الرئيسية/شروحات الكتب/الأسماء والصفات للبيهقي/(91) باب قول الله وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا قوله “واختلف الصحابة في رؤيته ربه عز وجل”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(91) باب قول الله وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا قوله “واختلف الصحابة في رؤيته ربه عز وجل”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الأسماء والصفات) للبيهقي
الدّرس: الحادي والتّسعون

***    ***    ***    ***

 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبهِ أجمعين، اللهمَّ اغفِرْ لشيخِنا وللحاضرينَ والـمُستمعين. قالَ الإمامُ الحافظُ البيهقيُّ رحمه الله تعالى في كتابِهِ: "الأسماءُ والصفاتُ": قالَ رحمَه اللهُ:
وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي رُؤْيَتِهِ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
– الشيخ: أيش في "رُؤْيَتِهِ"؟ "في رؤيةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلَّمَ" أحسن، "في رؤيةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلَّمَ ربَّهُ"، هذا
– القارئ: وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم فِي رُؤْيَة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلَّمَ رَبَّه عَزَّ وَجَلَّ
– الشيخ: "في رؤيةِ النبيِّ ربَّه".
– القارئ: فَذَهَبَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرَهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْأَخْبَارَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَا.
وَقَدْ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَقْسِيمِ الْوَحْيِ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ، وَذَلِكَ فِيمَا:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمَحْمُودِيُّ، حدثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، حدثنا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قال: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ حِينَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ 
[الشورى:51] الْآيَةَ، قَالَ: "نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَعُمُّ مَنْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ مِنَ النَّبِيِّينَ "، قَالَ: فَالْكَلَامُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَالْوَحْيُ مَا يُوحِي اللَّهُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ، وَيُثْبِتُ اللَّهُ تَعَالَى مَا أَرَادَ مِنْ وَحَيِّهِ فِي قَلْبِ النَّبِيِّ، فَيَتَكَلَّمُ بِهِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَيُبَيِّنُهُ وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَوَحْيُهُ.
وَمِنْهُ: مَا يَكُونُ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ لَا يُكَلِّمُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُ سِرُّ غَيْبٍ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ.
وَمِنْهُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، وَلَا يَكُتُبُونَهُ لِأَحَدٍ، وَلَا يَأْمُرُونَ بِكِتَابَتِهِ، وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِهِ النَّاسَ حَدِيثًا، وَيُبَيِّنُونَ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ وَيُبَلِّغُوهُمْ.
وَمِنَ الْوَحْيِ مَا يُرْسِلُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مَنِ اصْطَفَى مِنْ مَلَائِكَتِهِ، فَيُكَلِّمُونَ أَنْبِيَاءَهُ مِنَ النَّاسِ.
وَمِنَ الْوَحْيِ مَا يُرْسِلُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ، فَيُوحُونَ بِهِ وَحْيًا فِي قُلُوبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ رُسُلِهِ.
وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ يُرْسِلُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصلاة والسَّلَامُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ: قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ [البقرة:97]، وَذَكَرَ أَنَّهُ الرُّوحُ الْأَمِينُ فَقَالَ: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ [الشعراء:192-194] الْآيَةَ.

فَذَهَبَ فِي الْوَحْيِ الْأَوَّلِ إِلَى أَنَّهُ مَا يُوحِي اللَّهُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُثْبِتُ مَا أَرَادَ مِنْ وَحْيِهِ فِي قَلْبِهِ، فَيَتَكَلَّمُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا يَجْمَعُ حَالَ الْيَقَظَةِ وَالنَّوْمِ.
وَذَهَبَ فِيمَا يُوحِي اللَّهُ تَعَالَى إِلَى النَّبِيِّ بِإِرْسَالِ الْمَلَكِ إِلَيْهِ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَأْتِيَهُ الْمَلَكُ فَيُكَلِّمَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَكْلِيمًا.
وَالْآخَرُ: أَنَّهُ يَأْتِيهِ فَيُلْقِي فِي رَوْعِهِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَكُلُّ ذَلِكَ بَيِّنٌ فِي الْأَخْبَارِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارِزْمِيُّ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ، حدثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ رضي الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ قَالَ:
(كُلَّ ذَلِكَ، يَأْتِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ، قَالَ: وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، وَيَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ أَحْيَانًا رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي وَأَعِي مَا يَقُولُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ فَرْوَةَ بْنِ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرِينَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، فِي آخَرِينَ قَالُوا: حدثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ إِلَّا وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، وَلَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ إِلَّا وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، وَإِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ قَدْ أَلْقَى فِي رُوْعِي أَنَّهُ لَنْ تَـمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ) وَقَالَ بَعْضُهُمُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ: (قَدْ نَفَثَ فِي رُوْعِي) وَقَدْ رَوِّينَاهُ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُرْسَلًا وَمُتَّصِلًا.
ثُمَّ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ فِي الْوَحْيِ إِلَى أَنَّهُ مِنْهُ مَا كَانَ سِرًّا فَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحَدًا، وَمِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ سِرًّا فَحَدَّثَ بِهِ النَّاسَ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِكَتْبِهِ قُرْآنًا، فَلَمْ يُكْتَبْ فِيمَا كُتِبَ مِنَ الْقُرْآنِ.
قال – الشيخ: وَمِنْهُ مَا كَانَ مَأْمُورًا بِكَتْبِهِ قُرْآنًا فَكُتِبَ فِيمَا كُتِبَ مِنَ الْقُرْآنِ.
ثم قال رحمه الله: أخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو

– الشيخ: إلى هنا يا أخي حسبك، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله. 
الأغلب أنَّ اللهَ يُرسِلُ مَلَكَ الوحي، هذا هو الكثير، جبريل إلى الرسول، يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ [النحل:2] رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ [غافر:15] .
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :