file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(53) باب الجلسة بين السجدتين وما يقول فيها

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقى) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس: الثَّالث والخمسون

***      ***      ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، قالَ الإمامُ مجدُ الدين عبدُ السلامِ ابنُ تيميةَ الحرَّاني رحمَه الله تعالى في كتابه: "المنتقى في الأحكام الشرعية مِن كلامِ خيرِ البَريةِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ":

بَابُ الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَمَا يَقُولُ فِيهَا:

– الشيخ : مِن أركانِ الصلاةِ: الجلسةُ بينَ السجدتين، لابُدَّ، مثلُ الاعتدالِ مِن الركوعِ، الرسولُ عليه الصلاة والسلام قالَ للمُسيءِ في صلاتِهِ: (ثمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا)، وقالَ: (ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالسًا) وهذا هو الجلوسُ بينَ السجدتينِ، لابدَّ منه، ما يصحُّ أنه يرفع رأسَه المصلي يرفع رأسَه ثمَّ يرجع! لا، يرفعُ ويستقرُّ جالسًا، وهذا الجلوسُ لَه ذِكْرٌ، دعاءٌ، سيأتي فيما يذكرُهُ المؤلف.

 

– القارئ : عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَالَ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) قَامَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ، ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ.

– الشيخ : الله أكبر يعني: قدْ نَسِيَ، يعني هذا يدلُّ على أنه يطمئِنُّ، يطمئِنُّ، يطمئِنُّ بعدَ الرفعِ مِن الركوعِ وبعدَ الرفعِ مِن السجدةِ، يطمئِنُّ، حتى يَرِدَ على قلبِ بعضِ الناسِ أنَّ الرسولَ نَسِيَ أَوْهَمَ، قد أَوْهَمَ.

 

– القارئ : وَفِي رِوَايَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا أَنَّ أَنَسًا قَالَ: "إنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا، فَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ انْتَصَبَ قَائِمًا حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ: قَدْ نَسِيَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ مَكَثَ حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ: قَدْ نَسِيَ.

وَعَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: (رَبِّ اغْفِرْ لِي رَبِّ اغْفِرْ لِي) رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاجْبُرْنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُد إلَّا أنه قَالَ فِيهِ: (وَعَافِنِي) مَكَانَ: (وَاجْبُرْنِي).

– الشيخ : تضمَّنَت هذه الأحاديثُ الدَّلالةَ على على شيءٍ مِن هديهِ عليه الصلاة والسلام في صلاتِهِ، وهوَ أنه يطمئِنُّ في الاعتدالِ مِن الركوعِ، وفي الجلوسِ بعدَ السجدة، وكانَ أنسٌ يفعلُ ذلكَ يقول: إني لا أُقَصِّرُ أنْ أُصلي بكمْ مثلَ صلاةِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام، فكانَ إذا رفعَ مِن الركوعِ بَقِيَ قائمًا حتى يقولَ الناسُ: قدْ نَسِيَ، وهكذا إذا رفعَ رأسَهُ مِن السجدةِ يبقى جالسًا حتى يقولَ قائلٌ: قدْ نَسِيَ.

وفي حديثِ ابنِ عباسٍ وحذيفةَ دَلالةٌ على ما يُشرَعُ مِن الدعاءِ بينَ السجدتينِ: تقولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي، مرتين، ثلاث، أربع، خمس، عشر، بحسبِ مُكْثِكَ بينَ السجدتينِ، رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي، وفي حديثِ ابن عباس: (اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي). الله أكبر،

فعُلِمَ مِن ذلكَ أنَّ الجلسةَ بينَ السجدتين موضعُ دعاءٍ، ينبغي للمصلي يُرَدِدُ هذا الدعاءَ ولو دعا بشيءٍ آخرَ فلا بأسَ، لأنه موضعُ دعاء، إلَّا أنَّ الدعاءَ في السجودِ أفضلُ وأنفعُ، لكن في الفريضةِ ينبغي الإكثارُ مِن التسبيحِ في السجودِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى، في السجود، وفي الركوع كذلك تسبيح.

 

– القارئ : بَابُ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَلُزُومِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ عَنْهُمَا:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَل الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ) فَرَجَعَ فَصَلَّى كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ) فَرَجَعَ فَصَلَّى كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ) ثَلَاثًا: فَقَالَ: "وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي"، فَقَالَ: (إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَيْسَ لِمُسْلِمٍ فِيهِ ذِكْرُ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: (إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ) الْحَدِيثَ.

وَعَنْ حُذَيْفَةَ: "أنه رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مِتَّ، مِتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.

 وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَسوأ النَّاس سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ)، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْف يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: (لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا)، أَوْ قَالَ: (وَلَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ إلَّا أنه قَالَ: (يَسْرِقُ صَلَاتَهُ).

– الشيخ : نعم، هذه الأحاديث دلَّتْ على مضمونِ الترجمةِ وهو: وجوبُ الطمأنينةِ في أركانِ الصلاة، وجوبُ الطمأنينةِ في الركوعِ والسجودِ والجلوسِ، أمَّا أنْ يُومِئَ بالركوعِ والسجودِ، وينقرَ الصلاةَ كنَقْرِ الغُرابِ، يوُمِئُ برأسِهِ يضربُ جبهتَهُ بالأرضِ ويرفعُ، لا، لا بدَّ مِن الطمأنينة، ولهذا ردَّ النبي ذلكَ الرجلَ، ظهرَ مِن جوابِ النبيِّ وتعليمِهِ أنَّ الرجلَ ما كانَ يَطْمَئِنُّ، وردَّدَ: (ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ) (لمْ تُصلِّ)، (لمْ تُصلِّ).

والرسولُ ردَّهُ ولمْ يُعلِّمْهُ مِن أولِ وَهْلَةٍ؛ حتى يشعرَ بالحاجةِ إلى المعرفةِ، ويتبيَّنَ لَه خَطَؤُهُ، ويكونَ عندَه إقبالٌ على التلقِّي مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولهذا لما ردَّده قالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هذا –هذا الذي أعرفه- فعلِّمْنِي. ما أحسنَها، ما أحسنَ جوابَ هذا الرجلِ، لا أُحسنُ، هذا ما أعرفُ فعلِّمْني، فعلَّمَه النبي عليه الصلاة والسلام.

وهذا الحديثُ يُعرَفُ بحديثِ الـمُسيءِ؛ لأنَّهُ صَلَّى وأساءَ في صلاتِهِ؛ لأنَّهُ لمْ يتمَّ ركوعَها ولا سجودَها، ورواياتُ هذا الحديثِ هِيَ أصلٌ عندَ أهلِ السُّنةِ في صفةِ الصلاةِ، فالرسولُ عليه الصلاة والسلام بَيَّنَ للأمةِ صفةَ الصلاةِ بقولِهِ وبفعلِهِ، بقولِهِ: كما قالَ لهذا الرجلِ وغيرِهِ، وبفعلِهِ: فيما صلَّى بِه في الناسِ حتى قال: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي).

فالصحابةُ صلَّوا مع النبي وعرفوا صفةَ صلاتِه ونقلوا ذلك لِمَنْ بعدِهم حتى وصلَ إلينا، وسيَبقى مَدَى الأجيالِ، يَعرفونَ صفةَ صلاةِ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن هذه الروايات، فالرسولُ بَلَّغَ ما أُنزِلَ إليهِ مِنْ رَبِّهِ بِطُرُقِ البيانِ، ومَنْ بعدَهُم، بلَّغُوا، وبلَّغُوا، وبلَّغُوا.

فعلى المسلم -أيضًا- كما علَّمَهُ اللهُ كيف يعبدُه وكيف يُصلي، ينبغي أيضًا أن يُعلِّمَ، فإذا رأى المسلمُ رجلًا يُخطِئُ في صلاتِه يُعلِّمُه، سواءً كان إلى جنبِهِ -مثلًا- يُرشدُهُ بعدَ الصلاةِ يقول: "إنك فعلتَ كذا، وقلتَ كذا" بطريقةٍ هادئةٍ رفيقةٍ، أو رأى رجلًا يُسِيءُ في صلاتِهِ، في ركوعِهِ وسجودِهِ، ولا يطمَئِنُّ، يُعلِّمُهُ كما فعلَ عليه الصلاة والسلام: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب:21]

 

– القارئ : بَابُ كَيْفَ النُّهُوضُ إلَى الثَّانِيَةِ وَمَا جَاءَ فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ

– الشيخ : الله أكبر.

– القارئ : عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَجَدَ وَقَعَتْ رُكْبَتَاهُ إلَى الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَضعَ كَفَّاهُ، فَلَمَّا سَجَدَ

– الشيخ : قبل أيش؟

– القارئ : قَبْلَ أَنْ يَضَعَ كَفَّاهُ

– الشيخ : لا.

– طالب: "قَبْلَ أَنْ يَقَعَ".

– الشيخ : "أَنْ يَقَعَ"، تمام.

– القارئ : هو قال في الحاشية: وفي نسخةٍ: "يَقَعَ" كذا.

– الشيخ : لا، هذا الصوابُ؛ لأنَّ (كَفَّاهُ) ما يمكن، لا، كَفَّاهُ يقعُ، قبلَ أنْ يقعَ كَفَّاهُ، صح.

– القارئ : قَبْلَ أَنْ يَقعَ كَفَّاهُ، فَلَمَّا سَجَدَ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ، وَجَافَى عَنْ إبِطَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: "أنه رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ

– الشيخ : الوِتْرُ في الصلاةِ هو الركعةُ الأولى والثالثةُ في الرباعيةِ، الرباعية فيهِ وِتْرَانِ: الأولى وِتْرٌ، والثالثة.

وأمَّا الثُّنائيةُ فليسَ فيها إلا الركعةُ الأولى، وكذلكَ صلاةُ المغربِ ليسَ فيها إلا الركعةُ الأخيرة هي وِتْرٌ، لكنها ليس بعدَها نهوضٌ، ليسَ بعدها نهوضٌ ما في بعدَها إلا التسليم.

 

– القارئ : وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: "أنه رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَابْنَ مَاجَهْ.

– الشيخ : "حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا" هذهِ هي التي يُسمِّيهَا العلماءُ: جلسةَ الاستراحةِ، يعني: لا ينهضُ للقيامِ حتى يستوي قاعدًا ثم ينهضُ، فهذه جلسةُ الاستراحة، اختلفَ العلماءُ في شَرْعيتِها:

فمنهم مَن يقولُ: إنَّ الرسولَ فعلَها بعدَما ثَقُلَ، ولمْ يفعلْها تشريعًا، بلْ فعلَها للحاجةِ على وجهِ العادة.

ومنهمْ مَن يقولُ: لا، بلْ هي سُنَّةٌ.

ومنهمْ مَن فصَّلَ قالَ: مَن احتاجَ إليها -لضعفٍ وكِبَرٍ ومَا إلى ذلكَ- فينبغي أنْ يفعلَها.

والمتأمِّلُ لحديثِ مالكٍ، وحديثِهِ الآخر: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي)، مالكُ بن الحُوَيْرِث هو الذي روى لنَا قولَهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)، فيُؤخذ مِن هذا أنَّ جلسةَ الاستراحةِ سُنَّةٌ، ولكن لا يُشَدَّدُ فيها، ولا يُطَالُ الجدالُ فيها، الحمدُ للهِ الأمرُ فيها واسعٌ، فالظاهرُ مِن الدليلِ هو شَرعيَّةُ وسُـنِّيـَّــةُ جلسةِ الاستراحةِ. لا إله إلا الله، لا إله إلا الله.

ويَستشكلُ الناسُ -مثلًا- الإمام لو جلسَ جلسةَ الاستراحةِ، سبَقَهُ المأمومُ، لكن هذا يَقتضي -والله أعلم، عندي- أنه إذا أرادَ أن يجلسَ جلسةَ الاستراحةِ يجلسُ ثمَّ يكونُ تكبيرُهُ عندَ نهوضِه، وإلا سوفَ يَسبقُهُ المأمومون ويقومونَ قيامًا وهو جالسٌ، أمَّا إذا كبَّر عندَ رفعِهِ من .. فعليهِ أنْ ينهضَ.

– طالب: المأموم إذا ما جَلَسَ الإمامُ الجلسة يُتابِعُ أو لا؟

– الشيخ : مَن؟ مَن؟

– طالب: المأمومُ إذا كانَ الإمامُ لا يجلسُ الجلسة، فهلْ الأولى أنْ يتابعَ الإمامَ أو …

– الشيخ : (إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ) إلى آخرِه.

– القارئ : بَابُ افْتِتَاحِ الثَّانِيَةِ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَوُّذٍ وَلَا سَكْتَةٍ.

– الشيخ : إلى هنا، سبحانَ اللهِ وبحمدِهِ، سبحانَ اللهِ العظيم.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه