التصوف منهج وطريقة في العبادة، قد يُطلق التصوف على العبادة -يعني- الشرعية، فالناس نوعين عالم وعابد، ومن الناس من يكون عالماً وعابداً، فالعلم في مسائل الاعتقاد، والعبادة في المسائل العملية، كالصلاة والذكر والتلاوة. وهذا الاسم مبتدع؛ فالصحابة ليس عندهم تصوف، لكن عندهم عبادة وزهد، ولا يقال لهم: إن هذا تصوف، أو إنهم صوفية.
واختلف الناس في سبب تسمية العُبَّاد صوفية، فقيل: إنه من الصفاء، وقيل: النسبة للصُّفَّة التي كان فيها فقراء المهاجرين، وقيل: من الصفِّ. وأظهر الأقوال أنه من الصوف..نسبة إلى الصوف؛ لأنه من سلوكياتهم لبس الخشن من الملابس، ومن ذلك لبس الصوف.. فهم يتعبَّدون بلبس الصوف، والحق أن كل ما أباحه الله من أنواع الملابس من القطن والكتان والصوف كله جائز، ولا شيء له فضيلة إلا الأبيض.. لبس الأبيض.. هذا رغَّب فيه الرسول، فقال: إنَّ مِن خيرِ ثيابِكم البياضُ، البسوا مِن ثيابِكم البياضَ وكفِّنوا فيها موتاكم.. إن من خير ثيابكم البياض، أما الصوف فليس له خصوصية، لا نقول: يُستحب للإنسان أن يلبس الصوف، لا، نقول: لبس الصوف مباح، ولا نقول: إنه مستحَب، أما الصوفية فإنهم يتعبَّدون بلبس الصوف ونحوه من الملابس الخشنة. نعم.
القارئ: ويقول -أحسن الله إليك-: ومتى ظهر في الأمة؟ وهل هنالك طوائف من الصوفية على الحق؟
الشيخ: ظهر هذا في القرن الثاني من الهجرة في البصرة، قالوا بداياته كانت في البصرة.
وهم درجات.. الصوفية درجات: منهم الغلاة، ومنهم الجهَّال الضلَّال، ومنهم الذين على الاستقامة -يعني- كالعبَّاد الملتزمين بالشريعة، يسمَّون صوفية، وهم على الحق، مثل: الفضيل بن عياض، وفلان، وفلان، وإبراهيم بن أدهم، وأبو سليمان الداراني، وجماعة يزكيهم العلماء، وهم يتحرَّون السنَّة، وإنما حصل الفساد الكثير في المتأخِّرين.