الرئيسية/شروحات الكتب/نونية ابن القيم/(156) فصل في إقامة المأتم على المتخلفين عن رفقة السابقين
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(156) فصل في إقامة المأتم على المتخلفين عن رفقة السابقين

بسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (نونيّة ابن القيم – الكافية الشَّافية)
الدرس: السَّادس والخمسون بعد المئة

***    ***    ***
 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبه أجمعين. أمَّا بعدُ؛ فقالَ ابنُ القيِّمِ رحمه الله تعالى:
فصلٌ: في إقامةِ الـمَأتمِ على الـمُتخلِّفينَ عَن رفقةِ السابقينَ.

– الشيخ: رحمَه الله، الله المستعان، الله المستعان، لا إله إلا الله.
– القارئ:
باللهِ مَا عُذْرُ امرئٍ هو مؤمِنٌ … حقاً بهذا ليسَ باليَقْظَانِ
بلْ قلبُهُ في رَقْدَةٍ فإذا استفَا… قَ فَلُبْسُهُ هو حُلَّةُ الكَسْلانِ

– الشيخ: لا إله إلا الله، نسأل الله العافية، الله يصلح الأحوال.
– القارئ:
تاللهِ لو شَاقَتْكَ جَنَّاتُ النعيـ… ـمِ طلبتَهَا بنفائسِ الأثمانِ
– الشيخ: "لو شَاقَتْكَ"، يعني: لو اشتقتَ إليها.
– القارئ:
تاللهِ لو شَاقَتْكَ جَنَّاتُ النعيـ … ـمِ طلبتَهَا بنفائسِ الأثمانِ
وسعيتَ جَهْدَكَ في وِصَالِ نَوَاعمٍ… وكَواعبٍ بِيْضِ الوجوهِ حِسَانِ
جُلِيَتْ عليكَ عرائسٌ واللهِ لو … تَجْلَى على صَخْرِ

– الشيخ: الصوفية يقولون: هذا ما تَعَبَّدَ لله هذا، تَعَبَّدَ على شأنِ أشياء مِن حظِّ النفسِ والشهواتِ: مِن مآكلٍ ومشارب وحُورٍ وكذا، لكن الله ذكرَها مُرغِّباً للمؤمنين فيها: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً [النساء:57] فلا ضيرَ على مَن طلبَ ذلك بأسبابِه وطرقِه التي شرعَها الله ودلَّ عليها وأرشدَ إليها.
– القارئ:  
جُلِيَتْ عليكَ عرائسٌ واللهِ لو… تَجْلَى على صَخْرٍ مِن الصَّوَّانِ
رَقَّتْ حواشيهِ وعادَ لوقتِهِ … يَنْهالُ مثلَ نَقَىً مِن الكُثبانِ
لكنَّ قلبَكَ في القساوةِ جاوزَ حَدَّ … الصخرةِ فالخنساءِ في أشجانِ

– الشيخ: الخنساء؟
– القارئ: نعم أحسن الله إليك
– طالب: عندي والحَصباءِ.. الصخر والحصباءِ
– طالب: عندي الصخر لا يأتي …

– القارئ: أحسن الله إليك، المحققونَ ذكروا في الحاشيةِ
– الشيخ: قل: لكن قلبك جاوز
– القارئ:
لكنَّ قلبَكَ في القساوةِ جاوزَ حَدَّ … الصخرةِ فالخنساءِ في أشجانِ

– الشيخ: لا، "الخنساءِ" ما لها محلٌّ.
– القارئ: هم وَجَّهُوهَا أحسن الله إليك
– الشيخ: ما أدري وَجَّهُوهَا من كيسِهم الظاهر …
– القارئ: أقرأُها عليك، كلامُهم وجيهٌ -أحسنَ الله إليك-.
– الشيخ: طيب، قُلْ.
– القارئ: قال: والخنساءُ البقرةُ الوحشيةُ وعَنى بها هنا العروسَ التي جُليَتْ على رَجُلٍ قلبُهُ أشدُّ قسوةً مِن الحجرِ فلا يلينُ لها ولا يلتفتُ عليها فأصبحتْ عروسُهُ في هَمٍّ وحَزَنٍ. وفي قوله: الخنساء توريةٌ رشَّح لها لفظُ الصخرِ قبلَها، فإنَّ الخنساءَ الشاعرةَ اشتهرَتْ برثاءِ أخيها صخرٍ، وقد تحرَّفَتْ كلمةُ الخنساءِ في نسخةٍ إلى الحصباءِ.
– الشيخ: العيسى ما أدري أيش قال؟ طيّب الهراس؟ الهرَّاسُ قال؟ عندك الهراس؟
– القارئ: موجود أحسن الله إليك. الهراس -أحسن الله إليك- شرح على نسخة والحصباء
– الشيخ: طيب أيش قال؟
– القارئ: عندَ هذا البيتِ قالَ: أقولُ: بعدَ أنْ صاغَ المؤلِّفُ هذهِ الأبياتِ مِن أشواقِ قلبِهِ ونَظَمَهَا مِن فيضِ عواطفِه وآهاتِ وجدِه، قالَ: أيُّ عُذرٍ لمنْ صَدَّقَ بهذا النعيمِ والبهجةِ والعاقبةِ الحميدةِ الحسنةِ، ثمَّ ظَلَّ قلبُهُ فيما هو فيهِ مِن رَقْدَةٍ وغفلةٍ، فإذا أفاقَ وصَحَا لمْ يَصْحَ إلى جِدٍّ وتشميرٍ وعملٍ، بلْ إلى خمودٍ وبلادةٍ وكسلٍ. أليسَ هذا دليلاً على جمودِ قلبِه ويُبْسِهِ وأنَّهُ لمْ يتحرَّكْ فيهِ الشوقُ إلى بلوغِ هاتيكَ المنازلِ الرفيعةِ والجناتِ الناعمةِ
– الشيخ: يا الله العفو والعافية، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، نسأل الله الهداية. والله إنَّ أمرَ الإنسانِ المؤمنِ عجب!
– القارئ: وأنَّهُ لمْ يتحرَّكْ فيهِ الشوقُ إلى بلوغِ هاتيكَ المنازلِ الرفيعةِ والجناتِ الناعمةِ إذْ لو شاقتْهُ لَبَذَلَ في سبيلِها كلَّ غالٍ ونفيسٍ، وسعى جهدَهُ في وصالِ عرائسِها المجلوَّةِ الناعماتِ وكواعبِها البيضِ الفاتناتِ اللائي يتفجرنَ شباباً ويتألقْنَ جمالاً ويفضْنَ رِقَّةً وعذوبةً، واللائي لو جُلِيَتْ صفاتُها ومحاسنُها لجُلمودِ صخرٍ لرقَّتْ جوانبُه وعادَ مِن فورِهِ كثيبًا مهيلًا، لكنَّ القلوبُ أصبحَتْ في قساوتِها وجمودِها ويُبْسِها أشدَّ مِن الصخرِ، فلا تهتزُّ بشوقٍ ولا تتحركُ بعاطفةٍ، إذ لو هَزَّكَ الشوقُ وكنتَ ذا حِسٍّ مرهفٍ لما تعوَّضْتَ عَن هذا النعيمِ الأعلى بالحقيرِ الدونِ مِن متاعِ هذه العاجلةِ، ولو صادفَتْ منكَ هذهِ الصفاتُ قلبًا ينبضُ بالحياةِ والحركةِ ويُدركُ مقدارَ هذا المطلوبِ الأعظمِ لجدَّ غايةَ الجدِّ في طلبِه وسعى الى تحصيلِهِ بكلِّ مُمكنٍ، وإلَّا فهلْ يليقُ بتلكَ الخُودِ أن تُزَفَّ إلى ضريرٍ مُقْعَدٍ، فمَا أشدَّ حينئذٍ مِحْنَتَهَا بِه وما أنكدَ عَيشهَا معَه
– الشيخ: هذا سيأتي.. خلص تجاوزْه بدونِه، ما تعرَّضَ للحصباءِ ولا خنساء. ما. إلى الآن ما هو بظاهر تصويبُ خنساء. ما هو بظاهر. ما لها محلّ الخنساء. قل لشوف
– القارئ: قال رحمه الله تعالى:
لو هَزَّكَ الشوقُ المقيمُ وكنتَ ذا… حِسٍّ لما استبدلْتَ بالأدوانِ
أو صادفَتْ منكَ الصفاتُ حياةَ قلـ… ـبٍ كنتَ ذا طلبٍ لهذا الشانِ
خَودٌ لعِنِّينَ تُزَفُ إليهِ ما… ذا حليةُ العِنِّينِ في الغَشَيانِ
شمسٌ تُزَفُّ إلى ضريرٍ مُقْعَدٍ … يا مِحنةَ الحسناءِ بالعُميانِ
يَا سِلْعَةَ الرحمنِ لستِ رخيصةً… بلْ أنتِ غاليةٌ على الكسلانِ
يَا سِلْعَةَ الرحمنِ ليسَ ينالُها … في الأَلْفِ إلا واحدٌ لا اثنانِ
يَا سِلْعَةَ الرحمنِ ماذا كُفؤها … إلا أُولو التقوى معَ الإيمانِ

– الشيخ: سِلْعَةَ الرحمنِ هي: الجنة.
– القارئ:
يَا سِلْعَةَ الرحمنِ سُوقُكِ كاسدٌ … بينَ الأراذلِ سِفْلةِ الحيوانِ
يَا سِلْعَةَ الرحمنِ أينَ الـمشتري … فلقدْ عُرضْتِ بأيسرِ الأثمانِ
يَا سِلْعَةَ الرحمنِ هلْ مِن خاطبٍ … فالمهرُ قبلَ الموتِ ذو إمكانِ
يَا سِلْعَةَ الرحمنِ كيفَ تصبَّرَ الـ … ـخُطَّابُ عنكِ وهم ذَوو إيمانِ
يَا سِلْعَةَ الرحمنِ لولا أنَّها … حُجِبَتْ بكلِّ مَكارهِ الإنسانِ
ما كانَ عنها قطُّ مِن مُتَخَلِّفٍ … وتعطلَتْ دارُ الجزاءِ الثاني
لكنَّها حُجِبَتْ بِكُلِّ كريهةٍ … ليُصَدَّ عنها المُبطِلُ المتواني
وتنالُها الهِمَمُ التي تسمُو إلى… رُتَبِ العُلى بمشيئةِ الرحمنِ
فاتعبْ ليومِ معادِكَ الأدنى تجدْ … راحاتَهُ يومَ المعادِ الثاني

– الشيخ: يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، سبحان الله! لا إله إلا الله. باقي فصل طويل؟
– القارئ: باقي قرابة خمسين بيتاً.
– الشيخ: خلّها عجل [إذن] فاتعبْ ليومِ معادِكَ الأدنى، فاتعبْ ليومِ معادِكَ.. قف عند هذا البيت.
 

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة