الرئيسية/شروحات الكتب/الرد على المنطقيين/(26) هل يمكن تصور الأشياء قوله “إعادة والوصف قد يقوم مقام العيان”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(26) هل يمكن تصور الأشياء قوله “إعادة والوصف قد يقوم مقام العيان”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (الرَّد على المنطقيين) لشيخ الإسلام ابن تيميَّة
الدّرس السَّادس والعشرون

***    ***    ***    ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، قالَ شيخُ الإسلامِ رحمه الله تعالى:

وأمَّا الطريقُ الثاني وهو أنْ يُوصَفَ له ذلكَ والوصفُ قد يقومُ مقامَ العَيانِ

– الشيخ : مقامَ العِيانِ، كأنَّكَ تنظرُ إليه.

– القارئ : كمَا قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (لا تَنْعَتُ المرأةُ المرأةَ لزوجِها حتى كأنَّه ينظرُ إليها).

– الشيخ : يعني حرامٌ على المرأة تصفُ امرأة، تقولُ: فلانة كَيت وكَيت، تصف خَدَّيها وشفتَيْها وعينَيْها ولونَ وجهِها، (حتى كأنَّه ينظر إليها)، لأنَّ النظرَ إلى المرأة الأجنبية حرامٌ، فإذا وصفتْها له صارَ يتخيَّلُها في قلبِه، (لا تَنْعَتُ المرأةُ المرأةَ لزوجِها حتى كأنَّه ينظرُ إليها).

– طالب:

– الشيخ : أيش يتزوجه … يمكن هي مُزَوَّجَة

– القارئ : أحسن الله إليك

– طالب: ما يُستَدلّ به أحسن الله إليك، على تغطيةِ الوجه؟

– الشيخ : والله ممكن، ممكن، ما أدري عاد، يدلّ على، هو مِن شواهد تحريمِ النظر، اللهمَّ عافِنا، وكَشْفُ الوجهِ مِن أعظمِ الوسائل لحصولِ ووقوعِ النظر، مع ضعفِ الإيمان إذا المرأة، أو إذا النساءُ أسفرْنَ عن وجوههنَّ، فحدِّث ولا حَرَجَ من امتداد نظرِ الرجال إليهنَّ، ولا سِيما النِّساء الحَسناوات، ولا سِيَّما مع استعمال الـمُحسِّنات إلى آخره، فتنةٌ عظيمةٌ! ولهذا يعني لا يدعو إلى السُّفور إلا الفُسَّاق والـمنافقون، هم الذين يدعون إلى هذا، يُريدون بالمسلمين أنْ تشيعَ الفاحشةُ، يريدون أن تشيعَ الفاحشةُ في المؤمنين، يَدعون إلى الاختلاطِ ويدعون إلى السُّفور، ويدعون إلى التبرُّجِ، ولهذا ما يقف أمرُهم على كشفِ الوجه لا، يعني المطلب الآن للمُستغربين والفاسقينَ، مَطْلبُهم أنْ تكونَ المرأةُ المسلمة كالمرأةِ الكافرة الغربيَّة في التعرِّي وإبداءِ المفاتِن الجسدية، بِلُبْسِ الثياب الضيقةِ والشفافةِ، وفي استعمالِ أدواتِ التجميلِ، وفتنةُ النساءِ أعظمُ فتنة.

 

– القارئ : ولهذا جازَ عندَ جمهورِ العلماءِ بَيْعُ الأعيانِ الغائبةِ بالصفةِ.

هذا معَ أنَّ الـموصوفَ شخصٌ، وأمَّا وصفُ الأنواعِ فأسهلُ.

ولهذا التعريفُ بالوصفِ هو التعريفُ بالحَدِّ فإنَّه لا بُدَّ أن يَذكرَ مِن الصفاتِ ما يُميِّزُ الموصوفَ والمحدودَ مِن غيرِه بحيثُ يجمعُ أفرادَه وأجزاءَه ويَمنعُ أنْ يدخلَ فيهِ ما ليسَ مِنْهُ، وهِي في الحقيقةِ تعريفٌ بالقياسِ والتمثيلِ، إذِ الشيءُ لا يُتصوَّرُ إلا بنفسِهِ أو بنظيرِهِ.

– الشيخ : "بنفسِه" أي: بمشاهدتِهِ، أو مشاهدةِ نظيرِهِ

– القارئ : وبيانُ ذلكَ أنه يُذكرُ مِن الصفاتِ المشتركةِ بينَه وبينَ غيرِه ما يكونُ مميِّزًا لنوعِهِ، فكلُّ صفةٍ مِن تلكَ الصِّفاتِ إنَّما تَدُلُّ على القَدْرِ المشتركِ بينَه وبينَ غيرِه مِن النَّوعِ مثلًا، والقَدْرُ الـمشتركُ إنَّما يفيدُ المعرفةَ للعينِ بالمثالِ، لا يفيدُ معرفةَ العينِ الـمختصةِ، إذ الدالُّ على ما بِه الاشتراكُ لا يدلُّ على ما بِه الامتيازُ، لكن يكونُ مجموعُ الصفاتِ مميزًا لَه تمييزَ تمثيلٍ لا تمييزَ تعيينٍ، فإنَّ غيرَ نوعِه لا تُجمَعُ لَه تلكَ الصفاتُ وهو نفسُه لا يُميَّزُ إلا بما يخصُّهُ، فالحدُّ يفيدُ الدَّلالةَ عليه لا تعريفَ عينِه بمنزلةِ مَنْ يُقالُ له: فلانٌ في هذه الدَّارِ، يَدُلُّ عليهِ قبلَ أنْ يَراهُ، وهو قد يتصورُ المشتركَ بينَه وبينَ غيرِه بدونِ هذه الدَّلالةِ.

ومَن تدبَّر هذا تبيَّنَ لَه أنَّ الحدودَ المصوِّرةَ للمحدودِ لِمَن لا يَعرفُه إنَّما هي مؤلفةٌ مِن الصفاتِ المشتركةِ لا يدخلُ فيها وصفٌ مختصٌّ به، إذ الـمختصُّ وإنْ كانَ لا بدَّ منه في الحَدِّ المميزِ فهو لمْ يتصورْه، وأنَّها لا تفيدُ تعريفَ عينِه، فضلًا عَن تصويرِ ما يُتَنَبَّهُ لَه، وإنَّما يفيدُ تعريفُه بطريقِ التمثيلِ الـمقاربِ، إذ لو عرفَ الـمـِثل المطابقِ لعُرِفَ حقيقةٌ.

ثمَّ قَد يكونُ المخصصُ صفةً واحدةً وقد يكونُ الاختصاصُ بمجموعِ الصفتينِ.

ولو عَرفَ المستمعُ الوصفَ الذي يخصُّهُ كانَ قد تصوَّرهُ بعينِه فيكونُ هو مِن القسمِ الأولِ الذي يُترجِمُ له اللفظُ فقط.

مثالُ ذلكَ: أنه إذا سمعَ لفظَ الخمرِ وهو لا يعرفُ اللفظَ ولا مُسمَّاه فيقالُ له: هو الشرابُ المسكر، فلفظُ الشرابِ جِنسٌ للخمرِ يدخل فيه الخمرُ وغيرُها من الأشربةِ، وهذا واضحٌ، وكذلك لفظُ الـمسكِر الذي يُظنُّ أنه فصلٌ مختصٌّ بالخمرِ، وهو في الحقيقةِ جِنسٌ فيه يَشتركُ الشَّرابُ وغيُره، فإنَّ لفظَ الـمُسكِر ومعناهُ لا يختصُّ بالشَّرابِ بل قد يكونُ بطعامٍ وقد يحصلُ السُّكرُ بغيرِ طعامٍ وشرابٍ، فحينئذٍ فلا فرقَ

– الشيخ : "السُّكر يحصلُ بغيرِ طعامٍ ولا شرابٍ" مِن الأشياء التي تُذهِل العقلَ، قد الإنسان يحصل عندَه من إما الخوف أو الفرحِ الذي يذهل معه يصيرُ بمثابة السَّكران، ما يعقل حاله ولا يعقلُ نفسَه، هذا معنى قول – الشيخ : "بغيرِ طعامٍ ولا شراب"

 

– القارئ : فلا فرقَ بينَ أن يقولَ: هو المسكِر مِن الأشربةِ أو ما اجتمعَ فيه الشربُ والسُّكرُ، أو يقول: الشرابُ المسكِرُ، إنما هو كما يقولُ: ثوبُ خَزٍّ، وبابُ حديدٍ، ورجلٌ طويلٌ أو قصيرٌ، فإنَّ الرجلَ أعمُّ مِن الطويلِ والطويلُ أعمُّ مِن الرجلِ، ولكن باجتماعِ

– الشيخ : يعني مِن وجهٍ، ليسَ كلُّ طويلٍ رجلٌ، وليسَ كلُّ رجلٍ طويلٌ، يعني هذا الذي يُقال فيه: بينهُما عمومٌ وخصوصٌ وجهيّ، ليس عموم وخصوص مُطلَق، فهذا أعمُّ مِن وجهٍ وهذا أعمُّ مِن وجهٍ، وأخصُّ مِن وجه وهذا أخصّ من وجه.

– القارئ : ولكن باجتماعِ هذينِ يتميَّزُ.

وكذلكَ قولُهم في حَدِّ الإنسانِ هو الحيوانُ الناطقُ

– الشيخ : خَلِّك عنده بس [يكفي] .

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة