الرئيسية/شروحات الكتب/الأسماء والصفات للبيهقي/(79) باب ما جاء في قول الله عز وجل يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(79) باب ما جاء في قول الله عز وجل يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الأسماء والصفات) للبيهقي
الدّرس التّاسع والسّبعون

***    ***    ***    ***

 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. قالَ الإمامُ البيهقيُّ -رحمَه اللهُ تعالى- في كتابِه "الأسماءُ والصفات":
بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]
– الشيخ: هذا كلُّه متصلٌ بالأبوابِ السابقة، كلُّها دائرةٌ على مسألةِ إثباتِ المشيئة، كلَّها، تَوَسَّعَ وأَكْثَرَ مِن الأدلةِ والشواهدِ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ لا إله إلا الله.
الظاهرُ -والله أعلم- أنَّ هذه الإرادة مِن الإرادةِ الشرعيةِ، ما يصلح ذِكْرُ الإرادة الشرعية لا يصلح أنْ تُجعل مِن شواهدِ المشيئةِ، إنَّما يستشهدُ بالإرادةِ الكونيةِ، فالإرادةُ الكونيةُ هي المشيئةُ، أو هي بمعنى المشيئة، أمَّا الإرادةُ الشرعيةُ فلا، لأنَّ المشيئة -الإرادة الكونية- تستلزمُ وجودَ الـمُراد، أمَّا الإرادةُ الشرعيةُ فلا تستلزم وجودَ الـمُرادِ.
 
– القارئ: وَقَوْلِهِ -تَعَالَى-: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف:29]
– الشيخ: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ يَفهمُ هذا بعضُ الغالِطين أنَّ هذا تَخييرٌ، هذا ليسَ فيه بتخيير، هذا فيه تهديدٌ، اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [فصلت:40]، لا، هذا تهديدٌ افعَلُوا ما شِئْتُمْ فستجدونَ عاقبةَ ذلك، ولهذا أَتْبَعَ هذا بقولِه -سبحانه-: وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا ما يستقيم أنْ يكونَ هذا تخييرًا، فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ وهذه المشيئةُ هي مشيئةُ العبدِ فمِنَ العجيبِ أنْ يستشهدَ بها في سياقِ المشيئةِ والإرادةِ.
 
– القارئ: وَقَوْلِهِ: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:148]
– الشيخ: نعم، هذه مِن شواهدِ المشيئةِ لله التي يُقِرُّ بها المشركونَ، وما قَالُوهُ حَقٌّ، قولُهم: لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا لكنَّها كما يقولُ العلماءُ: كلمةُ حَقِّ أُريدَ بها باطلٌ، فالعاصي -مثلًا- إذا أُنْكِرَ عليهِ، قال: هذا مكتوبٌ عَليَّ. فقولُه أنه مكتوب عَليهِ هذا صحيحٌ حقٌّ، يتضمَّنُ الإيمانَ بالقدرِ، لكن ما ذَكَرَ هذا على وجهِ الإيمانِ بالقدرِ، ذَكَرَهُ على وجهِ المعارضةِ للشرعِ ودفعِ اللَّومِ عَنْهُ، فكانَ بهذا ضالًّا ولا حُجَّةَ لَه به. فالقَدَرُ ليسَ حُجَّةً على معاصي الله.
 
– القارئ: وَقَوْلِهِ: وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ [الزخرف:20]

– الشيخ: مِن جنسِ التي قبلها.
– القارئ: وَقَوْلِهِ: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ [آل عمران:108]
– الشيخ: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ الله مُنزَّهٌ عن الظلم.
– القارئ: وَقَوْلِهِ: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ [غافر:31]
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أخبرنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]، وَقَالَ: الْيُسْرُ: الْإِفْطَارُ فِي السَّفَرِ، وَالْعُسْرُ: الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ.

– الشيخ: سبحان الله! هذا قَصْرٌ للآيةِ، أو تفسيرٌ للآيةِ ببعضِ معناهَا، أقول: مِن طريقةِ السلفِ في التفسيرِ أنَّهم يُفسِّرونَ الآيةَ ببعضِ مَدْلُولِها وبالمثالِ، ولّا الآيةُ أوسعُ مِن ذلك. يدخلُ في قولِ: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ كلُّ الرُّخَصِ.
 
– القارئ: وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- فِي قَوْلِهِ: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ، يَقُولُ: مَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ الْإِيمَانَ آمَنَ، وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ الْكُفْرَ كَفَرَ، وَهُوَ قَوْلُهُ -تَعَالَى-: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:29]
– الشيخ: ما أدري والله. هذا تفسيرٌ فيه نظرٌ. لو كانتِ الآيةُ: "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ كفر، ومَنْ شَاءَ آمَنَ". مثل قوله فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ [الأنعام:125] ولكن هذا جاءَ فيه الأمرُ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ هذا أمرٌ، هذا التفسيرُ لا اظنُّهُ يَصحُّ عَن ابن عباسٍ.محمد: شوف [انظر] تفسير ابن كثير على الآية ذي {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ}..
 
– القارئ: وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا [الأنعام:148]، قَالَ: كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [الأنعام:148]، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا [الأنعام:107]، وَقَالَ: فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [النحل:149]، يَقُولُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَوْ شِئْتُ لَجَمَعْتُهُمْ عَلَى الْهُدَى أَجْمَعِينَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حدثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حدثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ قَالَ: هَذَا قَوْلُ قُرَيْشٍ كَقَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا، يَعْنُونَ: الْبَحِيرَةَ وَالسَّائِبَةَ وَالْوَصِيلَةَ وَالْحَامِي.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ [الزخرف:20] يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْأَوْثَانَ لِأَنَّهُمْ عَبْدُوا الْأَوْثَانَ، يَقُولُ اللَّهُ: مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ [الزخرف:20]، يَعْنِي الْأَوْثَانَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

– الشيخ: السياقُ في الملائكةِ حقيقةٌ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ*أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ*وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ*وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ [الزخرف:17-20] فالأظهرُ أنَّ الضميرَ يعودُ للملائكةِ.
 
الشيخ: يَقُولُ اللَّهُ: مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ [الزخرف:20]، يَعْنِي الْأَوْثَانَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ.
وَقَوْلِهِ: إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [الزخرف:20]، يَقُولُ: لَمَّا يَعْلَمُوا قُدْرَةَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أخبرنا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الْهُذَيْلِ، عَنْ مُقَاتِلٍ، عَنْ مَنْ أَخَذَ تَفْسِيرَهُ مِنَ التَّابِعِينَ فِي قَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا مَعَ اللَّهِ الآلهة، يَعْنِي: مُشْرِكِي الْعَرَبِ، سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا، وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءِ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- أَمَرَ بِتَحْرِيمِهِ كَذَلِكَ، يَعْنِي: هَكَذَا كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ رُسُلَهُمْ كَمَا كَذَّبَ كُفَّارُ مَكَّةَ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا  يَعْنِي: عَذَابَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ يَعْنِي: مِنْ بَيَانٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا يَقُولُ: تُبَيِّنُوهُ لَنَا بِتَحْرِيمِهِ مِنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: لِقَوْلِ الْلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ الْكَذِبَ، قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ  عَلَى الْخَلْقِ: فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ لِدِينِهِ: قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا الْحَرْثَ وَالْأَنْعَامَ فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ: فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ [الأنعام:148-150]

قَالَ: وَقَالُوا: لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ يَعْنُونَ الْمَلَائِكَةَ، يَقُولُ اللَّهُ -تَعَالَى-: مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ بِأَنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ لَمَنَعَهُمْ مِنْ عِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ، إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [الزخرف:20] يَقُولُ: مَا يَقُولُونَ إِلَّا الْكَذِبَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ.
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ فَيُعَذِّبُ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ، وَفِي قَوْلِهِ: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ يُعَذِّبُ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ، قال – الشيخ: يَعْنِي: لَا يُرِيدُ أَنْ يَظْلِمَهُمْ فَيُعَذِّبَهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُ كَمَالَ رُبُوبِيَّتِهِ، وَأَنَّ لَهُ أن يفعل مَا يَشَاءُ فِي مَمْلَكَتِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ ظُلْمًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: الشَّرُّ لَيْسَ بِقَدَرٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْقَدَرِ: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا حَتَّى بَلَغَ: فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: "والْعَجْزُ وَالْكَيْسُ مِنَ الْقَدَرِ".
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ
– الشيخ: قفْ على هذا الأثر.
– القارئ: باقي آخر أثر وينتهي الباب.
– الشيخ: نعم
– القارئ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّاغَانِيُّ بِمَكَّةَ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، وَذَكَرَ قَوْلَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي آخِرِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مُفَصَّلًا مِمَّا قَبْلَهُ.
– الشيخ:
انتهى جزاك الله خيراً.
– القارئ: قالَ ابنُ كثيرٍ -رحمَه اللهُ تعالى-:
وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا[الكهف:29]
يَقُولُ -تَعَالَى- لِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَقُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلنَّاسِ: هَذَا الَّذِي جِئْتُكُمْ بِهِ مِنْ رَبِّكُمْ هُوَ الْحَقُّ الذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَلَا شَكَّ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ هَذَا مِنْ بَابِ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ؛ وَلِهَذَا قَالَ..

– الشيخ: ليسَ كما يتوهَّم الغَالِطُون أنَّ هذا تخيير، لا، هذا ما فيه تخييرٌ، ما دام جاءَ الوعيدُ هذا غيرُ قابلٍ للتخيير.
 
– القارئ: وَلِهَذَا قَالَ: إِنَّا أَعْتَدْنَا أَيْ: أَرْصَدْنَا لِلظَّالِمِينَ وَهُمُ الْكَافِرُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا أَيْ: سُورُهَا.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهيعة، حَدَّثَنَا دَرَّاج، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ:
"لسُرَادِق النَّارِ أَرْبَعَةُ جُدُر، كَثَافَةُ كُلِّ جِدَارٍ مَسَافَةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً".
– الشيخ: الله أعلم.
– القارئ: وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "صِفَةِ النَّارِ" وَابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، مِنْ حَدِيثِ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمح بِهِ
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا قَالَ: حَائِطٌ مِنْ نَارٍ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حُيَيِّ بْنِ يَعْلَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(الْبَحْرُ هُوَ جَهَنَّمُ) قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ -أَوْ: قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ-: نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ثُمَّ قَالَ: (وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُهَا أَبَدًا) أَوْ: (مَا دُمْتُ حَيًّا وَلَا تُصِيبُنِي مِنْهَا قَطْرَةٌ).
وَقَوْلُهُ: وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ 

– الشيخ: حسبك.
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :