الرئيسية/شروحات الكتب/الرد على المنطقيين/(24) هل يمكن تصور الأشياء قوله “ثم إن هذا الاسم المسئول عنه”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(24) هل يمكن تصور الأشياء قوله “ثم إن هذا الاسم المسئول عنه”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الرَّد على المنطقيين) لشيخ الإسلام ابن تيميَّة
الدّرس الرَّابع والعشرون

***    ***    ***    ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِ: "الرَّدِّ على المنطقيِّينَ"

فصلٌ:

ثمَّ إنَّ هذا الاسمَ المسؤولَ عنهُ الَّذي لا يعلمُ السَّائلُ معناهُ إذا أُجيبَ عنهُ بما يُقالُ في جوابِ "ما هو؟" ينقسمُ حالُ السَّائلِ فيهِ إلى نوعَينِ:

أحدُهما: أنْ يكونَ قد تصوَّرَ المعنى بغيرِ ذلكَ اللَّفظِ ولكنْ لم يعرفْ أنَّهُ يُعنَى بذلكَ اللَّفظِ، فهذا لا يفتقرُ إلَّا إلى ترجمةِ اللَّفظِ كالمعاني المشهورةِ عندَ النَّاسِ مِن الأعيانِ والصِّفاتِ والأفعالِ كالخبزِ والماءِ والأكلِ والشّربِ والبياضِ والسَّوادِ والطُّولِ والقصرِ والحركةِ والسُّكونِ ونحوِ ذلكَ.

والثَّاني: أنْ يكونَ غيرَ متصوَّرٍ المعنى كما أنَّهُ غيرُ عالمٍ بدلالةِ اللَّفظِ عليهِ وهذا يحتاجُ إلى شيئَينِ: إلى ترجمةِ اللَّفظِ، وإلى تصوُّرِ المعنى إلى حدِّ الاسمِ والمُسمَّى.

وهذا مثلُ مَن يسألُ عن لفظِ الثَّلجِ وهوَ لم يرَهُ قطُّ، أو يسألُ عن اسمِ نوعٍ مِن الفاكهةِ أو الحيوانِ الَّذي لم يرَهُ أو لم يكنْ في بلادِهِ، أو يسألُ عن اسمِ المسجدِ والصَّلاةِ والحجِّ وكانَ حديثَ عهدٍ بالإسلامِ لم يتصوَّرْ هذهِ المعاني، أو يسألُ عن اسمِ نوعٍ مِن الأطعمةِ والأشربةِ الَّتي لا يعرفُها، أو اسمِ نوعٍ مِن أنواعِ الثِّيابِ والمساكنِ الَّتي لا يعرفُها.

وبالجملةِ فكلُّ ما لا يعرفُهُ الشَّخصُ مِن الأعيانِ والأفعالِ والصُّورِ إذا سمعَ اسمَهُ، أمَّا في كلامِ الشَّارعِ أو كلامِ العلماءِ أو كلامِ بعضِ النَّاسِ فإنَّهُ إذا كانَ ذلكَ المعنى هوَ لم يتصوَّرْهُ ولا لهُ في لغتِهِ لفظٌ فهنا لا يمكنُ تعريفُهُ إيَّاهُ بمجرَّدِ ترجمةِ اللَّفظِ بل الطَّريقُ في تعريفِهِ إيَّاهُ أمَّا التَّعيينُ وأمَّا الصِّفةُ.

وأمَّا التَّعيينُ فإنَّهُ بحضورِ الشَّيءِ المسمَّى؛ ليراهُ إنْ كانَ ممَّا يُرَى، أو يذوقَهُ أو يلمسَهُ ونحو ذلكَ بحيثُ يُعرَفُ المسمَّى كما عرفَهُ المتكلِّمونَ بذلكَ الاسمِ.

فإذا رأى الثَّلجَ وذاقَهُ، ورأى الفاكهةَ أو الطَّبيخَ أو الحلوى وذاقَهُ، أو رأى الحيوانَ الَّذي لم يألفْهُ، أو رأى العباداتِ أو الأعمالَ الَّتي لم يكنْ يعرفُها فحينئذٍ يتصوَّرُها ويتصوَّرُ اسمَها كما تصوَّرَها أهلُ اللُّغةِ

– الشيخ : هذا الكلامُ يقول: المخاطَبُ ما يفهمُ ما يُخبَرُ به إلَّا أن يعرفَ المعاني المشتركةَ بين ما يشاهدُه ويعرفه وبين ما يُخبَر عنه، مثل ما قالَ: الَّذي ما يعرف معنى التفاح أصلاً، فإذا قيلَ له: التفاح، وهو ما يعرف أصلَ المعنى ما يستفيدُ إلَّا بالتوصيفِ، بالتوصيف كأن هو شيءٌ مأكولٌ، نباتٌ، مأكولٌ، يُوصَفُ له بذكرِ الأجناسِ تقريباً.

ثمَّ إنَّه لا يتصوَّره، لكن يكون عنده تصوُّرٌ إجماليٌّ، وهذا المعنى يُذكَرُ في شأنِ ما أخبرَ اللهُ به عن الجنَّةِ، فالجنَّةُ فيها كذا وكذا وكذا وكذا وكذا، فلولا معرفةُ هذه الأسماءِ في الدُّنيا ما فهمْنا، ما فهمنا المقصودَ، فقوله تعالى: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ .. مِنْ لَبَنٍ … مِنْ خَمْرٍ … مِنْ عَسَلٍ} [محمد:15] إنَّما عرفْنا المرادَ من هذه الأسماء؛ لأنَّ عندنا شيئاً في الدُّنيا بهذه الأسماء، فلو لم يكنْ عندنا في الدُّنيا ما يُطابقُ هذه المذكوراتِ ما فهمْنا المرادَ، فمعرفةُ القدرِ المشتركِ بينَ الغائبِ والشاهدِ هو الطريقُ لفهمِ هذه الأخبارِ

– القارئ : وهم على قسمَينِ: منهم مَن علمَ ذلكَ بالمشاهدةِ ولم يذقْ حقيقتَهُ، ومنهم مَن يكونُ قد ذاقَهُ.

وأمَّا الطَّريقُ الثَّاني

– الشيخ : إلى هنا بس [يكفي] .

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :