file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(6) باب الرجعة

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح "بلوغ المرام مِن أدلّة الأحكام" (كتاب الطّلاق)
الدّرس السّادس

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الحافظُ ابنُ حجرٍ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في "بلوغِ المرامِ":
بابُ الرَّجعةِ
عن عمرانَ بنِ حصينٍ..
– الشيخ:
بابُ الرَّجعةِ، الرجعة، يعني المراجعةُ، مراجعةُ الرجلِ امرأته بعدما طلَّقَها، شرعَ اللهُ الرجعةَ، وذلك بعدَ الطلقة الأولى أو الطلقة الثانية، ولهذا يُسمَّى الطلاقُ الطلقةُ الأولى والثانية رجعيَّةٌ، رجعيَّةٌ طلقةٌ رجعيَّةٌ، يعني تجوزُ الرجعةُ، تجوز المراجعةُ بعدها، أمَّا الثالثةُ فليستْ رجعيَّةً بل هي طلاقٌ بائنٌ بينونةً كبرى، لأنَّ المطلَّقةَ ثلاثاً لا تحلُّ لمطلِّقها إلَّا بعد زوجٍ يطؤُها، فإنْ طلَّقَها يعني الثالثة فلا تحلُّ له من بعدُ حتَّى تنكحُ زوجاً غيره، وهذا البابُ عُقِدَ لبيانِ حكمِ الرجعةِ، رجعةُ المطلَّقةِ طلقةً واحدةً أو الطلقةُ الثانية، نعم بابُ الرجعةِ.
 
– القارئ: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ ثُمَّ يُرَاجِعُ، وَلَا يُشْهِدُ، فَقَالَ: أَشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا، وَعَلَى رَجْعَتِهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد هَكَذَا مَوْقُوفًا، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: إنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سُئِلَ عَمَّنْ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ يُشْهِدْ، فَقَالَ: راجع فِي غَيْرِ سُنَّةٍ. فَلْيُشْهِدْ الْآنَ وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ فِي رِوَايَةٍ: وَيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- «أَنَّهُ لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– لعمرَ -رضيَ اللهُ عنهُ-: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا»
بابُ الإيلاءِ

– الشيخ: لا إله إلَّا الله، هذه الأحاديثُ دالَّةٌ على جواز مراجعةِ الرجلِ امرأته إذا طلَّقَها، وهذا هو مقصودُ الترجمةِ، وهذا متَّفقٌ عليه بين أهلِ العلمِ، جوازُ المراجعةِ للمطلِّقِ الطلقة الأولى والثانية، ولكنَّ اللهَ شرطَ في الرجعةِ أنْ يريدا الإصلاحَ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا [البقرة:228] أمَّا أن يراجعَها لغرضٍ سيِّئٍ يريدُ أن يؤذيَها بهذه المراجعةِ حتَّى إذا رجَّعَها طلَّقَها مرَّةً ثانيةً حتَّى يطولَ عليها كما كان أهلُ الجاهليَّةِ يفعلون ذلك؛ فإنَّه لا يحلُّ له، وإذا عُلِمَ ذلك منه فإنَّ طلاقَه لا يصحُّ، فإنَّ رجعتَه لا تصحُّ؛ لأنَّ اللهَ شرطَ في ذلك، وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ومِن الأدلَّةِ حديثُ ابن عمرَ قالَ: "مُرْهُ فليراجعْها" دالَّةٌ على جواز المراجعةِ، وهذا اللفظُ هو من أدلَّة القائلين بوقوعِ الطلاق في الحيضِ؛ لأنَّه قالَ: فليراجعْها.
أمَّا حديثُ عمرانَ بن حصين فتضمَّنَ الأمرُ بالإشهاد على الطلاق وعلى الرجعة، قالَ: أشهدُ على طلاقِها وعلى رجعتِها، واللهُ قد أمرَ في ذلك في آيةِ الطلاق فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا [الطلاق:2] سبحان الله وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ [الطلاق:2] فالآيةُ فيها الأمرُ الصريحُ والمؤكّدُ، وحديثُ عمرانَ مطابقٌ لما تضمَّنَتْه الآيةُ، اشهدْ على طلاقِها وعلى رجعتِها، فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ يعني: على الإمساكِ أو الطلاقِ، أو الفراقِ.
ولكنْ ليسَ الإشهادُ شرطاً بحيثُ لا يصحُّ، لا بل هو من واجباتِ، من الواجباتِ على المطلِّقِ والمراجعِ أن يشهدَ على الطلاقِ وعلى الرجعة، على طلاقِها وعلى رجعتِها، وفي الإشهادِ ضبطٌ للأمورِ؛ لأنَّهُ بعدمِ بالإشهاد يؤدِّي إلى النزاعِ والتجاحُدِ، يؤدِّي إلى النزاعِ والتجاحُدِ، فالصوابُ أنَّ الإشهادَ واجبٌ لكن ليس بشرطٍ، واللهُ أعلمُ.
 
– القارئ: أحسنَ اللهُ إليكم، ترونَ وجوبَهُ أحسنَ اللهُ إليكم؟
– الشيخ: واللهُ هو ظاهرُ القرآنِ هذا اللي عندي
– القارئ: الأمرُ، البسَّامُ يقولُ: استحبابُ الإشهادِ على الطَّلاقِ
– الشيخ: لعلَّ هذا قولُ الجمهورِ.
– القارئ:  قالَ: ليحصلَ التَّوثيقُ، وقد أجمعَ العلماءُ على أنَّ الطَّلاقَ جائزٌ ونافذٌ، ولو لم يحصلْ عليهِ إشهادٌ
– الشيخ:  أي صحّ، جائزٌ ونافذٌ هذا صحّ، قلْتُ: لأنَّ هذا ليسَ بشرطٍ
– القارئثمَّ قالَ: الإشهادُ على الرَّجعةِ، قالَ:
وقد اختلفَ العلماءُ في حكمِ الإشهادِ. فذهبَ الأئمةُ الثَّلاثةُ: إلى استحبابِها وعدمِ اشتراطِها.
وذهبَ الإمامُ الشَّافعيُّ: إلى اشتراطِها
– الشيخ: اشتراط؟
– القارئ: اشتراط اللي […..] الرَّجعة أحسنَ اللهُ إليكَ
– الشيخ: اشتراطُ أيش؟
– القارئ: الإشهادِ
– الشيخ: الإشهادِ على الرَّجعةِ؟
– القارئ: نعم
– الشيخ: نعم
– القارئ: يعني وعلى هذا ما تصحُّ الإشهادُ؟ إذا كانَتْ شرطاً؟
– الشيخ: لا مثل ما قلْنا
– القارئ: على قولِ الشَّافعيِّ يعني؟
الشيخ: هو يقولُ اشتراط؟
– القارئ: نعم
– الشيخ:
لا ما هو بواضح
– القارئ: قالَ: وذهبَ الإمامُ الشَّافعيُّ: إلى اشتراطِها. وهوَ روايةٌ عن أحمدَ، ولعلَّ عمرانَ بنِ حصينٍ ممَّن يرى تحتُّمَ الإشهادةِ لقولِهِ: "فليشهدْ الآنَ، ويستغفرُ اللهُ"
– الشيخ: التحتُّمُ غيرُ الشرطيَّةِ يا..، نعم، نحن نقولُ بالوجوبِ.
 
– القارئ: بَابُ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَالْكَفَّارَةِ
عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «آلَى..
– الشيخ:
[…..] نكتفي بهذا اليوم، نعم إنْ شاءَ الله غداً، لا إله إلَّا الله، الصَّنعانُّي وش قاَل على موضوعِ الرجعةِ؟
– القارئ: قالَ أحسنَ اللهُ إليكم، قالَ: وَالْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَةُ سُورَةِ الطَّلَاقِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق:2] بَعْدَ ذِكْرِهِ الطَّلَاقَ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الوُجُوبُ
– الشيخ: هذا هو، هذا هو الأصلُ
– القارئ: وَظَاهِرُ الْأَمْرِ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ وَكَأَنَّهُ اسْتَقَرَّ مَذْهَبُهُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ
– الشيخ: اللهُ المستعانُ رحمه الله، انتهى؟
– القارئ: لا، قالَ: فَإِنَّهُ قَالَ الْمَزرعِيُّ فِي تَيْسِيرِ الْبَيَانِ، وَقَدْ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ جَائِزٌ
– الشيخ: صحيحٌ، جائزٌ ونافذٌ، مثل ما قالَ، ما عندَنا إشكالٌ في هذا.
 
– القارئ: وَأَمَّا الرَّجْعَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا قَرِينَتُهُ، فَلَا يَجِبُ فِيهَا الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلزَّوْجِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ عَلَى قَبْضِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ الْإِشْهَادُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِطَابِ انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَهُ عِمْرَانُ اجْتِهَادًا إذْ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ مَسْرَحٌ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: "راجعٌ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ" قَدْ يُقَالُ: إنَّ السُّنَّةَ إذَا أُطْلِقَتْ فِي لِسَانِ الصَّحَابِيِّ يُرَادُ بِهَا سُنَّةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَكُونُ مَرْفُوعًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِيجَابِ لِتَرَدُّدِ كَوْنِهِ مِنْ سُنَّتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
– الشيخ: إنْ لم يدلّ على الإيجاب دلَّ القرآن، واللهُ أعلمُ.
 
– القارئ: وَالْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ بِالْقَوْلِ الصَّرِيحِ وَاتَّفَقُوا عَلَى الرَّجْعَةِ بِالْقَوْلِ وَاخْتَلَفُوا إذَا كَانَتْ الرَّجْعَةُ بِالْفِعْلِ
– الشيخ: أي مسائلُ فرعيَّةٌ هذه، خلها بس تطول
– القارئ: الجماعُ رجعةٌ، أحسنَ اللهُ إليكم؟.. أقولُ: لو جامعَها رجعَها؟
– الشيخ: عندَ بعضِهم، واللهُ أعلمُ يعني عندي أنَّه قويٌّ، كيفَ يُطلِّقُ وش معنى يجامعُ؟ أمَّا إذا جامعَ بالنِّيَّة هذا ما فيه كلامٌ، عندي أنَّه ما فيه كلامٌ، لكن إذا جامعَها من غيرِ نيَّةٍ رجعةٌ هذا محلُّ نظرٍ، أنا إذا جامعَها بنيَّةِ الرجعةِ لا، هذا أبلغُ من القولِ، هذا فعلٌ.
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :