقامَ ابنُ عباسٍ وفعلَ فعلَ النبيّ، توضئ ثمَّ جاءَ ووقفَ عن يسارِهِ، فأدارَهُ عن يمينِه)، فعُلِمَ أنَّ موقفَ المأمومِ الواحدِ عن يمينِ الإمامِ، ولا يصحُّ أن يكونَ موقفُ المأمومِ قُدّامَ الإمامِ، هذا خِلافُ النظرِ وخِلافُ دلالةِ الشرعِ، فلا تكونُ الجماعةُ أمامَ الإمامِ، بل تكونُ خلفَهُ أو عن يمينِهِ أو جانبيه.
يقولُ المصنّفُ: "لا عن يسارِه": أي مع خلوّ يمينِه، فلا يصحُّ أن يقفَ المأمومُ عن يسارِ الإمامِ، بدليلِ أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أدارَ ابنَ عباسٍ وجعلَهُ عن يمينِهِ، لكن هل هذا يدلُّ على عدمِ صحّةِ الإئتمامِ أم على الأفضليةِ؟ هذا محتملٌ، ومجردُ الفعلِ لا يدلُّ على فسادِهِ، فالأظهرُ -حتى ولو وقفَ عن يسارِهِ خصوصًا إذا كان جاهلًا- فالصلاةُ صحيحةٌ لكنَّها خلافُ الأفضلِ، ولا ينبغي أن يتعمّدَ الإنسانُ ذلك، لكن إذا فعلَهُ جاهلًا أو حدثَ سهوًا ونسيانًا، فالصحيحُ أنَّ صلاتَه صحيحةٌ.
واختارَ شيخُ الإسلامِ ابن تيميةَ صِحَّةَ أن يَصُفَّ المأمومونَ قدّامَ الإمامِ للحاجةِ، إذا كان هناك موجبٌ للتقدمِ جازَ ذلك أمَّا من غيرِ حاجةٍ فلا، وكذلك عن يسارِ الإمامِ كما تقدَّمَ أنَّ الصحيحَ أنَّها تصحُّ، لكنَّ الأفضلَ أن يكونَ الواحدُ عن يمينِ الإمامِ.
 
– القارئ: (ولا الفذُّ خلْفَه أو خلفَ الصفِّ)
– الشيخ:
"الفذُّ": هو الفردُ، أي أن يكونَ الإمامُ متقدِّمًا ويُصلّي لوحدِهِ خلفَه، أو كذلك خلفَ الصفِّ، للحديثِ الواردِ أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: رأى رجلًا، يُصلّي خلفَ الصفِّ وحدَه، فقال: (لا صلاةَ لمنفردٍ خلفَ الصفِّ).
وهذه المسألةُ فيها خلافٌ كثيرٌ، فمن أهلِ العلمِ من قال بالصحّةِ، ورأى أنَّ الحديثَ مُتكلّمٌ فيه، واحتجّوا أيضًا بصلاةِ المرأةِ خلفَ الصفِّ كما في حديثِ أنسٍ، يقولُ: (قمتُ أنا واليتيمُ خلفَ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- والعجوزُ من ورائِنا)
والقولُ الآخرُ: أنّها لا تصحُّ مطلقًا؛ لأنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أمرَ الرّجلَ بأن يعيدَ الصلاةَ ولم يستفصلْ منه. والقولُ الثالثُ: أنَّه إنْ صلَّى خلفَ الصفِّ معذورًا، كما لو أنَّه لم يجدْ مكانًا في الصفِّ؛ فإنَّه يسقطُ عنه واجبُ المُصافّةِ للعجزِ، ولا واجبَ مع العجزِ.
والقولُ الصحيحُ: أنَّه لا تصحُّ صلاةُ المنفردِ خلفّ الصفِّ إلّا أن يكونَ له عذرٌ على القولِ الذي رجّحَهُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ وتبعَهُ على ذلك الشيخُ محمدُ ابنُ عثيمينَ رحمهُ اللهُ.
 
– القارئ: (إلا أنْ تكونَ امرأةً)
– الشيخ:
إذا كانتِ امرأةٌ فمكانُها خلفَ الصفِّ خلفَ الرجالِ؛ لحديثِ أنسٍ المشارِ إليه: (قمتُ أنا واليتيمُ خلفَ النبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- والعجوزُ من ورائِنا).

– القارئ: (وإمامةُ النِّساءِ تقفُ في صفِّهِنَّ)
– الشيخ:
أي لا تكونُ إِمامةُ النساءِ أمامَهُنَّ، بل تكونُ في نفسِ الصفِّ في الوسطِ.
 
– القارئ: (ويليهِ: الرِّجالُ، ثم الصِّبيانُ، ثم النِّساءُ كجنائِزهِم)
– الشيخ:
هذا هو ترتيبُهم بالنسبةِ للإمامةِ، وهذا الترتيبُ يكونُ على الشكلِ التالي في صلاةِ الجماعةِ وراءَ الإمامِ، أي أنَّ الرجالَ هم وراءَ الإمامِ، "ثمَّ الصبيانَ": وظاهرُ الإطلاقِ أنَّ الصبيانَ ولو كانوا مميّزينَ ولو كانوا يُصلونَ، المهمُّ أنّهم غيرُ بالغين، فمحلُّهم خلفَ الرجالِ، وهذا فيه نظرٌ لعلَّه يأتي. "ثمَّ النساءَ": وهذا لا كلامَ، أي أنَّ مكانهنَّ خلفَ الرجالِ وخلفَ الصبيانِ.
يقولُ المصنّفُ: "كجنائزهم": يعني ترتيبُهم هذا كترتيبِ جنائِزهم، فالجنائزُ إذا تعدّدتْ: فإنَّ الذي يلي الإمامَ: الرجلُ أو الرجالُ، ثمَّ الصبيُّ، ثمَّ المرأةُ.
– مُداخلة: هل يُسحبُّ للنساءِ أن يُقمنَ الصلاةَ جماعةً؟
– الشيخ: لا يُستحبُّ لهن ذلك، لكن إن صَلّينَ جماعةً فلا حرجَ، أقولُ: إنَّها جائزةٌ، لكن لم يَرِدْ ما يُرغّبُ بذلك، لذلك في المدارسِ الأَولى أن تُصلّي كلُّ واحدةٍ لوحدِها، وأحوالُ النساءِ معروفةٌ منهنَّ الحائضُ، فإذا صَلّينَ جماعةً عُرِفَت أحوالُ من لم يُصَلِيَن، فالأَولى أن يُصلّينَ منفرداتٍ ومتفرّقاتٍ. 
 
– قال الشيخُ محمدٌ في "الشرحِ الممتعِ":
فَصْلٌ:
يَقِفُ المَأْمُومُونَ خَلْفَ الإِمَام:
قولُه: "فصلٌ": أي في موقفِ الإِمامِ والمأمومين، أي: أينَ يقفُ الإِمامُ؟ وأين يقفُ المأمومُ؟ فهذا هو المرادُ بهذا الفصلِ، والإِمامُ على اسمِهِ إمامٌ، فالأنسبُ أن يكونَ أَمامَ المُصلِّين حتى يتميَّز، ويكون قُدوةً ومتبوعًا، وهكذا جاءت السُّنَّةُ.
قولُه: "يقفُ المأمومونَ خلفَ الإِمامِ": المأمومونَ: جمعٌ، وأقلُّ الجَمْعِ في بابِ الجماعةِ اثنانِ، وكان المأمومونَ في أوَّلِ الإِسلامِ لا يقفونَ وراءَ الإِمامِ إلّا إذا كانوا ثلاثةً فأكثر، وأمَّا إذا كانا اثنين فإِنَّهما يقفاِن عن يمينِه وشمالِه، ولكن هذا نُسِخَ. فصارَ أقلُّ الجَمْعِ في بابِ الجَماعةِ اثنين، فالمرادُ بالجَمْعِ هنا: اثنان فأكثرُ، فيقفُ الاثنان فأكثرُ خلفَ الإِمامِ، وسبقَ أنَّ إمامَ العُراةِ يُصلِّي وسطَهم، وأنَّ إمامةَ النِّساءِ تُصلِّي وَسَطَهُنَّ.
(وَيَصِحُّ مَعه عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ جَانِبَيْهِ لاَ قُدَّامَهُ، وَلاَ عَنْ يَسَارِهِ فَقَطْ).
قولُه: "ويصحُّ معه عن يمينِهِ أو جانبيهِ": الضَّميرُ في قولِه "يصحُّ" يعودُ على الوقوفِ، أي: ويَصِحُّ أن يقفوا معه: أي مع الإِمامِ عن يمينِهِ أو عن جانبيهِ، أي: أن يكونَ المأمومانِ فأكثرُ عن يمينِهِ أو عن جانبيه، أي: أحدُهما عن يمينِه والثاني عن شمالِه، وهذا أفضلُ مِن أن يكونوا عن يمينِه فقط، لأنَّ عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ رضي اللهُ عنه وَقَفَ بين علقمةَ والأسود، وقال: (هكذا رأيتُ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَعَلَ)، فَصَارَ للمأمومَينِ فأكثر مع الإِمامِ ثلاثةُ مواقفٍ:
الأولُ: خلفَه وهو الأفضلُ.
الثاني: عن جانبيه.
الثالث: عن يمينِه فقط.
قولُه: "لا قدّامَه": أي لا يَصِحُّ أن يَقِفَ المأمومون قُدَّام الإِمامِ، فإن وَقَفَوا قُدَّامه فصلاتُهم باطلةٌ، ودليلُ ذلك: أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كان يَقِفُ أمامَ النَّاسِ وقال:
(صَلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي)، وهذا يَعمُّ الصَّلاةَ بأفعالِها وعددِها وهيئتِها وجميعِ أحوالِها، ومنها الوقوفُ، فيكون الوقوفُ قُدَّامَهُ خلافَ السُّنَّةِ، وحينئذٍ تبطلُ الصَّلاةَ. وقال بعضُ أهل العِلْمِ: إنَّ الصَّلاةَ لا تبطلُ؛ لأنَّه لم يَرِدْ عن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّه نَهَى عن الصَّلاةِ قُدَّامَ الإِمامِ، وغاية ما فيه أنَّ هذا فِعْلُه، وقد وَقَفَ معه جابرُ بن عبد الله وجَبَّارُ بن صَخْر، أحدُهما عن يمينِه والثاني عن يسارِه، فأخذَهما وردَّهما إلى خَلْفِه. فلمَّا لم يكن فيه إلا الفِعلُ كان مستحبًّا وليس بواجبٍ، وإلى هذا ذهبَ الإِمامُ مالكٌ رحمهُ اللهُ. وتوسَّطَ شيخُ الإِسلامِ ابنُ تيميَّة رحمهُ الله وقال: إنَّه إذا دَعَتِ الضَّرورةُ إلى ذلك صحَّت صلاةُ المأمومِ قُدَّامَ الإِمامِ، وإلا فلا.
والضَّرورةُ تدعو إلى ذلك في أيَّامِ الجُمعة، أو في أيَّامِ الحَجِّ في المساجدِ العاديةِ، فإنَّ الأسواقَ تمتلئُ ويصلِّي الناسُ أمامَ الإِمامِ، وهذا القولُ وَسَطٌ بين القولين، وغالبًا ما يكون القولُ الوسطُ هو الرَّاجح؛ لأنَّه يأخذُ بدليلِ هؤلاءِ ودليلِ هؤلاء. فإذا قال قائلٌ: إنَّ الدَّليلَ هنا فِعليٌّ، والقاعدةُ: أنَّ الدَّليلَ الفِعليَّ لا يقتضي الوجوب؟ قلنا: هذا صحيحٌ، لكنَّ ظاهرَ فِعْلِ الرَّسولِ عليه الصلاةُ والسلامُ حيث لم يُمَكِّنْ جابرًا وجَبَّارًا مِن الوقوفِ عن يمينِه وشِمالِه، بل أخَّرهُما قد يقال: إنه يدلُّ على وجوبِ تقدُّمِ الإِمام إذا كان المأمومون اثنين فأكثرَ، لكن مع ذلك في النَّفْسِ منه شيءٌ، وإنَّما القولُ الوسَط أنَّه عندَ الضَّرورةِ لا بأسَ به، وإذا لم يكن هناك ضرورةٌ فلا.
قولُه: "ولا عن يسارِهِ": أي لا تَصِحُّ صلاةُ المأمومِ إنْ وَقَفَ عن يسارِ الإِمامِ، لكن بشرطِ خُلوِّ يمينِه، والدَّليلُ على أنَّ هذا شرطٌ مِن كلامِ المؤلِّفِ أنَّه قال: "عن يسارِه فقط" أي: دونَ أن يكونَ عن يمينِه أحدٌ، أمَّا صلاةُ الإِمامِ فهل تَصِحُّ أم لا؟ الجوابُ: إنْ بقيَ الإِمامُ على نِيَّةِ الإِمامةِ، فإنَّ صلاتَه لا تَصِحُّ؛ لأنه نَوى الإِمامةَ وهو منفردٌ، وأمَّا إن نَوى الانفرادَ، فإنَّ صلاتَه صحيحةٌ.
إذا قيل: ما الدَّليلُ على أنَّها لا تَصِحُّ عن يسارِه مع خلوِّ يمينِه؟ قلنا: دليلُ ذلك: أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-
(قام يُصلِّي ذاتَ ليلةٍ مِن الليلِ، وكان ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما قد نامَ عندَه، فَدَخَلَ معه ابنُ عباس، ووَقفَ عن يسارِه، فأخذَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- برأسِه مِن ورائِه فجعله عن يمينِهِ)؛ لأنَّها لو صحَّتْ لأقرَّهُ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- على ذلك. فإن قال قائلٌ: هذا في النَّفْلِ؟ فالجوابُ عن ذلك مِن وجهين:
الوجهُ الأوّلُ: أنَّ القاعدةَ: "أنَّ ما ثَبَتَ في النَّفْلِ ثَبَتَ في الفرضِ إلّا بدليلٍ"، ويدلُّ لهذه القاعدةِ تَصرُّفُ الصَّحابةِ رضي اللهُ عنهم حين ذكروا أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كان يُصلِّي على راحلتِه في السَّفَرِ، قالوا: غيرَ أنَّه لا يصلِّي عليها المكتوبةَ، فدلَّ هذا على أنَّ الأصلَ أنَّ ما ثَبَتَ في النَّفْلِ ثَبَتَ في الفَرضِ؛ ولهذا احتاجوا إلى استثناءِ الفَريضةِ. وهذا الحديثُ يُستفادُ منه أنَّ الصَّلاةَ عند الإطلاقِ تشمَلُ الفريضةَ والنافلةَ.
الوجهُ الثاني: أنَّ النَّفْلَ يُتسامحُ فيه أكثرُ مِن التَّسامحِ في الفَرضِ، فإذا لم يُتسامحْ في النَّفْلِ عن يسارِ الإِمامِ، فَعَدَمُ التَّسامحِ في الفَرضِ مِن باب أَولى، هذا تقريرُ كلامِ المؤلِّفِ.
وأكثرُ أهلِ العِلْمِ يقولون بصحَّةِ الصَّلاةِ عن يسار الإِمامِ مع خُلُوِّ يمينِهِ، وأنَّ كونَ المأموم الواحد عن يمينِ الإِمامِ إنَّما هو على سبيلِ الأفضليَّةِ، لا على سبيلِ الوجوبِ، واختارَ هذا القولَ شيخُنا عبدُ الرَّحمن بن سَعدي رحمهُ اللهُ. ودفعوا الاستدلالَ بحديثِ ابنِ عبَّاس: بأنَّ هذا فِعْلٌ مجرَّدٌ، والفِعلُ المجرَّدُ لا يدلُّ على الوجوبِ هذه قاعدةٌ أصوليَّةٌ: "أنَّ فِعْلَ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- المُجرَّدَ لا يدلُّ على الوجوبِ"، لأنَّه لو كان للوجوبِ لقالَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لعبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ لا تَعُدْ لمثلِ هذا، كما قال ذلك لأبي بَكْرةَ حين رَكَعَ قبل أنْ يدخلَ في الصَّفِّ، وهذا القولُ قولٌ جيدٌ جدًا، وهو أرجحُ مِن القولِ ببطلانِ صلاتِه عن يسارِه مع خلوِّ يمينِه؛ لأنَّ القولَ بتأثيم الإِنسانِ أو ببطلانِ صلاتِهِ بدون دليلٍ تطمئنُّ إليه النَّفْسُ فيه نَظَرٌ، فإنَّ إبطالَ العبادةِ بدون نَصٍّ كتصحيحِها بدونِ نَصٍّ.
(وَلاَ الفَذّ خَلْفَهُ، أَوْ خَلْفَ الصَّفِّ)
قولُه: "ولا الفذّ خلفَهُ": أي لا تَصِحُّ صلاةُ المأمومِ الواحدِ خلفَ الإمام، وأمَّا الإمامُ ففيه تفصيلٌ: إنْ بقيَ على نيِّةِ الإمامةِ لم تَصِحَّ صلاتُه؛ لأنَّه نوى الإمامةَ وليس معه أحدٌ، وإنْ نوى الانفرادَ فصلاتُه صحيحةٌ.
قولُه: "أو خلفَ الصفّ": أي لا تَصِحُّ صلاةُ المأمومِ خلفَ الصَّفِّ؛ لأنَّه منفردٌ وقد جاءَ الحديثُ عن رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّه قال:
(لا صَلاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ الصَّفِّ). ورأى النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- رَجُلًا يُصلِّي وحدَه خَلْفَ الصَّفِّ فأمَرَه أنْ يعيدَ الصَّلاةَ، ولولا أنَّها فاسدةٌ ما أَمَرَه بالإِعادةِ، لأنَّ الإِعادةَ إلزامٌ وتكليفٌ في أَمْرٍ قد فُعِلَ وانتُهِيَ منه، فلولا أنَّ الأمرَ الذي فُعِلَ وانتُهِيَ منه فاسدٌ ما كُلِّفَ الإِنسانُ إعادتَه، لأنَّ هذا يستلزمُ أن تجبَ عليه العبادةُ مرّتين. وما قالَهُ المؤلِّفُ رحمهُ اللهُ هو المذهبُ، وهو مِن المفردات. وذهبَ أكثرُ أهلِ العِلمِ ـ وهو روايةٌ عن أحمدَ ـ إلى صِحَّةِ الصَّلاةِ منفردًا خلفَ الصَّفِّ، لعُذرٍ أو لغيرِ عُذرٍ، ولو كان في الصَّفِّ سَعَةٌ. وقال بعضُ العلماءِ: في ذلك تفصيلٌ؛ فإنْ كان لعذرٍ صَحَّت الصَّلاةُ، وإنْ لم يكن لعُذر لم تَصِحَّ الصَّلاةُ. واستدلَّ الجمهورُ: بأنَّ هذا المصلِّي صلَّى مع الجماعةِ، وفَعَلَ ما أُمِرَ به، وقد قال النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: (إنَّمَا جُعِلَ الإِمامُ ليؤتمَّ به)، وقد ائتمَّ بإمامِه فكبَّر حين كبّر… ولأنَّ ابنَ عبَّاسٍ لما أدارَهُ الرَّسولُ عليه الصَّلاةُ والسلامُ عن يمينِهِ انفردَ بجُزءٍ يسيرٍ، والمُفسدُ للصَّلاةِ يستوي فيه الكثيرُ والقليلُ كالحَدَثِ فلو كان الانفرادُ مبطلًا لبطلت صلاةُ ابنِ عبَّاسٍ.
وأجابوا عن حديثِ:
(لا صلاةَ لمُنْفَرِدٍ خلفَ الصَّفِّ): أنَّ هذا النَّفْيَ نَفْيٌ للكمالِ كقولِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: (لا صلاةَ بحضرةِ طعامٍ ولا وهو يدافِعُه الأخبثان)، ومعلومٌ أنَّ الإِنسانَ لو صَلَّى بحضرةِ طعامٍ فصلاتُه صحيحةٌ، ولو صَلَّى وهو يدافعُ الأخبثين -البولَ والغائطَ- فصلاتُه صحيحةٌ.
وأمَّا ما وَرَدَ أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- (رأى رَجُلًا يصلِّي خلفَ الصَّفِّ فأمرَه أنْ يعيدَ الصَّلاةَ)، فأجابوا عنه: بأنَّ هذا الحديثَ في صحَّتِهِ نَظَرٌ، وإذا صَحَّ فلعلَّ هناك شيئًا أوجبُ أنْ يأمرَه النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بإعادةِ الصَّلاةِ، وهذه قضيَّةُ عَينٍ لا نجزِمُ بأنَّ السَّبَبَ هو كونُه صَلَّى خلفَ الصَّفِّ.
وأمَّا استدلالُ الجمهورِ على قولِهم بصحّةِ صلاةِ المنفردِ خلفَ الصَّفِّ بأنَّه فَعَلَ ما أُمِرَ به مِن المتابعةِ فهذا صَحيحٌ، لكن هناك واجباتٌ أخرى غير المتابعةِ وهي المُصافَّة، فإنَّ المُصافَّةَ واجبةٌ فإذا تَرَكَ واجبَ المُصافَّةِ بطلتْ صلاتُه.
وأمَّا استدلالُهم بأنَّ ابنَ عبَّاس انْفَرَدَ حين أخذَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- برأسِه وأقامَه عن يمينِه فهذا انفرادٌ جزئيٌّ، ونحنُ لا نقولُ ببطلانِ الصَّلاةِ إذا انفردَ الإِنسانُ بمثلِ هذه الصُّورةِ، أي: لو أنَّ شخصًا جاءَ وكبَّرَ خلفَ الصَّفِّ وهو يعرِفُ أن خلفَه رَجُلٌ أو رَجُلان سيأتيان معه، فلا بأس ما دامتِ الرَّكعةُ لم تفتْهُ وصلاتُه صحيحةٌ، وهذه اللَّحظةُ التي حصَلَ بها الانفرادُ لا يُقال فيها: إنَّ هذا الرَّجُلَ صلّى منفردًا خلفَ الصَّفِ أو خلفَ الإِمامِ، فالاستدلالُ بحديثِ ابنِ عبَّاسٍ ضعيفٌ.
وأما قولهم بأنَّ حديثَ:
(لا صلاةَ لمُنْفَرِدٍ خلفَ الصَّفِّ) نَفْيٌ للكمالِ: فهذا مردودٌ؛ لأنَّ النَّفْيَ إذا وَقَعَ فله ثلاثُ مراتبٍ: المرتبةُ الأولى والثانية: أن يكون نفيًا للوجودِ الحِسِّي، فإنْ لم يمكن فهو نَفْيٌ للوجودِ الشَّرعي، أي: نفيٌ للصِّحَّةِ" اهـ.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 الدرس يبدأ من الدقيقة: 6

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :