الرئيسية/شروحات الكتب/الأسماء والصفات للبيهقي/(95) باب إسماع الرب جل ثناؤه كلامه من شاء من ملائكته ورسله وعباده
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(95) باب إسماع الرب جل ثناؤه كلامه من شاء من ملائكته ورسله وعباده

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الأسماء والصفات) للبيهقي
الدّرس: الخامس والتّسعون

***    ***    ***    ***

 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. قالَ الإمامُ البيهقيُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ: "الأسماءُ والصِّفاتُ":
بَابُ إِسْمَاعِ الرَّبِّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ كَلَامَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَعِبَادِهِ
– الشيخ: اللهُ أكبرُ، هذا يتضمَّنُ أنَّ البيهقيَّ يرى أنَّ كلامَ اللهِ ليسَ كما تقولُ الأشاعرةُ: "أنَّه معنىً نفسيٌّ"، فإنَّ قولَهم: "أنَّه معنىً نفسيٌّ" من شأنِه أنَّه يُسمَعُ، لا يُسمَعُ إلَّا ما هوَ عبارة عنه، عبارة عنه، فقولُه رحمه الله: "إِسْمَاعِ اللهِ كَلَامَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ"، يقتضي أنَّه يرى أنَّ كلامَ اللهِ مسموعٌ وبمشيئتِه، يُسمعُه مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، يتكلَّمُ إذا شاءَ، ويُسمِعُ كلامَه مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ.
 
– القارئ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [البقرة:35]، وَقَالَ تَعَالَى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مِنْ كَلَّمَ اللَّهُ [البقرة:253]

– الشيخ: لا إله إلَّا الله {مِنْهُمْ مِنْ كَلَّمَ اللَّهُ}، "اللهَ" ولّا [أو] "اللهُ"؟ اللهُ، يعني: منهم من كلَّمَه اللهُ، فاللهُ يكلِّمُ مَن شاءَ، أمَّا العبادُ فإنَّهم يكلِّمون اللهَ كلَّهم، كلُّ من يصلِّي فإنَّه يناجي ربَّه، يكلِّم ربَّه، فخاصِّيَّة موسى وخصوصيَّته وفضيلتُه في أنَّ اللهَ كلَّمَه، في تكليمِ اللهِ له، وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف:143] أمَّا تكليمُ العبدِ لربِّه فهذا عامٌّ، هذا عامٌّ، كلُّ مؤمنٍ يعبدُ اللهَ ويدعوه ويرجوه فإنَّه يكلِّمُ ربَّه.
 
– القارئ: وَذَكَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ مَا كَلَّمَ بِهِ مَلَائِكَتَهُ وَرُسُلَهَ وَعِبَادَهَ، وَتِلَاوَةَ جَمِيعِهِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ وَكِتْبَتُهُ مِمَّا يَطُولُ بِهِ الْكِتَابُ، وَكُلُّ ذَلِكَ وَرَدَ بِلَفْظِ الْكَلَامِ أَوِ الْقَوْلِ، أَوِ الْأَمْرِ، أَوِ النِّدَاءِ، وَلَمْ يُطْلَقِ اسْمُ الْخَلْقِ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُتَوَكِّلَ، حدَّثَنا الْمُعْتَمِرُ، حدَّثَنا أَبِي، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ -رَفَعَهُ- قَالَ: (لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ قَالَ: يَا آدَمُ وَاحِدَةٌ لِي، وَوَاحِدَةٌ لَكَ، وَوَاحِدَةٌ بَيْنِي وَبَيْنِكَ، فَأَمَّا الَّتِي لِي فَتَعْبُدَنِي وَلَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا، وَأَمَّا الَّتِي لَكَ فَمَا عَمِلْتَ مِنْ شَيْءٍ جَزَيْتُكَ بِهِ، وَإِنْ أَغْفِرْ فَأَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَمَّا الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنِكَ فَمِنْكَ الْمَسْأَلَةُ وَالدُّعَاءُ، وَعَلِيَّ الْإِجَابَةُ وَالْعَطَاءُ).
وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْخُزَاعِيُّ، أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، حدَّثَنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ، أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ أَبِي، حدَّثَنا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: "لَمَّا خُلِقَ آدَمُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-" فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا.

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَارِئُ، حدَّثَنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حدَّثَنا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ الْحَلَبِيُّ، حدَّثَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَامٍ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ سَلَامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَامٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ: أَنَّ رَجُلًا
– الشيخ: "سَلَّام" ولَا "سَلَّامٍ"؟
– القارئ"سَلَام".
الشيخ: كلُّها "سَلَام"؟ [وفي المطبوعةِ: سلَّام بتشديد اللَّام كما قالَ الشيخُ]
القارئنعم.
– القارئ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَامٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَبِيٌّ كَانَ آدَمُ؟ قَالَ: (نَعَمْ مُعَلَّمٌ مُكَلَّمٌ) قَالَ: كَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نُوحٍ؟، قَالَ: (عَشْرَةُ قُرُونٍ)، قَالَ: كَمْ كَانَ بَيْنَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: (عَشَرَةُ قُرُونٍ)، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ كَانَتِ الرُّسُلُ؟ قَالَ: (ثَلَاثُمِائَةُ وَخَمْسَةُ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا).
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حدَّثَنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْبَصْرِيُّ، حدَّثَنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، حدَّثَنا أَبِي، عَنْ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ:
(أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ ذُرِّيَّةً ذَرَاهَا فَنَثَرَهُمْ نَثْرًا بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ، فَقَالَ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [الأعراف:172-173]
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ، بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ؛ فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْثِي فِي ثَوْبَهُ، قَالَ: فَنَادَاهُ رَبُهُ: أَلَمْ أَكُ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لَا غِنًى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ) أَوْ قَالَ: (عَنْ فَضْلِكَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، حدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، حدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ  -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(الْمَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ: مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصْلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ -وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ-: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ قَالُوا: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ)
– الشيخ: الحمدُ لله، الحمدُ لله، هذا معنىً عظيمٌ! فيها بشارةٌ للمؤمنِ أنَّ الملائكةَ تحضرُه، الملائكةُ الموكلون بالعبدِ يجتمعون عندَه ومعَه في هاتين الصَّلاتين، لا إله إلَّا الله (تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ)، الحمدُ لله.
 
– القارئ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: حدَّثَنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حدَّثَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فَضْلًا عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ..
– الشيخ: خلَّك عند الحديث ذا، جزاكَ اللهُ خيراً، لا إله إلَّا الله وحده لا شريكَ له.
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة