الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة يس/(13) من قوله تعالى {أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة} الآية 77 إلى قوله تعالى {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء} الآية 83
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(13) من قوله تعالى {أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة} الآية 77 إلى قوله تعالى {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء} الآية 83

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة  يس

الدَّرس: الثَّالث عشر

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ:

أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يس:77-83]

– الشيخ : يقولُ تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ}: الإنسانُ الكافر المُكذِّبُ بالبعث، {أَوَلَمْ يَرَ}: ألم يعلم بأنَّا خلقْناه من نطفةٍ من ذلك الماءِ المَهين، {أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}: خصيمٌ يُخاصِمُ ربَّه ويُكذِّبُ بوعدِه، {فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} بيِّنُ الخصومة، ومن خصومتِه أنَّه ضرب مثلًا.

{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}: وهي باليةٌ، يُحييها وقد صارَت باليةً تتفتَّتُ، وقال…: أنَّ بعض المُشركين جاءَ يُجادل الرسولَ -أو يُجادِلُ أحدَ الصحابة- وقالَ: تزعمُ أنَّ الله يُعيدُ هذا، وفتَّ العظم.

{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ} نسي أنَّ اللهَ خلقَه أولًا، وبدأ خلقَه وأنشأَه حتى صارَ إنسانًا سوِيَّ الخِلقة، مُتكامل البنية، سبحان الله! وهذا من الردِّ عليه: الذي يُعيدُك ويخلقُك مرة ثانيةً هو الذي خلقَك.

{وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ*قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} وهذه أيضًا حجةٌ أخرى {يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} فذكرَ في هذه الآياتِ جملةً من الحججِ على قدرةِ الله على البعثِ، وعلى إِمكانِ البعث ووقوعِه.

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ} أيضًا هذا من أدلة قدرتِه -تعالى- أنَّه جعلَ من الشجرِ الأخضر نارًا {مِنْهُ تُوقِدُونَ}: ذُكِرَ أنه من الأشجار نوعٌ تحكُّ بعضها ببعضٍ فَتَنْقَدِحُ منها النارُ وهي خضراءُ، وهي خضراءُ رطبةٌ ومع ذلك تَنْقَدِحُ منها النار، والماء والنار ضِدَّان.

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ*أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} هذا أيضًا حجةٌ أخرى، وهو أنَّ الذي خلقَ السمواتِ والأرضَ مع عظمِهما قادرٌ على أن يُعيد الناس ويخلقهم مرةً أخرى، كما قالَ –تعالى-: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [غافر:57]

بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ*إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ*فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}: فبدأَتِ الآياتُ بذكرِ حالِ الإنسان المُكذِّبِ، والتعجُّبِ من حالِه، يعلمُ أنَّ الله خلقه من نطفةٍ من ماءٍ مهين، ثم يستبعدُ أن يخلقَه الله ويُعيدَ خلقَه بعد ما يموت ويصير ترابًا ورُفاتًا.

 

(تفسيرُ السعدي): 

– القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبِه أجمعين، قال الشيخ عبدُ الرحمن السعدي -رحمه الله تعالى- في تفسير قول الله -تعالى-: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ} الآيات:

هَذِهِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَاتُ، فِيهَا ذِكْرُ شُبْهَةِ مُنْكِرِي الْبَعْثِ، وَالْجَوَابُ عَنْهَا بِأَتَمِّ جَوَابٍ وَأَحْسَنِهِ وَأَوْضَحِهِ.

فَقَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ}: الْمُنْكِرُ لِلْبَعْثِ أَوِ الشَّاكُّ فِيهِ، أَمْرًا يُفِيدُهُ الْيَقِينَ التَّامَّ بِوُقُوعِهِ، وَهُوَ أنَّا خلقنَاه ابْتِدَاءً مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ تَنَقُّلُهُ فِي الْأَطْوَارِ شَيْئًا فَشَيْئًا، حَتَّى كَبِرَ وَشَبَّ، وَتَمَّ عَقْلُهُ وَاسْتَتَبَّ، فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ بَعْدَ أَنْ كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهِ مِنْ نُطْفَةٍ، فَلْيَنْظُرِ التَّفَاوُتَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ، وَلِيَعْلَمَ أَنَّ الَّذِي أَنْشَأَهُ مِنَ الْعَدَمِ، قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُعِيدَهُ بَعْدَمَا تَفَرَّقَ وَتَمَزَّقَ مِنْ بَابِ أَوْلَى.

وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَضْرِبَهُ، وَهُوَ قِيَاسُ قُدْرَةِ الْخَالِقِ بِقُدْرَةِ الْمَخْلُوقِ، وَأَنَّ الْأَمْرَ الْمُسْتَبْعَدَ عَلَى قُدْرَةِ الْمَخْلُوقِ مُسْتَبْعَدٌ عَلَى قُدْرَةِ الْخَالِقِ.

فَسَّرَ هَذَا الْمَثَلَ بِقَوْلِهِ: قَالَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} أَيْ: هَلْ أَحَدٌ يُحْيِيهَا؟ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، أَيْ: لَا أَحَدَ يُحْيِيهَا بَعْدَمَا بَلِيَتْ وَتَلَاشَتْ.

هَذَا وَجْهُ الشُّبْهَةِ وَالْمَثَلِ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَلَى مَا يُعْهَدُ مِنْ قُدْرَةِ الْبَشَرِ، وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي صَدَرَ مِنْ هَذَا الْإِنْسَانِ غَفْلَةٌ مِنْهُ، وَنِسْيَانٌ لِابْتِدَاءِ خَلْقِهِ، فَلَوْ فَطِنَ لِخَلْقِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا فَوُجِدَ عِيَانًا، لَمْ يَضْرِبْ هَذَا الْمَثَلَ.

فَأَجَابَ تَعَالَى عَنْ هَذَا الِاسْتِبْعَادِ بِجَوَابٍ شَافٍ كَافٍ، فَقَالَ: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهَذَا بِمُجَرَّدِ تَصَوُّرِهِ، يَعْلَمُ بِهِ عِلْمًا يَقِينًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ، أَنَّ الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ قَادِرٌ عَلَى الْإِعَادَةِ ثَانِيَ مَرَّةٍ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَى الْقُدْرَةِ إِذَا تَصَوَّرَهُ الْمُتَصَوِّرُ، {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}: هَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ ثَانٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ –تَعَالَى-، وَهُوَ أَنَّ عِلْمُهُ تَعَالَى مُحِيطٌ بِجَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا، فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَيَعْلَمُ مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْ أَجْسَادِ الْأَمْوَاتِ وَمَا يَبْقَى، وَيَعْلَمُ الْغَيْبَ وَالشَّهَادَةَ، فَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِهَذَا الْعِلْمِ الْعَظِيمِ، عَلِمَ أَنَّهُ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ إِحْيَاءِ اللَّهِ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ.

ثُمَّ ذَكَرَ دَلِيلًا ثَالِثًا فَقَالَ: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ}: فَإِذَا أَخْرَجَ النَّارَ الْيَابِسَةَ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ، الَّذِي هُوَ فِي غَايَةِ الرُّطُوبَةِ، مَعَ تَضَادِّهِمَا وَشِدَّةِ تَخَالُفِهِمَا، فَإِخْرَاجُهُ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ.

ثُمَّ ذَكَرَ دَلِيلًا رَابِعًا فَقَالَ: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} عَلَى سِعَتِهِمَا وَعِظَمِهِمَا {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} أَيْ: أَنْ يُعِيدَهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ. بَلَى قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ.

{وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ} وَهَذَا دَلِيلٌ خَامِسٌ، فَإِنَّهُ تَعَالَى الْخَلَّاقُ، الَّذِي جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، مُتَقَدَّمُهَا وَمُتَأَخَّرُهَا، صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا، كُلُّهَا أَثَرٌ مِنْ آثَارِ خَلْقِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَسْتَعْصِي عَلَيْهِ مَخْلُوقٌ أَرَادَ خَلْقَهُ.

فَإِعَادَتُهُ لِلْأَمْوَاتِ، فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ آثَارِ خَلْقِهِ.

وَلِهَذَا قَالَ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا} نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ، فَتَعُمُّ كُلَّ شَيْءٍ. {أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} أَيْ: فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ تَمَانُعٍ.

{فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ}: وَهَذَا دَلِيلٌ سَادِسٌ، فَإِنَّهُ –تَعَالَى- هُوَ الْمَلِكُ الْمَالِكُ لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي جَمِيعُ مَا سَكَنَ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ مِلْكٌ لَهُ، وَعَبِيدٌ مُسَخَّرُونَ وَمُدَبَّرُونَ، يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ بِأَقْدَارِهِ الْحِكَمِيَّةِ، وَأَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَحْكَامِهِ الْجَزَائِيَّةِ، فَإِعَادَتُهُ إِيَّاهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ لِيُنَفِّذَ فِيهِمْ حُكْمَ الْجَزَاءِ مِنْ تَمَامِ مُلْكِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} مِنْ غَيْرِ امْتِرَاءٍ وَلَا شَكٍّ، لِتَوَاتُرِ الْبَرَاهِينِ الْقَاطِعَةِ وَالْأَدِلَّةِ السَّاطِعَةِ عَلَى ذَلِكَ. فَتَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي كَلَامِهِ الْهُدَى وَالشِّفَاءَ وَالنُّورَ.

تَمَّ تَفْسِيرُ سُورَةِ "يس".

فَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِهِ، وَلَهُ الثَّنَاءُ كَمَا يَلِيقُ بِكَمَالِهِ، وَلَهُ الْمَجْدُ كَمَا تَسْتَدْعِيهِ عَظَمَتُهُ وَكِبْرِيَاؤُهُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ.

انتهى.

– طالب: أحسنَ اللهُ إليكَ، {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ} بعضُ أنواعِ الشجر؟

الشيخ : يقولون: المَرخُ والعِفارُ، نوعان من الشجرِ عندنا

– طالب: كيف يكون أخضرًا وتخرجُ منه النارُ؟

الشيخ : كيف؟! هذا سؤالٌ غريبٌ منك!

– طالب: يعني بالاحتكاكِ؟

– الشيخ : إي، إي. يكون كذا، الشيخُ ابن كثير يذكرُ، الشيخ ابن سعدي ما عرَّجَ على شيءٍ، تجاوزَ الآية ولَّا أيش قال؟ {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ}؟

القارئ : ذكرَه هنا ابنُ كثير

الشيخ : لا. اصبرْ، السعدي السعدي كأنه

– طالب: السعدي ؟!كيفَ يعملُ النارُ في الشجرةِ. لا ما ذكرَ

الشيخ : ما تكلَّمَ عن نفسِ الجملةِ ذِي؟ أو الآيةِ ما تكلَّمَ؟

– طالب: ثُمَّ ذَكَرَ دَلِيلًا ثَالِثًا فَقَالَ: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ}: فَإِذَا أَخْرَجَ النَّارَ الْيَابِسَةَ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ، الَّذِي هُوَ فِي غَايَةِ الرُّطُوبَةِ، مَعَ تَضَادِّهِمَا

الشيخ : خلص تمام بس، أنا مشَى ما انتبَهْت له. أيش قالَ ابنُ كثير؟

القارئ : قالَ ابنُ كثيرٍ -رحمه الله تعالى وأسكنَه فسيحَ جنَّاتِه-:

قَالَ مُجَاهِدٌ، وعِكْرِمَة: جَاءَ أُبي بْنُ خَلَفٍ -لَعَنَةُ اللَّهِ عليه- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي يَدِهِ عَظْمٌ رَمِيمٌ وَهُوَ يُفَتُّه وَيَذْروه فِي الْهَوَاءِ

الشيخ : هذا في أوَّلِ الكلام، شوف الآية اللي تريدُ تقرأ.

القارئ : نعم، {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ}: الَّذِي بَدَأَ خَلْقَ هَذَا الشَّجَرِ مِنْ مَاءٍ حَتَّى صَارَ خَضرًا نَضرًا ذَا ثَمَرٍ ويَنْع، ثُمَّ أَعَادَهُ إِلَى أَنْ صَارَ حَطَبًا يَابِسًا، تُوقَدُ بِهِ النَّارُ، كَذَلِكَ هُوَ فَعَّالٌ لِمَا يَشَاءُ، قَادِرٌ عَلَى مَا يُرِيدُ لَا يَمْنَعُهُ شَيْءٌ.

قَالَ قَتَادَةُ رحمه الله..

الشيخ : هذا قولٌ في الآية أنَّ المُرادَ {جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا}: صيَّره يابسًا بعد الخُضرةِ والنضرةِ فصارَ صالحًا للإيقادِ يعني المُراد الأمر العادي المعروف. ولا شكَّ أنَّه آيةٌ من آياتِ الله.

القارئ : وقَالَ قَتَادَةُ –رحمه الله- يَقُولُ: هذا الَّذِي أَخْرَجَ هَذِهِ النَّارَ مِنْ هَذَا الشَّجَرِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَبْعَثَهُ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ

الشيخ : هذا القولُ الثاني

القارئ : وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ شجرُ الْمَرْخِ والغِفَار

الشيخ : غين، لا. ينبغي "العِفار".

القارئ : يَنْبُتُ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ فَيَأْتِي مَنْ أَرَادَ قَدْح نَارٍ وَلَيْسَ مَعَهُ زِنَادٌ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ عُودَيْنِ أَخْضَرَيْنِ، وَيَقْدَحُ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ، فَتَتَوَلَّدُ النَّارُ مِنْ بَيْنِهِمَا، كَالزِّنَادِ سَوَاءً.

وَفِي الْمَثَلِ: لِكُلِّ شَجَرٍ نَارٌ

الشيخ : في في. في كلِّ شجرٍ نارٌ

القارئ : لِكُلِّ شَجَرٍ نَارٌ

الشيخ : لكلِّ باللام

القارئ : نعم

الشيخ : في كلِّ شجرٍ نارٌ، في كلِّ شجرٍ نارٌ، وَاسْتَمْجِد.

القارئ : وَاسْتَمْجِد المَرْخَ والغِفَار.

الشيخ : والعِفار ولَّا والغِفار؟

القارئ : بالغين "والغفار"

وَقَالَ الْحُكَمَاءُ: فِي كُلِّ شَجَرٍ نَارٌ إِلَّا الْعنَّابَ.

العنَّابُ يا شيخ أظنُّه من شجر السِّدرِ.

الشيخ : حسبك

القارئ : طبعًا تفسيرُ الجلالَين قالَ: المرخُ والعِفار

الشيخ : بِــــ "العين" هذا اللي أقولُ.