- أبدأ معكم أيُّها الإخوان بأن أوصيكم ونفسي بتقوى الله فيما نأتي ونذر، ونقولُ ونفعلُ؛ أوصي بالصّدق والإخلاص والنّصح لعباده.
- خيراتُ الدّنيا تُذكِّرُ بخيرات الآخرة، وشرورُ الدّنيا تُذكِّرُ بشرورِ الآخرة
السبت 17 محرم 1437 هـ
* أحوالُ المؤمنين عند سماع القرآن:
- أحوالُ المؤمنين عند سماع القرآن كما جاء فيه: اقشعرارُ الجلود، ووجلُ القلوب، وفيضُ العيون، وزيادةُ الإيمان: }إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا{ [مريم:53]=
- ولنبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم- مِن تلك الصّفات أعظمُ نصيب؛ لأنّه أخشى الخلقِ لربّه، ولقد كان يُسمع لصدره في الصّلاة أزيزٌ كأزيز المرجل مِن البكاء=
- وللصحابة في ذلك أسوةٌ بنبيّهم، فما هو إلا اقشعرار الجلود وذرف الدموع، لا كما يحصل مِن بعض المصلّين مِن العُبّاد: مِن صراخٍ وعويلٍ وصعقٍ عند سماع القرآن=
- فليسَ ذلك مأمورًا به، ولا محمودًا، ولو كان هذا كمالًا: لكان السّلفُ أولى به، ولسبقوا إليه.*الأدب في الدعاء:
- دقيقتان في إذاعة القرآن قبل الإفطار؛ دعاءٌ ملحّن، شعر ونثر، قالوا بعنوان: "مناجاة"، استبدلوه بالأذكار، }أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ{[البقرة:61]=
- وما هذا الدّعاء بمناجاة؛ بل هو نداءٌ، والتّلحينُ لا يناسبُ التّضرّع، وليس مِن أدب الدّعاء، فعودوا إلى الهدى.
* الهمُّ في السّيّئة:
- مِن رحمة الله لعبدهِ أنّه إذا همّ بالسّيئة فتركها لله: كُتِبَت له حسنةٌ واحدة، لقول الله تعالى في الحديث القدسي: (اكتبوها له حسنة، إنّما تركها مِن جرائي)=
- أي: مِن أجلي؛ أمّا إذا تركها فتورًا في همّه: فإنّها لا تُكتب شيئًا، لا حسنةً ولا سيّئةً، أمّا إذا تركها عجزًا بعد فعل ما يقدر عليه مِن أسباب: فإنّها تُكتب عليه سيّئة=
- كما لو فعلها، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا التقى المسلمانِ بِسيفِيهما فالقاتلُ والمقتولُ في النّار=
- قيل: يا رسولَ اللهِ هذا القاتلُ فما بالُ المقتول؟ قال: إنّه كانَ حريصًا على قتلِ صاحبه)، وهذا المعنى يجري في كلّ الذّنوب، فالحذر الحذر!.
* فضلُ الله في مضاعفة الحسنات:
- مضاعفةُ الحسنات لا تنتهي عند سبعمئة، بل تُضاعف أضعافًا كثيرة لا حدّ لها، ويشهدُ لذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: (لو أنفقَ أحدكم مثلَ أحدٍ ذهبًا ما بلغَ=
- مدّ أحدهم ولا نصيفه)، وقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَنْ تصدّقَ بعدلِ تمرةٍ مِن كسبٍ طيّب، ولا يقبلُ اللهُ إلّا الطّيب، وإنّ اللهَ يتقبّلها بيمينهِ ثم يُربّيها=
- لصاحِبها، كما يُربّي أحدكم فلوّه، حتى تكونَ مثل الجبل)، وهذا راجع إلى سعةِ فضل الله وكمال علمه -سبحانه- بما يقوم بقلوب عباده مِن كمال الإخلاص=
- والاحتساب، ولهذا قال تعالى: }وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{[البقرة:261].
* الحج المبرور:
- الحجُ المبرورُ ليس له جزاء إلا الجنّة، والمبرورُ: هو الذي برّ صاحبه فيه، وهذا البرّ يتحقّق بأمور: أ-كمالُ الإخلاص فيه لله: }وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ{[البقرة:196]=
- ب- إكمالُ المناسك بقدر الاستطاعة على هدي الرّسول. ج- طيبُ النّفقة؛ بأن تكون مِن كسبٍ حلال. د. تجنّبُ الآثام القوليّة والفعليّة؛ بحفظ اللسان والجوارح عن معاصي الله.
- هـ - تركُ الفخر والإعجاب بالحج؛ كالذي يطلبُ أن يلقّب "بالحاج". و- بذلُ الإحسان وكفّ العدوان.
- مِن علامة الحج المبرور: أن تكونَ حالُ الإنسان في دينهِ بعد الحج أحسن مِن حاله قبله=
- وكلّ حاج: مأجورٌ، وليس كلّ حاجٍ حجهُ مبرورٌ، فالعاملون يتفاضلون في أعمالهم وحظوظهم مِن الأجور، والله غفور شكور.
* شكر الله:
- شكرُ الله إنّما يكونُ بالعمل الصّالح؛ لقوله تعالى للمؤمنين: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ{[البقرة:172]، في مقابل قوله للرسل=
- في مقابل قوله للرسل: }يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا{[المؤمنون:51]، فوضع الشّكر في خطابِ المؤمنين في موضع العمل الصّالح في خطاب الرّسل.
* تقوى الله:
- المسلمُ مطلوبٌ منه أن يتّقي الله في كلّ حال، وفي كلّ مكان وزمان، وتقوى الله: خوفُه ومراقبتُه وطاعته=
- بامتثال الأوامر والنّواهي، فعلًا للمأمورات وتركًا للمنهيات، وفي الحديث: (اتّقِ اللهَ حيثما كنت).
حرر في يوم الثلاثاء 4/صفر/1439 هـ
* الصلاة نور:
- قالَ صلّى الله عليه وسلّم: (الصّلاةُ نورٌ) فهي نورٌ لصاحبها: في قلبهِ ووجههِ، وفي خُلُقه، وفي قبره، وفي آخرته، وعلى الصّراط=
- قال تعالى: }يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ{[الحديد:12]، وحظّ الإنسان مِن هذا النّور: بحسب حاله في صلاته.
* بيعُ النّفس لله أو للشيطان:
- كلّ أحد مِن النّاس يغدو ويروح في العمل الذي يبذل فيه جهده وطاقاته، فيبيعُ بذلك نفسه إمّا على ربّه: إذا عمل بطاعته، فيعتقُ نفسَه مِن سخط الله وعذابه=
- ويفوز برضوانه، وإمّا يبيعها على الشّيطان: إذا عمل بالكفر والفسوق والعصيان، فيُهلك نفسَه بتعريضها لعذاب الله وسخطه، قال رسولُ الله -صلّى الله عليه وسلّم-=
- (كلُّ النّاسِ يغدو، فبائعٌ نفسَهُ فمُوبقُها أو مُعتِقُها)، فانظر لنفسك أيّها العاقل؛ مِن أيّ الفريقين أنت؟ واعلم أنّ الإعتاق يتفاوت، والإيباق يتفاوت=
- فكلُّ طاعة لله فمِن سبب إعتاق نفسك، وكلُّ معصيةٍ فمِن سبب إهلاك نفسك، فاختر لنفسك.
* الدعاء:
- الدّعاءُ مشروعٌ في مطالب الدّنيا والآخرة، وهو لا ينافي الأخذ بالأسباب الأخرى، حسب السّنن الكونيّة؛ كالتّجارة والزّراعة والصّناعة وغير ذلك=
- ولا يغني الدّعاء عن الأسباب الأخرويّة، مِن طاعة الله وتقواه، بل الدّعاء يقوّي تأثير كلّ الأسباب النّافعة؛ لأنّ الخير كلّه بيده سبحانه، وإليه ترجع الأمور=
- فمِن العباد: الدّعاء، ومِن الله: الإجابة، ومنهم: العمل، ومنه: الثواب، وله تعالى المنّة في كلّ ذلك: }يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ{[آل عمران:74].
* شكر النعم بالطاعات:
- كلُّ جزءٍ مِن بدن الإنسان نعمةٌ مِن الله على العبد، وأعظمُها: السّمعُ، والبصر، والفؤاد، والجوارح، فيجبُ على الإنسان شكرها بأنواع الطاعات=
- وصونها عن اقتراف السيئات، قال الله تعالى: }وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{[النحل:78]=
- وقالَ صلّى الله عليه وسلّم: (يصبحُ على كلّ سلامى مِن أحدكم صدقة؛ فكلّ تسبيحةٍ صدقةٌ، وكلُّ تحميدةٍ صدقةٌ، وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ، وكلُّ تكبيرةٍ صدقةٌ، وأمرٌ بالمعروف صدقةٌ=
- ونهي عن المنكر صدقةٌ، ويجزئ مِن ذلك ركعتان يركعهما مِن الضّحى).
* بعْثٌ بعد وفاة:
- كلّ صباح بَعْثٌ بعد وفاة، وهكذا، ليبلغ الإنسانُ أجله، وليتذكر بعثه بعد موته، }ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ{[المؤمنون:15-16]=
- وفي الأثر: إنّكم تموتون كما تنامون، وتُبعثون كما تستيقظون، }وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى{[الأنعام:60]=
- فتفكّروا -يا أولي الألباب- في مراحل سيركم، وتزوّدوا من خير زاد، }وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ{[البقرة:197].
* خطوة بصدقة:
- كلّ خطوةٍ يمشيها العبدُ إلى الصّلاة صدقةٌ، وقياسُ هذا: أنّ كلّ خطوة يمشيها العبد في مراضي الله تكونُ له صدقة؛ كالمشي في طلب العلم، والمشي في الجهاد=
- وغير ذلك، وقياسُ العكس: أنّ كلّ خطوةٍ يمشيها العبدُ في معصية الله سيّئةٌ، فاحتسب إلى الخير خطاك، واحذر مِن خطاياك، ولا تستبعدن المسجد، ففي بُعده مزيدٌ مِن الحسنات.
* تتبع الرخص:
- الفتوى: لا تبيح الإقدام على ما يشكّ الإنسانُ في حلّه؛ لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وإنْ أفتاكَ النّاسُ وأفتوك)، ويشهد لهذا الحديث=
- قولُه -صلّى الله عليه وسلّم-: (دعْ ما يُريبكَ إلى ما لا يُريبكَ، الصّدق طمأنينةٌ، والكذبُ ريبة)، ومِن النّاس مَن يتّبع هواه، ويتتبع مِن الفتاوى ما يهواه=
- ومَن هذا شأنه: لا يريدُ الحقّ، وقديمًا قيل: مَن تتبّعَ الرّخصَ تزندق، أي: ترخّصات العلماء التي هي محض آراء.
- السّؤالُ عن العلم، وطلبُ الوصية من العالم والرجل الصّالح: ليس مِن السّؤال المذموم، بل ذلك مِن طرق تحصيل العلم، والحرص على ما ينفع=
- قال رجل: يا رسول الله أوصني، قال -عليه الصّلاة والسّلام-: (لا تغضب)، فردد مرارًا، فقال: (لا تغضب)، وقال -صلّى الله عليه وسلّم-: (احرصْ على ما ينفعك، واستعنْ بالله).
* الزهد والورع:
- الزّهد في الدّنيا: هو تركُ ما لا ينفعُ منها في الآخرة، وهو أعلى مِن الورع؛ لأنّ الورعَ تركُ ما يضر، فالزّهد شأن المقرّبين، والورعُ للمقتصدين=
- فمِن الزّهد: تركُ الفضول، ومِن الورع: تركُ المشتبهات، فلا يختصّ الزّهد بالأموال، ولا الورع بالحرام.
* التقوى في القلب:
- الانحرافُ الظّاهر في القول أو العمل: يدلّ على نوع فساد في الباطن، ما لم يكن زلةً يتوب منها العبد=
- }إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ{(الأعراف:201)، وأصلُ التّقوى: تقوى القلب، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (التّقوى ههنا) وأشارَ إلى صدره.
* العمل والنسب:
- شرفُ النّسب مع صلاحِ العمل قد يوجبُ تقديمًا في بعض أحكام الشّرع، لا في زيادة الثّواب؛ كالإمامة العظمى، فالأولى بها: قريش، ومثل ما خصّ به بنو هاشم من=
- الأحكام؛ كتحريم الصّدقة عليهم، قال -صلى الله عليه وسلّم-: (ومَن بطأ به عملُه لمْ يسرع به نسبُهُ).
* تلاوة القرآن ومدارسته:
- تلاوةُ القرآن ومدارسته في المسجد: سببٌ لنزول السّكينة على القلب، والطّمأنينة بذكر الله، وغشيان الرّحمة من الله=
- فيفتحُ على العبدِ -برحمة الله- مِن فهمِ القرآن، ويُصرف عنه مِن كيد الشّيطان: ما يصيرُ به من المهتدين المفلحين=
- وكذلك تكون التّلاوة والمدارسة سببًا لحضور الملائكة وحفّها للقارئين، وفوق ذلك: ذكرُ الله لهم فيمَن عنده مِن الملائكة المقربين=
- قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (وما اجتمعَ قومٌ في بيتٍ مِن بيوتِ اللهِ يتلونَ كتابَ اللهِ ويتدارسونهُ بينهم إلّا نزلتْ عليهم السّكينة=
- وغشيتهم الرّحمةُ وحفّتهمُ الملائكةُ وذكرهم اللهُ فيَمن عنده).
* المؤمن غريب في الدنيا:
- المؤمنُ في الدّنيا كالغريب، وهو النّازل في غير وطنهِ، يعدُّ العدّة للرّحيل والعودة، ولا يعنيه ما يعني أهل الوطن، ولا يبالي بقلّة مَن يعرف=
- قالَ الحسن: (المؤمنُ في الدّنيا كالغريب لا يجزع مِن ذلّها، ولا ينافسُ في عزّها، له شأنٌ وللناس شأن).
- المؤمنُ في هذه الدّنيا كعابر السّبيل، وهو المسافر الذي همّه الوصول إلى غايته، لا يستقر له قرار في منازل سيره، ولا يلهو بما يمرّ به من المشاهد=
- فاللائقُ بالمؤمن: الجدُّ في سيره إلى الله، مع القصد في ذلك، واغتنامُ أوقات السّير المناسبة، كما قال -صلّى الله عليه وسلّم-=
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (سَدّدوا وقَاربوا، واغْدوا ورُوحوا، وشيءٌ مِن الدّلجة، والقصدَ القصدَ تَبْلغوا).
* ذكر الله:
- كثرةُ ذكرِ الله باللسان –تسبيحًا، وتحميدًا، وتهليلًا، وتكبيرًا، وغير ذلك مع مواطأة القلب-: يقومُ مقامَ كثير مِن نوافل الطّاعات=
- وممّا يدلّ على ذلك قولُه -صلّى الله عليه وسلّم-: (لأن أقول "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر": أحبّ إليّ مما طلعتْ عليه الشّمس)=
- وقال صلّى الله عليه وسلّم: (أحبُّ الكلامِ إلى اللهِ أربع: سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، واللهُ أكبر، لا يضرّكَ بأيّهن بدأت)=
- وهذه الكلمات أكثرُ كلمات الذّكر وأشهرها، وقد تضمّنت: التّنزيه، والتّحميد، والتّوحيد، والتمجيد لله تعالى.
* أثر محبة الله:
- مِن آثار محبّة الله لعبدهِ المؤمن: تسديده إياه وحفظ جوارحه عن المحارم والفضول، فلا يتصرّف العبد بجوارحه إلّا على وفق الشرع=
- وهذا معنى قوله تعالى في الحديث القدسي: (كنتُ سمعهُ وبصرهُ ويدهُ ورجلهُ)، فعلى العبد أن يأخذ بالأسباب الجالبة لمحبة الله له=
- فعلى العبد أن يأخذ بالأسباب الجالبة لمحبة الله له، وهي: أداءُ الفرائض، والاستكثارُ مِن نوافل الطّاعات: مِن الصّلاة والصّيام والصّدقات وغيرها.
* نيّةُ التعبّد لله في طاعة برّ الوالدين:
- على العبد ألّا يغفل حين يبرّ بأبويه أنّه يفعلُ ذلك تعبّدًا لله، وامتثالًا لأمره سبحانه، ليحظى بالأجر، ولا يفوته شيء منه=
- فإنّ كثيرًا مِن النّاس يبرّ والديه؛ إمّا بحكم الطّبيعة الفطريّة، أو العادة، أو مجاملة بحكم المروءة، وقد أشار الله إلى اعتبار استحضار نيّة الطّاعة=
- وامتثال الأمر واحتساب الأجر في قوله سبحانه: }رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا{[الإسراء:25]=
- بعد قوله تعالى: }وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{ إلى قوله: }وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا{[الإسراء:23-24].
* منــــوّع:
- الغايةُ مِن العلم: تحقيقُ الإيمان والعمل الصّالح، لا مجرّد تحصيل المعلومات، فالعلمُ بلا إيمان حاصلٌ مِن كثير مِن الكفار: }يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ{[البقرة:46].
- مِن أعظم دواعي الفتور عن الطّاعة: الذهولُ عن اطّلاع الله على العبد؛ فإنّ بين الإيمان بذلك وبين الشعور به واستحضاره: فرقًا عظيمًا.
- أعزّ النّاس نفوسًا هم أتقى النّاس لله، وهم الأنبياء وأتباعهم، }إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ{[الحجرات:13].
- من حُرِم الإيمان والتقوى: باءَ بالبؤس والشّقاء، ولو ملكَ الأقطار، وتمتّع باللذات، وكان عمرُه أطول الأعمار، }فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى...{[طه:123].
- الإيمانُ بالقدر يُهوّن المصيبة، ويُعينُ على الصّبر، ويمنعُ مِن الاعتماد على الأسباب، وبه يقوى التّوكلُ على الله.
- الزّيادةُ في الرّزق لا تدلُّ على رضى الله، فبسطُ الرّزق يحصلُ للبرّ والفاجر، والجالبُ لرضى الله هو: التّقوى.
- على المقلّد -مقلّدًا أو مستفتيًا- أن يقتدي بأعلم العالمين وأوثقهما، حسبما ظهرَ له بما اشتهرَ عنهما، مع التجرّد عن الهوى والتّعصب.
- التّكلم بالخير خيرٌ مِن الصّمت عمّا لا خير فيه، والصّمتُ عمّا لا خيرَ فيه خيرٌ مِن التّكلم بما لا خير فيه، (مَن كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخر فليقلْ خيرًا أو ليصمتْ).
- صلاحُ باطنِ الإنسان يستلزمُ صلاح الظّاهر، وفسادُ الظّاهر يستلزمُ فساد الباطن، وقد يصلحُ الظاهرُ مع فساد الباطن؛ كحال المنافق والمرائي.
- الحسنات تمحو السّيئات، لقوله تعالى: }إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ{(هود:114)، وأعظمُ الحسنات محوًا وإذهابًا للسّيئات: التوبةُ النّصوح، ثم الاستغفار، ثم الأعمال الصالحة.
- على المسلم الاحتياط في دينه، وذلك بإيثار ما يطمئن إليه القلب وتطمئن إليه النّفس، وهو ما يعتقد أنه أسلم لدينه.
- مِن حسنُ الإسلام: تركُ السؤال عمّا لا سبيل إلى معرفته؛ كحقائق الغيب، وتفاصيل الحِكَم في الخلق والأمر=
- وكذا السّؤال والبحث عن مسائل مقدّرة ومفترضة لم تقع، أو لا يتُصور وقوعها.
- طمأنينةُ قلب المؤمن التقي إلى الشيء دليلٌ على أنّه بر، ونفرتُه منه وضيقُ الصّدر به يدلُّ على أنّه إثمٌ، ولا عبرة بحال ذي الوسواس ولا الجاهل المتَّبع لهواه، قال صلّى الله عليه و سلّم: (البِّر ما اطمأنتْ إليه النّفسُ واطمأنّ إليه القلبُ، والإثمُ ما حاكَ في النّفس وتردد في الصّدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك).
- ما نهى الله ورسوله عنه تحريمًا: يجبُ اجتنابه كلّه، ولا يقيّد ذلك بالاستطاعة، ويُستثنى مِن هذا: ما أبيح للضّرورة أو للإكراه؛ وأمّا المأمورات: فالوجوبُ فيها مقيّد بالاستطاعة، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم).
- مِن النّصح لأخيك المسلم: أن تحبّ له مِن الخيرِ ما تحبّ لنفسكَ، وتكره له مِن الشّر ما تكره لنفسكَ، ومِن أفضل ذلك: أمرهُ بالمعروف ونهيهُ عن المنكر، قال صلّى الله عليه وسلّم: (لا يؤمنُ أحدكم حتى يحبَّ لأخيهِ ما يحبُّ لنفسِه).