الرئيسية/فتاوى/حكم طلب الدعاء من الغير
share

حكم طلب الدعاء من الغير

السؤال :

هل يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا… ثم سلوا الله لي الوسيلة) مشروعية طلب الدعاء مِن الغير؟ جزاكم الله خير الجزاء.

 

الحمدُ لله، وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد، أما بعد:

فقد ذكر شيخُ الإسلام ابن تيمية في كتابه "التوسل والوسيلة" [1] وغيره، ذكر تفصيلًا في ذلك، وهو أنَّ الأصلَ النَّهيُ عن سؤال النَّاس، والأدلّة على ذلك كثيرة، ومِن ذلك وصيَّته -صلَّى الله عليه وسلَّم- لجماعة مِن الصَّحابة ألَّا يسألوا الناس شيئًا، ففي صحيح مسلم [2] عن عوف بن مالك أن النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بايع طائفة مِن أصحابه، وأسرَّ إليهم كلمة خفيَّة: ألَّا تسألوا الناس شيئًا، قال عوف: فلقد رأيتُ بعض أولئك النَّفر يسقطُ السوطُ مِن يده فلا يقول لأحد: ناولني إياه.

والتَّفصيل الذي ذكره شيخ الإسلام في سؤال الدعاء مِن الغير يرجع إلى مقصود السائل؛ [3]  فإن كان مقصوده منفعة الدَّاعي المسؤول فذلك جائز، ولا نقص فيه، ومن ذلك سؤال الرسول -صلَّى الله عليه سلَّم- الدعاء من عمر -رضي الله عنه- في قوله له: لا تنسنا يا أُخيَّ من دعائك [4] ومن ذلك قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا علي، وفيه: ثم سلوا الله لي الوسيلة. [5]  فمقصوده -صلَّى الله عليه وسلَّم- في كل ذلك منفعة الدَّاعي، أما إذا قصَد الداعي بطلب الدعاء منفعةَ نفسِه فهو من سؤال الناس المكروه، ولهذا ينبغي لمن أَعطى أحدًا صدقةً أو هديةً أو صنع له معروفًا ألَّا يسأله الدعاء، كما قال تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا [الإنسان:8-9]، لكن ينبغي لِمَن صُنع له معروفٌ أن يدعو للمحسن، كما قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-:مَن صنعَ إليكم معروفًا فكافئوه، فإنْ لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنَّكم قد كافأتموهرواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي. [6]  والله أعلم.

 

أملاه:

عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك

حرر في 13 شعبان 1443 هـ

 


الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
1 بتحقيق الأرناؤوط (ص63) وما بعدها.
2 برقم (1043)
3 ينظر: التوسل والوسيلة (ص74-77).
4 أخرجه أحمد (195)، وأبو داود (1498) واللفظ له، والترمذي وصححه (3562)، وابن ماجه (2894) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (2/260رقم 1625): "ما قاله الترمذي من تصحيح الحديث، فيه نظر، فإن في سنده عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر العمري، وقد ضعفه ابن معين، وقال البخاري وغيره: متروك".
5 أخرجه مسلم (384) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
6 أخرجه أحمد (5365)، وأبو داود (1672) -واللفظ له-، والنسائي (2567) عن ابن عمر رضي الله عنهما وصححه ابن حبان (3408)، والحاكم- ط الحرمين- (1502).