الحمدُ لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد، أما بعد:
فإنَّ طُرق معرفة الله متعدِّدة؛ فمنها:
أولًا: معرفته تعالى بآياته الكونيَّة، وهي المخلوقات، وهذه طريق أكثر النَّاس.
الثاني: معرفته تعالى بآياته الشَّرعيَّة، وهذه طريق أتباع الرُّسل المؤمنين بِمَا جاؤوا به.
الثالث: معرفته تعالى بصفات كماله، وهي طريقة الكُمَّل مِن المؤمنين، [1] وهذا ما عناه ابنُ القيّم بقوله: "الحمدُ لله الذي ظهرَ لأوليائه بنعوت جلاله"، فكأنَّه قالَ: الحمدُ لله الذي عرفه أولياؤه بنعوت جلاله، أي: مِن الرَّحمة والقدرة والعلم؛ فقوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت:53] دليلٌ على صدق الرَّسول ﷺ ، فذكَر الآيات الكونيَّة والنَّفسيَّة، ثم ذكر الدَّليل مِن صفاته تعالى بقوله: أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت:53].
ومِن ذلك معرفته تعالى بإجابة دعاء المضطر، كما قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62]، وعلى هذا؛ فلا إشكال في عبارة ابن القيّم، بل هي مستقيمة، والله أعلم.
أملاه :
عبدُ الرَّحمن بن ناصر البرَّاك
في 7 جمادى الآخرة 1442هـ
الحاشية السفلية
↑1 | – ينظر: مدارج السالكين -ط المجمع- (4/311-313)، (4/470) وما بعدها. |
---|