فقه العبادات
- اختلفَ العلماءُ في مَن يُلزمهم حكمُ رؤية الهلال، والأظهرُ عندي دليلًا أنّه إذا رآه أهلُ بلدٍ لَزِمَ الأمّةَ كلّها الصّومُ؛ لعمومِ الحديث: (صُوموا لرؤيته...)=
- كما هو المشهور مِن مذهب الإمام أحمد، وقد لا يتيسّر العملُ بهذا القول: مع بعد المسافات، وتعدد الحكومات، وتنوع الاجتهادات، وعلى هذا: فالأمرُ واسع.
- وثمرةُ القول بـ"وحدة المطالع": أنّ الأمّة الإسلاميّة في هذا العصر لو اتّحدت لأمكن العمل به؛ لِما تيسّر مِن وسائل العلم.
- الواجبُ في صوم رمضان: اعتمادُ الرؤية في دخول الشّهر وخروجه؛ للأحاديث المستفيضة عنه صلّى الله عليه وسلّم، كقوله: (صُوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته...)
- ولا يجوزُ الاعتمادُ في دخولِ شهر رمضان على حساب الفلكيين؛ لمخالفته ظاهرَ الأحاديث الصّحيحة وعمل المسلمين
- وكلُّ ما يتطرّق إلى الشّهود: يتطرّق مثله وأكثر إلى المخبرين مِن الفلكيين، فلا يكون خبرهم قطعيًا، كما يُدعى.
- ويُعلم بذلك: أنّ دعوى أنّ إفادةَ الفلكيين قطعيةً دون إفادة شهادة العدول على الرّؤية: دعوى باطلةٌ، سواء كان ذلك في النّفي أو الإثبات.
* أحكام في الصيام:
- مَن نوى الصّومَ في الليل وعرضَ له إغماءٌ في النّهار بعض الوقت: فصيامُه صحيح، أمّا إذا أُغمي عليه مِن طلوع الفجر إلى غروب الشّمس: لم يصحّ منه صوم، ولا قضاء عليه؛ لأنّ الصّوم ليس واجبًا عليه، ولم يفق لحظة فتمكن منه نيّة الصّوم.
حرر في يوم السبت ١ رمضان ١٤٣٨ هـ
- إذا كانَ القيءُ غالبٌ ليسَ باختياره: فلا يُفسد صومه، أمّا إذا كان يتسبّبُ في التّقيؤ: فعليه القضاء، لكن ينبغي له أن يفطرَ لأنّه مريض.
- من أفطر يعتقد غروب الشمس فصيامه صحيح؛ أما إذا كان شاكا في غروب الشمس فصيامه غير صحيح.
- المسافرُ يُباح له الفطر، وإنْ لم يشقّ عليه الصّوم، فإنّ شقّ عليه: فالأفضلُ له الفطر قطعًا، لقوله: (إنّ اللهَ يحبُّ أنْ تُؤتى رُخصهُ كما يُحبُّ أنْ تُؤتى عزائِمُه)
- فإنْ أفضى الصّوم في السّفر إلى الحرج والضّرر: لم يكن الصّوم برًا، فيحرُمُ التعبّد به؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (ليسَ مِن البرِّ الصّومُ في السفر) أي: مع الضّرر.
- فإنْ لم يكن في الصّوم مشقّة: فالمسافرُ مخيّرٌ بين الصّوم والفطر، إلّا أن يكونَ في أحدهما مصلحة شرعيّة.
- مَن سافرَ في أثناء نهارِ رمضان: أبيح له الفطرُ، والأفضلُ له إتمامُ صيامه إن لم تكن عليه مشقّة في ذلك؛ لأنّه قد شرع فيه.
- يصحّ للمعتكف أن يتسحّر في بيته إذا كانَ لا يتيسّر له مَن يأتيه بطعامه.
- الإنسانُ إذا فقدَ عقله -لكبرٍ أو لغيره-: فهو غيرُ مكلّفٍ، فلا يجبُ عليه صيامٌ ولا إطعامٌ.
- لا حرج في وضع العسل على البطن والسّرة لرفع السّكر، وهذا لا يفطرُ الصّائم.
- لا بأس أن يُجمع بينَ نيّة صيام الستّ وصيام الاثنين والخميس.
- صيامُ الستّ مِن شوال لِمن صامَ رمضان: سنّة ثابتةٌ، لِما صحّ عنه -صلّى الله عليه وسلّم- فلا يُلتفتُ إلى مَن خالف السنّة الثّابتة برأي أو هوى.
* التكبير في عشر ذي الحجة:
- التكبيرُ المشروع في "عشر ذي الحجة" يكون مطلقًا، ومعناه: أنّه يُشرع في كلّ وقت وحال ومكان، وهذا التّكبير يستمرُ -على القول الصّحيح- إلى آخر أيام التّشريق.
- ويُشرع التّكبير مقيدًا في أدبار الصّلوات لِمَن صلّى جماعة، وأوّل وقته لغير الحاج: بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التّشريق.
- وأمّا الحاج: فيلبّي حتى يرمي جمرة العقبة، ثم يكبّر مثل الناس بعد ذلك، وإن كبّر وهو محرم فلا حرج، فيكبر تارة ويلبّي أخرى، كما كان أصحاب النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- معه، ومنهم الملبّي ومنهم المكبّر، وهو يسمعهم ويقرهم.
- والتّكبير المقيّد يبدأ به بعد السّلام؛ قال صلّى الله عليه وسلّم: (أيّامُ التّشريق أيّام أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله عزّ وجل) وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:41-42]
* أحكام في الحج والعمرة:
- التّمتعُ بالحج أن يحرمَ بالعمرة ثم يفرغ منها بأداء مناسكها بالطّواف والسّعي والتّقصير، فيتحلل ويحرم بالحج في اليوم الثّامن، يوم التروية=
- والتّمتعُ أفضل الأنساك، وقد يترجّح القران أو الإفراد في بعض الأحوال لضيق الوقت، فمَن لم يقدم إلا في اليوم الثامن أو التاسع: فالأولى له الإفراد أو القران=
- ومَن قدمَ مكّة وكان متمتعًا، وقبل أن يطوف للعمرة: فإنّه يجوز له أن يدخلَ الحج على العمرة ويصير قارنًا، وقد يحتاج الحاج إلى تحويل إحرامه مِن تمتع إلى قران=
- كالمرأة إذا حاضت وضاق عليها الوقت: فإنها تحرم بالحج، كما حصل لأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وكذا مَن وجد مشقّة مِن الطّواف والسّعي بسبب الزحام=
- أو لعارض مرض: فإنّه كذلك يدخل الحج على العمرة ويصير قارنًا، ثم لا يطوف ولا يسعى إلا بعد الحج؛ فإنّ المفرد والقارن ليس عليهما إلا طوافٌ واحد وسعي واحد
- وهذا مِن يسر الإسلام، وسماحة هذه الشّريعة التي أنعم الله بها على عباده، فله الحمد والمنّة.
- وليُّ الصّغير ليس له التّصرف في ثواب حجّ الصّغير أو عمرته، وإنْ كانَ الصّغير مُميزًا ونواها عن غيره: صَحَّ، ووصلَ الثّوابُ لِمَن نواها عنه إن شاء اللهُ.
- نيّةُ العمرة عن اثنين: ليست بمشروعة، فإمّا عن نفسكَ أو مَن أحببتَ العمرة عنه.
- الحاج المتمتع والقارن والمفرد يشرع له ثلاثة أطواف: طواف العمرة: وهو فرض المتّمتع، وطواف القدوم للقارن والمفرد، والمشهور أنّه سنّة=
- الثّاني: طواف الإفاضة بعد الرجوع مِن عرفة، وهو فرضٌ على القارن والمتمتع والمفرد، الثالث: طواف الوداع عند السّفر، على كلّ حاج=
- وعلى المتمتّع سعيان بين الصفا والمروة: سعي للعمرة، وسعي للحج، وعلى القارن والمفرد سعي واحد، والسنّة أن يسعى بعد طواف القدوم=
- وله أن يؤخره ويسعى بعد طواف الإفاضة، وقال العلماء: يجوز للمتمتّع والقارن والمفرد تأخير طواف الإفاضة، وسعي الحج حتى يطوف ويسعى عند السّفر=
- ويكفيه عن طواف الوداع. ومع ذلك نقول: إنّ تأخير الطّواف والسّعي إلى وقت السّفر خلاف الأولى، ولا يليق بالمسلم أن يكون همّه في التخفّف مِن المناسك=
- بحيث لا يفعل إلا ما لابدّ منه، فإنّ هذا يؤدي إلى نقص ثواب الحج، فإنّ نقص العمل ينقص به الثواب=
- فالمكمّل للمناسك يطوف ثلاثة أطواف: -طواف العمرة أو طواف القدوم أول ما يقدم، -وطواف الإفاضة بعد الرجوع من عرفة، -وطواف الوداع=
- والذي يحرصُ على التّخفّف: لا يطوف إلا مرّة واحدة عند الوداع، فينبغي للمسلم أن يحرص على تكميل حجه وزيادة أجره.
* زكاة الفطر:
- زكاةُ الفطر فريضةٌ على كلّ فردٍ: كبير أو صغير، ذكر أو أنثى، حرّ أو عبد، مِن المسلمين. والأفضلُ إخراجها يوم العيد قبل صلاة العيد، ويجوز إخراجها=
- ويجوزُ إخراجُ زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين، ويُجزئ إخراجُها في الثّامن والعشرين، ولو قدر تمام الشهر ثلاثين يومًا=
- زكاةُ الفطر مختصّة بالفقراء، وينبغي للمزكّي أن يتحرّى فيها المستحِقّ، ولو كلّفه ذلك بعض الجهد=
- وفرضُ زكاة الفطرِ رحمةٌ مِن الله بعباده، فهي طهرةٌ للصّائم مِن اللغو والرّفث، وطعمةٌ للمساكين، وهي عبادةٌ يجبُ فيها الإخلاص، وأداؤها على الوجه الشّرعي=
- ولا يجوزُ تأخيرُ إخراجها إلى ما بعد صلاة العيد مِن غير عذر، للحديث: (مَن أدّاها قبلَ الصّلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومَن أدّاها بعد الصّلاة فهي صدقةٌ مِن الصّدقات)=
- ويجبُ إخراجُ زكاة الفطر طعامًا مِن قوت البلد، فلا تُخرجُ نقودًا، ومقدارُها: صاع، والأقرب تقديره: بكيلوين ونصف مِن الرّز وشبهه كالبرّ.
* الدعاء:
- الاجتماع على الدّعاء مِن أسباب الإجابة؛ كما في صلاة الاستسقاء، والجمعة، والعيدين، وقنوت النّوازل في صلاة الجماعة، لكن لا يكون الدّعاء الجماعيّ راتبًا=
- إلّا ما وردَ به الشّرع، وبهذا يُعلم أنّ ما يفعله بعضُ النّاس في بعض البلاد الإسلاميّة مِن الدّعاء الجماعي أو الذّكر الجماعي في أدبار الصّلوات المكتوبة: بدعة=
- فالواجبُ: اتّباع سنّة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في العبادات وصفاتها، فهذا مِن تحقيق اتّباعه -صلّى الله عليه وسلّم-=
- فمِن السّنن المتعلّقة بالعبادات: تركُ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للأمرِ مع قيام المقتضِي وعدم المانع، وهو ما يسمّى بالسنّة التركيّة=
- {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا{(الأحزاب:21)
* دعاء القنوت:
- اختلفَ العلماءُ في مشروعيّة القنوت في الوتر، وسببُ ذلك: أنّه لم يثبتْ عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قنتَ في الوتر، فعائشة -رضي الله تعالى عنها- التي نقلتْ لنا أحواله -صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل والوتر لم تذكرْ عنه -صلّى الله عليه وسلّم- في قنوت الوتر شيئًا=
- وأحسنُ ما ورد في ذلك: حديثُ الحسن بن علي -رضي الله عنهما- قال: علّمني رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كلمات أقولهنّ في الوتر: (اللّهمّ اهدني في مَن هديت...) إلى آخر الدعاء المعروف، والقنوتُ في الوتر محفوظٌ عن عمر وابن مسعود -رضي الله عنهما- كما قال ابن القيم رحمه الله=
- ومّما وردَ القنوت به الدّعاء المشهور: (اللهمّ إنّا نستعينكَ ونستغفركَ، ونُثني عليكَ، ولا نكفركَ، ونخلعُ ونتركُ مَن يفجركَ، اللهمّ إياكَ نعبدُ، ولكَ نصلّي ونسجدُ...) إلى آخره. وهذه الآثار صالحة للاعتماد عليها في مشروعية القنوت في الجملة=
- وليس فيها تقييد بزمان، فلا يُخصّ به رمضان ولا النّصف الأخير منه، وقد ذهبَ إلى التّقييد بذلك بعضُ العلماء؛ لآثار وردت عن بعض السّلف، كأبي بن كعب -رضي الله عنه-، والأظهر عندي: هو الإطلاق وعدم التّقييد، لكن لا يداوم عليه=
- بل يُفعل حينًا ويُترك حينًا، وذلك لعدم ثبوته مِن فعله -صلّى الله عليه وسلّم-، ولأنّه لم يرد الأمر به، والتّرغيب فيه، ولم يتّفق العلماءُ على مشروعيته، فلا يسوّى بالسّنن الثّابتة التي كان -صلى الله عليه وسلم- يُداوم عليها=
- وينبغي الاقتصادُ في قنوت الوتر، وذلك باختيار جوامع الدّعاء، وبتركِ التّطويل الذي يحصل مِن بعض الأئمة هداهم الله، فإنّ منهم مَن يفرّط في التّطويل والتّفصيل.
- الإقسامُ على الله في دعاءِ القنوت: مِن التّكلّف في الدّعاء؛ بل ألِحّ على الله في الدّعاء بالتّوسّل بأسمائه وصفاته.
- إذا رفعَ المسلمُ يديه في الدّعاء -إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا-: فإنّه يرفعهما مِن شروعه في القنوت، والثّناء مِن صميم الدّعاء، لأنّه توسّل.
* دعاء ختم القرآن:
- الدّعاءُ عندَ ختم القرآن جاءَ فيه بعضُ الآثار، ومنها: أنّ أنس كانَ يجمعُ أهله عند ختم القرآن ويدعو بهم، وذهبَ كثيرٌ مِن العلماء إلى استحبابه في التّراويح=
- ولعدم وضوح الدّليل فيها: اختارَ كثيرٌ مِن العلماء جعلَ الدّعاء للختمة في قنوت الوتر، ولا ينبغي التّشديد في ذلك.
- دعاءُ ختم القرآن في الصّلاة جائز، وينبغي أن يكونَ ضمن قنوت الوتر.
* العشر من ذي الحجة:
- قال تعالى: }وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ{(الفجر:1-2)، قال المفسّرون: المرادُ بها عشر ذي الحجة، وقسمُ الله بالشّيء يدلّ على عظم شأنه في أمرٍ مِن الأمور، وفي هذا القسم دليلٌ على=
- على فضل العشر عند الله، وقد جاءت السنّة بالتّنويه في شأن أيام العشر، ففي الصّحيح عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
- (ما مِن أيامٍ العملُ الصّالح فيهنّ أحبّ إلى اللهِ منهُ في هذه الأيام) يعني العشر، وفي حديث آخر:
- (فأكثروا فيهنّ مِن التّهليلِ والتّكبيرِ والتّحميدِ) فكلّ الأعمالِ الصّالحة فاضلةٌ في هذه الأيام عشر ذي الحجة.
- التّكبير المشروع في عشر ذي الحجة يكونُ مطلقًا، ومعناه: أنّه يشرعُ في كلّ وقتٍ وحال ومكان، وهذا التّكبير يستمر -على القول الصّحيح- إلى آخر أيام التّشريق=
- ويشرعُ التّكبير مقيّدًا في أدبار الصّلوات لِمَن صلى جماعة، وأوّلُ وقتهِ لغير الحاج: بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التّشريق=
- وأمّا الحاج: فيلبّي حتى يرمي جمرة العقبة، ثم يكبّرُ مثل النّاس بعد ذلك، وإنْ كبّر وهو مُحرمٌ: فلا حرج، فيكبّرُ تارةً ويُلبّي أخرى=
- كما كانَ أصحابُ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- معه، ومنهم المُلبّي ومنهم المُكبّر، وهو يسمعهم ويقرّهم، والتّكبير المقيّد يبدأ به بعد السّلام=
- قالَ صلّى الله عليه وسلّم: (أيامُ التّشريقِ أيامُ أكلٍ وشربٍ وذكرٍ للهِ عزّ وجلّ)، وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا{(الأحزاب:41-42)
- تلاوةُ القرآن في ليال العشر أفضلُ مِن الدّعاء، وقد يكون الدّعاء في بعضِ الأوقات أفضل: كالاستغفار في السّحر، والدّعاء في السّجود، والصّلاةُ تجمعُ ذلك.
* القراءة من غير طهارة:
- تلاوةُ القرآن عن ظهر قلبٍ: لا تُشترط لها الطّهارة مِن الحدث الأصغر، إلا أن الطّهارة أفضل، لأنّه كلام الله، ومِن كمال تعظيمه: ألّا يُقرأ إلا على طهارة.
- ولكن: لا تُترك التّلاوة لعدم تيسر الطهارة.
- تشترطُ الطّهارة لمسّ المصحف مطلقًا، لما جاء في الحديث المشهور: (لا يمسّ القرآنَ إلّا طاهرٌ) وللآثار عن الصّحابة والتابعين، وهو مذهب الجمهور.
* الرقية:
- هل يصحّ النّفث على موضع الألم بالتّسبيح والتّهليل والتّكبير وغيرها مِن الذكر؟ ج: الحمد لله؛ إنّ أفضل ما يُرقى به المريض ويُنفث به على موضع الألم:=
- ما وردتْ به السنّة مِن السّور والآيات والدّعوات، كسورة الفاتحة والمعوذتين، وقل هو الله أحد، وكذلك الرّقية بأعظم آية في كتاب الله، وهي آية الكرسي=
- وجماع ما اشتملت عليه هذه الآيات: توحيدُ الله، وذكره بأسمائه وصفاته، والتّوجّه إليه، ومِن الذكر ما يقصد به كشف الضرّ والكرب والغم، كما في دعاء ذي النون=
- "لا إله إلا أنتَ سبحانكَ إني كنتُ مِن الظالمين"، ومنه دعاء الكرب: "لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله ربّ العرش العظيم=
- لا إله إلا الله ربّ السّموات وربّ الأرض وربّ العرش الكريم"، فيظهر مِن ذلك أنّه لا بأس بالنّفث على موضع الألم بكلمات الذكر: "سبحان الله، والحمد لله=
- ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير". والله أعلم.
* النّيّة والعمل:
- مجرّد نيّة الخير والرّغبة فيه: لا تبلغُ منزلة الفعل والبذل، إلّا إذا سعى العبدُ لتحصيل العمل، وبذلَ ما يقدرُ عليه في ذلك، فإنّه يكون بمنزلة الفاعل=
- وهذا في الحسنات والسّيئات، كما قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنّ بالمدينةِ أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلّا كانوا معكم، حَبَسهم العذرُ)=
- وفي المقابل قالَ عليه الصّلاة والسّلام: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما: فالقاتلُ والمقتولُ في النّار)، ويدلّ لهذا المعنى: قولُه تعالى في المهاجر:=
- {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا{(النساء:100)
* الصدقة:
- الصّدقة لها معنى خاص: وهي الصّدقة بالمال، وتشملُ: الزّكاة، وصدقة التّطوع، ولها معنى عام: وهو فعلُ عموم الطّاعات: القوليّة والفعليّة=
- وسُمّيت الطّاعةُ "صدقة": لأنّها تدلّ على صدقِ إيمان العبد، وهي صدقةٌ منه على نفسهِ، وما كانَ نفعُها متعديًا: فهي أيضاً صدقةٌ على غيره=
- قالَ صلّى الله عليه وسلّم: (يُصبحُ على كلِّ سلامى مِن أحدِكم صدقة؛ فكلُّ تسبيحةٍ صدقةٌ، وكلُّ تحميدةٍ صدقةٌ، وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ، وكلُّ تكبيرةٍ صدقة وأمرٌ بالمعروف صدقةٌ، ونهيٌ عن المنكرِ صدقةٌ، ويُجزئ مِن ذلكَ: ركعتان، يركعهُما مِن الضحى)