بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (مُـختصر الصَّواعقِ الـمُرسلة على الجهميَّة والـمُعطِّلة) للموصلي
الدّرس: السّتون
*** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ سيِّدِنا ونبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، قالَ المؤلِّفُ غفرَ اللهُ لنا وله:
الوجه السَّابِعُ وَالثَلَاثُونَ: أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَسْتَشْكِلُونَ بَعْضَ النُّصُوصِ فَيُورِدُونَ اسْتِشْكَالَاتِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُجِيبُهُمْ عَنْهَا، وَكَانُوا يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ النُّصُوصِ الَّتِي يُوهِمُ ظَاهِرُهَا التَّعَارُضَ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يُورِدُ عَلَيْهِ مَعْقُولًا يُعَارِضُ النَّصَّ الْبَتَّةَ، وَلَا عُرِفَ فِيهِمْ أَحَدٌ، وَهُمْ أَكْمَلُ الْأُمَّم عُقُولًا، عَارَضَ نَصًّا بِعَقْله، وَإِنَّمَا حَكَى اللَّهُ -تَعَالَى- ذَلِكَ عَنِ الْكُفَّارِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيح عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ)، فَقَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ*فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق:7-8] فَقَالَ: (بَلَى، وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْعَرْضُ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ).
فَأَشْكَلَ عَلَيْهَا الْجَمْعُ بَيْنَ النَّصَّيْنِ حَتَّى بَيَّنَ لَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّ الْحِسَابَ الْيَسِيرَ هُوَ الْعَرْضُ الَّذِي لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ اللَّهُ فِيهِ لِكُلِّ عَامِلٍ عَمَلَهُ، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ [الحاقة:18] حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَنْجُو نَجَّاهُ اللَّهُ بِعَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَإِذَا نَاقَشَهُ الْحِسَابَ عَذَّبَهُ وَلَا بُدَّ.
وَلَمَّا قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) قَالَتْ لَهُ حَفْصَةُ-رضي الله عنها-: أَلَيْسَ اللَّهُ -تَعَالَى- يَقُولُ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا [مريم:71] قَالَ: أَوَلَمْ تَسْمَعِي قَوْلَهُ: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا [مريم:72]
فَأَشْكَلَ عَلَيْهَا الْجَمْعُ بَيْنَ النَّصَّيْنِ وَظَنَّتِ الْوُرُودَ هُوَ دُخُولَهَا، كَمَا يُقَالُ: وَرَدَ الْمَدِينَةَ إِذَا دَخَلَهَا، فَأَجَابَهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَنَّ وُرُودَ الْمُتَّقِينَ غَيْرُ وُرُودِ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّ الْمُتَّقِينَ يَرِدُونَهَا وُرُودًا يَنْجُونَ بِهِ مِنْ عَذَابِهَا; وَالظَّالِمِينَ يَرِدُونَهَا وُرُودًا يَصِيرُونَ جِثِيًّا فِيهَا بِهِ.
وَقَالَ لَهُ عُمَرُ يوم الحديبية: "أَلَمْ تَكُنْ تُحَدِّثُنَا أَنَّا نَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ"؟ فقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: (هَلْ قُلْتُ: إِنَّكَ تَدْخُلُهُ الْعَامَ؟) قَالَ: "لَا"، قَالَ: (فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ).
فَأَشْكَلَ عَلَى عُمَرَ رُجُوعُهُمْ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَمْ يَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَلَا طَافُوا بِالْبَيْتِ، فَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ الْعَامِ بِعَيْنِهِ، فَتَنْزِيلُهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَامِ غَلَطٌ، فَرَجَعَ عُمَرُ وَعَلِمَ أَنَّهُ غَلِطَ فِي فَهْمِهِ.
وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ -تَعَالَى-: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [النساء:123]
قَالَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه-: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَاءَتْ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ، فَأَيُّنَا لَمْ يَعْمَلْ سُوءًا؟" فَقَالَ-صلى الله عليه وسلم-: (يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ يُصِيبُكَ الْأَذَى؟) قَالَ: بَلَى، قَالَ: (فَذَلِكَ ما تُجْزَوْنَ بِهِ)
– الشيخ: الحمدُ للهِ، هذا فيه بشارةٌ للمسلمِ أنَّ كلَّ ما يحصلُ من مُؤذِيَاتٍ من همومٍ، وأذىً، وغمٍّ، وهمٍّ. أو مصائبَ صغيرةٍ حتى الشوكةَ! شوكة تصيب رِجْلَ الإنسانِ، لَطْمة، صَدْمة.
كلُّها مما يُجزى به الإنسان ويُكفَّر به من ذنوبِه، إنها لنعمةٌ من الله -تعالى- (لا يُصيبُ المؤمنَ هَمٌّ ولا غَمٌّ ولا نَصَبٌ ولا وَصَبٌ ولا حَزَنٌ، حتى الشوكةُ يُشاكُهَا إلا كَفَّرَ اللهُ بها عَنْهُ). اللهمّ لك الحمد، ما شاء الله.
وهذا أبو بكر لما سمع الآية: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فاستعظمَ هذا، مَنْ مِنَّا لا يَعملُ سوءًا؟ فقال: يا أبا بكر ألستَ تحزنُ؟ ألستَ تَنْصَبُ؟ النَّصَبُ: التَّعَبُ، النَّصَبُ، الإنسانُ يمشي في بعضِ حوائجِه ويتعبُ، ألستَ تنصَب؟ ألست كذا؟ أليست تصيبك الْلَأْوَاْءُ؟ يعني: الجوعُ، أحيانًا يُبتلى الإنسانُ بالجوعِ مصيبة وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ [البقرة:155] كذلك الخوفُ: ما يَحصلُ للإنسانِ مِن خوفٍ مِن عدوٍ أو سَبُعٍ أو خَطَرٍ يَقْلَقُ منه، يَقْلَقُ، قال: "بلى"، قال: (فذلكَ مِمَّا تُجزونَ بِهِ) الله أكبر! هذه بِشَارة للمسلم.
– القارئ: هل يُشتَرَطُ لحصول هذا التكفيرِ للسيئاتِ احتسابُ النيةِ في ذلكَ؟
– الشيخ: لا، هذا ليسَ مِن فعلِه، المصائبُ ليستْ مِن فعلِه فلا تَحتاجُ إلى نيةٍ.
– القارئ: أيُّ مصيبةٍ تأتيه يُكفِّرُ اللهً بها.
– الشيخ: يُكفِّرُ الله بها عنه، يعني بس يبقى إذا صبرَ ولَّا تَسَخَّط مِن قضاءِ اللهِ وقَدَرِهِ، بس هذا اللي يحتاج. يحتاج إلى أنه يصبر لا يَتبرَّم ويَتَسخَّط.
– القارئ: فَأَشْكَلَ عَلَى الصِّدِّيقِ أَمْرُ النَّجَاةِ مَعَ هَذِهِ الْآيَةِ وَظَنَّ أَنَّ الْجَزَاءَ فِي الْآخِرَةِ وَلَا بُدَّ، فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ جَزَاءَهُ وَجَزَاءَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يَعْمَلُونَهُ مِنَ السُّوءِ فِي الدُّنْيَا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ النَّصَبِ وَالْحُزْنِ وَالْمَشَقَّةِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِسَيِّئَاتِهِمْ فَلَا يُعَاقَبُونَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ
– الشيخ: لَا يُعَاقَبُونَ عليها أو تُخفَّفُ عنهم، الذنوبُ درجاتٌ، والمصائبُ درجاتٌ، وفي الحديثِ المشهور: (لا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ حَتَّى يَمشي على الأرضِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَة) قد كُفِّرتْ عنه ذنوبُه، لكن.
ولهذا الذين يُبتَلَوْنَ ببعضِ الأمراض المـُسْتَديمةِ يُرجَى لهم خيرٌ عظيمٌ، يُرجى لهم، لكن نسألُ الله العافية، الإنسانُ ما يَتمنَّى البلاءَ، بعضُ الناسِ يكون مُبتَلَىً يَمرضُ طويلاً لكن أهم شيءٍ: الصبرُ، والتسليمُ لحكمِ اللهِ، والرِّضا عَن اللهِ. الله أكبر.
– القارئ: فَيَكُونُ ذَلِكَ كَفَّارَةً لِسَيِّئَاتِهِمْ فَلَا يُعَاقَبُونَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ وهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى:30]
وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ -تَعَالَى-: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82] قَالَ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-: وَأَيُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ قَالَ: (ذَلكَ الشِّرْكُ، أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)؟
فَلَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِمُ الْمُرَادُ بِالظُّلْمِ وَظَنُّوا أَنَّ ظُلْمَ النَّفْسِ دَاخِلٌ فِيهِ، وَأَنَّ مَنْ ظَلَمَ نَفْسَهُ أَيَّ ظُلْمٍ كَانَ، لَمْ يَكُنْ آمِنًا وَلَا مُهْتَدِيًا، أَجَابَهُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ الظُّلْمَ الرَّافِعَ لِلْأَمْنِ وَالْهِدَايَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ هُوَ الشِّرْكُ.
وَهَذَا وَاللَّهِ هُوَ الْجَوَابُ الَّذِي يَشْفِي الْعَلِيلَ وَيُرْوِي الْغَلِيلَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ الْمُطْلَقَ التَّامَّ هُوَ الشِّرْكُ الَّذِي هُوَ وَضْعُ الْعِبَادَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، وَالْأَمْنُ وَالْهُدَى الْمُطْلَقُ هُوَ الْأَمْنُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْهُدَى إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.
وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ -تَعَالَى-: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [البقرة:284] أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَكْلِيفِهِمْ مَا لَا يُطِيقُونَهُ، فَأَمَرَهُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُقَابِلُوا النَّصَّ بِالْقَبُولِ، فَبَيَّنَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ- بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، وَأَنَّهُ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا نَسُوه وأَخْطَئُوا فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ إِصْرًا كَمَا حَمَلَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ; وَأَنَّهُ لَا يُحَمِّلُهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ
– الشيخ: الحمدُ لله، الحمدُ لله، هذا مِنِ لطفِ اللهِ بهذهِ الأمة: (إنَّ اللهَ تجاوزَ عَنْ أمتي الخطأَ والنسيانَ وما استُكرِهُوا عليهِ).
– القارئ: وَأَنَّهُمْ إِنْ قَصَّرُوا فِي بَعْضِ مَا أُمِرُوا بِهِ أَوْ نُهُوا عَنْهُ ثُمَّ اسْتَغْفَرُوا عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ وَغَفَرَ لَهُمْ وَرَحِمَهُمْ، فَانْظُرْ مَاذَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ -تَعَالَى- لَمَّا قَابَلُوا خَبَرَهُ بِالرِّضَى وَالتَّسْلِيمِ وَالْقَبُولِ وَالِانْقِيَادِ دُونَ الْمُعَارَضَةِ وَالرَّدِّ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا سَمِعَتْ قَوْلَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ الْمَيِّتَ
– الشيخ: هذه الآيات قصتُها عجيبةٌ، سببُ نزولِها، لما نَزَلِتْ هذه الآية: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ جاءَ بعضُ الصحابةِ وَجَثَوْا -يقولُ في الرواية- جَثَوْا على الرُّكبِ، يعني: هيئةُ الخائِفِ، وهيئةُ الفَزِعِ، جَثَوا على الرُّكَبِ، قالوا: يا رسول الله كُلِّفْنَا من العملِ ما نُطِيقُ مِن صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ، وإنه نزلَتْ عليكَ آيةٌ وإنَّا لا نُطيقُها: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ قالَ: (أتريدونَ أنْ تقولوا كما قالَ أهلُ الكتابِ: سمِعْنا وعصَيْنا، قولوا: سَمِعْنَا وأَطَعْنَا) فقالوا: "سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" فلمَّا أنْ قالوها وذلَّتْ بها ألسنتُهم أنزلَ الله: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:284] الحمدُ لله رفعَ الحرجُ.
والحرجُ الذي لاحظُوه في الآية لاحظُوه في الآية وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ لاحظوا أنه يَرِدُ على القلبِ خواطرُ عظيمةٌ وفظيعةٌ ما يستطيعون دفْعَها، تَرِدُ خواطر، فإن كانوا سَيُحَاسَبُونَ على هذه الخواطرِ فهذا أمرٌ عظيمٌ، فَبَيَّنَ الله: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ما لا يَستطيعُ الإنسانُ دفعَه فإنه لا يضرُّهُ لا يَضُرُّهُ إلا الخواطرُ الشَّينة والخواطر السَّيئة والخواطرُ التي تحملُ شبهاتِ ومعارضاتٍ إذا وقعتْ في القلبِ ورفَضَها المؤمنُ وأعرضَ عنها وردَّها لا تَضرُّهُ.
ويُوضح هذا قصةُ الذي جاءَ إلى الرسولِ وقالَ: يا رسولَ اللهِ، إني أجدُ في نفسِي ما لو أَخِرَّ من السماءِ أحبُّ إليَّ مِنْ أنْ أتكلَّمَ به، يجدُ وسواس شِين، وسواس قبيح خطير، فقالَ عليهِ الصلاة والسلام: (أَوَجَدْتُمُوْهُ؟ هذا صريحُ الإيمانِ) قالَ العلماءُ: صريحُ الإيمانِ هو بُغْضُ هذا الوسواسِ وكراهتُهُ والقلقُ منه. الله أكبر.
وفي اللفظِ الآخَرِ قال -عليه الصلاة والسلام-: (الحمدُ للهِ الذي رَدَّ كَيْدَهُ) أي: رَدَّ كَيْدَ الشيطانِ (إلى الوسوسةِ)، ما وَجَدَ إلَّا أنه يُشَوِّشُ عليكَ بالوساوسِ السيئةِ المـُزعجةِ لكَ، الحمد لله.
فعلى المسلمِ إذا خَطَرَ في قلبِه أيُّ خاطرٍ سيءٍ من شبهةٍ أو شهوةٍ فعليه أن يُعرِضَ عن ذلكَ ويدفعَه ويَكْرَهَهُ ويَتَشَاغَلَ عنه، كما في الحديث: (فإذا وجدَ أحدُكُمْ ذلكَ فليقلْ: آمنتُ باللهِ ورسلِهِ) وفي لفظ: (فَلْيَنْتَهِ) أي يُعْرِض، لا يتابعْ التفكيرَ، إذا صارَ يُفكِّر في أمرٍ وخطرَ ببالِه المعنى القبيح المـُنكَر في العقيدة أو السلوكِ فَلْيُعْرِضْ، يُعرضْ ويتشاغلْ عنه لا يتابعِ التفكير، لا يتابع، ما دام عرفتَ أنه قبيحٌ لا تُتابِع. الله أكبر.
– القارئ: وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا سَمِعَتْ قَوْلَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ) عَارَضَتْهُ بِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] وَلَمْ تُعَارِضْهُ بِالْعَقْلِ ; بَلْ غَلَّطَتِ الرُّوَاةَ.
وَالصَّوَابُ: عَدَمُ الْمُعَارَضَةِ وَتَصْوِيبُ الرُّوَاةِ، فَإِنَّهُمْ منْ لَا يُتَّهَمُ، وَهُمْ عُمَرُ وَابْنُهُ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَغَيْرُهُمْ.
وَالْعَذَابُ الْحَاصِلُ لِلْمَيِّتِ بِسَبَبِ بُكَاءِ أَهْلِهِ: تَأَلُّمُهُ وَتَأَذِّيهِ بِبُكَائِهِمْ عَلَيْهِ; وَالْوِزْرُ الْمَنْفِيُّ: حَمْلُ غَيْرِ صَاحِبِهِ لَهُ هُوَ عُقُوبَةُ الْبَرِيءِ وَأَخْذُهُ بِجَرِيمةِ غَيْرِهِ، وَهَذَا لَا ينفِي تَأَذِّيَ الْبَرِيءِ السَّلِيمِ بِمُصِيبَةِ غَيْرِهِ.
فَالْقَوْمُ لَمْ يَكُونُوا يُعَارِضُونَ النُّصُوصَ بِعُقُولِهِمْ وَآرَائِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا يَطْلُبُونَ الْجَمْعَ بَيْنَ نصَّيْنِ يُوهِمُ ظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضَ.
وَلِهَذَا لَمَّا عَارَضَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ) بِرَأْيِهِ وَعَقْلِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ، أَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُوهُ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبًّا مَا سَبَّهُ مِثْلَهُ، وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَقُولُ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ".
وَلَمَّا حَدَّثَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَوْلِهِ: (إِنَّ الْحَيَاءَ خَيْرٌ كُلُّهُ) فَعَارَضَهُ مُعَارِضٌ بِقَوْلِهِ: إِنَّ مِنْهُ وَقَارًا وَمِنْهُ ضَعْفًا، فَاشْتَدَّ غَضَبُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَقَالَ: "أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَقُولُ: إِنَّ مِنْهُ كَذَا وَمِنْهُ كَذَا؟" وَظَنَّ أَنَّ الْمُعَارِضَ زِنْدِيقٌ، فَقالَ لَهُ: يَا أَبَا نُجَيْدٍ، إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ.
وَلَمَّا حَدَّثَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ) الْحَدِيثَ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا، يَعْنِي بَيْعَ آنِيَةِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ مُتَفَاضِلًا، غَضِبَ عُبَادَةُ -رضي الله عنه- وَقَالَ: تَراني أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَقُولُ: مَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا؟ قَالَ: لَا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ أَنْتَ بِهَا!
وَمُعَاوِيَةُ لَمْ يُعَارِضِ النَّصَّ بِالرَّأْيِ، وَكَانَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا خَصَّصَ عُمُومَهُ وَقَيَّدَ مُطْلَقَهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَمَا شَابهُهَا، وَرَأَى أَنَّ التَّفَاضُلَ فِي مُقَابَلَةِ أَثَرِ الصَّنْعَةِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْحَدِيثِ، وَهَذَا مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ عُبَادَةُ مُقَابَلَتَهُ لِمَا رَوَاهُ بِهَذَا الرَّأْيِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: نَعَمْ، حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ بوجه، وَلَكِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَا تَدْخُلُ فِي لَفْظِهِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا قَالَ: (الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَزْنًا بِوَزْنٍ)، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ الْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي مُقَابَلَةِ الصَّنْعَةِ، وَلَا تَذْهَبُ الصَّنْعَةُ هَدَرًا، لَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ عُبَادَةُ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ تَمَامِ فَهْمِ النُّصُوصِ وَبَيَانِ مَا أُرِيدَ بِهَا، كَمَا أَنَّهُ هُوَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ
– الشيخ: الله المستعان، الأظهر انَّ الأحاديثَ عامَّةٌ فيما دخلَتْه الصَّنعةٌ وفيما لمْ تدخلْه الصَّنعةُ، الأحاديثُ فيها عمومٌ سواءً كان التبادلُ بينَ نقودٍ -دنانير ودراهم- أو بينَ مَصَاغَاتٍ حُلِيّ كذلكَ، هذا هو الأظهرُ، الأحاديثٌ عامةٌ، حديثُ القِلادةِ يعني واضح في هذا.
– القارئ: كَمَا أَنَّهُ هُوَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ لَمَّا وَرَّثُوا الْمُسْلِمَ مِنَ الْكَافِرِ وَلَمْ يُوَرِّثُوا الْكَافِرَ مِنَ الْمُسْلِمِ لَمْ يُعَارِضُوا قَوْلَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ) بِعُقُولِهِمْ وَآرَائِهِمْ، بَلْ قَيَّدُوا مُطْلَقَ هَذَا اللَّفْظِ وَخَصَّصُوا عُمُومَهُ وَظَنُّوا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَرْبِيُّ، كَمَا فَعَلَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي قَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) حَيْثُ حَمَلُوهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ دُونَ الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ، وَالصَّحَابَةُ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ وَالتَّخْصِيصِ أَعْذَرُ مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهَا.
وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يَشْتَدُّ عَلَيْهِمْ مُعَارَضَةُ النُّصُوصِ بِآرَاءِ الرِّجَالِ وَلَا يُقِرُّونَ عَلَى ذَلِكَ.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَحْتَجُّ فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَمْرِهِ لِأَصْحَابِهِ بِهَا، فَيَقُولُونَ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَفْرَدَا الْحَجَّ وَلَمْ يَتَمَتَّعَا، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ: "يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، أَقُولُ لكم: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَتَقُولُونَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ"
فَرَحِمَ اللَّهُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَيْفَ لَوْ رَأَى قَوْمًا يُعَارِضُونَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ بِقَوْلِ أَرِسْطُو وَأَفْلَاطُونَ وَابْنِ سِينَا وَالْفَارَابِيِّ وَجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ وَبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَأَبِي الْهُذَيْلِ الْعَلَّافِ وَأَضْرَابِهِمْ؟
وَلَقَدْ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ فَأَمَرَ بِهَا، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَاكَ نَهَى عَنْهَا، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي لم يُردْ مَا تَقُولُونَ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَقُّ أَنْ تَتَّبِعُوا أَمْ أَمْرُ عُمَرَ؟
وَلَمَّا حَدَّثَ حَمَّادُ عن ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ [الأعراف:143]
– الشيخ: لا إله إلا الله. سبحان الله!
لـما ذكرتُ للشيخ محمد بن عثيمين في مسألةِ نقلِ الأعضاءِ لأنَّهُ ما يرى نقلَ الأعضاءِ، قلتُ له: إنَّ الشيخ عبد الرحمن كأنَّه يرى الجواز، قالَ: الشيخُ ما هو رسول بس.
– القارئ: وَلَمَّا حَدَّثَ حمَّادٌ عَن ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ قَالَ: (وَضَعَ أُصْبُعَهُ عَلَى طَرَفِ خِنْصَرِهِ فَسَاخَ الْجَبَلُ). أَنْكَرَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ وَقَالَ: تُحَدِّثُ بِهَا؟ فَضَرَبَ حُمَيْداً فِي صَدْرِهِ وَقَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَتَقُولُ: أَتُحَدِّثُ بِهَذَا؟
فَكَانَتْ نُصُوصُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجَلَّ فِي صُدُورِهِمْ وَأَعْظَمَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ أَنْ يُعَارِضُوهَا بِقَوْلِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَا يثْبُتُ قَدَمُ الْإِيمَانِ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ.
انتهى، أحسن الله إليكم.
– الشيخ: هذا بحثٌ عظيمٌ، فصلٌ عظيمٌ، عظيمُ المعنى، وعظيمُ الفوائدِ.