الرئيسية/شروحات الكتب/الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي/(24) فصل من آثار المعاصي قوله “ومنها الوحشة التي تحصل له بينه وبين الناس”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(24) فصل من آثار المعاصي قوله “ومنها الوحشة التي تحصل له بينه وبين الناس”

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (
الجوابُ الكافي لِمَن سألَ عن الدّواءِ الشَّافي) لابن القيّم
الدّرس: الثاني والعشرون

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلِّ اللهُمَّ وسلِّمْ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. أمَّا بعدُ؛ قالَ العلَّامةُ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِه "الجوابُ الكافي لِمَنْ سألَ عَن الدَّواءِ الشَّافي":
وَمِنْهَا: الْوَحْشَةُ الَّتِي تَحْصُلُ لَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ

– الشيخ: أعوذُ بالله، عندك فصلٌ قبل هذه؟
– القارئ: نعم، فصلٌ، وَلِلْمَعَاصِي مِنَ الْآثَارِ الْقَبِيحَةِ الْمَذْمُومَةِ
– الشيخ: فصلٌ كذا؟
– القارئ: نعم
– الشيخ: لأنَّ سياقَ الفصول [….]، صار هذا أوَّل فصل
– طالب: لكن ذكرَ قبلَها حرمانَ العلمِ، ثمَّ ذكرَ أشياءً أخرى، وهذا الرَّابعُ، هذا الأثرُ الرَّابعُ

– الشيخ: إي، إي، هو يذكرُ في الفصل أكثرَ من شيءٍ
– طالب: الطبعةُ عندنا ما فيها فصولٌ

– الشيخ: ما في فصل؟
– طالب: لا

– الشيخ: طيِّب سهل.
 

– القارئ: وَمِنْهَا: الْوَحْشَةُ الَّتِي تَحْصُلُ لَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَلَاسِيَّمَا أَهْلُ الْخَيْرِ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ يَجِدُ وَحْشَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَكُلَّمَا قَوِيَتْ تِلْكَ الْوَحْشَةُ بَعُدَ مِنْهُمْ وَمِنْ مُجَالَسَتِهِمْ، وَحُرِمَ بَرَكَةَ الِانْتِفَاعِ بِهِمْ، وَقَرُبَ مِنْ حِزْبِ الشَّيْطَانِ، بِقَدْرِ مَا بَعُدَ مِنْ حِزْبِ الرَّحْمَنِ، وَتَقْوَى هَذِهِ الْوَحْشَةُ حَتَّى تَسْتَحْكِمَ، فَتَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهِ وَأَقَارِبِهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ، فَتَرَاهُ مُسْتَوْحِشًا مِنْ نَفْسِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنِّي لَأَعْصِي اللَّهَ فَأَرَى ذَلِكَ فِي خُلُقِ دَابَّتِي، وَامْرَأَتِي.
وَمِنْهَا: تَعْسِيرُ أُمُورِهِ عَلَيْهِ، فَلَا يَتَوَجَّهُ لِأَمْرٍ إِلَّا يَجِدُهُ مُغْلَقًا دُونَهُ أَوْ مُتَعَسِّرًا عَلَيْهِ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ مَنْ تَلَقَّى اللَّهَ جَعَلَ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا، فَمَنْ عَطَّلَ التَّقْوَى جَعَلَ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ عُسْرًا، وَيَا لَلَّهِ الْعَجَبُ! كَيْفَ يَجِدُ الْعَبْدُ أَبْوَابَ الْخَيْرِ وَالْمَصَالِحِ مَسْدُودَةً عَنْهُ وَطُرُقَهَا مُعَسَّرَةً عَلَيْهِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أُتِيَ؟

– الشيخ: نسألُ اللهَ العافيةَ، أعوذُ باللهِ. نسألُ اللهَ العافيةَ، أعوذُ بالله.
– القارئ: وَمِنْهَا: ظُلْمَةٌ يَجِدُهَا فِي قَلْبِهِ حَقِيقَةً يَحِسُّ بِهَا كَمَا يَحِسُّ بِظُلْمَةِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ إِذَا ادْلَهَمَّ، فَتَصِيرُ ظُلْمَةُ الْمَعْصِيَةِ لِقَلْبِهِ كَالظُّلْمَةِ الْحِسِّيَّةِ لِبَصَرِهِ، فَإِنَّ الطَّاعَةَ نُورٌ، وَالْمَعْصِيَةَ ظُلْمَةٌ
– الشيخ: ظلمةٌ يعني أثرُها الحيرةُ، كما أنَّ الظُّلمةَ الحسّيَّة توجبُ الحيرةَ وعدمَ الهداية إلى الطريقِ السَّالكِ، كذلك الظُّلمةُ الَّتي في القلبِ من أثرِ المعاصي توجبُ له الحيرةَ وعدمَ اليقين، وعدمَ الطّمأنينة اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [البقرة:257]
 

– القارئ: فَإِنَّ الطَّاعَةَ نُورٌ، وَالْمَعْصِيَةَ ظُلْمَةٌ، وَكُلَّمَا قَوِيَتِ الظُّلْمَةُ ازْدَادَتْ حَيْرَتُهُ، حَتَّى يَقَعَ فِي الْبِدَعِ وَالضَّلَالَاتِ وَالْأُمُورِ الْمُهْلِكَةِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، كَأَعْمَى خرجَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ يَمْشِي وَحْدَهُ، وَتَقْوَى هَذِهِ الظُّلْمَةُ حَتَّى تَظْهَرَ فِي الْعَيْنِ، ثُمَّ تَقْوَى حَتَّى تَعْلُوَ الْوَجْهَ، وَتَصِيرُ سَوَادًا فِيه حَتَّى يَرَاهُ كُلُّ أَحَدٍ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ لِلْحَسَنَةِ ضِيَاءً فِي الْوَجْهِ، وَنُورًا فِي الْقَلْبِ، وَسَعَةً فِي الرِّزْقِ، وَقُوَّةً فِي الْبَدَنِ، وَمَحَبَّةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ، وَإِنَّ لِلسَّيِّئَةِ سَوَادًا فِي الْوَجْهِ، وَظُلْمَةً فِي الْقَلْبِ، وَوَهْنًا فِي الْبَدَنِ، وَنَقْصًا فِي الرِّزْقِ، وَبُغْضَةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ.

– الشيخ: نسألُ اللهَ العافيةَ، نسأل الله العافية، وقد يحصلُ ضدُّ ذلك على وجهِ الابتلاءِ، قد يُبتلَى الشَّيء فتتهيَّأُ له الأمورُ فيكونُ هذا من قبيلِ الاستدراجِ، فتدبيرُ اللهِ أنواعٌ ويختلفُ، كثيراً ما يكونُ الاستدراجُ هو في ظاهرِهِ مسرَّةٌ، ومآلُه إلى الخسارةِ والبوار، فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ [الأنعام:44]
 
– القارئ: وَمِنْهَا أَنَّ الْمَعَاصِيَ تُوهِنُ الْقَلْبَ وَالْبَدَنَ، أَمَّا وَهْنُهَا لِلْقَلْبِ فَأَمْرٌ ظَاهِرٌ، بَلْ لَا تَزَالُ تُوهِنُهُ حَتَّى تُزِيلَ حَيَاتَهُ بِالْكُلِّيَّةِ.

– الشيخ: أعوذُ بالله، نسألُ اللهَ العافيةَ
– القارئ: وَأَمَّا وَهْنُهَا لِلْبَدَنِ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ قُوَّتُهُ مِنْ قَلْبِهِ، وَكُلَّمَا قَوِيَ قَلْبُهُ قَوِيَ بَدَنُهُ، وَأَمَّا الْفَاجِرُ فَإِنَّهُ -وَإِنْ كَانَ قَوِيَّ الْبَدَنِ- فَهُوَ أَضْعَفُ شَيْءٍ عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَتَخُونُهُ قُوَّتُهُ عِنْدَ أَحْوَجِ مَا يَكُونُ إِلَى نَفْسِهِ فَتَأَمَّلْ قُوَّةَ أَبْدَانِ فَارِسَ وَالرُّومِ، كَيْفَ خَانَتْهُمْ، أَحْوَجَ مَا كَانُوا إِلَيْهَا، وَقَهَرَهُمْ أَهْلُ الْإِيمَانِ بِقُوَّةِ أَبْدَانِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ؟
وَمِنْهَا: حِرْمَانُ الطَّاعَةِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلذَّنْبِ عُقُوبَةٌ إِلَّا أَنْه يَصُدَّ عَنْ طَاعَةٍ تَكُونُ بَدَلَهُ، وَيَقْطَعَ طَرِيقَ طَاعَةٍ أُخْرَى، فَيَنْقَطِعَ عَلَيْهِ طَرِيقٌ ثَالِثَةٌ، ثُمَّ رَابِعَةٌ، وَهَلُمَّ جَرًّا، فَيَنْقَطِعُ عَلَيْهِ بِالذَّنْبِ طَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَهَذَا كَرَجُلٍ أَكَلَ أَكْلَةً أَوْجَبَتْ لَهُ مِرْضَةً طَوِيلَةً مَنَعَتْهُ مِنْ عِدَّةِ أَكَلَاتِ أَطْيَبَ مِنْهَا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

– الشيخ: أيش يقول؟
– القارئ: وَهَذَا كَرَجُلٍ أَكَلَ أَكْلَةً أَوْجَبَتْ لَهُ مِرْضَةً طَوِيلَةً مَنَعَتْهُ مِنْ عِدَّةِ
– الشيخ: عندكم كذا "مرضةً"؟
– طلاب: نعم

– الشيخ: "مشها"
– القارئ: مَنَعَتْهُ مِنْ عِدَّةِ أَكَلَاتِ أَطْيَبَ مِنْهَا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَعَاصِيَ تُقَصِّرُ الْعُمُرَ وَتَمْحَقُ بَرَكَتَهُ وَلَا بُدَّ، فَإِنَّ الْبِرَّ كَمَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ، فَالْفُجُورُ يُقَصِّرُ الْعُمُرَ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.

– الشيخ: وكلُّ ذلك بقدرِ الله، من تعاطى أسبابَ بسطِ الرِّزقِ كالبرِّ ونسئِ الأثرِ، فالسَّببُ والمسبّبُ كلاهما بقدر الله، وكذلك عكسُه، فطولُ العمرِ وقصرُه بأسبابٍ كلِّها قد سبقَ بها القدرُ، فليس هناك شيءٌ مستأنَفٌ يعني: يكونُ الواقعُ خلافَ ما سبقَ به العلمُ والكتابُ.
 

– القارئ: وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: نُقْصَانُ عُمُرِ الْعَاصِي هُوَ ذَهَابُ بَرَكَةِ عُمُرِهِ وَمَحْقُهَا عَلَيْهِ، وَهَذَا حَقٌّ، وَهُوَ بَعْضُ تَأْثِيرِ الْمَعَاصِي.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ تُنْقِصُهُ حَقِيقَةً، كَمَا تُنْقِصُ الرِّزْقَ، فَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِلْبَرَكَةِ فِي الرِّزْقِ أَسْبَابًا تُكَثِّرُهُ وَتَزِيدُهُ، وَلِلْبَرَكَةِ فِي الْعُمُرِ أَسْبَابًا تُكَثِّرُهُ وَتَزِيدُهُ.
قَالُوا: وَلَا يمتنعُ زِيَادَةُ الْعُمُرِ بِأَسْبَابٍ كَمَا يُنْقَصُ بِأَسْبَابٍ، فَالْأَرْزَاقُ وَالْآجَالُ، وَالسَّعَادَةُ وَالشَّقَاوَةُ، وَالصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرُ، وَإِنْ كَانَتْ بِقَضَاءِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ، فَهُوَ يَقْضِي مَا يَشَاءُ بِأَسْبَابٍ جَعَلَهَا مُوجِبَةً لِمُسَبَّبَاتِهَا مُقْتَضِيَةً لَهَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: تَأْثِيرُ الْمَعَاصِي فِي مَحْقِ الْعُمُرِ إِنَّمَا هُوَ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْحَيَاةِ هِيَ حَيَاةُ الْقَلْبِ، وَلِهَذَا جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْكَافِرَ مَيِّتًا غَيْرَ حَيٍّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ [النَّحْلِ:21]
فَالْحَيَاةُ فِي الْحَقِيقَةِ حَيَاةُ الْقَلْبِ، وَعُمُرُ الْإِنْسَانِ مُدَّةُ حَيَّاتِهِ فَلَيْسَ عُمُرُهُ إِلَّا أَوْقَاتَ حَيَاتِهِ بِاللَّهِ، فَتِلْكَ سَاعَاتُ عُمُرِهِ، فَالْبِرُّ وَالتَّقْوَى وَالطَّاعَةُ تَزِيدُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةُ عُمُرِهِ، وَلَا عُمُرَ لَهُ سِوَاهَا.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَالْعَبْدُ إِذَا أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَاشْتَغَلَ بِالْمَعَاصِي ضَاعَتْ عَلَيْهِ أَيَّامُ حَيَاتِهِ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي يَجِدُ غِبَّ إِضَاعَتِهَا يَوْمَ يَقُولُ: يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي [الْفَجْرِ:24]

– الشيخ: والآن -نسألُ اللهَ العافيةَ- ما يُفتَحُ للنَّاس من أبوابِ الإثمِ والمعاصي هذا من البلاءِ العظيمِ، مثل الآن تهيئة الشّرّ وتيسيره للنَّاس، الشَّرُّ إذا كان بعيداً ولا يصلُ إليه طالبُه إلَّا بعسرٍ ومشقَّةٍ وكُلَفٍ كان هذا من أسبابِ العافيةِ، يعني يتركُه، لكن إذا كانَ يُيَسَّرُ ويُقرَّبُ.
ومن النَّماذجِ لهذا وسائلُ الإعلامِ الآن -أعوذُ باللهِ- مِن أوَّل ما بدأَت وكلَّما يتقدَّمُ الزَّمانُ تكونُ البلاء بها أشدَّ، قنواتٌ تتسابقُ وتتنافسُ على تقديم أبوابِ الشَّرِّ والإثمِ وأنواعِ الفساد والشُّبهات والشَّهوات، القنوات أضفْ إلى هذا ما استجدَّ في الأيَّام الأخيرةِ من فتحِ دور السينما هذا من البلاءِ، بلاءٌ على بلاءٍ على بلاءٍ، فيا ويلَ من يكونُ ضحيَّتها ويكون من روَّادها، إنَّه -والعياذُ بالله- يضيعُ عمرَه وحياتَه في الشَّرِّ والفسادِ، يكون وقته وحياته عامرًا بالباطل والإثم من المشاهد والمسموعات وأنواعِ الباطل.
فهذه كلُّها هذه خططُ الكفَّار هم الَّذين أدخلوها في بلادِ المسلمين حينَ احتلُّوها، لما احتلَّ النَّصارى كثيرًا من بلاد المسلمين أدخلوا عليهم أبوابَ الشَّهوات مع الشُّبهات فاستفحلَ الشَّرُّ.
وكانتْ هذه البلادُ في عافيةٍ عظيمةٍ، والآنَ غُزِيتْ ولم يزلْ الغزو يتلاحقُ من أوقاتٍ بعيدةٍ، لا حول ولا قوَّةَ إلا بالله، فنسألُ اللهَ أن يلطفَ بالجميع، اللَّهمَّ الطفْ بأمَّةِ الإسلام، اللَّهمَّ الطفْ بأمَّةِ الإسلام، اللَّهمَّ طهِّرْ بلادَ المسلمين من منابرِ الفسادِ ومن دورِ الفسادِ، أعوذُ بالله.
يشتركُ في إثمِها كلُّ من له تسبُّبٌ فيها، يأثمُ روَّادها ومموِّلوها وهؤلاء الَّذين يتنافسون على افتتاحِها -والعياذُ بالله- يكسبون المالَ الحرامَ، ولا يقتصرُ إثمُهم على الكسبِ -كسب الحرام- لا، يكونُ عليهم مثل أوزارِ من أضلُّوهم، مثل أوزارِ من أضلُّوهم.
 

– القارئ: وَبِالْجُمْلَةِ: فَالْعَبْدُ إِذَا أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَاشْتَغَلَ بِالْمَعَاصِي ضَاعَتْ عَلَيْهِ أَيَّامُ حَيَاتِهِ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي يَجِدُ غِبَّ إِضَاعَتِهَا يَوْمَ يَقُولُ: يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي [الْفَجْرِ:24]
فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ تَطَلُّعٌ إِلَى مَصَالِحِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَطَلُّعٌ إِلَى ذَلِكَ فَقَدْ ضَاعَ عَلَيْهِ عُمُرُهُ كُلُّهُ، وَذَهَبَتْ حَيَاتُهُ بَاطِلًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَلُّعٌ إِلَى ذَلِكَ طَالَتْ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ بِسَبَبِ الْعَوَائِقِ، وَتَعَسَّرَتْ عَلَيْهِ أَسْبَابُ الْخَيْرِ بِحَسْبِ اشْتِغَالِهِ بِأَضْدَادِهَا، وَذَلِكَ نُقْصَانٌ حَقِيقِيٌّ مِنْ عُمُرِهِ.
وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ عُمُرَ الْإِنْسَانِ مُدَّةُ حَيَّاتِهِ وَلَا حَيَاةَ لَهُ إِلَّا بِإِقْبَالِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَالتَّنَعُّمِ بِحُبِّهِ وَذِكْرِهِ، وَإِيثَارِ مَرْضَاتِهِ.

– الشيخ: أحسنْتَ، فصلٌ؟
– القارئ: فصلٌ، نعم.
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :متفرقات