الرئيسية/فتاوى/توجيه عبارة ابن القيم الحمد لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله
share

توجيه عبارة ابن القيم الحمد لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله

السؤال :

قالَ ابنُ القيم -رحمه الله- في صدر كتابه "إغاثة اللهفان": "الحمدُ لله الذي ظهرَ لأوليائه بنعوت جلاله"، [1] ما معنى هذه الجملة، وهل هي سليمة مِن الإشكال؟ وماذا يسمَّى هذا الأسلوب؟ نفع الله بعلمكم.

 

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 إغاثة اللهفان-ط المجمع- (1/3).

الحمدُ لله وحده، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد، أما بعد:

فإنَّ طُرق معرفة الله متعدِّدة؛ فمنها:

أولًا: معرفته تعالى بآياته الكونيَّة، وهي المخلوقات، وهذه طريق أكثر النَّاس.

الثاني: معرفته تعالى بآياته الشَّرعيَّة، وهذه طريق أتباع الرُّسل المؤمنين بِمَا جاؤوا به.

الثالث: معرفته تعالى بصفات كماله، وهي طريقة الكُمَّل مِن المؤمنين، [1] وهذا ما عناه ابنُ القيّم بقوله: "الحمدُ لله الذي ظهرَ لأوليائه بنعوت جلاله"، فكأنَّه قالَ: الحمدُ لله الذي عرفه أولياؤه بنعوت جلاله، أي: مِن الرَّحمة والقدرة والعلم؛ فقوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت:53] دليلٌ على صدق الرَّسول ، فذكَر الآيات الكونيَّة والنَّفسيَّة، ثم ذكر الدَّليل مِن صفاته تعالى بقوله: أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت:53].  

ومِن ذلك معرفته تعالى بإجابة دعاء المضطر، كما قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62]، وعلى هذا؛ فلا إشكال في عبارة ابن القيّم، بل هي مستقيمة، والله أعلم.

 

أملاه :

عبدُ الرَّحمن بن ناصر البرَّاك

في 7 جمادى الآخرة 1442هـ

 

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 ينظر: مدارج السالكين -ط المجمع- (4/311-313)، (4/470) وما بعدها.