الرئيسية/شروحات الكتب/الأسماء والصفات للبيهقي/(89) باب إثبات صفة التكليم قوله “قال رسول الله ﷺ وسلم يوم كلم الله عز وجل موسى”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(89) باب إثبات صفة التكليم قوله “قال رسول الله ﷺ وسلم يوم كلم الله عز وجل موسى”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الأسماء والصفات) للبيهقي
الدّرس: التاسع والثّمانون

***    ***    ***    ***

 
القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. قالَ الإمام أبو بكر البيهقي رحمَه اللهُ تعالى:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ فِي آخَرِينَ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَوْمَ كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَتْ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ، وَسَرَاوِيلُ صُوفٍ، وَكِسَاءُ صُوفٍ، وَكُمَّةُ قَلَنْسُوَةُ صُوفٍ، وَنَعْلَاهُ مِنْ جَلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ).
– الشيخ: هذا -أقول- هو مِن الأخبارِ الإسرائيليةِ، هذه أمورٌ غيبيةٌ ما تُعْلَمُ إلا بالخبرِ عَن الصادقِ المصدوقِ، إمَّا بخبرٍ في كتابِ اللهِ، ويُفَسِّرُونَ هذا بقوله: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ [طه:12] يُعلِّلونَ بكذا؛ لأنَّه كانَتْ نَعْلاهُ مِن جلدِ حمارٍ غيرِ ذَكيٍّ، طيب غير ذكيّ، الحمارُ يختلفُ حكمُه ذكيّ ولا ما هو ذكيّ؟! إلا إذا قيلَ أنه كانَ حلالًا، يعني المهم أن مثل هذا.. وهذه -أيضًا- مما يتعلَّقُ به الصوفيةُ في لُبْسِ الصوفِ: لباسُهم صوفٌ، سراويلُ صوفٍ، جُبَّةُ صوفٍ، حتى قيلَ: "أنَّ الصوفيةَ سُمُّوا صوفيةً نسبةً إلى الصوف، لبسِ الصوفِ". وهذا أصحُّ ما قيلَ في نسبتِهِم، نسبةً إلى الصوفِ صوفيةٌ، بعضُهم يقولُ: "أنها نسبةً إلى الصفِّ، وإلى الصُّفَّةِ، وإلى الصَّفَاءِ" وهذا كلُّهُ غيرُ صحيحٍ.
 
– القارئ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهَمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ [البقرة:253] قَالَ: كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَرْسَلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً.
بَابُ قَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ [الشورى:51]

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: فَالْوَحْيُ أَوَّلُ مَا أَرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي مَنَامِهِمْ كَمَا أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مَنَامِهِ بِذِبْحِ ابْنِهِ، فَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ [الصافات:102]
قَالَ الْإِمَامُ الْمُطَّلِبِيُّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ؛ لِقَوْلِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ: افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ [الصافات:102]

– الشيخ: لا شكَّ أنَّ رؤيا الأنبياءِ وحيٌ، لا شكَّ، رؤيا الأنبياءِ وحيٌ، لا إله إلا الله، ودليلُهُ قصةُ ابراهيمَ: إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ [الصافات:102] معناهُ أنه اعتبرَ ما رأى في المنامِ أمراً، أمرٌ إلهيٌ، أمرٌ مِن اللهِ لإبراهيمَ: افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ
 
– القارئ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ عَمْرٌو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، يَقُولُ: "رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ"، وَقَرَأَ: إِنِّي أَرَى فِيَ الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَرُوِّينَاهُ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَأَمَّا الْكَلَامُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فَهُوَ كَمَا كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَالْحِجَابُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْوَضْعِ وَغَيْرِهِ يَرْجِعُ إِلَى الْخَلْقِ دُونَ الْخَالِقِ

– الشيخ: "يَرْجِعُ إِلَى الْخَلْقِ" يعني: أنَّهم هم على أبصارِهم حجابٌ يمنعُهم، وليسَ على اللهِ حجابٌ، وليسَ هناكَ حجابٌ، هذا غلط، بل هناكَ حجابٌ يمنعُ العبادَ من رؤيتِهِ سبحانه وتعالى، فالـمُصنِّفُ يقولُ: إنَّ هذا الحجاب مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الشورى:51]، حجابٌ على الأبصارِ، لا أنه حجابٌ هو مما يَحْتَجِبُ بِه الرَّبُّ سبحانه وتعالى، وجاءَ في الأحاديث (حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ) كشفَ ذلكَ الحجابَ. هذا مِن الأخطاءِ التي وقعَ فيها كثيرٌ مِن الذين..
 
– القارئ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: يَا رَبِّ، أَرِنَا الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهَ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَرَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: أَنْتَ أَبُونَا آدَمُ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ: نَعَمْ، قَالَ: أَنْتَ الَّذِي نَفَخَ اللَّهُ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَعَلَّمَكَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ؛ فَسَجَدُوا لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ؟ قَالَ لَهُ آدَمُ: وَمَنْ أَنْتَ؟، قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ: أَنْتَ مُوسَى نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ بَيْنَك وبَيْنَهُ رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا وَجَدْتَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
– الشيخ: "فَمَا وَجَدْتَ"؟ كذا؟!
– القارئ:  نعم، عندك كذا؟
– طالب: "أمَا وَجَدْتَ"
الشيخ: "أمَا وَجَدْتَ"
القارئ: أمَا؟
الشيخ: إي
– القارئ: (قَالَ: أمَا وَجَدْتَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فِيمَ تَلُومُنِي فِي شَيْءٍ سَبَقَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ الْقَضَاءُ قَبْلِي؟) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: (فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى).
وَأَمَّا الْكَلَامُ بِالرِّسَالَةِ

– الشيخ: إلى آخره. نعم.
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة