الرئيسية/شروحات الكتب/الأسماء والصفات للبيهقي/(78) باب ما جاء عن السلف رضي الله عنهم في إثبات المشيئة
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(78) باب ما جاء عن السلف رضي الله عنهم في إثبات المشيئة

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الأسماء والصفات) للبيهقي
الدّرس الثّامن والسّبعون

***    ***    ***    ***

 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين. قال الإمامُ البيهقيُّ رحمهُ اللهُ تعالى في كتابِه "الأسماءُ والصفاتُ":
بَابُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ فِي إِثْبَاتِ الْمَشِيئَةِ.
– الشيخ:
ما شاءَ اللهُ ما شاءَ اللهُ، توسّعَ توسَّعَ في إثباتِ المشيئةِ، يعني ذكرَ أدلَّةً من القرآنِ وأدلةً من السنةِ، وهذا يريدُ أن يذكرَ الآثارَ أقوالَ السلفِ.
– القارئ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قال أخبرنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، قال أخبرنا أَبُو مُسْلِمٍ قال حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاء، قال أخبرنا مُصْعَبُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى القتات، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُون، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَكَلَّمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنَّكَ رَبٌّ عَظِيمٌ لَوْ شِئْتَ أَنْ تُطَاعَ لَأُطِعْتَ وَلَوْ شِئْتَ أَنْ لَا تُعْصَى مَا عُصِيتَ).
– الشيخ:
اللهُ أكبرُ، لا إله إلا الله، له الحكمةُ، له الحكمةُ البالغةُ في أقدارِه، يُضِلُّ من يشاءُ ويهدي من يشاءُ بحكمتِه وعدلِه وفضلِه، لا إله إلا الله، ولو شاءَ، هذا من معنى الآية: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ [يونس:99]   وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى [الأنعام:35]
– القارئ: فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنَّكَ رَبٌّ عَظِيمٌ لَوْ شِئْتَ أَنْ تُطَاعَ لَأُطِعْتَ وَلَوْ شِئْتَ أَنْ لَا تُعْصَى مَا عُصِيتَ، وَأَنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَاعَ وَأَنْتَ فِي ذَلِكَ تُعْصَى..
– الشيخ:
اللهُ أكبر.
– القارئ: فَكَيْفَ هَذَا يَا رَبِّ؟ )
– الشيخ:
اللهُ أكبرُ، سبحانَ اللهِ، سبحانَ اللهِ! هذا يتضمّنُ ما قرَّرَه أهلُ السنّةِ من أنَّ الإرادةَ نوعان: إرادةٌ كونيّةٌ لا يتخلَّفُ مُرادُها، لا يتخلَّفُ، الإرادةُ الكونيّةُ بمعنى المشيئة، فما شاءَ اللهُ كان ولابدّ. والإرادةُ الثانيةُ: الإرادةُ الشرعيةُ: وهي المتضمّنةُ لمحبّتِه، وهذه لا تستلزمُ وجودَ المرادِ، لا تستلزمُ وجودَ المرادِ، وقالوا: فتجتمعُ الإرادتان في إيمانِ المؤمنِ، مرادٌ للهِ كونًا وشرعًا، وتنفردُ الإرادةُ الكونيّةُ في كفرِ الكافرِ، والإرادةُ الشرعيةُ في إيمانِ الكافرِ، إيمان الذي هو مطلوبٌ منه ولكنَّه لم يقعْ.
 
– القارئ: فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: (إِنِّي لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) فَانْتَهَى مُوسَى.
– الشيخ:
هذا هو، يعني الواجبُ التسليمُ لأمرِ اللهِ وقدرِ اللهِ، ولكنْ مع التسليمِ يجبُ الإيمانُ بالحكمةِ، حكمةُ الربِّ تعالى في تدبيرِه وتقديرِه، لا إله إلا الله، له الحكمةُ البالغةُ في أقدارِه الجاريةِ، له الحكمةُ في هدايةِ من هدى وإضلالِ من ضلَّ، ومن كان حكيمًا في تدبيرِه فلا يُسألُ، فهو لا يُسألُ عمَّا يفعلُ لكمالِ حكمتِه، آمنَّا باللهِ آمنّا باللهِ.
 
– القارئ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْفِيُّ، بِبَغْدَادَ، قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، قال حدثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُرَاسَانِيُّ، قال حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قال حدثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ نَوْفٍ، قَالَ: قَالَ عُزَيْرٌ فِيمَا يُنَاجِي ربه: يَا رَبِّ تَخْلُقُ خَلْقًا فَتُضِلُّ مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ، قِيلَ لَهُ: يَا عُزَيْرُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا قَالَ: فَعَادَ فَقَالَ: يَا رَبِّ تَخْلُقُ خَلْقًا فَتُضِلُّ مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ، قِيلَ لَهُ: يَا عُزَيْرُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا، وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [الكهف:54]. قَالَ: فَقَالَ يَا عُزَيْرُ لَتُعْرِضَنَّ عَنْ هَذَا أَوْ لَأَمْحُوَنَّكَ مِنَ النُّبُوَّةِ، إِنِّي لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ…
– الشيخ:
هذه من المروياتِ عن بني إسرائيلَ واللهُ أعلمُ بصحّتِها، لكن معناها حقٌّ، معناها حقٌّ.
 
– القارئ: أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، قال أخبرنا أَبُو الْعَبَّاسِ الصِّبْغِيُّ، قال حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، قال حدثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قال حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ لَا يُؤْتَى أَبَدًا بِطَعَامٍ وَلَا بِشَرَابٍ حَتَّى الدَّوَاء فَيَطْعَمَهُ أَوْ يَشْرَبُهُ حَتَّى يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا وَأَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَأَنْعَمَنَا، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَلَّفْتَنَا نِعْمَتَكَ بِكُلِّ شَرٍّ فَأَصْبَحْنَا وَأَمْسَيْنَا مِنْهَا بِكُلِّ خَيْرٍ، نَسْأَلُكَ تَمَامَهَا وَشُكْرَهَا، لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ إِلَهُ الصَّالِحِينَ، وَرَبُّ الْعَالَمِينَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا الله، مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
– الشيخ:
هذا هو الشاهدُ، هنا بس.
– القارئ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
– الشيخ:
اللهُ أكبر، اللهُ أكبر، اللهُ أكبر، لا إله إلا الله، اللهمّ كما هديتَنا للإسلامِ ثبّتنا على الإسلامِ، اللهمَّ كما هديتَنا للإسلامِ ثبّتنا على الإسلامِ حتى نلقاكَ به، اللهُ أكبر، من دعاءِ الأنبياءِ، يوسفُ عليه السلامُ يقول: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا [يوسف:101]، وكذلك السحرةُ لما فُتنوا وابتلاهم فرعون قالوا: تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ [الأعراف:126]
 
– القارئ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، قال أخبرنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، قال حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قال حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قال حدثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى في مَالِهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ، أَوْ دَخَلَ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهِ، قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
– الشيخ:
هذه كلمةُ الرجلِ الذي يحاورُ صاحبَه، قال له صاحبُه وهو يُحاورُه، وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ [الكهف:39]، نعم، ما شَاءَ اللهُ: يعني هذا ما شاءَ اللهُ، يعني هذا بمشيئةِ اللهِ، هذه الحديقةُ وهذه الثمارُ لا بحولي ولا بقوتي بل بمشيئةِ اللهِ، هو الذي…، ولو كان للإنسانِ فيه تسبّبٌ، فلا يقول: هذا زرعي هذا شغلُ يديّ، هذا شُغِلَ بيمنايَ أو كذا كما يقول الجاهلون.
 
– القارئ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قال أخبرنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قال أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، قال أخبرنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قال حدثنا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: الْخَلْقُ أَدَقُّ شأَنًا مِنْ أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ إِلَّا بِمَا أَرَادَ.
– الشيخ: ا
لكلمةُ المشهورةُ "أقلُّ شأنًا"، كأنّها أقلّ، نعم أقلُّ شأنًا، تحتملُ لكنْ المعروفُ في هذه اللفظةِ أن يُقال: هذا أقلُّ شأنًا من أن يفعلَ كذا أو يقول كذا، أقلُّ شأنًا.
 
– القارئ: وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قال أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، قال أخبرنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، قال حدثنا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، قال حدثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ.
– الشيخ:
لا إله إلا الله، هذا مقامٌ عظيمٌ، يعني يدخلُ منه الشيطانُ بالوساوسِ وأسبابِ الظنونِ والشكِّ، فالواجبُ الاعتصامُ بكتابِ اللهِ، والاعتصامُ بدينِ اللهِ، وهذا المقامُ يتضمّنُ يعني يرجعُ إلى مسألةِ الإيمانِ بالقدرِ، والإيمانُ بالقدرِ يتضمنُ الإيمانَ بعمومِ مشيئتِه، ما شاءَ اللهُ كان وما لم يشأ، وكلُّ ما يجري في هذا الوجودِ فهو بمشيئةِ اللهِ، وهو كذلك خلقُه كلُّ ما في الوجودِ هو خلقُه سبحانَه وتعالى، فالعصمةُ في هذا المقامِ يعني تقومُ على الإيمانِ بعمومِ مشيئتِه تعالى وعمومِ قدرتِه وعمومِ حكمتِه، والإيمانُ بحكمتِه وعدلِه سبحانَه وتعالى. وكلُّ خاطرٍ يخطرُ في القلوبِ يُضادُّ هذا الأمرَ فعلى المسلمِ أن يدفعَه ويُعرضَ عنه، ويتعوذُّ باللهِ من الشيطانِ، وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا [يونس:99]، آمنّا بالله.
 
– القارئ: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، يَعْنِي السُّلَمِيَّ ثنا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا أَبُو سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: كُنْتُ أَقُولُ بِالْقَدَرِ حَتَّى قَرَأْتُ بِضْعًا وَسَبْعِينَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ فِي كُلِّهَا: مَنْ جَعَلَ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ…
– الشيخ:
على كلِّ حالٍ كنتُ أقول بالقدرِ كأنَّه يعني أنَّه كأنَّه ينفي القدرَ، ولهذا القدريةُ الآن، إذا قيل القدرية: يُرادُ بهم نفاةُ القدرِ، نعم، وكلّها تقول.
 
– القارئ: فِي كُلِّهَا: مَنْ جَعَلَ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ إِلَى نَفْسِهِ فَقَدْ كَفَرَ، فَتَرَكْتُ قَوْلِي.
– الشيخ:
لا إله إلا الله، القدريةُ الآن النفاة كالمعتزلةِ يرونَ أنَّ أفعالَهم بمحضِ مشيئتِهم، لا مشيئةَ للهِ فيها، ولا قدرةَ له على أفعالِهم، فالعبدُ يُطيعُ أو يعصي بمحضِ مشيئتِه، وليس للهِ، فكلامُهم يتضمّنُ التعجيزَ، تعجيزَ الربِّ وأنَّه ليس على كلِّ شيءٍ قديرٍ، فلا يقدرُ تعالى على أن يهديَ ضالًا، ولا أن يجعلَ مؤمنًا يجعلُه ضالًا، فلا يؤمنونَ بمعنى: يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [فاطر:8]، آمنّا باللهِ، آمنّا باللهِ.
 
– القارئ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ…
– الشيخ
: إلى هنا إلى هنا، طويل.
– القارئ: باقي قولين فقط وينتهي البابُ.
– الشيخ: طيّب.
– القارئ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، قال أخبرنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الزُّهْرِيُّ الْقَاضِي، قال حدثنا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ، قال حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ، قال حدثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: قَرَأْتُ لِلَّهِ سَبْعِينَ كِتَابًا كُلَّهَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، فِي كُلِّ كِتَابٍ مِنْهَا: مَنْ أَضَافَ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ فَقَدْ كَفَرَ.
– الشيخ
: يعني على وجهِ الاستقلالِ، ولّا العبدُ له مشيئةٌ، لكن مشيئتُه يعني تابعةٌ لمشيئةِ اللهِ على حدّ قولِه تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الإنسان:30]، فمن قال: أنا أشاءُ وإن لم يشأ اللهُ وإن لم يشأ اللهُ؛ هذا هو الكفرُ، أنا أشاءُ ولو لم يشأ اللهُ، أنا أشاءُ أن أفعلَ كذا وأفعلَ كذا وإن لم يشأ اللهُ.
 
– القارئ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، قَالَا: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَطَّارُ، حدثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سُئِلَ الْإِمَامُ الْمُطَّلِبِيُّ الشَّافِعِيُّ رحمه الله عَنِ الْقَدَرِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
مَا شِئْتَ كَانَ وَإِنْ لَمْ أشأْ… وَمَا شِئْتُ إِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ
خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ… فَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى وَالْمُسِنْ
عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ… وَهَذَا أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ
فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ… وَمِنْهُمْ قَبِيحٌ وَمِنْهُمْ حَسَنْ
– الشيخ:
انتهى؟
– القارئ: انتهى، أحسنَ اللهُ إليك.
– الشيخ: ينبغي أن تُحفظَ هذه الأبياتُ، أبياتٌ لطيفةٌ للإمامِ الشافعيّ رحمهُ اللهُ، أبياتٌ حسنةٌ تتضمّنُ تقريرَ أصلٍ من أصولِ الاعتقادِ، من أصولِ أهلِ السنةِ، وهو الإيمانُ بعمومِ مشيئةِ اللهِ، وأنَّ مشيئةَ العبدِ تابعةٌ لمشيئةِ اللهِ، أعدِ الأبياتَ، جميلةٌ، نحفظُها أحيانًا، نحفظُ بعضَها، لكن ينبغي أنْ تُحفظَ.
– القارئ: ما شئت كان…
– الشيخ: ما شئتَ: ما شئتَ يا الله، ما شئتَ كان، ما شئتَ كان وإن لم أشأ: أنا العبدُ، ما شئت كان وإن لم أشأ. وما شئتُ أنا: أي العبدُ، وما شئتُ إن لم تشأ لم يكن، هذا البيتُ الأولُ، هذا هو البيتُ الرئيسُ.
ما شئتَ كان وإن لم أشأ… وما شئتُ إن لم تشأ لم يكن.
– القارئ:
مَا شِئْتَ كَانَ وَإِنْ لَمْ أشأْ… وَمَا شِئْتُ إِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ

خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ… فَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى وَالْمُسِنْ
– الشيخ:
خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ: خلقَهم على ما سبقَ به علمُه، سبق به علمه، فعلمُ اللهِ قديمٌ، هو عالمٌ بكلِّ ما يكون من العبادِ بمشيئته سبحانه وتعالى، خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ… فَفِي الْعِلْمِ؟
– القارئ: نعم، أحسنَ اللهُ إليك.
– الشيخ: فَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى، الفتى وَالْمُسِنْ، فَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى، كلٌّ يجري بما علمَ اللهُ منه وما سبقَ به علمه، نعم، فَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى وَالْمُسِنْ.
– القارئ: عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ… وَهَذَا أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ
– الشيخ:
نعم، لا لا، قل البيت.
– القارئ: عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا
– الشيخ:
"على هذا مننتَ" من هو؟ المؤمنُ، على ذا منتَ.
– القارئ: عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ
– الشيخ:
وهذا خذلتَ: وهو الكافرُ والعاصي. على ذا مننتَ: وهو المؤمنُ، يمنُّ اللهُ على من يشاءُ.
على ذا مننتَ وهذا خذلَتوَهَذَا أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ
نعم، اللهُ أكبر، على ذا مننتَ وهذا خذلتَوَهَذَا أَعَنْتَ وهذا؟ كذا؟
– طالب: وذا لم تُعِنْ
– الشيخ: وذا لم تُعِنْ، الله أكبر، على ذا مننت وهذا خذلتوَهَذَا أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ.
– القارئ: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ… وَمِنْهُمْ قَبِيحٌ وَمِنْهُمْ حَسَنْ
– الشيخ:
لا إله إلا الله، كم بيت أربعة؟
– القارئ: نعمُ أحسنَ اللهُ إليك.
– الشيخ: كذا أربعة هي؟
– القارئ: إي نعم.
– الشيخ: اللهُ أكبر، اللهُ أكبر، اللهُ أكبر، نعم انتهى؟
– القارئ: انتهى، أحسنَ اللهُ إليك.
– طالب: الله يحسن إليك يقول: قرأتُ في سبعينَ كتاب كلّهم نزلَ من السماءِ.
– الشيخ: اللهُ أعلمُ، هو الكتبُ النازلةُ من السماءِ كثيرةٌ، لكن نحن ما علمنا هذا، وهب بن مُنبّه ممن يأخذ من أهلِ الكتابِ أو هو منه، ما ندري اللهُ أعلمُ، والأنبياءُ أنبياءُ بني إسرائيلَ كثيرونَ، وجاءَ في الحديثِ أنَّ الأنبياءَ كثيرٌ، لما سُئِلَ الرسولُ عن الأنبياءِ قال لهم: مائةٌ وعشرونَ ألفًا، اللهُ أعلمُ، نعم ما ندري.
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة