الحمدُ لله ، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه ، أمّا بعد :
فأمّا عجز البيت، وهو قوله: "وروحٌ تعرفك كيف تحيا بدونك" فالمبالغة فيه ظاهرة وكذا الغلو، فهو كذب وغلو في الممدوح؛ كذب مِن جهته هو أنّه لا يعيش بدونك، وكذب على الآخرين أنّهم لا يعيشون بدونك، فهو يقول: أيُّ روح تعرفك كيف تحيا دون وجودك؟! وأمّا شطره الأول: فإن كان الحبّ لله فهو مقبول، وإن كان لغير الله فهو نظير عبارات الشعراء؛ كقول الأول:
ومِـن عجـبٍ أنـي أحـنُّ إليهم وأسألُ عنهم مَن لقيت وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في جفونها ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي
وقول الآخر:
خيالكَ في عيني وذكركَ في فمي ومثواك فـي قلبـي فأين تغيـبُ
وعلى كلّ حال: فلا أرى لكَ إرسال البيت المذكور لأحد مِن النّاس؛ لِمَا فيه مِن الغلو والكذب. وقولك -أيّها السائل- "أصدقائي المخلصين": ينبغي أن تقول "الصّادقين"؛ فإنّ الإخلاص لم يأتِ في الكتاب والسنّة وفي كلام مَن يقتدى به إلّا في معاملة الله؛ فإنّ الإخلاص في المحبّة يتضمّن إفراد المحبوب؛ أي: محبّته دون غيره، وهذا لا يصلح إلا لله تعالى، والله أعلم .
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك
في الخامس من ذي القعدة 1437هـ