file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(36) باب فضل من بنى مسجدا

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقي) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس: السَّادس والثلاثون

***     ***     ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، قالَ الإمام مجدُ الدينِ عبدُ السلامِ ابنُ تيميةَ -رحمَه اللهُ- في كتابِه المنتقى: بابُ فضلِ منْ بنى مسجِدَاً.

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمِفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ.

بَابُ الِاقْتِصَادِ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا أُمِرْت بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد.

وَعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيُّ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: كَانَ سَقْفُ الْمَسجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: "أَكِنَّ النَّاسَ مِن المطرِ وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ فَتَفْتِنَ النَّاسَ".

بَابُ كَنْسِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْيِيبِهَا وَصِيَانَتِهَا مِنْ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ.

عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ.

وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَتَّخِذَ الْمَسَاجِدَ فِي دِيَارِنَا، وَأَمَرَنَا أَنْ نُنَظِّفَهَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَفْظُهُ: "كَانَ يَأْمُرُنَا بِالْمَسَاجِدِ أَنْ نَصْنَعَهَا فِي دِيَارِنَا وَنُصْلِحَ صَنْعَتَهَا وَنُطَهِّرَهَا".

وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

بَابُ مَا يَقُولُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ.

– الشيخ : حسبُك، الله المستعان، لا إله إلا الله، دلَّتْ هذهِ الأحاديثُ على فضلِ بناءِ المساجدِ، وأنْ من دَأْبِ المسلمينَ بناءُ المساجد في الأحياء، الدُّور: الأحياء، بناءُ المساجدِ في الدُّورِ، الدُّور: جمعُ دارٍ، ويُقالُ لها: ديار.

والمقصود من بناء المساجد في الأحياء هو إقامةُ شعائر الإسلام التي أعظمُها الصلاة، فيُنادى للصلاةِ في المساجد وتُقامُ الجماعات ويَتعبَّدُ المسلمون.

واللهُ نَوَّهَ بشأنِ المساجدِ بقولِه: فِي بُيُوتٍ [النور:36] وجاء في الحديثِ جاءَتْ إضافتُها إلى الله: (وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوْتِ اللهِ -المراد: المساجد- يَتْلُوْنَ كتابَ اللهِ وَيَتَدَاْرَسُوْنَهُ بَيْنَهُمْ).

كما دلَّتِ الأحاديثُ عن النَّهي عن التَّباهي والتَّفاخر بتطريزِ المساجدِ، بل ينبغي بناؤُها بناءً ليسَ فيه سَرَفٌ وليسَ فيه مبالغةٌ في تصميمِها ولا في زخرفتِها، زخرفةً بالألوانِ، وكذلكَ يَدخل فيه المبالغةُ في الأضواءِ، يعني: مثل الثُّريَّات، كلُّ هذا إضاعةُ مالٍ.

وأشارَ أَثَرُ ابنُ عباسٍ إلى أنَّ زَخْرَفَةَ المساجدِ هو من التشبُّه بأهلِ الكتاب، فأهلُ الكتابِ -اليهود والنصارى- يُزخرفونَ مَعَابِدَهُم، فينبغي أنْ يكونَ بناءُ المساجدِ -كما يسمُّونَه- يكون متواضعاً ليسَ فيه اعتناءٌ بالمظاهرِ والأشكالِ والألوانِ.

كما أنَّ مِن أحكامِ المساجدِ تنظيفُها وإزالةُ الأقذارِ عنها، كمَا أمرَ اللهُ بتطهيرِ أفضلِ المساجدِ، وهو: المسجدُ الحرامُ، وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [البقرة:125] وهكذا سائر المساجد ينبغي تطهيرُها من الأقذارِ، وتقدَّم ذِكرُ الأحاديث في تحريمِ والنَّهي عن البُصاقِ في المساجدِ، (الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ)، (النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا)، نعم يا محمد.

– طالب: حاويات …

– الشيخ : بس [لكن] عندي أنها ممكن، ما تصير في القبلة.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه