بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الحجرات
الدَّرس: الخامس
*** *** ***
– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ
قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحجرات:14-18]
– الشيخ : لا إله إلَّا الله، يخبرُ تعالى في هذه الآيات عن جماعةٍ من الأعراب وأنَّهم يدَّعونَ الإيمانَ ممتنِّينَ على الرَّسول -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقولون لهُ: "آمنَّا" على وجهِ المِنَّةِ عليه، كأنَّهم صنعوا به معروفًا وأحسنُوا إليه، وفضلُ ذلك لهم وراجعٌ إليهم، {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} الآية، قالوا: آمَنَّا.
ثمَّ إنَّهم قالوا: آمَنَّا، فادَّعوا مرتبةً فوقَ ما هم عليه وهي مرتبةُ الإيمانِ، الإيمانُ فوقَ مرتبةِ الإسلام، ولهذا قيلَ لهم: {قُولُوا أَسْلَمْنَا} فالَّذي حصلَ منهم: الإسلامُ، إعلانُ الشَّهادتَينِ ومثلًا الصَّلاة، فهذه شعائرُ الإسلامِ (بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ)، فهم ادَّعوا الإيمانَ فقيلَ لهم: {قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} و "لَمَّا" يُؤتَى بها لنفي الشَّيءِ المتوقَّعِ، الَّذي هو متوقع، {وَلَمَّا} يعني: وسيدخلُ الإيمانُ في قلوبكم {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}.
{وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} يعني: لا ينقصُكم شيئًا من أعمالكم وثواب أعمالِكم، بل يُثيبُكم على أعمالِكم أوفرَ ثوابٍ وأكملَه وأتمَّه.
ثمَّ ذكرَ تعالى صفةَ المؤمنين حقًّا وهم الَّذين قالَ فيهم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ} المؤمنون حقًّا {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} لم يخالجْهم ريبٌ ولا شكٌّ {وَجَاهَدُوا.. فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} هؤلاء هم المؤمنون الصَّادقون الَّذين يصدقُ عليهم اسمُ الإيمانِ فهم مؤمنون {ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}.
{قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ} تخبرون اللهَ بدينكم وما تعتقدونه؟! اللهُ عالمُ الغيبِ {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} ويعلمُ ما في قلوبِ العبادِ {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
ثمَّ عابَهم بقولهم: "آمنَّا" على وجهِ الامتنانِ: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} بعضُ أهلِ العلمِ يرى أنَّ هؤلاء منافقون فهم يدَّعونَ الإيمانَ وليسوا بمؤمنين إنَّما هم مسلمون، والمنافقُ مسلمٌ في الظَّاهر هو يظهرُ الإيمانَ ويظهرُ الإسلامَ، فهم يدَّعون الإيمانَ، وبعضُ أهلِ العلمِ يقولون : لا، بل معَهم أصلُ الإيمانِ، إلَّا أنَّهم لم يبلغوا درجةَ الَّذين ذكرَهم اللهُ بعد، لم يبلغوا درجةَ المؤمنين الإيمانَ الَّذي يحملُ على الجهاد ولا يخالطُه شكٌّ ولا ريبٌ، {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ} إنَّها أعظمُ مِنَّةٍ على العبد أن يهديَه للإيمانِ؛ هذا لأنَّ الإيمانَ هو سببُ السَّعادة الحقَّة، سببُ سعادةِ الدُّنيا والآخرةِ {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} إنَّه الفضلُ من الله تعالى على من أنعمَ عليه بنعمةِ الإيمانِ.
ثمَّ ختمَ اللهُ هذه الآياتِ بذكرِ علمِه بغيبِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
(تفسيرُ السَّعديِّ)
– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} الآيةَ:
يُخبرُ تعالى أنَّهُ خلقَ بني آدمَ مِن أصلٍ واحدٍ وجنسٍ واحدٍ، وكلُّهم مِن ذكرٍ وأنثى، ويرجعونَ جميعُهم إلى آدمَ وحوَّاءَ، ولكنَّ اللهَ تعالى بثَّ منهما رجالًا كثيرًا ونساءً، وفرَّقَهم وجعلَهم شعوبًا قبائلَ أي: قبائلَ صغارًا وكبارًا، وذلكَ لأجلِ أنْ يتعارفُوا، فإنَّهم لو استقلَّ كلُّ واحدٍ منهم بنفسِهِ لم يحصلْ بذلكَ التَّعارُفُ الَّذي يترتَّبُ عليهِ التَّناصُرُ والتَّعاونُ والتَّوارثُ والقيامُ بحقوقِ الأقاربِ، ولكنَّ اللهَ جعلَهم شعوبًا وقبائلَ؛ لأجلِ أنْ تحصلَ هذهِ الأمورُ وغيرُها، ممَّا يتوقَّفُ على التَّعارُفِ ولحوقِ الأنسابِ، ولكنَّ الكرمَ بالتَّقوى فأكرمُهم عندَ اللهِ أتقاهم، وهوَ أكثرُهم طاعةً وانكفافًا عن المعاصي، لا أكثرُهم قرابةً وقومًا، ولا أشرفُهم نسبًا، ولكنَّ اللهَ تعالى عليمٌ خبيرٌ يعلمُ منهم مَن يقومُ منهم بتقوى اللهِ ظاهرًا وباطنًا، ممَّن يقومُ بذلكَ ظاهرًا لا باطنًا، فيجازي كلًّا بما يستحقُّ.
وفي هذهِ الآيةِ دليلٌ على أنَّ معرفةَ الأنسابِ مطلوبةٌ مشروعةٌ؛ لأنَّ اللهَ جعلَهم شعوبًا وقبائلَ لأجلِ ذلكَ.
قالَ اللهُ تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا} الآياتَ.
يُخبرُ تعالى عن مقالةِ الأعرابِ الَّذين دخلُوا في الإسلامِ في عهدِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- دخولًا مِن غيرِ بصيرةٍ، ولا قيامٍ بما يجبُ ويقتضيهِ الإيمانُ، أنَّهم ادَّعَوا معَ هذا وقالُوا: {آمَنَّا} أي: إيمانًا كاملًا مستوفيًا لجميعِ أمورِهِ، هذا موجبُ هذا الكلامِ، فأمرَ اللهُ رسولَهُ أنْ يردَّ عليهم، فقالَ: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا} أي: لا تدَّعوا لأنفسِكم مقامَ الإيمانِ ظاهرًا وباطنًا كاملًا.
{وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي: دخلْنا في الإسلامِ، واقتصرُوا على ذلكَ.
{وَ} السَّببُ في ذلكَ، أنَّهُ {لَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} وإنَّما أسلمْتُم خوفًا أو رجاءً أو نحوَ ذلكَ ممَّا هوَ السَّببُ في إيمانِكم، فلذلكَ لم تدخلْ بشاشةُ الإيمانِ في قلوبِكم، وفي قولِهِ: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} أي: وقتَ هذا الكلامِ، الَّذي صدرَ منكم فكانَ فيهِ إشارةٌ إلى أحوالِهم بعدَ ذلكَ، فإنَّ كثيرًا منهم مَنَّ اللهُ عليهم بالإيمانِ الحقيقيِّ والجهادِ في سبيلِ اللهِ، {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} بفعلِ خيرٍ أو تركِ شرٍّ {لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} أي: لا ينقصُكم منها مثقالَ ذرَّةٍ، بل يُوفِّيكُم إيَّاها أكملَ ما تكونُ لا تفقدونَ منها صغيرًا ولا كبيرًا، {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي: غفورٌ لِمن تابَ إليهِ وأنابَ، رحيمٌ بهِ حيثُ قَبِلَ توبتَهُ.
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ} أي: على الحقيقةِ {الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: مَن جمعُوا بينَ الإيمانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ والجهادِ في سبيلِهِ، فإنَّ مَن جاهدَ الكفَّارَ دلَّ ذلكَ على الإيمانِ التَّامِّ في القلبِ، لأنَّ مَن جاهدَ غيرَهُ على الإسلامِ، والقيامِ بشرائعِهِ، فجهادُهُ لنفسِهِ على ذلكَ مِن بابِ أولى وأحرى؛ ولأنَّ مَن لم يقوَ على الجهادِ فإنَّ ذلكَ دليلٌ على ضعفِ إيمانِهِ، وَشَرَطَ تعالى في الإيمانِ عدمَ الرَّيبِ، وهوَ الشَّكُّ؛ لأنَّ الإيمانَ النَّافعَ هوَ الجزمُ اليقينيُّ بما أمرَ اللهُ بالإيمانِ بهِ، الَّذي لا يعتريهِ شكٌّ بوجهٍ مِن الوجوهِ.
وقولُهُ: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} أي: الَّذينَ صدَّقُوا إيمانَهم بأعمالِهم الجميلةِ، فإنَّ الصِّدقَ دعوىً كبيرةٌ في كلِّ شيءٍ يُدَّعَى يحتاجُ صاحبُهُ إلى حجَّةٍ وبرهانٍ، وأعظمُ ذلكَ دعوى الإيمانِ الَّذي هوَ مدارُ السَّعادةِ والفوزِ الأبديِّ والفلاحِ السَّرمديِّ، فمَن ادَّعاهُ وقامَ بواجباتِهِ ولوازمِهِ فهوَ الصَّادقُ المؤمِنُ حقًا، ومَن لم يكنْ كذلكَ عُلِمَ أنَّهُ ليسَ بصادقٍ في دعواهُ وليسَ لدعواهُ فائدةٌ، فإنَّ الإيمانَ في القلبِ لا يطَّلعُ عليهِ إلَّا اللهُ تعالى.
فإثباتُهُ ونفيُهُ مِن بابِ تعليمِ اللهِ بما في القلبِ، وهذا سوءُ أدبٍ وظنٍّ باللهِ، ولهذا قالَ: {قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وهذا شاملٌ للأشياءِ كلِّها، الَّتي مِن جملتِها ما في القلوبِ مِن الإيمانِ والكفرانِ والبرِّ والفجورِ، فإنَّهُ تعالى يعلمُ ذلكَ كلَّهُ ويجازي عليهِ، إنْ خيرًا فخيرٌ، وإنْ شرًّا فشرٌّ.
هذهِ حالةٌ مِن أحوالِ مَن ادَّعى لنفسِهِ الإيمانَ وليسَ بهِ، فإنَّهُ إمَّا أنْ يكونَ ذلكَ تعليمًا للهِ، وقد عُلِمَ أنَّهُ عالمٌ بكلِّ شيءٍ، وإمَّا أنْ يكونَ قصدُهم بهذا الكلامِ الـمِنَّةُ على رسولِهِ، وأنَّهم قد بذلُوا وتبرَّعُوا بما ليسَ مِن مصالحِهم، بل هوَ مِن حظوظِهِ الدُّنيويَّةِ، وهذا تجمُّلٌ بما لا يُجَمِّلُ، وفخرٌ بما لا ينبغي لهم أنْ يفتخرُوا على رسولِهِ فإنَّ المِنَّةَ للهِ تعالى عليهم، فكما أنَّهُ تعالى هوَ المانُّ عليهم بالخلقِ والرِّزقِ والنِّعمِ الظَّاهرةِ والباطنةِ، فمنَّتُهُ عليهم بهدايتِهم إلى الإسلامِ، ومِنَّتُهُ عليهم بالإيمانِ أفضلَ مِن كلِّ شيءٍ، ولهذا قالَ تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} .
{إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي: الأمورَ الخفيَّةَ فيهما الَّتي تخفى على الخلقِ، كالَّذي في لُجَجِ البحارِ، ومَهَامِهِ القِفارِ، وما جنَّهُ اللَّيلُ أو واراهُ النَّهارُ، يعلمُ قطَراتِ الأمطارِ، وحبَّاتِ الرِّمالِ، ومَكنوناتِ الصُّدورِ، وخبايا الأمورِ.
{وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام:59]
{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} يحصي عليكم أعمالَكم، ويوفيكم إيَّاها، ويجازيكم عليها بما تقتضيهِ رحمتُهُ الواسعةُ وحكمتُهُ البالغةُ.
تمَّ تفسيرُ سورةِ الحجراتِ بعونِ اللهِ ومَنِّهِ وجودِهِ وكرمِهِ، والحمدُ للهِ.
انتهى الكلامُ.
– الشيخ : أحسنْتَ، ما شاءَ الله، رحمَه اللهُ، هذا تفسيرٌ مباركٌ سهلٌ ينتفعُ به العلماءُ والطُّلَّابُ والعامَّةُ؛ نظرًا إلى أسلوبه الواضحِ وقلَّة دخوله في أمورٍ وفي العلوم الَّتي تُشتِّتُ فكرَ القارئِ من اللُّغويَّاتِ والخلافاتِ في الإعراباتِ وما أشبهَ ذلك، فجزاهُ اللهُ خيرًا على ما قدَّمَ وأثابَه، ونفعَنا وإيَّاكم.