الرئيسية/فتاوى/حكم كتابة المنظومات والمتون العلمية بأساليب غزلية
share

حكم كتابة المنظومات والمتون العلمية بأساليب غزلية

السؤال :

ما حكمُ كتابة المنظومات والمتون العلميَّة بأساليب غزليَّة ؟

 

 الحمدُ لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه، أمَّا بعد :

فإنَّ الغزلَ فنٌّ مِن فنون الشعر الوصفي، وهو مختصٌّ بالعُشَّاق، فيقصد أحدُهم بشعره ذكرَ محاسن مَن يعشقه وصفَ عِيانٍ أو خيالٍ؛ ليستمتعَ بذكر محاسن محبوبه، فيُفيض على قلبه ولهًا، ويزدادُ به غرامًا، ويتسلَّى به إن فاته ما يهواه مِن الوصل، فلا يزال يتغنَّى بهذا الشعر مستلهمًا معانيه مما ملأ قلبه مِن التَّعلق بمحبوبه.

إذن؛ فهو شعرٌ شهواني في الجملة، يثيرُ الهوى في نفوس سامعيه، ويحركُ السَّاكن، ويهيجُ الكامن، ويلهبُ الغرائز، وبهذا يكون هذا النَّوع مِن الشعر -لا سيما إن أغرقَ فيه الشَّاعرُ في الوصف وفَحُش- مِن أعظم الدَّواعي لاقتراف الفواحش، وركوب الآثام، ولهذا ذمَّه العلماء والعقلاء.

ولعلماء الشَّريعة تفصيلٌ في حكم الشعر الغزلي، يرجع فيه القارئ إلى كتاب "شعر الغزل ونظرة سواء" لكاتبه الدكتور عبد المحسن بن عبد العزيز العسكر، فهذا الشعر عند العلماء على درجات؛ مِن حرام، ومكروه، وما تركُه أولى، وما لا يليقُ بالأفاضل والكرماء، بل منه ما هو مُجمع على تحريمه؛ كالتَّغزُّل بالذكران.

وفي ضوء ما تقدَّم يُعلمُ حكم ما سألت عنه مِن كتابة المنظومات والمتون العلميَّة بأساليب غزلية، فأقول: إنَّ هذا مما لا يليقُ بالفاضل أن يسلكه؛ فإنَّ فيه إزراءً بالمعاني الصَّحيحة أن تُصاغ في قوالب لا تليق بها، ولا تناسب فضل العلم وشرفه، وإن سلكه بعضُ العلماء واستحسنوه؛ فإنَّ مِن المعلوم في المقاصد الأدبيَّة أن يكون ثمَّ تناسبٌ بين اللفظ والمعنى والقالب والمضمون، وهذا الاعتبار -أعني التناسب- مطلوبٌ في كلِّ الشؤون العلميَّة والأدبيَّة، بل في الأمور الحسيَّة؛ عادية أو غير عادية.

فحكمُ هذا النوع مِن الكتابة بحسب القالب الذي تُقدَّم فيه المادة، فيكون على درجات حسبما أشير إليه في حكم الشعر الغزلي. والله أعلم، وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد .

 

أملاه :

عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك

في 20 محرم  1436 هـ