الرئيسية/فتاوى/حكم الدعاء باللهم اجعل القرآن أنيسا لي في القبر
share

حكم الدعاء باللهم اجعل القرآن أنيسا لي في القبر

السؤال :

من الأدعية التي يدعو بها بعض الناس: "اللهم اجعل القرآن أنيسًا لي في القبر"، وقد يدعو بها بعض الناس على القبر بعد دفن الميت، فيقولون: "اللهم اجعل القرآن أنيسه، والعمل الصالح جليسه"، فهل هذا الدعاء صحيح؟    

 

الحمدُ لله، وصلَّى الله وسلم على محمد، أما بعد:

فإن الدعاء أي: دعاء المسألة، وهو ما يطلب به العبدُ من ربِّه حاجةً من حوائج الدنيا والآخرة نوعان: مأثور وغير مأثور؛ فالمأثور: ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عن أحد من السلف، وغير المأثور: ما يُنشئه الإنسان بنفسه ممَّا يخطر بباله، وأفضل هذه الأنواعِ: المأثورُ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فإنه أعلم بربِّه وما يليق به تعالى من الدعاء، وأما المأثور عن غير النبي -صلى الله عليه وسلم- فله فضلٌ مِن فضلِ مَن أُثر عنه؛ فالسلف أولى بحسن الاختيار.

أما ما يُنشئه الإنسان مِن الأدعية مِن خاطره وبعباراته ولم يشتمل على مخالفات شرعية:  اعتقادية أو لفظية؛ فهو مباح، ولا يجوز أن يَدَّعي لهذا الدعاء فضيلة؛ لأن دعوى الخصوصية بفضيلةٍ لدعاءٍ من الأدعية لا يجوز إلا بدليل، ودعاء المسلم بقوله: (اللهم اجعل القرآن أنيسي) هذا مطلب عالٍ، ولا يكون القرآن أنيسًا للمسلم إلا من محبته له وفهمه إيَّاه، نسأل الله أن يحبِّب إلينا القرآن، وأن يؤتيننا فهمًا فيه، وأما الدعاء بأن يكون القرآن أنيسًا في القبر فلا أعلم أنه ورد حتى يُدعَى به اتباعًا، ولا أعلم أنه ورد أن الميت يقرأ القرآن في قبره؛ فإنه إنما يكون القرآنُ أنيسَه بتلاوته. إذن فهذا الدعاء يتضمن دعوى أن الميت يقرأ القرآن في قبره، فإذا لم يرِد ذلك فلا ينبغي الدعاء بالدعاء المذكور؛ لما يتضمَّنه من دعوى أمرٍ غيبيٍّ، وإذا سُئلنا: هل الميت يقرأ القرآن أو لا يقرأ؟ قلنا: الله أعلم. والله أعلم.

 

أملاه:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 6 رمضان 1443 هـ