الرئيسية/شروحات الكتب/مقدمة في أصول التفسير/(9) فصل في تفسير القرآن في بأقوال التابعين
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(9) فصل في تفسير القرآن في بأقوال التابعين

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
شرح رسالة "مُقدِّمة التَّفسير" لشيخ الإسلام ابن تيميّة
الدَّرس: التَّاسع

***    ***    ***    
 
– القارئ: بسمِ الله الرحمنِ الرحيم، الحمدُ لله والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله وعلى آله وصحبِه ومن اهتدَى بهُداه قال المؤلفُ رحمَنا الله وإيَّاه:
 فَصْلٌ: إذَا لَمْ تَجِدْ التَّفْسِيرَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ وَلَا وَجَدْته عَنْ الصَّحَابَةِ

– الشيخ: ما في [يوجد] فصلٌ: في تفسيرِ التابعين أو كذا عنوان؟
– القارئ: عندي أحسن الله إليك!
– الشيخ: … وضِّحْ للقارئ فصلٌ: في تفسيرِ القرآنِ بأقوالِ التابعين …
– القارئ: قالَ المؤلفُ رحمه الله تعالى: فَصْلٌ: في تفسيرِ القرآنِ بأقوالِ التابعين
– الشيخ: تمام
– القارئ: إذَا لَمْ تَجِدْ التَّفْسِيرَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ وَلَا وَجَدْته عَنْ الصَّحَابَةِ فَقَدْ رَجَعَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ إلَى أَقْوَالِ التَّابِعِينَ كَـ "مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ" فَإِنَّهُ كَانَ آيَةً فِي التَّفْسِيرِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: "عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلَاثَ عرضات مِنْ فَاتِحَتِهِ إلَى خَاتِمَتِهِ أُوقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ
– الشيخ: "أُوقفُه" والَّا "أقفُه"؟
– القارئ: عندي أحسن الله إليك: أُوقِفُه
– الشيخ: أَوقفَه ووقَفَه فيها. عندكم أُوقفُه؟ … أُوقِفُه ماشي
– القارئ: أُوقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهُ وَأَسْأَلُهُ عَنْهَا وَبِهِ إلَى التِّرْمِذِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مُعَمَّرٍ عَنْ قتادة قَالَ: "مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ إلَّا وَقَدْ سَمِعْت فِيهَا شَيْئًا. وَبِهِ إلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: "لَوْ كُنْت قَرَأْت قِرَاءَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ لَمْ أَحْتَجْ أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْقُرْآنِ مِمَّا سَأَلْت".
– الشيخ: الحمدُ لله، وصلَّى الله وسلَّمَ وباركَ على نبيِّه ورسوله، تقدم الإشارةُ إلى أصولِ التفسيرِ يعني الأصول التي يُعوَّلُ إليها في التفسيرِ، أولُ وأولى هذه الـأصول القرآنُ تفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ، لأنَّ كثيرًا من الآياتِ والمعاني ما أُجملَ في موضعٍ يُفصَّلُ في موضعٍ آخرَ، وما أُطلقَ في موضعٍ يُقيَّدُ في موضعٍ آخرَ. تفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ وتقدَّمَ أنَّ أعظمَ تفسيرٍ في العنايةِ بهذا الأصلِ، هو ابنُ كثير، ابنُ كثيرٍ له عنايةٌ بهذا فهو يذكر الشواهدَ القرآنيةَ عندما يتعرضُ لتفسيرِ آيةٍ، وكذلك شيخُنا الشيخ محمد الأمين أسَّسَ كتابَه على هذا "أضواءُ البيان في تفسيرِ القرآن بالقرآنِ".
وثاني الأصول: تفسيرُ القرآنِ بالسُّنةِ، وتقدَّمَ أنَّ الصحابةَ: "كانوا لا يتجاوزون عشرَ آياتٍ حتى يتعلموا معانيهنَّ والعملَ بهنَّ".
والثالثُ: تفسيرُ الصحابةِ يُعوَّلُ عليه لأنه أعلمُ بكتابِ الله وهم الذين شهدُوا التنزيل وحضروا أسبابَ النزولِ وهم أعلمُ بالقرآنِ، ففهمُهم وقولُهم ونقلُهم مُقدَّمٌ على غيرهم.
والأصلُ الرابعُ: -أوالمصدرُ الرابعُ- للتفسيرِ هو تفسيرُ القرآنِ بأقوالِ التابعين، ويقولُ شيخُ الإسلام: إذا لم يُعلمْ تفسيرَ الآيةِ بآياتٍ أخرى أو بالحديثِ أو بأقوالِ الصحابةِ إذا لم يتيسَّر ذلك، لا هذا ولا هذا ولا ذاك، فإنَّ كثيرًا من الأئمةِ يرجعون في التفسيرِ إلى أقوالِ التابعين، التابعون هم في المرتبةِ بعد الصحابةِ، التابعون تلقَّوا العلمَ من فمِ الصحابةِ فلا شكَّ أنهم أفهمُ بالقرآنِ وأعلمُ بمعاني القرآن من بعدِهم سيما أنَّهم تلقَّوا التفسيرَ عن الصحابةِ عن أئمةِ التفسيرِ كابن عباس وابنِ مسعودٍ وغيرهما من الصحابةِ والتابعون أشهرُهم في ذلك مُجاهدُ بن جبر، سعيدُ بن جبيرٍ من أصحابِ ابن عباس وفلان وفلان سيُعدِّدُهم الشيخُ: والضحَّاك بن مزاحم وكذلك قتادة بن دِعامة وسعيدُ بن المُسيب وغيرُهم.
فهذا مجاهدٌ يقولُ: "عرضْتُ المصحفَ على ابنِ عباسٍ ثلاثَ مرات من فاتحتِه إلى خاتمتِه: أُوقفُه عند كلِّ آيةٍ فأسألُه عنها"، وابنُ تيميةَ يستشهدُ بهذا في موضعٍ آخرَ على أنَّ القرآن كلُّه يمكنه فهمُه خلافًا لمن يزعمُ أن المتشابهَ منه لا يعلمُ معانيه إلا اللهُ، ويُردُّ بهذا الأثرِ وبغيره على من يزعمُ ذلك يقولُ: "أُوقفُه عند كلِّ آيةٍ فأسألُه عنها" إذًا: القرآنُ كلُّه يمكن فهمُه، ومن الأدلةِ على ذلك أنَّ الله أمرَ بتدبرِ القرآنِ كلِّه ولا يُؤمَرُ بتدبرِ ما لا يُفهَمُ، إذًا: القرآنُ كله يمكن فهمُه ومن طرق فهمِه التدبُّرُ وكذلك قولُه وقتادةُ: إنَّه ما من آيةٍ إلا وقد علمَ ما فيها -يعني من تفسيرِها- قتادة مرجعٌ في التفسيرِ من أئمةِ التفسيرِ -التابعين- وأما قولُ مجاهدٍ رحمهم الله جميعًا، قول مجاهد يقولُ: "لو قرأتُ على قراءةِ عبدِ الله بن مسعودٍ لمَّا سألتُ ابنَ عباسٍ عن كثيرٍ من الآياتِ" هذا يعني ماذا؟ يعني كأنَّ قراءةَ ابن مسعودٍ فيها تفصيلٌ يحصلُ به تفسيرُ الآياتِ، ويُغني عن السؤالِ: "لو قرأتَ على قراءةِ ابن مسعودٍ لما سألتَ ابن عباسٍ عن كثيرٍ من الآياتِ" وهذا يجبُ أن يُحملَ على أنه لا يريدُ أنَّ هذا الذي قالَ أنَّه قرآنٌ بل هي قراءةٌ تفسيريةٌ، يعني ابنُ مسعود كثيرًا ما يذكرُ عند قراءتِه كأنه يذكرُ المعنى مع الآياتِ، يقرأُ ويُفسِّرُ، ولعلَّ هذا عندما يقرأُ يسمع الأخرين أنَّه يقرأُ ويُفسِّرُ، ومن ذلك قولُه سبحانه وتعالى في كفارةِ اليمينِ: فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89] قِيلَ إن ابن مسعودٍ كان يقرأُ: "فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ مُتتابعةٍ" وهذا من النوعِ الذي يُقالُ: إنَّه قراءةٌ شاذَّةٌ، وقالَ بعضُهم: إنَّ هذه تفسيرٌ فيُنتفع في هذه القراءةِ أو في هذه الكلمةِ في تفسيرِ الآيات فيُؤخذُ بها حكمًا لا تلاوةً، فنقولُ مثلًا: يجبُ في صيامِ الكفارةِ -كفارةِ اليمين- ثلاثةُ أيامٍ أن تكون مُتتابعةً فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ مُتتابعةٍ.
 

– القارئ: وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كريب قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ عَنْ عُثْمَانَ الْمَكِّيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: رَأَيْت مُجَاهِدًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَمَعَهُ أَلْوَاحُهُ قَالَ: فَيَقُولُ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ اُكْتُبْ حَتَّى سَأَلَهُ عَنْ التَّفْسِيرِ كُلِّهِ
– الشيخ: هذا شاهدٌ لما تقدَّمَ، شاهدٌ للأثرِ الأولِ الذي روَاه ابنُ إسحاق.
– القارئ: وَلِهَذَا كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ. وَكَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وقتادة وَالضِّحَاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.
– الشيخ: هذه نماذجٌ من مُفسِّري التابعين من الذين يُروى عنهم التفسيرُ، تقدَّمت الإشارةُ إلى أنَّهم في بابِ الاختلافِ وأنَّه قد تختلفُ عباراتُهم، يكونُ هذا من اختلافِ التنوعِ فكلٌّ يُعبرُ عن معنى الآيةِ: إما ببعضِ ما تدلُّ عليه ببعضِ الأفرادِ، أو يُعبَّرُ عنه بعبارةٍ تختلفُ عن عبارةِ الآخرِ والمعنى واحدٌ، فنجدُ ابنَ جرير في كثيرٍ من الأحيان يقولُ: واختلفَ أهلُ التأويلِ وينقلُ هذا الاختلافَ ومردُّه إلى معنىً واحدٍ جامعٍ ثم يختارُ ابنُ جرير أنَّ الصوابَ في هذا حملَ الآيةَ على كلِّ ذلك، على كلِّ ما رُوِيَ من أخبارِ المُفسرين.
 

– القارئ: فَتُذْكَرُ أَقْوَالُهُمْ فِي الْآيَةِ فَيَقَعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ تَبَايُنٌ فِي الْأَلْفَاظِ يَحْسَبُهَا مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ اخْتِلَافًا فَيَحْكِيهَا أَقْوَالًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ
– الشيخ: هذا ابنُ جريرٍ ماشٍ على ذلك يحكِيها أقوالًا لكنه في النهايةِ أنَّ الآيةَ عامةٌ تعمُّ هذه الأقوالَ.
– القارئ: فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ أَوْ نَظِيرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنُصُّ عَلَى الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ وَالْكُلُّ بِمَعْنَى وَاحِدٍ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَمَاكِنِ فَلْيَتَفَطَّنْ اللَّبِيبُ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ الْهَادِي.
– الشيخ: هذا المعنى تقدَّمَ في أول الرسالةِ في موضوعِ اختلافِ التنوُّعِ.
– القارئ: وَقَالَ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَغَيْرُهُ أَقْوَالُ التَّابِعِينَ فِي الْفُرُوعِ لَيْسَتْ حُجَّةً فَكَيْفَ تَكُونُ حُجَّةً فِي التَّفْسِيرِ؟ يَعْنِي أَنَّهَا لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمْ مِمَّنْ خَالَفَهُمْ وَهَذَا صَحِيحٌ، أَمَّا إذَا أَجْمَعُوا عَلَى الشَّيْءِ فَلَا يُرْتَابُ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً فَإِنْ اخْتَلَفُوا فَلَا يَكُونُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ حُجَّةً عَلَى بَعْضٍ وَلَا عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى لُغَةِ الْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ عُمُومِ لُغَةِ الْعَرَبِ أَوْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ.
– الشيخ: حتى هذا المعنى نقولُه في اختلافِ الصحابةِ، إذا اختلفَ الصحابةُ لا يكون قولُ بعضِهم حُجَّةً على بعضٍ، بل تُردُّ أقوالُهم إلى الكتابِ والسُّنةِ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59] وهكذا التابعون أقوالُهم ليست حُجَّةً على من خالفَهم، وليست حُجَّةُ بعضِهم وليس قولُ بعضِهم حُجةً على بعضٍ لأن الكلَّ مُجتهدٌ، والحكَمُ هو الكتابُ والسُّنةُ، فإذا اختلفَ الصحابةُ أو اختلفَ التابعون أو اختلفَ من بعدُهم وجبَ الردُّ إلى كتابِ الله وسنةِ رسوله عملًا بالآيةِ الكريمة: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10] وهكذا أقوالُهم في التفسيرِ نقولُ فيها مثل ذلك، إذا خالفَهم غيرهم لم تكن أقوالُهم حجةً على غيرِهم بل الحجةُ للدليلِ فإذا أجمعُوا فلا عدولَ عمَّا أجمعوا عليه.
 

– القارئ: فَأَمَّا تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ فَحَرَامٌ:
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ). حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنٍ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ) وَبِهِ إلَى التِّرْمِذِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حميد حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ أَخُو حَزْمٍ القطعي
– الشيخ: "القطَعَي" كذا؟
– القارئ: ما هي بمشكولة
– الشيخ: أيش؟ عن أبي حزم أيش
– القارئ: حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ أَخُو حَزْمٍ القَطْعي أو القُطَعِي
– الشيخ: أخو كدا؟ عندكم أيش؟.. حزام، القَطَعي عندكم ها.. القُطعي، كأنَّه أقربُ. كذا نعم
– القارئ: قالَ: حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ أَخُو حَزْمٍ القَطْعي أو القُطَعِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجوني عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي سُهَيْلِ بْنِ أَبِي حَزْمٍ.
– الشيخ: حزم، عندكم حزام؟ الثاني؟
– القارئ: لا، الأول أخو حزم والثاني
– الشيخ: هو ابن أبي حزم، هو أصله حزم، وابن أبي حزم … مشِّ
– القارئ: وَهَكَذَا رَوَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ شَدَّدُوا فِي أَنْ يُفَسَّرَ الْقُرْآنُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ
– الشيخ: لا إلهَ إلا الله، التفسيرُ بالرأيِ هو التفسيرُ بمُجردِ الظنِّ والخرفِ من غير أن يُبنى التفسيرُ على علمٍ، يخرج عن ذلك تفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ، تفسيرُ القرآنِ بأقوالِ الصحابةِ والتابعين -بل مجردُ الرأيِ- وُيعبَّرُ عنه أنَّه تفسيرٌ بغير علمٍ -بلا علمٍ- يخبطُ خبطًا وش معنى الآيةِ؟ ويتكلمُ بحسبِ ما يطنُّ في رأسِه، فهذا النوعُ مذمومٌ لأنَّه من القولِ على اللهِ بغير علمٍ، هذا كلامُ الله لا يجوزُ أن تقولَ: إنَّ معنى كذا إنْ قلْتَ ذلك فأنت تقولُ أنَّ الله أرادَ بهذا الكلامِ هذا المعنى وهذا أمرٌ عظيمٌ واللهِ، وهذا الحديثُ مع ما قِيلَ فيه: "من قالَ في القرآنِ برأيه فأصابَ فقد أخطأَ" أي أصابَ اتفاقًا لا عن بصيرةٍ ومعرفةٍ، إذًا مُوافقته للصوابِ لا تكون عذرًا له، مُثِّلَ لهذا بالقاضي يقضي بجهلٍ: أرأيتم لو قضَى القاضي بجهلٍ ثم وافقَ الحكمَ الشرعي في نفسِ الأمر هل يكون معذورًا؟ لا يكون معذورًا لأنه حكمَ بغير علمٍ، حكم بجهلٍ، هذا أحدُ القاضِيَين الذي جاءَ في الحديثِ أنَّهما في النارِ: (قاضٍ في الجنةِ وقاضِيان في النارِ) حكمَ بغير علمٍ هكذا أيضًا من فسَّرَ القرآنَ برأيِه فقد أخطأَ ولو أصابَ فكيف إذا قالَ برأيه وأخطأَ، يكونُ هذا أخطأَ مرتين: أخطأَ حيث تكلَّمَ بالقرآنِ بغير علمٍ، وأخطأَ حيث أخطأَ المعنى -لم يُوفَّقْ له- وأشارَ الترمذيُّ إلى أنَّ أهلَ العلمِ من السلفِ يُشدِّدُون في تفسيرِ القرآن لأنه كما قلتُ: إنَّه كلامُ اللهِ فالسلفُ يتقُون الكلامَ في القرآنِ إلا عن بصيرةٍ ومعرفةٍ. فالتفسيرُ مبنيٌّ على أصولٍ: إما بتفسيرِ القرآنِ بالقرآنِ أو بالسُّنةِ أو بأقوالِ الصحابةِ والتابعينِ أو بمُقتضى اللغةِ العربيةِ، إذا كان الإنسانُ فاهمًا لدلالاتِ اللغةِ ودلالاتِ السِّياقِ ومقاصدِ الشرعِ لها اعتبارٌ، ولهذا جاءَ عن ابنِ عباسٍ: "التفسيرُ على أربعةِ أوجهٍ: تفسيرٌ تعرفُه العربُ من كلامِها" تفسيرٌ تعرفُه العربُ من كلامِها يعني في [يوجد] ما يُسمَّى بالغريبِ كلمات: ما هي الزرابي؟ زرابي، نمارق، السرر، موضونة. هذه كلماتُ..، القرآن نزلَ بلسانٍ عربيٍّ فهذا ليس مثل التفسيرِ بالرأيِ، ما يجوزُ أن تقولَ: أظنُّ الآيةَ، أيش تظنُّ الآيةُ … ولهذا يقعُ كثيرٌ من الطلابِ في الاختباراتِ، يُسألُون عن التفسيرِ ودرسوا تفسيرِ وما حفظَ يروح يخبص –وهذا غلطٌ كبيرٌ- يخبص. والواجبُ: إذا كان هو حافظًا لشيءٍ من التفسيرِ الذي درسَه وإلا يُمسكُ. إلا غيرِ التفسيرِ: نحوٍ وعلومٍ ورياضياتٍ، فالأمرُ سهلٌ أنك..، لعلَّك تُوافق، القرآنُ لا، لا ينفعُ به التخبيطُ والتخرُّصُ والتفسير بالظنِّ فهو مزلَّةُ أفهامٍ ومزلَّةُ أقدامٍ.
 

– القارئ: قال رحمه الله: وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وقتادة وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ فَسَّرُوا الْقُرْآنَ فَلَيْسَ الظَّنُّ بِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْقُرْآنِ أوْ فَسَّرُوهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ.
– الشيخ: فسَّروه بعلمٍ: مجاهدٌ يقولُ: "عرضْتُ المصحفَ على ابن عباسٍ"، وقتادةُ عن السلفِ والصحابةِ.
– القارئ: أَوْ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَقَدْ تَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَسَلَكَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ فَلَوْ أَنَّهُ أَصَابَ الْمَعْنَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكَانَ قَدْ أَخْطَأَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ الْأَمْرُ مِنْ بَابِهِ كَمَنْ حَكَمَ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ وَإِنْ وَافَقَ حُكْمُهُ الصَّوَابَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لَكِنْ يَكُونُ أَخَفَّ جُرْمًا مِمَّنْ أَخْطَأَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَكَذَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْقَذَفَةَ كَاذِبِينَ فَقَالَ: فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النور:13] فَالْقَاذِفُ كَاذِبٌ وَلَوْ كَانَ قَدْ قَذَفَ مَنْ زَنَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْإِخْبَارُ بِهِ وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
– الشيخ: هذا مثالٌ لتكلُّمِ الإنسانِ بما لا يحلُّ له التكلمُ فيه، فالقاذفُ شهدَ إنسانًا رأى إنسانًا آخرَ يزني رآه بعينِه، واحدٌ بجهلِه يُبلِّغُ قالَ: رأيْتُ فلانًا زنى بفلانةٍ ماذا يُطلبُ منه، يُطلبُ منه: هاتِ أربعةَ شهودٍ على ما تقولُ، الآن هو رمَى فلانًا بالزنا فالمطلوبُ منه أربعةُ شهودٍ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:4] إذا لم يأتُوا بالشهداءِ فما الحكمُ؟ الحدُّ حدُّ القذفِ. قالَ الرسولُ عليه الصلاةُ والسلام للذي قذفَ امرأتَه: (الحدَّ البينةَ، وإلا فحدٌّ في ظهرِك) وقالَ سبحانه وتعالى في آياتِ الإفكِ، في الآياتِ التي برَّأَ الله تعالى فيها أمَّ المؤمنين: لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النور:13] ومن رمَى مُحصنًا بالزِّنا ولم يأتِ بأربعةِ شهداءٍ فهو كاذبٌ، اللهُ سمَّاه كاذبًا لأنه تكلَّمَ بما لا يحلُّ له التكلُّمَ فيه فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ فالقاذفُ كاذبٌ ولو كان المقذوفُ قد زنى بالفعلِ ورآه هذا بعينه. لكن ليس هو كمَن شهدَ على غيرِه بالزِّنا كذبًا وافتراءً وليس له حقيقةٌ في الواقعِ، هذا أشدُّ وأشدُّ.
 

– القارئ: وَلِهَذَا تَحَرَّجَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ عَنْ تَفْسِيرِ مَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ كَمَا رَوَى شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: "أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي إذَا قُلْت فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَمْ أَعْلَمْ؟". 
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حوشب عَنْ إبْرَاهِيمَ التيمي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: وَفَاكِهَةً وَأَبًّا [عبس:31] فَقَالَ: "أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إنْ أَنَا قُلْت فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ؟" إسنادُه مُنْقَطِعٌ.

– الشيخ: وإن صحَّ، فقد سُئِلَ عنها وهو لا يعرفُ معناها، أبو بكرٍ لا نقولُ: إنَّه مُحيطٌ بكلِّ معاني القرآن، ومعاني كلماتِ القرآن مع جلالةِ قدرِه ومع علوِّ مرتبتِه وعلو منزلتِه رضيَ الله عنه وأرضَاه.
لأنه في [يوجد] كلماتٌ كما يُسمُّونها غريبةً تخفى حتى جاءَ في "التفسيرِ": أنَّه لمَّا جاءَ قولُه في "سورةِ نوح": وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا [نوح:22] يعني لم تكنْ هذه الكلمةُ مشهورةً كبير فأشكلَت على بعضِ الصحابةِ فبينما هم في موقفٍ من المواقفِ سمعوا رجلًا يقولُ: "أتقولُ لي كذا وكذا وأنا رجلٌ كُبَّارٌ" يعني إنها لغةٌ عند بعضِ الناسِ، يقولون: فلانٌ كُبَّار، وهذا الأمرُ "كبَّارٌ" أي كبيرٌ، هو صيغةُ مُبالغةٍ.
 

– القارئ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَيْضًا حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ حميد عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} فَقَالَ هَذِهِ الْفَاكِهَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا الْأَبُّ؟ ثُمَّ رَجَعَ إلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: إنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ يَا عُمَرُ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ حميد حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِي ظَهْرِ قَمِيصِهِ أَرْبَعُ رِقَاعٍ فَقَرَأَ: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} فَقَالَ مَا الْأَبُّ؟ ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ فَمَا عَلَيْك أَنْ لَا تَدْرِيهِ. وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمَا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- إنَّمَا أَرَادَا اسْتِكْشَافَ عِلْمِ كَيْفِيَّةِ الْأَبِّ وَإِلَّا فَكَوْنُهُ نَبْتًا مِنْ الْأَرْضِ ظَاهِرٌ لَا يُجْهَلُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا [عبس:26-30].
– الشيخ: هم يعرفان أنه نبتٌ، لكن يبقى أيُّ نوعٍ هو؟ أي نوع؟ النباتاتُ كثيرةٌ فكان من الكلماتِ المُشتبهةِ على بعض الصحابةِ وليسَت من الكلماتِ المشهورة عند العربِ مثل ما قلت لكم في "كُبَّارٍ" وقد فسَّرَ الناسُ بعد ذلك قالوا: أنَّ المُرادَ بالأبِّ: النبتَ الذي تأكلُه الدوابُّ من الأعشابِ، و"فاكهةً" هذه للناسِ مما يُنبته اللهُ للناسِ و"الأبُّ" هو ما ينبتُ ممَّا تأكلُه الدوابُّ، والله ذكرَ هذا في هذه الآياتِ أنواعًا ممَّا أخرجَه الله تعالى للناسِ، وأنواعًا مما تأكلُه الدوابُّ. ولهذا نجدُ القرآنَ بعضُه يُفسِّرُ بعضًا. اقرؤوا: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ [السجدة:27] ما يُخرجُه اللهُ من الأرضِ من أنواعِ النباتِ والأشجارِ، منه ما هو ممَّا يأكله الناسُ وينتفعون به قوتًا أو فاكهةً. ومنه ما هو علفٌ للدوابِّ كالأبِّ والقبِّ أيضًا، القَبُّ فُسِّرَ بالقت شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً [عبس:25-30].
 

– القارئ: وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ آيَةٍ لَوْ سُئِلَ عَنْهَا بَعْضُكُمْ لَقَالَ فِيهَا فَأَبَى أَنْ يَقُولَ فِيهَا. إسْنَادُهُ صَحِيحٌ
– الشيخ: هذا وهو ابنُ عباسٍ حبرُ الأمةِ وتُرجمانُ القرآنِ سُئِلَ عن آيةٍ فلم يقلْ فيها –توقَّف-.
– القارئ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ: يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ [السجدة:5] فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَمَا: يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج:4]؟ فَقَالَ الرَّجُلُ إنَّمَا سَأَلْتُك لِتُحَدِّثَنِي فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمَا يَوْمَانِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِمَا
– الشيخ: هذا معناه أنَّه أمسكَ، توقَّفَ عن المُرادِ بهذا وهذا، فاليومُ الذي مقدارُه خمسينَ ألفَ سنةٍ هذا هذا ممكن تشوفه في سورة المعارج: تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج:4] و … في موضعَين: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ [السجدة:5] ما تعدُّون. فابنُ عباسٍ سألَه السائلُ عن "آيةِ السجدة"؟ ما اليومُ الذي مقدارُه ألفَ سنةٍ؟ فقال: وآيةٌ أخرى فيها ذِكرُ يومٍ مقدارُه خمسون ألفَ سنةٍ ثم قالَ: "هما يومَان ذكرَهما اللهُ في كتابِه" وبس، يُمسِكُ.
 

– القارئ: فَكَرِهَ أَنْ يَقُولَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ إبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: جَاءَ طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ إلَى جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ. فَقَالَ: "أُحَرِّجُ عَلَيْك إنْ كُنْت مُسْلِمًا لَمَا قُمْت عَنِّي -أَوْ قَالَ-: أَنْ تُجَالِسَنِي"
وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ تَفْسِيرِ آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ: "إنَّا لَا نَقُولُ فِي الْقُرْآنِ شَيْئًا".
وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ إنَّهُ كَانَ لَا يَتَكَلَّمُ إلَّا فِي الْمَعْلُومِ مِنْ الْقُرْآنِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قالَ.

– الشيخ: يعني لا يتجرَّأُ ويتحفَّظُ ويخافُ، هذا الذي يجبُ أن يُحمَلَ عليه.
– القارئ: قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَالَ: لَا تَسْأَلْنِي عَنْ الْقُرْآنِ وَسَلْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ يَعْنِي عِكْرِمَةَ.
– الشيخ: عكرمةُ مولى ابنِ عباس.
– القارئ: وَقَالَ ابْنُ شوذب: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: كُنَّا نَسْأَلُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ فَإِذَا سَأَلْنَاهُ عَنْ تَفْسِيرِ آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ سَكَتَ كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ.
– الشيخ: على كلِّ حالٍ اجتهاداتٌ، وإلَّا كما تقدَّمَ لكم أنَّ الصحابة تلقَّوا التفسيرَ كما في الأثرِ عن أبي سلمةَ بن أبي عبد الرحمن أنَّه قالَ: "كان الذين يُقرئُوننا القرآنَ: عبدُ الله بن مسعود وعثمانُ بن عفان يذكرون أنَّهم إذا تعلَّمُوا عشرَ آياتٍ من القرآنِ لا يتجاوزُونهنَّ حتى يتعلَّمُوا معانيهن والعمل بهن".
 

– القارئ: وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْنُ عبدة الضبي حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: "لَقَدْ أَدْرَكْت فُقَهَاءَ الْمَدِينَةِ وَإِنَّهُمْ لَيُعَظِّمُونَ الْقَوْلَ فِي التَّفْسِيرِ" مِنْهُمْ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَنَافِعٌ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: مَا سَمِعْت أَبِي تَأَوَّلَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَطُّ وَقَالَ أَيُّوبُ وَابْنُ عَوْنٍ وَهُشَامٌ الدستوائي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين قَالَ سَأَلْت عُبَيْدَةَ السلماني عَنْ آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَالَ: "ذَهَبَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْلَمُونَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ فَاتَّقِ اللَّهَ وَعَلَيْك بِالسَّدَادِ". وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "إذَا حَدَّثْت عَنْ اللَّهِ فَقِفْ حَتَّى تَنْظُرَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ" حَدَّثَنَا هشيم عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: "كَانَ أَصْحَابُنَا يَتَّقُونَ التَّفْسِيرَ وَيَهَابُونَهُ" وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: "وَاَللَّهِ مَا مِنْ آيَةٍ إلَّا وَقَدْ سَأَلْت عَنْهَا وَلَكِنَّهَا الرِّوَايَةُ عَنْ اللَّهِ". وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا هشيم أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: "اتَّقُوا التَّفْسِيرَ فَإِنَّمَا هُوَ الرِّوَايَةُ عَنْ اللَّهِ".
فَهَذِهِ الْآثَارُ الصَّحِيحَةُ وَمَا شَاكَلَهَا عَنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ مَحْمُولَةٌ عَلَى تَحَرُّجِهِمْ عَنْ الْكَلَامِ فِي التَّفْسِيرِ بِمَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ فَأَمَّا مَنْ تَكَلَّمَ بِمَا يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ لُغَةً وَشَرْعًا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ؛

– الشيخ: وما أُنزلَ القرآنُ إلا ليُعلمَ ويُفهَمَ ويُتدبَّرَ ويُتفقَّه ويُعقلَ.
– القارئ: وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ أَقْوَالٌ فِي التَّفْسِيرِ وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِيمَا عَلِمُوهُ وَسَكَتُوا عَمَّا جَهِلُوهُ وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فَإِنَّهُ كَمَا يَجِبُ السُّكُوتُ عَمَّا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ الْقَوْلُ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ مِمَّا يَعْلَمُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187] وَلِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ مِنْ طُرُقٍ: (مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامِ مِنْ نَارٍ). وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "التَّفْسِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: وَجْهٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلَامِهَا"
– الشيخ: ما أدري، هذا لا يحتاجُ، فعوامُّ المسلمين لغتُهم عربيةٌ يعرفون: الشمس؟ ما معنى الشمسَ؟ والسماءَ والأرضَ والماءَ والجبالَ؟ فإذا قرأَ المسلمون القرآنَ أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ[الغاشية:17] يتأملُ ويُفكِّر في آياتِ اللهِ: إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ [الغاشية:19-20] فالحمدُ لله هذا شيءٌ يشتركُ في علمه: وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ .. وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ [الغاشية:19-20] هذا وللهِ الحمدُ ما هو إلا بيانٌ يعني عندما يقولُ المُفسرُ يقول: {إِلَى الإِبِلِ} وكيف هذه الخلقةُ العظيمةُ جعلَها اللهُ بهذا الشكلِ، لها أعناقٌ طويلة ولها أسنمةٌ وسخَّرها الله تعالى للعبادِ، هذا تفسيرٌ ليس تفسيرًا لمعنى الإبلِ، هذا تذكيرٌ بمنافعِ الإبلِ.
 

– القارئ: وَجْهٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلَامِهَا وَتَفْسِيرٌ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ.
– الشيخ: لابد من معرفةِ معنى الصلاةِ ومعنى الزكاةِ ومعنى الصيامِ كيف يقولُ اللهُ: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ [البقرة:43] لا بدَّ أن يفهمَ المسلمون أيش معنى الصلاة؟ شو [ما] المرادُ بالصلاة؟ المرادُ الصلواتُ الخمسُ والزكاةُ، المرادُ الحقُّ الواجبُ في الأموالِ والصيامِ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة:183] ما هو الصيامُ: الإمساكُ عن المُفطراتِ في شهرِ رمضانَ.
– القارئ: وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ.
– الشيخ: استنباطاتٌ، أحكامٌ، استنباط، تفصيل، جمعٌ بين النصوصِ عند التعارض.
– القارئ: وَتَفْسِيرٌ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ.
– الشيخ: حقائقُ الغيب.
– القارئ: وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
– الشيخ: وما أحسنَ هذا الختام، ختامُ هذه الرسالةِ بهذا الأثرِ العظيمِ الجامعِ: "التفسيرُ على أربعةِ أوجهٍ: تفسيرٌ تعرفه العربُ من كلامِها لأنَّ القرآنَ نزلَ بلسانٍ عربيٍّ مُبين، تفسيرٌ لا يُعذرُ أحدٌ بجهلِه وهو المعاني الشرعية التي يتعلَّقُ بها التكليفُ لا بدَّ..، أيش معنى العبادةَ؟ لا بدَّ أن يعلمَ المُخاطَبُ معنى العبادة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ} تفسيرٌ يعلمُه العلماءُ وهي المعاني الخاصة -خواصُّ الناسِ يعرفونها- وتفسيرٌ لا يعلمُه إلا الله وهي حقائقُ الغيبِ بما يتعلَّقُ بأسمائِه وصفاتِه واليومِ الآخرِ والمبدأِ والمعادِ. والحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وفي الحقيقةِ لعلكم أدركتُم قيمةَ هذه الرسالةِ وما تضمَّنَته من التأصيلِ الجميلِ في التفسيرِ، وهي حقيقةٌ بالمُراجعةِ والتأملِ لأنَّها مُتضمَّنةٌ بأصولٍ وقواعد ومعانٍ جميلةٍ وليس هذا بغريبٍ، فكاتبها إمامُ هدىً إمامٌ في كلِّ العلومِ الشرعيةِ: تفسيرًا وحديثًا وفقهًا وعقيدةً وما يتبعُ ذلك. والله أعلمُ وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمدٍ.
 


 الأســــــــئلة:
س1: أحسنَ الله إليك، هذا سائلٌ يقوُل: هل إذا فسَّرْتُ آيةً من القرآنِ قبل أن أقرأَ في التفسيرِ لأجلِ أن أختبرَ نفسي هل عندي ملكةٌ في التفسيرِ هل يجوزُ ذلك؟
ج: لا، ما يجوزُ تُفسِّرُه وأنت ما تدري، لكن عندك أصولٌ للتفسيرِ معلومةٌ كعلمِ اللغةِ وعلم كذا، أما إنك تُفسرها تخرُّصًا الله اعلم، لا، يمكن تتدبر في فهمك ثم تُراجع التفسير لكن تتكلم بهذا وتدَّعي أنَّ هذا تفسير الآيةِ، ويمكن لو أنَّ الإنسانَ ما جزمَ وقالَ: لعلَّها كذا ولعلَّ المُرادَ، يمكن يكون هذا أهونُ لكن جزمًا! والذي ينبغي الإمساكُ.
_________________________________
س2: وهذا أيضاُ يقولُ: هل يجوزُ أن تقرأَ آيةً من القرآنِ ثم يقومُ مجموعةٌ من الطلبةِ بتفسيرِ هذه الآيةِ كلًّا برأيِه ثم يرجعون بعدَ ذلك.
ج: لا هذا [……] لا، يُراجعُ الآياتِ ويُراجعُ التفسيرَ ونتعلَّمُ التفسيرَ من أصولِه.
_________________________________
س3: وهذا يقولُ -أحسنَ الله إليكم-: ما سببُ إهمالِ التفسيرِ في الدروسِ العامةِ لأهلِ العلمِ والتركيزِ على الفقهِ والحديثِ؟
ج: الفقهُ والحديثُ يرتبطُ بالقرآن، ما في [يوجد] انفصالٌ بين القرآنِ والحديثِ ولا بين الفقهِ والحديث ولا بين الفقه..، الفقهُ يُدرَسُ ويُستدلُّ له بالآياتِ والأحاديثِ لكن درسُ تفسيرٍ بهذا العنوان بحيث قراءة آيات ثم ذِكرُ ما قالَه المفسرون، هذا صحيحٌ ما هو بكثيرٍ في دروسِ المشايخِ، ولعلكم تعلمون أنَّ في مجلسنا هذا في درسِ الصباحِ نقرأ ثلاثةَ كتبٍ في التفسيرِ بل أكثرَ من ذلك. فنحن نقرأُ في التفسيرِ المُيسَّرِ المُختصرِ الذي صدرَ عن هيئةٍ علميةٍ بإشرافِ الشيخ الدكتور عبد الله بن تركي -مُختصرٌ مُوجز-، وتفسيرُ السعدي: تفسيرٌ من أفضلِ كتب التفسيرِ تفسيرًا وتعبيرًا عن معاني الآيةِ بدون التشويشِ بذكرِ الإعراباتِ أو ذِكرِ المعاني اللغويةِ -أبدًا- تفسيرٌ جميلٌ، وأيضًا نقرأ في "أضواءِ البيان" يوم الخميس.
_________________________________
س4: هذا سائلٌ يقولُ: أحسنَ الله إليكم ونفعَ بكم، ذكرَ المؤلفُ في بدايةِ هذا الفصلِ الأخير الرجوعَ إلى أقوالِ التابعين ثم قالَ بعد ذِكرِه المُفسِّرين من التابعين وغيرِهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدَهم فهل يرى المؤلفُ رحمه الله حجيةَ أقوالِ تابعي التابعين؟
ج: ممكن علماء إذا كانوا علماءً وش المانعُ؟ أو غيرُهم؟ فأنت الآن لو سألْتَ من يُعرفُ بالعلمِ وقلتَ له: ما معنى هذه الآية؟ وفسَّرَها لك، ألا تأخذُ بقوله كما تستفتِيه عن حكمٍ بالحلالِ والحرامِ وفي العبادة.
_________________________________
س5: هذا يقولُ: ألا يدلُّ عدمُ معرفةِ ابنِ عباس تفسيرَ بعضِ الآياتِ كما روى ذلك ابنُ أبي مليكةَ أنَّه يوجد بعضُ الآياتِ لا يعلمُها إلا اللهُ وكذلك الأثرُ عن ابنِ عباسٍ؟
ج: لا، ولا يلزمُ أنَّ ابن عباس إذا لم يعلمْ هذه الآيةَ أنَّها لا تُعلمُ لأنَّا لا ندَّعي أنَّ ابنَ عباس قد أحاطَ بمعاني القرآن فكلُّ ما لا يعلمُه ابنُ عباس لا يعلمُه إلا اللهُ، لا، هذا لا يصلحُ –دعواه-.
_________________________________ 
س6: كذلك يسألُ عن معنى قولِ ابنِ عباسٍ: "وتفسيرِ لا يعلمُه إلا الله"؟
ج: قلتُ بالحرفِ الواحد: إنَّ هذا يُحمَلُ على الحقائقِ: حقائقِ الغيبِ، حقائقِ صفاتِ الله، وحقائقِ ما يكون يومَ القيامةِ، حقائقَ المبدأِ والمعادِ وما هي عليه وكيفيَّاتُها.

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه