الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة ق/(6) من قوله تعالى {ولقد خلقنا السماوات والأرض} الآية 38 إلى قوله تعالى {نحن أعلم بما يقولون} الآية 45

(6) من قوله تعالى {ولقد خلقنا السماوات والأرض} الآية 38 إلى قوله تعالى {نحن أعلم بما يقولون} الآية 45

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة  ق

الدَّرس: السَّادس

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ

وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ [ق:38-45]

– الشيخ : اللهُ أكبرُ، لا إله إلَّا الله.

هذه الآياتُ ختامٌ لسورة "ق"، وهي مناسبةٌ لموضوع السُّورة متضمِّنةٌ لجوانبَ من موضوعِ السُّورة وهو البعثُ ويومُ القيامةِ.

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} يخبرُ تعالى عن كمال قدرته وذلك بأنَّه خالقُ السَّمواتِ والأرض على عظمِهما وسعتِهما، خلقَها في ستَّةِ أيَّامٍ، وهو قادرٌ على أنْ يخلقَها بقولِه: "كنْ" فيكونُ، ولكن لحكمةٍ يعلمُها تعالى خلقَها في هذه المدَّة، وفصَّلَ ذلكَ في سورة: "حم السَّجدة"، خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وأكملَ ما فيها في يومينِ، أربعةُ أيَّامٍ، ثمَّ استوى إلى السَّماء فسوَّاهنَّ سبعَ سمواتٍ في يومين، هذه ستَّةُ أيَّامٍ، فسبحانَ العزيزِ الحكيمِ، سبحانَ القويِّ العزيزِ، سبحان العليِّ العظيمِ، سبحانَ بديعِ السَّموات والأرض، لا إله إلَّا الله.

{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} يعني: لكمالِ قدرتِه لم يحصلْ له لُغُوبٌ وتعبٌ وإعياءٌ، {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} [ق:15]، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأحقاف:33]، وهذا أيضًا من جملةِ أدلَّةِ البعثِ: خلقُ السَّموات والأرضِ، يذكِّرُ اللهُ بكمال قدرتِه بخلقِه السَّمواتِ والأرضِ، فالقادرُ على خلقِ هذه العوالمِ هو على بعثِ النَّاس من قبورهم وإعادتهم أحياء هو على ذلكَ قديرٌ، لا يعجزُهُ، {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس:81]

ثمَّ قالَ تعالى مُصبِّرًا نبيَّهُ ومسلَّيًا له: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} اصبرْ على قولهم، كما تقدَّمَ في أوَّل السُّورة: إنَّ {هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} [ق:2]، {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} [ق:2-3]، يقولُ اللهُ لنبيِّه: اصبرْ على أقوالهم الباطلةِ هذه الَّتي يكذِّبونك بها ويقولونها معارضةً لك، يقولُ تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام:33] اللهُ يُصبِّرُ نبيَّه ويرشدُه إلى ما يسلِّيه ويهوِّنُ عليه الأسى والحزن الَّذي يعاني منه بسببِ تكذيبِ قومِهِ له.

{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} التَّسبيحُ الَّذي أمرَ اللهُ به قبلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غروبِها شاملٌ للصَّلاة المفروضةِ، صلاةِ الفجرِ وصلاةِ العصرِ أو صلاةِ الظُّهرِ والعصرِ، شاملٌ لما يُشرَعُ من التَّسبيح في أذكارِ الصَّباحِ، وهذا كثيرٌ في القرآن يأمر اللهُ بالتَّسبيح قبلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غروبِها، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}

{وَمِنَ اللَّيْلِ} يعني: وسبِّحْ أيضًا من اللَّيل، يعني: سبِّحْ في كلِّ وقتٍ في اللَّيل والنَّهار في الصَّباح والمساء في أوَّل اللَّيل وآخرِ اللَّيل {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} وهي مثلُ صلاةِ آخرِ اللَّيل هي أَدْبَارُ السُّجُودِ، وقالَ في الآية الأخرى: {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور:49] وإدبارُ النُّجومِ يكونُ في آخرِ اللَّيل.

ثمَّ قالَ تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} المرادُ -واللهُ أعلمُ- هو النَّفخُ في الصُّور، يومَ يُنادَى النَّاسُ للخروج من القبورِ، {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر:68] وهنا قالَ: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} هذا يَوْمُ الْخُرُوجِ من القبور {ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ}.

ثمَّ قالَ تعالى مذكِّرًا أيضًا بكمالِ قدرتِهِ: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ} اللهُ تعالى يُحيي ويُميتُ ويُحيي ويُميتُ وينتهي أمرُ هذا العالمِ ينتهي إليهِ، وتنتهي إليه هذه البشريَّةُ {وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ}.

{يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا} هذه العوالمُ الَّتي قد دُفِنَتْ في القبورِ في هذه الأرضِ يومَ القيامةِ إذا نُفِخَ في الصُّور تتشقَّقُ الأرضُ عنهم تتشقَّقُ ويخرجون من القبور، كما يشقُّ النَّباتُ الأرضَ {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} [عبس:24-26] تذكيرٌ بدليلٍ من أدلَّة البعثِ وهو إحياءُ الأرضِ بعدَ موتها وتشقُّقها عن النَّبات.

{ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} هذا الحشرُ للبشريَّة الَّتي لا يعلمُ عددَها إلَّا اللهُ من بدايتها من آدم إلى آخرِ نسَمَةٍ يخلقُها اللهُ من هذا الجنسِ يُحشَرون {ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} هو يسيرٌ على الله سبحانه وتعالى لا يُعجِزُه، هيِّنٌ، بخلافِ ما ظنَّه الكاذبونَ المفترونَ الَّذينَ ظنُّوا أنَّ هذا لا يكونُ وأنَّه مستحيلٌ ومُستبعَدٌ أنْ يُحييَ اللهُ الأمواتَ بعدَ أن صاروا ترابًا ورفاتًا وعظامًا {ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ}.

ثمَّ قالَ تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} ما يقولُ هؤلاء الكفَّارُ ممَّا يُسِرُّون أو يُعلِنون في سرِّهم وعلانيتِهم {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} أنتَ لسْتَ مسلَّطًا عليهم بأنْ تجبرَهم على الإيمان، وهذا ليسَ بمقدورِه {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ}.

{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} واجبُ الرَّسولِ هو التَّذكيرُ، واجبُه هو التَّذكيرُ، وبِمَ يذكِّرُ؟ يذكِّرُ بالقرآنِ، بتلاوتِه وبيانِ معانيه، صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

 

 (تفسيرُ السَّعديِّ)

– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} الآياتَ:

وهذا إخبارٌ منهُ تعالى عن قدرتِهِ العظيمةِ ومشيئتِهِ النَّافذةِ، الَّتي أوجدَ بها أعظمَ المخلوقاتِ {السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} أوَّلُها يومُ الأحدِ، وآخرُها يومُ الجمعةِ

الشيخ : جاءَ هذا في السُّنَّةِ، تحديدُ الأيَّام جاءَ في السُّنَّة: أنَّ أوَّلَ أيَّامِ الخلقِ هو يومُ الأحدِ وآخرُ الخلقِ يومُ الجمعةِ، فاجتمعَ الخلقُ في هذه المدَّةِ.

 

القارئ : مِن غيرِ تعبٍ، ولا نصَبٍ، ولا لُغُوبٍ، ولا إعياءٍ، فالَّذي أوجدَها -على كِبَرِها وعظمتِها- قادرٌ على إحياءِ الموتى مِن بابِ أولى وأحرى.

{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} مِن الذَّمِّ لكَ والتَّكذيبِ بما جئْتَ بهِ، واشتغلَ عنهم وَالَهَ بطاعةِ ربِّكَ وتسبيحِهِ أوَّلَ النَّهارِ وآخرِهِ، وفي أوقاتِ اللَّيلِ، وأدبارِ الصَّلواتِ. فإنَّ ذِكرَ اللهِ تعالى مُسَلٍّ للنَّفسِ، مُؤْنِسٌ لها، مهوِّنٌ للصَّبرِ.

الشيخ : يشهدُ لهذا قولُهُ: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:97-99] ففي العبادةِ سلوىً للمؤمنِ وشرحٌ لصدره وإزالةٌ لهمومِه وغمومِه، نسألُ اللهَ أن يشرحَ به صدورَنا، اللَّهمَّ اشرحْ..

 

القارئ : قالَ اللهُ: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} الآياتَ.

أي: {وَاسْتَمِعْ} بقلبِكَ {يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ} وهوَ إسرافيلُ -عليهِ السَّلامُ- حينَ يَنْفُخُ في الصُّورِ {مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} مِن الأرضِ.

{يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ} أي: كلُّ الخلائقِ يَسمعونَ تلكَ الصَّيحةَ الـمُزعِجةَ الـمَهولةَ {بِالْحَقِّ} الَّذي لا شكَّ فيهِ ولا امتراءَ.

{ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} مِن القبورِ، الَّذي انفردَ بهِ القادرُ على كلِّ شيءٍ، ولهذا قالَ

الشيخ : وهذا يدلُّ على أنَّ هذه هي النَّفخةُ الثَّانيةُ، النَّفخةُ الأولى هي نفخةُ الصَّعقِ الَّتي يَصعقُ بها من في السَّموات والأرض إلَّا من شاءَ الله، والنَّفخةُ الثَّانية هي نفخةُ الخروجِ من القبور.

 

القارئ : ولهذا قالَ: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرْضُ عَنْهُمْ} أي: عن الخلائقِ.

{سِرَاعًا} أي: يُسرِعونَ لإجابةِ الدَّاعي لهم إلى موقفِ القيامةِ، {ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} أي: سهلٌ على اللهِ لا تعبَ فيهِ ولا كُلفةَ.

{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} لكَ ممَّا يحزنُكَ مِن الأذى، وإذا كنَّا أعلمُ بذلكَ فقد علمْتَ كيفَ اعتناؤُنا بكَ، وتيسيرُنا لأمورِكَ، ونصرُنا لكَ على أعدائِكَ، فليفرحْ قلبُكَ، ولتطمئنَّ نفسُكَ، ولتعلمَ أنَّنا أرحمُ بكَ وأرأفُ مِن نفسِكَ، فلم يبقَ لكَ إلَّا انتظارُ وعدِ اللهِ، والتَّأسِّي بأولي العزمِ مِن رسلِ اللهِ، {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} أي: مُسلَّطٍ عليهم {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} ولهذا قالَ: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} والتَّذكيرُ: هوَ تذكيرُ ما تقرَّرَ في العقولِ والفِطرِ مِن محبَّةِ الخيرِ وإيثارِهِ وفعلِهِ، ومِن بغضِ الشَّرِّ ومجانبتِهِ، وإنَّما يَتذكَّرُ بالتَّذكيرِ مَن يخافُ وعيدَ اللهِ، وأمَّا مَن لم يخفِ الوعيدَ ولم يؤمنْ بهِ، فهذا فائدةُ تذكيرِهِ إقامةُ الحجَّةِ عليهِ، لئلَّا يقولَ: {مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ} [المائدة:19]

آخرُ تفسيرِ سورةِ: "ق" والحمدُ للهِ أوَّلًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا. انتهى

الشيخ : جزاهُ اللهُ خيرًا ورحمَه اللهُ، اللهُ أكبرُ، سبحانَ اللهِ بُدِئَتْ هذه السُّورةُ بالقسمِ بالقرآن وخُتِمَتْ بالأمر بالتَّذكير بالقرآنِ، {ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ} [ق:1] وفي آخرها: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق:45] فهذا من التَّناسبِ بينَ أوَّلِ السُّورةِ وآخرِها، فكأنَّها خُتِمَتْ بمثل ما ابتُدِئَتْ به، سبحانَ الله الَّذي أنزلَ هذا…، لا إله إلَّا الله.