الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة الشعراء/(2) من قوله تعالى {وإذ نادى ربك موسى} الآية 10 إلى قوله تعالى {ونزع يده فإذا هي بيضاء} الآية 33

(2) من قوله تعالى {وإذ نادى ربك موسى} الآية 10 إلى قوله تعالى {ونزع يده فإذا هي بيضاء} الآية 33

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الشُّعراء

الدَّرس: الثَّاني

***     ***     ***

 

– القارئ : أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ

وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ [الشُّعراء:10-33]

– الشيخ : إلى هنا، سبحان الله، أقول حوار حوار طويل سبحان الله، يقولُ سبحانه وتعالى: وإذ، {وإذْ نادى ربُّكَ موسى} هذا كثير: {وإذْ نادى} {وإذْ قالَ} {وإذْ قالَ موسى} {وإذْ قالَ ربُّكَ} يقولُ أهلُ اللغةِ وأهلُ التفسيرِ يعني اذكرْ أو اذكروا، {وإذْ نادى ربُّكَ} يعني واذكرْ حين نادى ربُّك.

نادى نادى والنداء يكون بصوت مرتفع، اللهُ نادى موسى كلَّمَه كلَّمَه نداءاً بصوت مرتفع، وكلَّمَه مناجاة، {وقرَّبناه نجيِّا} وإذ نادى وإذ نادى ربُّكَ موسى، وذلك في في القصَّة المفصَّلة في سورة طه وفي سورة القصص وفي سورة النمل.

لمَّا سارِ باهلِهِ ورأى ناراً وهيَ نورٌ، ولمّا دنا منها وأتى عندَها ناداهُ ربُّهُ، {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ناداهُ وأرسلَهُ {أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ} فرعونُ وقومُه ظالمون، ظالمون بالكفرِ باللهِ وظالمون لعبادِ اللهِ، فقدْ كانُوا يستعبدون بني إسرائيلَ يُذبِّحون ابناءَهم ويستحيون نساءَهم، جمعوا بين الظلمِ في حقِّ الله بالكفر والشِرك ظلم العباد.

{أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ} يعني اُدعُهُمْ إلى التقوى اُدعُهُمْ إلى التقوى، فقل هل لك إلى أنْ تَزَكَّى، {أَلَا يَتَّقُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} هو يعتذرُ إلى ربِّهِ لأنَّه يخافُ، {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ}.

يقولُ: {ولهم عليَّ ذنبٌ} وهوَ قتتلُهُ النفسَ الَّتي قتلَها قتل القبطيّ كما جاءَ في سورةِ القصص [الآية في سورة طه وليس القصص] الآتية: ﴿وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا﴾ [طه:40]

{قالَ ربِّ إنَّي قتلتُ منهم نفساً فأخافُ أنْ يقتلون} وهنا قالَ: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} قال كلا فاذهبا، {إنِّي أخافُ أنْ يُكذِّبونَ ويَضيقُ صدري} يعتذرُ ويضيقُ صدري ولا ينطلقُ لساني، لأنَّه كان عنده [….] في لسانه، ولهذا طلب من ربِّه أن يُرسل معه أخاه هارون، قال: {وهوَ أفصحُ منِّي لساناً}.

{ويضيقُ صدري ولا ينطلقُ لساني فأرسلْ إلى هارونَ} طلبَ من ربِّه أن يُرسلَهُ معَه وأن يَشُدَّ أزرَه، قال {سنَشُدُّ عَضُدَكَ بأخيك} {سنَشُدُّ عَضُدَكَ بأخيكَ} وهذا جاء في مواضع في سورة طه وفي هذه السورة.

{فأرسلْ إلى هارونَ} {ويَضيقُ صدري ولا ينطلقُ لساني فأرسلْ إلى هارونَ ولهم عليَّ ذنبٌ فأخافُ أنْ يقتلون قالَ كلا فاذهبا بآياتِنا} يعني الآن يعني قاله قوله تعالى: {فاذهبا بآياتنا} أنَّ اللهَ أرسلَ هارون استجاب الله لرغبة موسى.

قال: {فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ، وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ، قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا} الآن خطاب الخطاب الأوَّل لواحد لموسى: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} أمَّا هنا فقد أرسلَ هارونَ أجابَ الله دعاء موسى وحقق رغبته.

{قالَ كلا فاذهبا بآياتنا إنَّا معكم مستمعون فأتيا} الخطاب لاثنين الآن، {فأتيا فرعونَ فقولا إنَّا رسولُ ربِّ العالمين} إنَّا رسول: يقول أهل اللغة رسول يُطلق على الواحد والاثنين والجماعة.

{إنَّا رسولُ ربِّ العالمين أنْ أرسلْ معَنا بني إسرائيلَ} يعني اتركْ بني إسرائيل واتركْ اتركْهم لا تعذِّبْهم، اتركْهم اتركْهم يؤمنون بي يؤمنون بنا، اتركْهم واتركْ التسلُّطَ عليهم وتعذيبَهم، أرسلْ بني إسرائيل معَنا.

{فقولا إنَّا  رسولُ ربِّ العالمين أنْ أرسلْ معَنا بني إسرائيل} فجاء بعده يُجادل يُجادل فِرعون، {ألم نُربِّكَ فينا وليداً ولبثت فينا من عُمُرِكَ سنين} يعني لما تقول يقول من أنت ويتمنن عليه يقول ربِّيناك عندنا، كما جاء في القصة الطويلة التي ستأتي في القصص.

{ألم نُرَبِّكَ فينا وليداً ولبثت فينا من عُمُرِكَ سنين وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} فعلته قتله للقبطيِّ من شيعة فِرعون، كما في سورة القصص: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص:15]

{وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ، قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} يعني كان يعني كان جاهلاً ليس عنده من علم النبوة شيء، ليس عنده لم لم يُرسل ولم يُنبَّأ في ذلك التأريخ يوم قتل النفس لم يكن عنده ما أعطاه الله بعد ذلك.

{قالَ فعلتُها إذاً وأنا من الضالِّين ففرَرْتُ منكم لمَّا خِفتُكُمْ فوهبَ لي ربِّي حُكماً وجعلَني مِن المُرسلين وتلكَ نعمةٌ تمُنُّها عليَّ أنْ عبَّدْتَ بني إسرائيلَ}.

ثمَّ جاء الجدال الآخر، {قالَ فرعونُ وما ربُّ العالمين} صار يجادل في وجود الله وموسى يرُدُّ عليه في كلِّ ما يقول، {قالَ فرعونُ وما ربُّ العالمين قالَ ربُّ السماواتِ والأرضِ وما بينَهما} إلى آخر ما قصَّ الله علينا من الحوار والجدال الّذي دار وجرى بين موسى وفرعون، نعم يا محمّد.

 

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

– الشيخ : الله المستعان، لا إله إلَّا الله.

– القارئ : والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشيخُ عبدُ الرَّحمنِ السعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} إلى آخرِ القصَّةِ قولُهُ: {إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

أعادَ الباري تعالى، قصَّةَ موسى وثنَّاها في القرآنِ، ما لمْ يثنِّ غيرَها، لكونِها مُشتمِلةً على حكمٍ عظيمةٍ، وعِبرٍ وفيها نبأُهُ معَ الظالمينَ والمؤمنينَ، وهوَ صاحبُ الشريعةِ الكُبرى، وصاحبُ التوراةِ أفضلُ الكتبِ بعدَ القرآنِ فقالَ: واذكرْ حالةَ موسى الفاضلةَ، وقتَ نداءِ اللهِ إيَّاهُ، حينَ كلَّمَهُ ونَبَّأَهُ وأرسلَهُ فقالَ: {أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} الَّذينَ تكبَّرُوا في الأرضِ، وعلَوا على أهلِها وادَّعى كبيرُهُم الربوبيَّةَ، {قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ} أي: قُلْ لهُم، بلينِ قولٍ، ولطفِ عبارةٍ {أَلا تَتَّقُونَ}.

– الشيخ : الشاهد: {وقولا له قولاً ليناً} من ذلك على: {ألا تتَّقونَ} {هل لكَ إلى أنْ تزكّى} يعني كلام فيه رِفقٌ ولينٌ.

– القارئ : {أَلا تَتَّقُونَ} اللهَ الَّذي خلقَكُم ورزقَكُم، فتتركُوا ما أنتم عليهِ مِن الكفرِ.

فقالَ موسى -عليهِ السلامُ-، مُعتذِراً مِن ربِّهِ، ومُبيِّناً لعذرِهِ، وسائلاً لهُ المعونةَ على هذا الحِملِ الثقيلِ: {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي} .

– الشيخ : يعني إلّا إذا كُذِّبَ الرسول فإنَّه يضيق صدره، الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يضيقُ صدره بالتكذيب، وبقد نعلم أنّكَ يضيق صدرك بما يقولون فسبِّح بحمدِ ربِّكَ وكنْ مِن الساجدينَ، يضيق صدر الإنسان إذا دعا ودعا ودعا ولم يُستجَبْ له يضيق صدره، لأنَّ الرسول همَّته في هداية الخلق، لكنَّ الله يُسلِّي رسوله ويقول: {لا تحزنْ} {لا تذهبْ نفسُكَ عليهِم حسراتٍ} {لعلَّكَ باخعٌ نفسَكَ ألَّا يكونوا مؤمنين} {إنْ عليكَ إلَّا البلاغُ}.

 

– القارئ : فقالَ: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي﴾ [طه:25-30]

{فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ} فأجابَ اللهُ طِلَبَتَهُ ونبَّأَ أخاهُ هارونَ كما نبَّأَهُ {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا} أي: معاوناً.

– الشيخ : هذا في في سورة القصص يعني لكن الشيخ يستشهد ببعض الآيات المناسبة للموضوع.

– القارئ : أي: مُعاوِناً لي على أمري {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} أي: في قتلِ القبطيِّ {فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ}

{قَالَ كَلا}.

– الشيخ : وهذا الخوف هذا خوف طبيعيَّ والخوفُ الطبيعيّ يَعْرِض للأنبياءِ والدعاةِ والصالحين ما هو يعني ليس بعيب كونه يخاف الخوف الطبيعيّ هذه صفة البشر، ولهذا الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- يعني يعني اتَّخذَ الأسبابَ لحفظِ نفسِه عليه الصلاة والسلام، في الحربِ ظهرَ بينَ درعين لبسَ درعين لاتقاءِ الرماحِ والسهامِ، فالخوفُ واتّخاذُ الأسبابِ والتوجُّهُ إلى اللهِ يعني بطلبِ الحفظِ.

 

– القارئ : {قَالَ كَلا} أي: لا يتمكَّنونَ مِن قتلِكِ فإنَّا سنجعلُ لكما سلطاناً فلا يصلونَ إليكما بآياتِنا أنتما ومَن اتبعَكُما الغالبونَ؛ ولهذا لمْ يتمكَّنْ فرعونُ مِن قتلِ موسى معَ منابذتِهِ لهُ غايةَ المنابذةِ وتسفيهِ رأيهِ وتضليلِهِ وقومِهِ {فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا} الدالَّةِ على صدقِكُما وصحَّةِ ما جئْتُما بهِ {إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} أحفظُكُما وأَكْلَؤُكُمَا.

{فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي: أرسَلَنَا إليكَ؛ لتؤمنَ بهِ وبنا وتنقادَ لعبادتِهِ وتُذعِنَ لتوحيدِهِ.

{أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} فَكُفَّ عنهم عذابَكَ وارفعْ عنهم يدَكَ ليعبدُوا ربَّهم ويقيموا أمرَ دينِهم.

فلمَّا جاءَا فرعونَ وقالَّا لهُ ما قالَ اللهُ لهما لمْ يؤمنْ فرعونُ ولم يَلِنْ وجعلَ يُعارِضُ موسى، فـ {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا} أي: ألمْ ننعمْ عليكَ ونقمْ بتربيتِكَ منذُ كنْتَ وليداً في مهدِكَ؟ ولمْ تزلْ كذلكَ.

– الشيخ : تربَّى في بيت فرعون سبحان الله، وهذا من مكرِ الله بعدوِّه, فالتقطَهُ آلُ فرعونَ ليكونَ، فالتقطه آل فرعون ليكون أيش؟

– طالب: ليكونَ لهم عدواً وحَزَناً

– الشيخ : ليكونَ لهم ليكون لهم عدواً وحزناً، التقطوه ليكون لهم عدوّاً وحزناً، وهذا من كيدِ اللهِ راح نفس الَّذي سيكونُ هلاكُهم وذهابُ ملكِهم على يدهِ تربّى في حَجرِهم، هذا نوعٌ من أنواعِ المكرِ مكرِ اللهِ بأعدائِهِ. سبحان الله {ألم نُربِّكَ فينا وليداً} نعم بعده.

 

– القارئ : {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا} أي: ألمْ ننعمْ عليكَ ونقمْ بتربيتِكَ منذُ كنْتَ وليداً في مهدِكَ ولمْ تزلْ كذلكَ؟

{وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ} وهيَ قتلُ موسى للقبطيِّ، حينَ استغاثَهُ الَّذي مِن شيعتِهِ، على الَّذي مِن عدوِّهِ.

– الشيخ : {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ}.

– القارئ : الآية {وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} أي: وأنتَ إذْ ذاكَ طريقُكَ طريقُنا، وسبيلُكَ سبيلُنا، في الكفرِ.

– الشيخ : ما أدري، كأن كأن المعنى والله أعلم، تُراجَعُ في التفسير ابنِ كثير، أنت من الكافرين الكافرين بي يرى أنَّه لم، وأنتَ من الكافرين هو لا فرعون لا يعتبر نفسه كافراً، قال فعلتها إذاً وأنا من الضالّين، اعترفَ بأنَّه يومَها كانَ جاهلاً لم يكنْ عندَه من علمِ النبوَّة شيءٌ، {وفعلْتَ فعلتَك الَّتي فعلتَ وأنتَ مِن الكافرين}. نعم أبو أيوب شوف ابن كثير على الكلمة هذه نعم.

– القارئ : فأقرَّ على نفسِهِ بالكفرِ

– الشيخ : بما أنّ بما أنّ الشيخ السعدي يستفيد من ابن كثير ويجري على طريقه نشوف.

– القارئ : فأقرَّ على نفسِهِ بالكفرِ، مِن حيثُ لا يدري

– الشيخ : ما أدري والله الله أعلم

– القارئ : فقالَ موسى: {فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} أي: عن غيرِ كفرٍ، وإنَّما كانَ عن ضلالٍ وسَفَهٍ.

– الشيخ : عن ضلال وعن جهل يعني عن جهل، الضلال يُعبَّرُ به عن الجهل كما قالَ تعالى لنبيِّه {ألم يجدْكَ يتيماً} {ألم يجدْكَ يتيماً فآوى ووجدَكَ ضالاً} {ووجدَكَ ضالَّاً فهدى}.

– القارئ : فقالَ موسى فعلْتُها، فاستغفرْتُ وإنَّما كانَ عن ضلالٍ وسفهٍ، فاستغفرْتُ ربَّي فغفرَ لي.

{فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ} حينَ تراجعْتُم بقتلي، فهربْتُ إلى مدينَ، ومكثْتُ سنينَ، ثمَّ جئْتُكُم. {فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ}.

فالحاصلُ أنَّ اعتراضَ فرعونَ على موسى، اعتراضُ جاهلٍ أو مُتجاهِلٍ، فإنَّهُ جعلَ المانعَ مِن كونِهِ رسولاً أنْ جرى مِنهُ القتلُ، فبيَّنَ لهُ موسى، أنَّ قتلَهُ كانَ على وجهِ الضلالِ والخطأِ، الَّذي لمْ يقصدْ نفسَ القتلِ، وأنَّ فضلَ اللهِ تعالى غيرُ ممنوعٍ منهُ أحدٌ، فلِمَ منعْتُم؟.

– الشيخ : هوَ مستحقٌّ المقتولُ مستحقٌّ للقتلِ لكنَّ موسى لأنَّه تصرّف بغيرِ أمرٍ، هذا هوَ وجهُ الخطأِ، لا أنّ القبطيّ كانَ يعني معصوم الدمِ وكان، ليسَ لهُ حُرمةٌ، ظالمٌ هوَ وشيعتُهُ ظالمون كلَّ الظلمِ، ظالمون لبني اسرائيل لكن أنَّه تصرَّفَ بغير بغير يعني بغير أمرِ مِن اللهِ سبحانه وتعالى.

 

– القارئ : وأنَّ فضلَ اللهِ تعالى غيرُ ممنوعٍ منهُ أحدٌ، فلِمَ منعْتُم ما منحَني اللهُ، مِن الحُكمِ والرسالةِ؟ بقيَ عليكَ يا فرعونُ إدلَاؤُكَ بقولِكَ: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا} وعندَ التحقيقِ، يتبيَّنُ أنْ لا مِنَّةَ لكَ فيها، ولهذا قالَ موسى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}.

أي: تدلي عليَّ بهذهِ المِنَّةِ لأنَّكَ سخَّرْتَ بني إسرائيلَ، وجعلْتَهُم لكَ بمنزلةِ العبيدِ، وأنا قد أسلمْتَني مِن تعبيدِكَ وتسخيرِكَ، وجعلْتَها عليَّ نعمةً، فعندَ التصوُّرِ، يتبيَّنُ أنَّ الحقيقةَ أنَّكَ ظلمْتَ هذا الشعبَ الفاضلَ، وعذَّبْتَهم وسخَّرْتَهم بأعمالِكَ، وأنا قد سلَّمَني اللهُ مِن أذاكَ، معَ وصولِ أذاكَ لقومي، فما هذهِ المِنَّةُ الَّتي تمنُّ بها وتُدلي بها؟

{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

– الشيخ : إلى آخره خلاص.. الله المستعان، يقول تَمُنُّ عليَّ بأنَّك يقول إن سَلِمْتُ من شَرِّكَ قد استعبدْتَ الشعبَ كلَّه كلَّ بني إسرائيل، فأيُّ قيمةٍ؟ يعني مثل يعني الظالم إذا استعبدَ جماعة وعذَّبهم ثمّ ترك واحداً منهم يجعلها يجعلها نعمة؟!الأصل أنَّه لا يَحِلُّ أن يفعل ما فعل، فتركُ الظالمِ للممظلومِ تركُهُ له لا يُعَدُّ منَّةً ولا فضيلةً لا يُعدُّ فضيلةً منه، ولكن هذا من من تدبيرِ اللهِ الحكيمِ حتّى صارَ موسى في حَجرِ فِرعونَ، {قالَتْ امرأةُ فرعونَ قرَّةُ عينٍ لي ولكَ لا تقتلوهُ} هذا الله سلَّمه، نعم قل يا أبو أيوب.

 

– القارئ : قالَ اللهُ تعالى: {وفعلْتَ فعلتَكَ الَّتي فعلْتَ وأنتَ مِن الكافرين} أمَا أنتَ الَّذي ربَّيْناهُ فينا وفي بيتِنا وعلى فراشِنا وغذَّيْناهُ وأنعمْنا عليهِ مُدَّةً مِن السنين، ثمَّ بعدَ هذا قابلْتَ ذلكَ الإحسانَ بتلكَ الفعلةِ، أنْ قتلْتَ منَّا رجلاً وجحدْتَ نعمتَنا عليكَ.

– الشيخ : آه بس الشيخ فسَّر كُنتَ من الكافرين للنِعمة بس، نعم كمّل بس.

– القارئ : ولهذا قالَ: {وأنتَ مِن الكافرينَ} أي الجاحدينَ، قالَهُ ابنُ عبَّاسٍ.

– الشيخ : يعني الجاحدين للنعمة، {ألم نربِّكَ فينا وليداً ولبثْتَ فينا مِن عمرِكَ سنين وفعلْتَ فعلتَكَ الَّتي فعلْتَ وأنتَ مِن الكافرينَ} يعني الجاحدين، نعم قاله ابن عبّاس.

– القارئ : قالَهُ ابنُ عبَّاسٍ وعبدُ الرحمنِ بنُ زيدٍ بنُ أسلمَ واختارَهُ ابنُ جريرٍ، انتهى.

– الشيخ : خلص هذا واضح ما في إشكال لا لا يريد أنَّك كنت كافراً مثلنا، كافراً مثلنا لأ، هو ما يعتبر نفسه كافراً، يعتبر من لم يُقِرَّ بربوبيته فهو الكافر عنده لعنه الله، لكن هذا التقسير واضح كُنت من الكافرين للنعمة، {ألم نربِّكَ فينا وليداً ولبثْتَ فينا مِن عمرِكَ سنين وفعلْتَ فعلتَكَ الَّتي فعلْتَ وأنتَ مِن الكافرينَ، قالَ فعلْتُها إذاً وأنا مِن الضالّين} يعني غلط يعني كان ذلك غلطاً مني وخطأ.