الرئيسية/فتاوى/ القاعدة النورانية
share

 القاعدة النورانية

السؤال :

لقد انتشرت في الآونة الأخيرة في دور التَّحفيظ النّسائيَّة ما يسمّى: بالقاعدة النّورانيَّة، ويذكر المؤيّدون لها أنّها الطّريقة المثلى في تعليم القرآن للصّغار والكبار، وعند البحث وجدنا أنّ هذه الطّريقة هي لتعليم القراءة والكتابة، بحيث تركّز على ست قواعد أساسية؛ وهي: 1 – مخارج الحروف، 2 – الحركات، 3 – المدود، 4 – التّنوين،5 – السّكون، 6 – الشّدّة، ثم أضيفت بعض الأمثلة الخاصة بتعليم التّجويد.
ولا ننكر أنّ هذه القواعد السّت المذكورة هي التي عليها أخطاء النّاس اليوم، وأن الاعتناء بتصحيحها يؤدّي إلى تحسين مستوى القراءة وإتقانها؛ لكن المشكلة في هذه القاعدة هي في كيفيَّة تعليمها، مع العلم أنّ هذه القاعدة كانت تُستعمل في بلاد باكستان والهند؛ أي: لغير النَّاطقين باللغة العربيّة.
مثال:  قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ نقوم بتقطيعها كالآتي: (قُلْ): قاف ضمة “قُ”، لام سكون “قُل”ْ، (الله) ألف فتحة لام شدَّة “ألْ”، لام فتحة “لَ” – “أللَـ” ، ها ضمة “هُـ” ؛ “الله” … إلخ

ويزعم المؤيّدون لهذا التّقطيع أنّ فيه فوائد كثيرة لا حصر لها، رغم أننا نرى أنّ النّاس تعلموا القرآن مِن غير أن يستعملوا هذه الطّريقة منذ عهد النَّبي -صلّى الله عليه وسلّم-، كما أننا نعلم أنّ هذه الطّريقة عمرها تقريبًا مئة عام، وهذا بشهادة مؤيّديها، ولم نجد مِن علماء التَّجويد مَن ركَّز على كذا أسلوب في تعليم القرآن، رغم اهتمامهم بالمخارج والصّفات والحركات، وغاية ما وجدنا في هذا الباب مِن فتاوى أنّه يجوز استعمال هذا الأسلوب عند الضّرورة، ولا ضرورة في استعمالها عند العرب لتمكّنهم مِن نطق الحروف والحركات بمجرد التَّلقي الصَّحيح.
وسؤالنا هو: هل يجوز قراءة القرآن بهذه الطَّريقة؟ وهل يجوز تطبيق هذه الطَّريقة على الأمثلة القرآنيّة أو يُكتفى بتطبيقها على غير القرآن ؟

الحمدُ لله، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم، أمّا بعد:
فقد تأمَّلتُ بعض دروس القاعدة النّورانيَّة؛ فظهر لي أنّها طريقة حسنة في تعليم القراءة للصّغار أو للعجم؛ لأنّها تُعلّم الحركات والشَّدَّات، وتميِّز بين المتحرِّك والسَّاكن، وتميّز بين الحروف المتشابهة، وتُعلّم كيفية النّطق بالمتحرّك والسَّاكن والمشدَّد والمنوَّن، وقد كانت هذه القاعدة أو قاعدة أخرى تسمى “البغداديّة”، هي: المعمول بها في تعليم الصّبيان الحروف قبل افتتاح المدارس الحكومية التي اعتَمدت في تعليم الصّغار طريقة عصريّة مجتلبة مِن الخارج، وهي: طريقة قليلة الفائدة؛ لأنّها تعتمد على التَّلقين والصّورة، وتبدأ بالكلمات المركَّبة، ويُعطى الطّلاب مع كتاب الهجاء للسّنة الأولى الابتدائية كتبًا أخرى، وهم لم يحسنوا قراءة الحروف، ولهذا يتخرَّج كثير منهم مِن المرحلة الابتدائيّة، وهم لا يحسنون القراءة، فضلًا عن قراءة القرآن مِن المصحف.
وقول القائل: إنّها طريقة مُحدَثة بعد الرَّسول -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه على وجه الاعتراض: ليس له وجه؛ لأنّ طرق التَّعليم ليست تعبُّديَّة، ثمّ إنّ نقط حروف المصحف وتشكيلها بالحركات كان في آخر القرن الأول، وقد أقرَّ ذلك علماء الأمة؛ لأنّه مِن باب الوسائل العاديّة المعينة على المقاصد الشَّرعيّة، والله أعلم.

قال ذلك:
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
في: 7 جمادى الأولى 1438هـ