الرئيسية/فتاوى/نصيحة لامرأة تركت بيت زوجها ومات ابنها الصغير محترقا
file_downloadshare

نصيحة لامرأة تركت بيت زوجها ومات ابنها الصغير محترقا

السؤال :

أنا امرأةٌ متزوجةٌ ولديَّ طفلين، حصلَ خلافٌ مع زوجي، وتركتُهُ وجلستُ عند والدي، وبقيتُ سنةً بعيدة عن أولادي وزوجي، وصلني خبرٌ بأنَّ ولدي الصَّغير -عمرُه سنةٌ ونصف- احترقَ بحليبٍ مغليٍّ، طلبتُ مِن والدي السَّماح لي لأكون عند ابني في المشفى، لكنه رفضَ رفضًا قاطعًا، لم أتحمَّل فذهبتُ لابني عندما خرجَ مِن المنزل، وتُوفي ابني نتيجةَ الحرق، ووالدي ساخطٌ عليَّ ومنعَ جميعَ أهلي مِن مُساعدتي والتَّواصل معي، أريدُ نصيحةً لأبي فهو لا يَرحمُ أحدًا.

أصلحَ الله أحوالَ الجميع، أنتِ غالطةٌ أيضًا في بُعدكِ ومفارقة بيتِ زوجكِ فيما يظهر، وترككِ لهذا الولد الصّغير الذي عمرُه سنة، يعني لا أظنُّكِ تسلمين مِن التَّبِعَة لأنَّ لغيابكِ أثرٌ، غيابكِ عن هذا الطفل، هذا طفل، أحقُّ النَّاسِ برعايتكِ، أُمُّه، ورعايتُه واجبةٌ عليكِ، والذي يبدو أنك تركته اختيارًا، يعني وكأنه -فيما يظهر والله أعلم- كما تفعلُ بعض النّساء تتركُ أولادَها الصّغار مُرَاغَمةً، مُرَاغَمةً لزوجِها، يعني تتركُ عندَه الصّغار؛ لِتُؤذِيه بهم، وهذا مِن تَلَاعُبِ الشّيطانِ، فتوبي إلى الله واستغفريه مِن هذا الأمر.
ثم احتراقُ ولدكِ وإصابته، هذا أيضاً يَتحمَّله مِن هو الـمُتولي له في البيت، المسؤول عنه في البيت، أبوهُ أيضًا، إن كانَ وَكَلَهُ إلى خادمةٍ أو نحو ذلك، فلابدّ مِن معرفةِ الواقع والسؤال عَمَّن يتحمَّل مسؤوليةِ تَلَفِ نفسٍ معصومةٍ، سبحان الله!
وأما ما ذكرتِ عن والدكِ، فهذا غلطٌ منه، نسأل الله العافية، فعليه أن يتوبَ إلى الله، وعليه أن.. يعني لا يجوز له أن يمنعكِ مِن رعايةِ ابنكِ الصَّغير الذي جرى عليه ما جرى، ليسَ له الحقّ، عليه أن يتوبَ إلى الله ويستغفر الله، ولا يَتْبع الإنسان هواهُ إذا كان ساخطاً على ابنته أو على زوجها، هذا لا يُسَوِّغُ، كونه ساخطا على ابنتِه أو على زوجِها هذا لا يُسَوِّغُ له أن يفعلَ الحرام.. لا يجوز له أن يفعل هذا، فعليه أن يَتقِي الله.
نقول لأبيكِ: اتّقِ الله يا رجل، وأحسن إلى ابنتِكَ، فأنتَ مسؤولٌ وقد أُصيبَتْ، كان الواقع وكان الذي ينبغي أن ترحمَها بسببِ ما جرى على ابنِها مِن هذه المصيبة، احتراق، لو أنَّه ماتَ بمرضٍ كان الأمرُ أَيْسَر، لكن بحريق، ماتَ محترقًا، نسأل الله العافية. أعوذ بالله مِن الفِتن، هذه فِتن.
وأنتِ توبي إلى الله، وانظري في أمركِ، وهل حصل مِن زوجكِ ما يُوجب أن تفارقيهِ وتفارقي أولادكِ؟ انظري في أمركِ، سبحان الله! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إنَّها حالةٌ مروعةٌ ومزعجةٌ! تدلُّ على نقصٍ في البصيرة، نقصٍ في العلم، ونقص الإيمان، إنا لله وإنا إليه راجعون، على الجميع تقوى الله، على الجميع تقوى الله، والحذر مِن اتباعِ الهوى، الحذر مِن اتِّباع الهوى، كلُّ رغبةٍ وهوى يُخالِف ما أوجبَ اللهُ على العباد وما أمرَ الله به هذا مِن الهوى المذموم، وقد ذَمَّ اللهُ اتِّباعَ الهوى، اتِّباعُ الهوى سبيلٌ إلى الضَّلالِ، فالنَّفسُ أمَّارةٌ بالسّوء، النَّفس الأمَّارةُ بالسّوء، على العبدِ أن يعصيَ نفسَه الأمَّارة بالسّوء، على العبد أن يُخالِفَ هواهُ المخالف لشرعِ الله، على الإنسان أن يتَّقي الله، ويُؤدِّي ما فرضَ الله عليه ولو خالفَ هواهُ، لا تتحقَّقُ الاستقامةُ إلا بمخالفةِ الهوى، فالإنسانُ مُبتلى بشيطانٍ يُزيِّن له الشَّرَّ ويُزيِّن له الباطل، ونفسٍ أمَّارة بالسّوء.
فعليكِ التّوبة والمراجعة والنَّظر في أمركِ، والسؤال عَمَّن يتحمَّل مسؤولية فَواتِ هذه النَّفس المعصومة، وعلى أبيكِ التّوبة كذلك وأن يُراجعَ نفسَه، ويَحذر مِن اتِّباع هواه، وعليه أنْ يكون رحيمًا يرحم أسرتَه وأولادَه وبنتَه، نسأل الله العافية .