الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب زاد المستقنع/كتاب الصيام من زاد المستقنع/كتاب الصيام (8) “باب الاعتكاف” هو لزوم مسجد لطاعة الله تعالى
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

كتاب الصيام (8) “باب الاعتكاف” هو لزوم مسجد لطاعة الله تعالى

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
– شرح كتاب "زاد المستقنع في اختصار المقنع"
– (كتاب الصّيام)
– الدّرس: الثّامن

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيّنا محمَّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، أمَّا بعد؛ قال المصنّفُ رحمهُ اللهُ تعالى:
[بابُ الاعتكاف]

– الشيخ: الاعتكاف نوعٌ من العباداتِ التي شرعَها اللهُ لعبادِه ليتزوَّدوا منها لآخرتِهم ويتوصَّلوا بها إلى عظيمِ الأجورِ، وأصلُ الاعتكافِ هو الملازمةُ، يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ [الاعراف:138] فيقالُ: عكفَ على كذا أي لازَمَه، وعَكَفَ في المكانِ: أي التزَمَهُ. والاعتكافُ في الشرعِ: لزومُ مسجدٍ بحيثُ يبقى فيه، ولفظُهُ في القرآن: "العُكوفُ"؛ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [البقرة:125] وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]
وأما ذِكْرُهُ في الأحاديثِ فجاءَ بلفظِ "الاعتكافِ" على صيغةِ افتعالٍ، ولا يُستعملُ في لفظِ العلماءِ إلَّا بلفظِ الاعتكافِ، وهكذا في الأحاديث كلها: "اعتكفَ رسولُ اللهِ" "كانَ رسولُ اللهِ يعتكفُ العشرَ الأواخرَ" وقال عمرُ رضي الله عنه: "نذرتُ أن أعتكفَ في المسجدِ الحرامِ" فكلُّها بهذهِ الصيغةِ. وجرتْ عادةُ الفقهاءِ أنَّهم يذكرونَ بابَ الاعتكافِ في إثرِ أحكامِ الصيامِ لأنَّه متَّصلٌ به لا سيَّما في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ، فبينَهُ وبينَ الصيامِ تناسبٌ، وكان النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يعتكفُ العشرَ الأواخرَ وأزواجُهُ والصحابةُ، ومضى المسلمونَ على ذلك. وهو بخلافِ العباداتِ الأخرى فإنَّ فيها الواجبُ وفيها التطوّعُ، أمَّا الاعتكافُ فإنَّه مشروعٌ فقط على وجهِ الاستحبابِ، إلَّا أن ينذرَه العبدُ فيُوجبُهُ على نفسِهِ، أمَّا الأصلُ فهو مستحبٌّ.

– القارئ: (هو: لزومُ مسجدٍ لطاعةِ اللهِ تعالى)
– الشيخ: "لطاعةِ اللهِ": من أنواعِ الطاعاتِ من صلاةٍ وتلاوةِ قرآنٍ وذكرٍ، العبادات التي يقصدُ لها المسجدُ، لزومُ المسجدِ لطاعةِ اللهِ.
– القارئ: (مسنونٌ)
– الشيخ: ا
لاعتكافُ سنّةٌ، وليس منه شيءٌ مفروضٌ إلَّا ما نذره العبدُ.
– القارئ: (ويصحُّ بلا صومٍ)
– الشيخ: فلو نذرَ الإنسانُ أن يعتكفَ ليلةً صحَّ منه ذلك، ويستدلّونَ لهذا بحديثِ عمرَ رضي اللهُ عنه: "أنَّه نذرَ أن يعتكفَ ليلةً في المسجدِ الحرامِ وكان ذلك في الجاهليةِ فقال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: أوفِ نذركَ" لكنَّ الاعتكافَ في العشرِ الأواخرِ ليلُها ونهارُها، صيامُ هذه الأيامِ فريضةٌ.
– القارئ: (ويلزمانِ بالنذرِ)
– الشيخ: 
يعني الصومُ والاعتكافُ يلزمانِ بالنّذرِ، "من نذرَ أن يُطيعَ اللهَ فليُطعْهُ" وهذا هو الأصلُ في وجوبِ النَّذرِ.
– القارئ: (ولا يصحُّ: إلّا في مسجدٍ يُجمَّعُ فيه)
– الشيخ: 
المفهومُ منها أن يكونَ مسجدٌ تُقامُ فيه صلاةُ الجمعةِ، ولكن يتبيّنُ ممّا سيأتي أنَّهم يُريدونَ المسجدَ الذي تُقامُ فيه صلاةُ الجماعةِ، لأنَّهم ذكروا أنَّه مما يُبيحُ الخروجَ للمعتكفِ صلاةُ الجمعةِ، فإذا نذَرَ أن يعتكفَ في مسجدٍ تُقامُ فيه صلاةُ الجماعةِ فله أن يخرجَ لصلاةِ الجمعةِ لأنَّها واجبةٌ.

القارئُ يقرأُ من الشرحِ الممتعِ:
قولُه: «ولا يصحُّ إلَّا في مسجدٍ يُجمَّعُ فيه»: أي لا يصحُّ الاعتكافُ إلَّا في مسجدٍ تُقامُ فيه الجماعةُ.

– القارئ: (إلّا المرأةَ: ففي كلِّ مسجدٍ، سوى مسجدِ بيتِها)
– الشيخ: إلَّا المرأةَ فيصحُّ لها الاعتكافُ في أيِّ مسجدٍ من المساجدِ، إلَّا مسجدَ بيتِها، لأنَّ مسجدَ بيتِها مصلّى وليس له حكمُ المساجدِ، والاعتكافُ من خصائصِ المسجدِ، فإذا كان هناك مسجدٌ لا تقامُ فيه الجماعةُ فهي ليس عليها جماعةٌ فيصحُّ منها الاعتكافُ فيه والحمدُ للهِ.

– القارئ: (ومَنْ: نذَرهُ، أو الصلاةً في مسجدٍ غيرَ الثلاثةِ، وأفضلُها: الحرامُ فمسجدُ المدينةِ فالأقصى، لم يلزمْهُ فيه)
– الشيخ: من نذرَ الاعتكافَ أو الصلاةَ في مسجدٍ غيرِ المساجدِ الثلاثةِ المعروفةِ التي تُشَدُّ إليها الرِّحالُ فإنَّه لا يتعيَّنُ. فلو نذرَ أن يُصلّيَ في جامعِ الرياضِ لا يلزمُهُ، لأنَّ مسجدَ الرياضِ ليست له فضيلةٌ تخصُّهُ، فيجزي من نَذَرَ ذلك أن يصلّيَ في أيِّ مسجدٍ، لأنَّ المساجدَ في الجملةِ حكمُها واحدٌ، إلَّا في المساجدِ الثلاثةِ. فمن نذرَ الصلاةَ أو الاعتكافَ في مسجدٍ غيرِ الثلاثةِ أجزأهُ في أيِّ مسجدٍ، أمَّا من نذرَ أن يُصلّي أو يعتكفَ في أحدِ المساجدِ الثلاثةِ، فمن نذرَ في الفاضلِ أجزأهُ أن يفيَ في الأفضلِ، فمن نذرَ أن يُصلّي في المسجدِ الأقصى أجزأهُ أن يُصلّيَ في مسجدِ الرّسولِ، ومن نذرَ أن يُصلّيَ في مسجدِ الرّسولِ أجزأهُ أن يُصلّيَ في المسجدِ الحرامِ، وجاءَ في الحديثِ: "أنَّ رجلًا قال يا رسولَ اللهِ إنّي نذرتُ إن فتحَ اللهُ عليك مكّةَ أنْ أُصلّي في بيتِ المقدسِ، فقال صلِّها هنا، فردَّدَ عليه، فقال أنت وذاك" وهذا واضحٌ، كمن نذرَ أن يتصدّقَ بشيءٍ فتصدَّقَ بأكثرَ منه، أو نذرَ أن يُضحّيَ بأضحيةٍ معيّنةٍ فضحّى بما هو أفضلُ. "لم يلزمهُ فيه": أي لم يلزمْهُ في ذلك المسجدِ الذي عيّنه وهو من غيرِ الثلاثةِ.

– القارئ: (وإنْ عينَ الأفضلَ: لم يُجْزِ فيما دونَهُ)
– الشيخ: إنْ عيّنَ الأفضلَ كالمسجدِ الحرامِ مثلًا لم يُجزئهُ فيما دونَه كمسجدِ الرّسولِ أو الأقصى.
– القارئ: (وعكسُهُ بعكسِهِ)
– الشيخ: 
إنْ نذرَ ما دونَ الأفضلِ أجزأَهُ في الأفضلِ، مثلًا عيّنَهُ في الفاضلِ فإنَّه يجوزُ في الأفضلِ، يعني كأنَّه أتى بنذرِهِ وزيادةٍ.

القارئُ يقرأُ من الشرحِ الممتعِ:
قولُه: «وإن عيَّنَ الأفضلَ لم يجزْ فيما دونَه وعكسُه بعكسِه»: يعني إنْ عيَّنَ الأفضلَ من هذهِ المساجدِ لم يُجزِهِ فيما دونَه، فإذا عيَّنَ المسجدَ الحرامَ لم يجزِ في المدينةِ.

– القارئ: (ومن نذرَ زمانًا معيّنًا دخلَ مُعْتَكَفَهُ قبلَ ليلتِه الأُولى وخرجَ بعدَ آخرِه)
– الشيخ: نذرَ أن يعتكفَ عشرَ ذي الحجّةِ مثلًا فإنَّه يدخلُ معتَكَفَهُ قبلَ غروبِ الشمسِ من آخرِ يومٍ من ذي القِعدةِ ليُحيطَ بالليلةِ، ولا يخرجُ إلَّا في آخرِ يعني بعدَ صلاةِ الفجرِ من آخرِ ليلةٍ، وهكذا نطبّقُ هذا في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ، منْ أرادَ أنْ يعتكفَ العشرَ الأواخرَ من رمضانَ فإنَّه يدخلُ قبلَ غروبِ الشمسِ ليلةَ العشرينَ من رمضانَ ليُحيطَ اعتكافُهُ بالليلةِ من أوَّلها، ويخرجُ من مُعتَكَفِه آخرَ ليلةٍ، يعني إذا أعلنَ رؤيةَ هلالِ شوَّالَ انتهى. جاءَ في الحديثِ الصحيحِ "أنَّ الرَّسولَ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كان يدخلُ معتَكَفَهُ إذا صلّى الفجرَ دخلَ مُعتَكَفَه" فهمَ منه بعضُ الناسِ أنَّه بهذا يبدأُ اعتكافُه، والأظهرُ أنَّ مُعتكفَهُ المكانُ الذي يخلو فيه، ما جاءَ أنَّه دخلَ المسجدَ، هو في المسجدِ صلَّى الفجرَ، فالمسجدُ هو محلُّ الاعتكافِ.
 
القارئُ يقرأُ من الشرحِ الممتعِ:
قولُه: «ومن نذرَ زمنًا معيَّنًا دخلَ مُعتكفَه قبلَ ليلتهِ الأولى، وخرجَ بعدَ آخرِه" مثالُه: نذرَ أن يعتكفَ العشرَ الأُولَ من رجبٍ، فإنَّه يدخلُ عند غروبِ الشمسِ من آخرِ يومٍ من جمادى الآخرةِ. وإذا نذرَ أنْ يعتكفَ العشرَ الأواخرَ من رمضانَ، فإنَّه يدخلُ عندَ غروبِ الشمسِ من يومِ عشرينَ من رمضانَ، ولهذا قال: «دخلَ مُعتَكَفَهُ قبلَ ليلتِهِ الأولى" ويخرجُ إذا غربتِ الشمسُ من آخرِ يومٍ من الزمنِ الذي عيَّنهُ.
 مثالٌ آخرُ: لو قال: للهِ عليَّ نذرٌ بأنْ أعتكفَ الأسبوعَ القادمِ، فإنَّه يدخلُ عند غروبِ الشمسِ يومَ الجمعةِ، ويخرجُ بعدَ غروبِ الشمسِ ليلةَ السبتِ؛ لأنَّه لا يتمُّ أسبوعًا إلَّا بتمامِ سبعةِ أيَّاٍم، ولا يُتمُّ سبعةَ أيَّامٍ إلَّا إذا بقيَ إلى غروبِ الشمسِ من يومِ الجمعةِ. وهل يلزمُه التّتابعُ؟ الجوابُ: إذا نذرَ زمنًا معيَّنًا لَزِمَهُ التَّتابعُ لضرورةِ تعيينِ الوقتِ، فإذا قالَ: للهِ عليَّ نذرٌ أنْ أعتكفَ الأسبوعَ القادمِ، لَزِمَهُ التَّتابعُ، وإن قال: للهِ عليَّ نذرٌ أن أعتكفَ العشرَ الأوّلَ من شهرِ كذا، يلزمُهُ التَّتابعُ، وإن قال: للهِ عليَّ أنْ أعتكفَ الشهرَ المقبلَ يلزمُهُ التَّتابعُ لضرورةِ التّعيينِ. أمَّا إذا نذرَ عددًا بأنْ قالَ: للهِ عليَّ أنْ أعتكفَ عشرةَ أيامٍ، أو أسبوعًا أو شهرًا ولم يُعيِّنَ الأسبوعَ ولا الشهرَ، فله أنْ يُتابعَ وهو الأفضلُ، وله أن يُفرّقَ؛ لأنَّه يحصلُ النّذرُ بمطلقِ الصومِ إن كان صومًا، أو بمطلقِ الاعتكافِ إن كان اعتكافًا. وكذلك يلزمُهُ التتابعُ إذا نواهُ لقولِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-:
«إنَّما الأعمالُ بالنيّاتِ وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى». والحاصلُ، أنَّه إذا نذرَ عددًا، فإمَّا أن يشترطَ التتابعَ بلفظِه، أو لا، فإن اشترطَه فيلزمُه، وإن لم يشترطْه فهو على ثلاثةِ أقسامٍ: الأوَّلُ: أن ينويَ التفريقَ؛ فلا يلزمُهُ إلَّا مفرقًا.
– الشيخ: لا أظنُّ أنَ هذا مقصودٌ، يعني أنَّه يلزمُه مفرّقًا، يعني لو تتابعَ ارتقى إلى ما هو أفضلُ، لكن يُجزئُهُ مفرّقًا، أليسَ الأصلُ في كلِّ هذه الأنواعِ أنَّ التتابعَ أفضلُ في قضاءِ رمضانَ وفي النافلة؟ فإذا قال: عليَّ صومُ خمسةِ أيامٍ متفرّقةٍ، فإذا صامَها متتابعةً كان أفضلَ.
– القارئ: الثاني: أن ينويَ التّتابعَ، فيلزمُهُ التّتابعُ. الثالثُ: أن يُطلقَ فلا يلزمُهُ التّتابعُ، لكنَّه أفضلُ؛ لأنَّه أسرعُ في إبراءِ ذمَّتِهِ. أمَّا إذا نذرَ أيامًا معيَّنةً فيلزمُه التَّتابعُ.
 –
 الشيخ: المقصودُ هو "مُعتكفُه" ولم يتعرّضْ إليها الشيخُ، فالمرادُ من المعتكفِ هو المسجدُ، هذا هو الظّاهرُ.

– القارئ: (ولا يخرجُ المعتكفُ إلا لما لا بدَّ منه)
– الشيخ: 
هذا شرطٌ في الاعتكافِ، يعني لا يخرجُ إلَّا لما لابدَّ منه، من وضوءٍ أو قضاءِ حاجةٍ.

– القارئ: (ولا: يعودُ مريضًا، ولا يشهدُ جنازةً إلا أن يشترطَهُ)
– الشيخ: هذا في النَّذرِ، لا يعودُ مريضًا، ولا يشهدُ جنازةً، "إلَّا أن يشترطَه": هذا في الاعتكافِ المنذورِ، أمَّا إذا لم يشترطْه فلا يخرجُ لشيءٍ من ذلك لأنَّ خروجَه يقطعُ الاعتكافَ، أمَّا المتطوّعُ فالأمرُ في حقّهِ واسعٌ، لو إنسانٌ أرادَ أن يعتكفَ العشرَ الأواخرَ وبدا له عملٌ فيجوزُ له أنْ يقطعَ الاعتكافَ، اعتكفَ ليلتينِ ومشى بأنْ حصلَ له ظرفٌ فإنَّه يخرجُ، لأنَّه سنَّةٌ وليسَ بفرضٍ.

– القارئ: (وإنْ وَطِئَ في فرجٍ: فسدَ اعتكافُه)
– الشيخ: اللهُ تعالى يقولُ: وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] يقول: أنَّه إذا وطئَها في فرجٍ فَسَدَ اعتكافُه، فإذا كان نذرٍ فالذي يظهرُ معنى هذا أنَّه لابدَّ أن يستأنفَ.
 
القارئُ يقرأُ من الشرحِ الممتعِ:
قولُه: «وإنْ وطئَ في فرجٍ»: أي: المعتكفُ. قولُه: «فَسَدَ اعتكافُه»: أي بطلَ، والفسادُ والبطلانُ بمعنى واحدٍ إلَّا في موضعين، الأولُ: الحجُّ والعمرةُ، فالفاسدُ منهما ما كان فسادُهُ بسببِ الجماعِ، والباطلُ ما كان بطلانُه بالردَّةِ عن الإسلامِ. والموضعُ الثاني: في بابِ النكاحِ، فالباطلُ: ما أجمعَ العلماءُ على بطلانِه كنكاحِ المعتدَّةِ، والفاسدُ: ما اختلفوا فيه كالنكاحِ بلا شهودٍ. ودليلُ فسادِ الاعتكافِ بالوطءِ قولُه تعالى: وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] فإنَّه يدلُّ على أنَّه لا تجوزُ مباشرةُ النّساءِ حالَ الاعتكافِ، فلو جامعَ بطلَ اعتكافُه؛ لأنَّه فعلَ ما نُهيَ عنه بخصوصِه، وكلُّ ما نُهَي عنه بخصوصِهِ في العبادةِ يُبطلُها، وهاهنا قواعد:
الأولى: النّهيُ إن عادَ إلى نفسِ العبادةِ فهي حرامٌ وباطلةٌ. مثالُه: لو صامَ الإنسانُ يومَ العيدِ فصومُه حرامٌ وباطلٌ؛ لأنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- نهى عن صومِ يومِ العيدِ.
الثانيةُ: أن يكونَ النّهيُ عائدًا إلى قولٍ أو فعلٍ يختصُّ بالعبادةِ، فهذا يُبطِلُ العبادةَ أيضًا، مثالُ ذلك: إذا تكلَّمَ في الصلاةِ، ولو بأمرٍ بمعروفٍ، بَطلتْ صلاتُه.
الثالثةُ: إذا كان النّهيُ عامًا في العبادةِ وغيرِها، فإنَّه لا يُبطلُها. مثالُه: الغِيبةُ للصائمِ حرامٌ، لكنْ لا تُبطِلُ الصيامَ؛ لأنَّ التحريمَ عامٌ. وكذا لو صلَّى في أرضٍ مغصوبةٍ، فالصلاةُ صحيحةٌ؛ لأنَّه لم يَرِدِ النّهيُ عن الصلاةِ فيها، فلو قال: لا تُصلُّوا في أرضٍ مغصوبةٍ فصلَّى، قلنا: لا تصحُّ؛ لأنَّه نهيٌ عن الصلاةِ بذاتِها.
وكذلكَ لو توضَّأ بماءٍ مغصوبٍ، فالوضوءُ صحيحٌ؛ لأنَّ التحريمَ عامٌ، فاستعمالُ الماءِ المغصوبِ في الطّهارةِ، وفي غسلِ الثوبِ، وفي الشربِ، وفي أيِّ شيءٍ حرامٍ. ولو صلَّى وهو محدثٌ لا تصحُّ الصلاةُ؛ لأنَّ هذا تَرْكُ واجبٍ، ووقوعٌ في المنهيِّ عنه لقولِه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-:
«لا صلاةَ بغيرِ طهورٍ». وإذا صلَّى في المقبرةِ لا تصحُّ صلاتُه؛ لأنَّ فيها نهيًا خاصًا قال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: «الأرضُ كلُّها مسجدٌ إلَّا المقبرةَ والحمَّامَ».
وإذا صلَّى إلى قبرٍ أي: جعلَ القبرَ قبلتَه لم تصحَّ صلاتُه؛ لأنَّ النهيَ عن نفسِ الصلاةِ قال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-:
«لا تُصلُّوا إلى القبورِ»وقوله: «إن وطئَ في فرجٍ فَسَدَ اعتكافُه»: عُلِمَ من أنَّه إذا وطئَ في غيرِ فرجٍ، مثلَ أن وَطئَ زوجتَه بين فخذيها، فإنَّه لا يفسدُ اعتكافُه، قالوا: إلَّا أن يُنزِلَ؛ لأنَّ المحرَّمَ الجماعُ، أمَّا مقدِّماتُه فتحرمُ تحريمَ الوسائلِ.
– الشيخ: يعني هو المفروضُ لو فعلَ هذا، نقدّرُ أنَّه فعلَ هذا في البيتِ، وإن كانت عبارتُهم ليسَ فيها شيءٌ، لكن لو أنَّه معتكفٌ وخرجَ إلى البيتِ فصادفَ زوجتَه فجامعَها نقولُ بطلَ اعتكافُه، وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] يعني المباشرةُ ليستْ مشروطةً أن تكونَ في المسجدِ، بل لو جامعَ امرأتَه في البيتِ لكنَّه معتكفٌ خرجَ لحاجةٍ وصادَفَها، والعبارةُ مجملةٌ.

– مداخلة: مقدماتُ الجماعِ هل هي محرّمةٌ، يعني دخلَ البيتَ لحاجةٍ فهل له أن يقبّلَ مثلًا؟
– الشيخ: على المعروفِ أنَّ هذه كلّها اللمسُ والملامسةُ والمسُّ كلّها كنايةٌ عن الجماعِ، هذه كناياتٌ، وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ كنايةٌ عن الجماعِ، مثلُ قولِه تعالى: طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [البقرة:287] على الصحيحِ أنَّ المرادَ من قبلِ: الجماعُ لا مُطلقُ المسيسِ، وكذلك قولُه تعالى: أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ [النساء:43] في مسألةِ الوضوءِ.
– مداخلة: ابنُ قاسمٍ يقولُ في الحاشيةِ:
ولو ذهبَ إلى منزلِه لحاجةٍ، فلا يحلُّ له أن يلبثَ فيه، إلَّا بمقدارِ ما يفرغُ من حاجتِهِ تلك، وليسَ له أن يُقبِّلَ امرأتَه، ولا أنْ يضُمَّها إليه، ولا يشتغلُ بشيءٍ سوى اعتكافِه.
– الشيخ: الاعتكافُ ليس كالصيامِ، كأنَّ الاعتكافَ أشدُّ، تعلمونَ أنَّ الصيامَ تباحُ فيه المباشرةُ، "كان الرسولُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُقبّلُ وهو صائمٌ، ويباشرُ وهو صائمٌ"
– مداخلة: يعني يُقالُ فيها ما يُقالُ في الصيامِ؟
– الشيخ: يعني يُحتملُ ذلك.

– القارئ: ذكرَ الشيخُ البليهيّ تعليقًا على هذه مسألةِ: "فسدَ اعتكافُه": وهو قولُ الأئمَّةِ الثلاثةِ، نصَّ على ذلك الوزيرُ في الإفصاحِ، وابنُ رشدٍ في بدايةِ المجتهدِ لقولِه تعالى: وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] قال ابنُ عباسٍ: "المباشرةُ والملامسةُ والمسُّ جماعٌ كلُّه، ولكنَّ اللهَ تعالى يُكنّي ما شاءَ" رواهُ البيهقيُّ بإسنادِه عنه.
– مداخلة: في الحاشيةِ قال: وحكى الوزيرُ عن أبي حنيفةَ وأحمدَ، فيمن قَبَّلَ أو لمسَ بشهوةٍ: أنَّه قد أساءَ، لأنَّه قد أتى ما يحرمُ عليه، ولا يفسدُ اعتكافُه.

– الشيخ: يعني يُشبّه بالحجِّ، فالمُحرِمُ ينهى عن المباشرةِ، عن الجماعِ ودواعيه في الحجِّ، ومعنى هذا أنَّ الاعتكافَ أشبه بالحجِّ لا بالصومِ.
– مداخلة: لو أنزلَ بالقُبلةِ فسدَ اعتكافُه؟
– الشيخ: هو كما تقدّمَ بالصيامِ، إذا كان الإنزالُ متعمَّدٌ ومقصودٌ كمن أنزلَ، أمَّا إذا باشرَ وأنزلَ وما كان يظنُّ أن يُحدِثَ هذا، وأنا ذكرتُ بشيءٍ من التفصيلِ في هذا، يعني تساهلَ وقبَّلَ.

القارئُ يقرأُ من الروضِ المربعِ:
(وإن وطئَ) المعتكفُ (في فرجٍ)، أو أنزلَ بمباشرةٍ دونَه (فسدَ اعتكافُه) ويُكفِّرُ كفارةَ يمينٍ إن كان الاعتكافُ منذورًا، لإفسادِ نذرِه، لا لوطئِهِ، ويَبْطلُ أيضًا اعتكافُه بخروجِه لما له منه بدُّ ولو قلَّ.
– الشيخ: ظاهرُ القرآنِ أنَّه يحرمُ، أنَّه من اعتكفَ يحرمُ عليه الجماعُ، حتَّى في اعتكافِ التطوّعِ، وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] هذا فيه النّهيُ. وكلامُ الفقهاءِ والعلماءِ يعني يجعلونَه من جنسِ إفسادِ الصومِ، فمفسداتُ الصومِ لا تَحرمُ على المتطوّعِ، يعني يفسدُ بها الصومُ لكنَّها ليست حرامًا، وفي صومِ الفرضِ تحرمُ ويفسدُ الصومُ، فالاعتكافُ هنا، فسدَ اعتكافُه، هذا هو مُقتضى التأصيلِ واللهُ تعالى أعلمُ.

القارئُ يُكملُ القراءةَ من الشرحِ الممتعِ:
مسألةٌ: لو اشترطَ عند دخولِه في المعتكفِ أن يُجامِعَ أهلَه في اعتكافِه لم يصحَّ شرطُه؛ لأنَّه محلِّلٌ لِمَا حرَّمَ اللهُ، وكلُّ شرطٍ أحلَّ ما حرَّمَ اللهُ فهو باطلٌ، لقولِ النبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: «كلُّ شرطٍ ليس في كتابِ اللهِ فهو باطلٌ وإن كان مائةَ شرطٍ».
– مداخلة: 
في الرّوضِ قال: والتزامُ المسجدِ في الاعتكافِ ولو ساعةً؟
– الشيخ: هذه مسألةٌ أمرُها سهلٌ، وقولُهم في ساعةٍ فيه نظرٌ، فمسألةُ اعتكافِ الساعةِ لم تَرِدْ، والذي وَرَدَ أقلُّهُ ليلةٌ، أو يومٌ، أو يومٌ وليلةٌ، ولهذا الظّاهرُ منهم من يقولُ: أنَّه إذا دخلَ للصلاةِ نوى الاعتكافَ وهذا ليسَ بظاهرٍ، فالصحيحُ أنَّ الاعتكافَ لا يتحقَّقُ إلَّا مثلًا بليلةٍ أو يومٍ أو أكثرَ.

القارئُ يقرأُ من الشرحِ الممتعِ:
مسألةٌ: من اعتكفَ اعتكافًا مؤقتًا كساعةٍ، أو ساعتين، ومن قال: كلَّما دخلتُ المسجدَ فانوِ الاعتكافَ، فمثلُ هذا يُنكَرُ عليه؛ لأنَّ هذا لم يكنْ من هدي الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
– الشيخ: ولا هدي الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم، ولا أهلَ العلمِ.

– القارئ:(ويُستحبُّ: اشتغالُهُ بِالقُرَبِ، واجتنابُ ما لا يعنيهِ)
– الشيخ: نعم، هذا مطلوبٌ في كلِّ وقتٍ لا سيّما المعتكفُ، فينبغي أنْ يشتغلَ بما يقصدُ له الاعتكافُ من أنواعِ الطاعاتِ، ويجتنبُ الأحاديثَ الفضوليّةَ. لكنَّ التَّحدُّثَ مع زائرٍ إذا جاءَكَ فلا بأسَ، ودليلُ ذلك قِصّةُ صفيَّةَ مع النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، زارتْهُ وهو معتكفٌ وتحدَّثتْ معه بعضَ الوقتِ.
– مداخلة: يقولُ: "وإنْ فعلَهُ في متعيّنٍ فعليهِ كفّارةٌ، وفي الاستئنافِ وجهانِ"؟
– الشيخ: يعني نذرَ أيامًا معلومةً فقطعَهُ بجماعٍ أو خروجٍ لما له منه بُدٌّ يفسدُ اعتكافُه، فعليه كفارةُ يمينٍ، لكن هل يستأنفُ؟ يقولون: فيه وجهان، هذا معنى كلامهم.
 




 
الأسئلة:
س1: هل يجوزُ الاعتكافُ بغيرِ نذرٍ في غيرِ رمضانَ؟
ج: نعم، المعروفُ عند أهلِ العلمِ أنَّه يجوزُ.
………………………………………
س2: هل وردَ النّهيُ عن السفرِ صباحَ يومِ الجمعةِ؟
ج: لا، ما علمتُ. المعروفُ عندَ أهلِ العلمِ أنَّه لا يجوزُ السّفرُ بعدَ النداءِ الثاني لأنَّه حينئذٍ وجبَ عليه السعيُ إلى صلاةِ الجمعةِ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9] فإذا وجبَ عليه السعيُ حَرُمَ عليه السفرُ، أمَّا قبل ذلك فالأمرُ واسعٌ.
………………………………………
س3: المعتمِرُ في عمرتِه متى يبدأُ التلبيةَ ومتى يقطعُها؟
ج: قالوا: يبدأُ بالتّلبيةِ من حينِ يُحرم، يعني ينوي الدُّخولَ في النُّسكِ ويُلبّي. والتلبيةُ: هي شِعَارُ الإحرامِ، مثل تكبيرةِ الإحرامِ في الصلاةِ، وقالوا: يقطعُها عندَ الشروعِ بالطّوافِ.
………………………………………
س4: ما هي السنّةُ في دخولِ المعتكَفِ، والخروجِ منه، وهل وردَ عن النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّه جلسَ إلى صلاةِ العيدِ؟
ج: لا، إلَّا أنَّه اعتكفَ العشرَ الأواخرَ، ومُقتضى هذا أنَّه بانقضاءِ آخرِ ليلةٍ من رمضانَ ينتهي وقتُ الاعتكافِ.
………………………………………
س5: بعضُ الناسِ يمنعونَ أنفسهم من الاعتكافِ في المساجدِ مستدلينَ بحديثِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "لا اعتكافَ إلَّا في المساجدِ الثلاثةِ" هل فعلُهم صحيحٌ؟
ج: لا، هذا الحديثِ يُنظرُ فيه. بعضُ العلماءِ المعاصرين يرونَ أنَّه لا اعتكافَ إلَّا في المساجدِ الثلاثةِ، لكنَّ ظاهرَ القرآنِ أنَّه مُطلقٌ.
………………………………………
س6: رجلٌ اعتكفَ في مسجدٍ عشرةَ أيامٍ، وهذا الرجلُ لا يخشعُ في هذا المسجدِ، فهل يجوزُ له أنْ يخرجَ إلى مسجدٍ آخرَ ليُكمِلَ اعتكافَه؟
ج: يجوزُ له ذلك.
………………………………………
س7: من نذرَ شيئًا وتحقّقَ ما نذرِهِ بعدَ عشرينَ سنةٍ هل يلزمُهُ الوفاءُ؟
ج: نعم يلزمُهُ، كمنْ نَذَرَ إن رزقَهُ اللهُ ولدٌ فعلَ كذا أو كذا وتحقّقَ ذلك فإنَّه يلزمُه.
………………………………………
س8: هل للنذرِ صيغٌ معيّنةٌ يلزمُ بها النّذرُ أم أيُّ كناية…؟
ج: أيُّ صِيغةٍ يريدُ بها إلزامَ نفسِهِ بفعلِ العبادةِ: للهِ عليَّ، أو إنْ شفى اللهُ مريضي، بأيِّ عبارةٍ.
………………………………………
س9: من نذرَ ألَّا يعصيَ اللهَ فوقعَ فيما نذرَ أكثرَ من مرَّةٍ؟
ج: فقط يُكفّرُ كفارةَ يمينٍ أوَّلَ مرَّةٍ.
………………………………………
س10: ما حكمُ جمعِ الزكواتِ لسدادِ دينٍ لي على فقيرٍ؟
ج: الناسُ سيعلمونَ أنَّ سعيَه هذا لنفسِهِ وليسَ للفقيرِ فلا تطيبُ نُفوسُهم بهذا. فلا يجوزُ جمعُ الزكاةِ من الناسِ باسمِ الفقيرِ والمقصودُ سَدادُ الدَّينِ لهذا الشخص، محتجٌّ بمسألةِ الدَّين، وهذا فيه خداعٌ للمتصدّقين.
………………………………………
س11: ما ضابطُ اتباعِ الجنائزِ، هل لابدَّ من تسويةِ القبرِ، أو يكفي إدخالُ الميّتِ في اللحدِ؟ وهل يلزمُ المشاركةُ في الدفنِ؟
ج: لا تلزمُ المشاركةُ بالدّفنِ، وضابطُ اتباعِ الجنائزِ أن يتبعها حتى توضعَ في الّلحدِ.
………………………………………
س12: هل يجبُ الحضورُ للجمعةِ قبلَ صعودِ الخطيبِ؟
ج: يجبُ الحضورُ بعدَ النّداءِ، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9] ويكونُ بحسبِ القربِ والبعدِ، إذا كان بعيدًا نسبيًا يفوتُه شيءٌ من الخُطبةِ.
………………………………………
س13: لو عَجِزَ الناذرُ عن الوفاءِ بما نذرَ لأجَلِه، هل تُجزئُ الكفَّارةُ أم تبقى في ذمَّتِه؟
ج: يبقى في ذمَّته، إلَّا إذا يأسَ، كأنْ ينذرَ صيامًا ميؤوسًا منه فنرجو أن تجزئَه الكفَّارةُ.
………………………………………
س14: عقدَ عليَّ زوجي ولم يدخلْ بي منذُ ستِّ سنوات، وقد طلبتْ منه الطلاقَ منذُ خمسةِ أشهرٍ، وقال سأطلّقكُ، وهو مسافرٌ. والآن بعدَ مُضيِّ العدَّةِ اكتشفتُ أنَّه لم يُطلّقني إلَّا يومَ أمس، هل أعتدُّ مرَّةً أخرى؟
ج: ضروري، لابدَّ من أنْ تعتدَّ مرَّةً أخرى، وما فات ليسَ من العدّةِ لأنَّه لم يحصلْ طلاقٌ. العِدَّةُ تبدأُ من ساعةِ الطلاقِ، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ.
………………………………………
س15: لو نذرَ شخصٌ صومَ أيامِ العيدِ، هل يصحُّ هذا النذر، وما عليه؟
ج: لا، هذا نذرُ معصيةٍ، وعليه كفارةُ يمينٍ.
………………………………………
س16: إذا تابَ العبدُ وعليه حقوقٌ للآخرينَ لا يستطيعُ إرجاعَها لهم، كونَ ظروفه صعبةٌ، فما الحكمُ في ذلك؟
ج: تبقى في ذمَّته، ومتى قدرَ على السَّدادِ يُؤدّي الحقوقَ، ولو ماتَ وكان في نيّتِهِ أداءُ هذه الحقوقَ فاللهُ يؤدّي عنه، "من أخذَ أموالَ الناسِ يُريدُ أدائَها أدَّى اللهُ عنه، ومن أخذها يُريدُ إتلافها أتلفَهُ اللهُ" ومن أخذَ أموالَ الناسِ ثمَّ تابَ فنرجو أن يشملَهُ عفو اللهِ ولًطفُهُ، وأنَّ اللهَ يؤدّي عنه.
………………………………………
س17: كيفَ نوضّحُ للناسِ حرمةَ الاحتفالِ بالمولدِ؟
ج: قل لهم لا يجوزُ فقط، وأنَّها بدعةٌ لم يفعلْها الصحابةُ ولا التابعيون ولا تابعو التَّابعينَ، كلُّ القرونِ المفضّلةِ، والذي اخترعَه بعضُ الرافضةِ.
………………………………………
س18: هل على غيرِ المدخولِ بها عدَّةٌ؟
ج: اللهُ تعالى يقولُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49] فالمطلّقةُ قبلَ الدّخولِ، وقبلَ الخَلوةِ بها لا عِدَّةَ عليها، وتتزوّجُ في الحالِ.
………………………………………
س19: لو ابتدئَ طالبُ العلمِ في الفقهِ بكتابِ "دليلُ الطّالبِ لنيلِ المطالِبِ" فهل يُنصحُ به أم بالزَّاد؟
ج: الزادُ أولى، لأنَّ فيه أكثرُ العنايةِ وفيه شروحُ المشايخِ، والكتابُ الذي كثرتْ به العنايةُ أولى من غيرِه.
………………………………………
س20: متى تبدئُ أوَّلَ ساعةٍ يومَ الجمعةِ، وما هي ساعةُ الإجابةِ؟
ج: ساعةُ الإجابةِ فيها أقاويلُ كثيرةٌ لأهلِ العلمِ، وأرجحُها قولان: أحدُهما: من دخولِ الإمامِ إلى صلاةِ الجمعةِ حتَّى تُقضى الصلاةُ، والثاني: من بعدِ صلاةِ عصرِ يومِ الجمعةِ إلى غروبِ الشمسِ. وأمّا ساعاتُ التّفضيلِ، يعني ساعةُ الرّواحِ لصلاةِ الجمعةِ فتبدأُ من طلوعِ الشمسِ وهذا قولُ الجمهورِ، وقال بعضُهم: تبدأُ من الزوالِ، وليسَ المرادُ الساعةُ في الاصطلاحِ أنَّها ستينَ دقيقةً، هي لحظاتٌ، لكنَّ ظاهرَ السياقِ واللهُ تعالى أعلمُ أنَّها من طلوعِ الشمسِ.
………………………………………
س21: ما حكمُ طلبِ الدّعاءِ من الميّتِ؟
ج: أعوذُ باللهِ، هذا حرامٌ.
………………………………………
س22: ما هو القولُ الرَّاجحُ في العلاجِ بالكيِّ؟
ج: تركُهُ أولى فقط.
………………………………………
س23: ما حكمُ الاحتفالِ بعيدِ الكرسمس؟
ج: حرامٌ ومنكرٌ عظيمٌ، ويُخشى على من يفعلُهُ الكفرَ لأنَّه مشاركةٌ للكفارِ، هو من أعمالهم الكفريَّةِ.
………………………………………
س24: هناك من يسافرُ من الرّياضِ إلى جامعِ الرَّاجحي بمكَّةَ ليعتكفَ هناك العشرَ الأواخرَ علمًا أنَّ الجامعَ داخلُ الحرمِ، فهل يدخلُ هذا السفرُ في حديثِ: "لا تُشدُّ الرّحالُ"؟
ج: نعم، إذا كان يذهبُ هناك ولا يقصدُ أن يُصلي في المسجدِ الحرامِ، لا يجوزُ السفرُ إلى الصلاةِ في مسجدٍ من مساجدِ مكَّةَ دونَ المسجدِ الحرامِ، لأنَّ قولَه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "لا تُشدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجدَ" لأنَّ المرادَ من المسجدِ الحرامِ هو المصلّى الذي يصلّي فيه الناسُ وأمامَهم الكعبةُ، وإن كان على قولِ الجمهورِ أنَّ الفضيلةَ من جهةِ مضاعفةِ الصلاةِ أنَّها تَعمُّ الحرمَ كلَّه. أمَّا شَدُّ الرِّحالِ والسفرُ فيتعيّنُ أن يكونَ للمسجدِ الحرامِ الذي عند الكعبةِ، فما يجوزُ للإنسانِ أن يُسافرَ من أجلِ ليصلّي في مسجدٍ في العزيزيةِ.
………………………………………
س25: رجلٌ لم يصلِّ العصرَ، وعند دخولِ وقتِ المغربِ، تذكَّرَ أنَّه لم يصلّي صلاةَ العصرِ، وفي نفسِ الوقتِ كانت إقامةُ صلاةِ المغربِ؟
ج: يُصلّي معهم الثلاثَ ركعاتٍ ويُكمِلُ لنفسِهِ الركعةَ الرّابعةَ من صلاةِ العصرِ، وبعدَها يُصلّي صلاةَ المغربِ ليأتي بالترتيبِ، وهذا هو الرأيُ المعروفُ والمشهورُ.
………………………………………
س26: ما حكمُ المحادثةِ مع المرأةِ دونَ خضوعٍ ولِينٍ عن طريقِ الكتابةِ في وسائلِ التواصلِ الاجتماعي؟
ج: لا، هذا بابُ شرٍّ، ما له وللمحادثةِ عن طريقِ الكتابةِ، وهذهِ منافذُ شرِّ للشيطانِ.  
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله