file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(78) باب صلاة التراويح

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

التَّعليق على كتاب (المنتقى) للمجد ابن تيميَّة

الدَّرس: الثَّامن والسَّبعون

***      ***      ***

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، قالَ الإمامُ مجدُ الدِّينِ عبدُ السَّلامِ ابنُ تيميةَ الحرَّانيُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ "المُنتقَى في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ مِن كلامِ خيرِ البريَّةِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ":

قالَ رحمَهُ اللهُ: بَابُ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ

– الشيخ : صلاةُ التَّراويحِ هذه هي من قيامِ اللَّيل، لكنَّها مختصَّةٌ برمضان وهي صلاةُ قيام اللَّيل جماعةً، وذلك خاصٌّ برمضان، وقد سنَّ النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّمَ- صلاةَ قيام اللَّيل جماعةً في رمضان ليالي ثمَّ أمسكَ، ثمَّ أجمعَ الصَّحابةُ على ذلك في خلافةِ عمرَ -رضي الله عنه-، ودرجَ على ذلك المسلمون يصلُّون قيامَ اللَّيل جماعةً في المساجد والحمدُ لله ربِّ العالمين، ولكنَّهم يختلفون في عددها كم تكون؟ وأمَّا ما سوى رمضان فلا تُسَنُّ الجماعةُ في قيام الليل دائمًا، لكن تجوز، يجوزُ قيامُ اللَّيل جماعةً لأسبابٍ عارضةٍ كما صلَّى ابنُ عبَّاسٍ مع النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليلةَ مبيته في بيتِ خالته ميمونة، أمَّا أن تكون جماعة قيام الليل يقام جماعة في المساجد فهذا لا أصلَ له إلَّا في رمضان وهي صلاةُ التَّراويح، يقالُ: سُمِّيَتْ التَّراويح؛ لأنَّهم يصلُّون كذا ثمَّ يجلسون لأنَّهم يطيلون القيامَ فيروحون ويستريحون.

 

– القارئ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ

– الشيخ : (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا)

– القارئ : مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ، فَيَقُولُ: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ). رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ، وَسَنَنْتُ قِيَامَهُ، فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنْ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادسةِ، وَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ

– الشيخ : ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا

– القارئ : ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادسةِ

– الشيخ : فِي السَّادسة؟

– القارئ : نعم

– طالب: فِي الثَّالِثَةِ

– الشيخ : فِي الثَّالِثَةِ

– القارئ : عندي: السَّادسة

– الشيخ : لا، لا، غلط

– القارئ : ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي الثَّالِثَةِ، وَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ، حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: (إنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ)، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلَاثٌ مِنْ الشَّهْرِ، فَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الْفَلَاحَ، قُلْت لَهُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السَّحُورُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: (رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ فَلَمْ يَمْنَعنِي مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ)، وَذَلِكَ فِي رَمَضَان. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَتْ: «كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ بِاللَّيْلِ أَوْزَاعًا، يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الشَّيْءُ مِنْ الْقُرْآنِ، فَيَكُونُ مَعَهُ النَّفَر الْخَمْسَةُ أَوْ السَّبْعَةُ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، قَالَتْ: فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أَنْصِبَ لَهُ حَصِيرًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي فَفَعَلْتُ، فَخَرَجَ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عِشَاءَ الْآخِرَةَ، فَاجْتَمَعَ إلَيْهِ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِهِمْ. وذكرَتْ الْقِصَّةُ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ غَيْرَ أَنَّ فِيهَا: أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ إلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتُ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَاَلَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ، يَعْنِي آخِرَ اللَّيْلِ. وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَلِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ فِي زَمَنِ عُمَرَ يَقُومُونَ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً. انتهى الباب

– الشيخ : لا إله إلَّا الله، على كلِّ حالٍ هذه الأحاديثُ والآثارُ ظاهرةُ الدَّلالةِ على مشروعيَّة صلاةِ التَّراويح، ولا بأسَ أنْ يصلِّي الإنسانُ في بيته إذا بدا له، لكن كثير من النَّاس صلاتُه مع الجماعة أقوى له، من فوائد صلاة الجماعة النَّشاط؛ لأنَّ الإنسانَ يقتدي بخلافِ إذا ما صلَّى وحدَه فإنَّه يعرضُ له الفتورُ، وهذا أمرٌ محسوسٌ ومجرَّبٌ والواقعُ شاهدٌ به، والأمرُ في هذا واسعٌ، فلا يُنكَرُ على من رأى أن يصلِّي في البيت وإذا كان هذا يراعي في ذلك مصلحةً إمَّا مصلحتُه الخاصَّةُ بأنَّه يكون أنشطَ، إذا صلَّى مع النَّاس يمكن يعتريه النَّوم كما يقع، أو يصلِّي في البيت يصلِّي بأهله وأولادِه، فالأمرُ واسعٌ، ولكن المهمُّ أنَّ صلاةَ التَّراويح سنَّةٌ، وهي من قيام رمضان إذًا من يصلِّي التراويحَ ويحافظُ عليها يحصل له فضلٌ (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) واللهُ أعلمُ، لا إله إلَّا الله وحده لا شريكَ له، حسبُك يا محمَّد

– طالب: الشُّوكانيُّ قال: وَقَالَتْ الْعِتْرَةُ: "إنَّ التَّجْمِيعَ فِيهَا بِدْعَةٌ". مَن العترة؟

– الشيخ : ما أدري العترة

– طالب: المتأخِّرة أو من المتقدِّمين؟

– الشيخ : الظَّاهرُ أنَّه أحرى أن تكونَ متأخِّرةً، يمكن هذه من نزعة التَّشيُّع ضدَّ عمر

– طالب: حتَّى الصَّنعانيُّ في السُّبل يقول: المداومةُ في المسجد في جماعة بدعةٌ منكَرةٌ، ذكر في السُّبل

– الشيخ : خلكم منه.

وصلَّى بأصحابِه ثمَّ لم يخرج وذكرَ لأصحابِه المانعَ من الخروجِ و[….] يقول: (خشيةَ أنْ تُفرَضَ عليكم)، وقد زالَ هذا المخوفُ، زالَ هذا المخوفُ، وأجمعَ على ذلك الصَّحابةُ وهي سنَّةُ الخليفةِ الرَّاشد، سنَّةُ النَّبيِّ أوَّلًا، ثمَّ سنَّةُ الخليفةِ الراشدِ الـمُحدَّثِ الـمُلهَمِ عمرَ بنِ الخطَّاب.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الحديث وعلومه