بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة الملك
الدَّرس: الخامس
*** *** ***
– القارئ : أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ * فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ [الملك:25-30]
– الشيخ : الحمد لله، يُخبِرُ تعالى عن الكفار الـمُكذبين بالمعادِ والبعثِ والنُّشورِ، يقولون تكذيبًا واستبعادًا: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} الذي تَعِدُنا أيُّها النبي؟ أو يا محمد؟ {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}؟ ولعلَّهم يقولونَ هذا للرسول وللمؤمنين: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}؟
قالَ الله رَدًّا عليهِم وجوابًا: {قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} يعني لا عِلْمَ لي بموعدِ القيامةِ، فهو أمرٌ قد استأثرَ اللهُ بِهِ، وهذا كثيرٌ في القرآنِ يذكرُ الله هذا السؤالَ وهذا الاستبعاد، كقوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} [الاعراف:187] فالساعةُ لا يَعلمُ وقتَها أحدٌ إلا الله، قد استأثرَ اللهُ بعلمِها وطوَى علمَها عن جميعِ الخلق مِن الملائكةِ وغيرِهم والنَّبيينَ، ولهذا لَمَّا جاء جبريلُ وسأل الرسولَ قال أخبرني عن الساعة قال: (ما المسؤُول عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ)، لكن للساعةِ أماراتٌ يُحْدِثُها اللهُ إذا وقعَتْ دلَّ ذلكَ على قربِ الساعةِ لا على تحديدِ موعدِ قيامِها، فقيامُ الساعةِ يكونُ بالنَّفخِ في الصُّور وحينئذٍ يُصعَقُ مَنْ السماواتِ ومَن في الأرض، ثمَّ تتابع أحداثُ القيامة.
{وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} يعني: واجبي هو الإنذارُ، الرسولُ واجبُهُ: الإنذارُ والبلاغُ {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الشورى:48]
{فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني: رأوا ما وُعدِوا بِه، هذا خبرٌ عما سيكونُ، وأنَّهم إذا رأَوْا ما وُعِدُوا به إذا رأوه سِيئَتْ وجوهُهم وتغيَّرت مِن الخوفِ مِن خوفِ مما سيتعرَّضونَ له مِن النَّكَالِ والعذاب {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} هذا الذي أنتم تطالبون به وتقولون: {ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} [الأعراف:77] {وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ}.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} فاللهُ وليُّ المؤمنين يتولَّاهُم ويُجزيهِم على حسبِ أحوالِهم، وأمَّا الذين كفروا فلا أحدَ يُجيرُهُم، اللهُ يُجيرُ أولياءَه وأنبياءَه ويُنجِّيهِم مِن العذابِ إذا نزلَ، إذا نزلَ العذابُ فإنَّ الله يُنجِي أنبياءَه ورسلَه، كما قصَّ الله علينا مِن أخبارِ الأنبياءِ وأممِهِم: نوح وهود وصالح وشُعيب {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [هود:58] {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا} [هود:66] وهكذا {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا} [هود:94] {فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}.
ثم قال تعالى: {قُلْ} وكل هذا خطابٌ للرسولِ {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ} ربُّنا هو ذُو الرحمةِ العامة الواسعةِ {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} وفي هذا تهديدٌ لهم، ستعلمون غدًا مَن هو الذي في ضلالٍ، فالكفارُ يقولونَ للنبي والمؤمنين أنتمْ في ضلالٍ، ضلالٌ كبير، كما تقدَّم في أولِ السورة أنَّ الكفار إذا أُلقوا في جهنم وَوَبَّخَهُم الخَزَنة، يُقِرُّون ويعترفونَ بتكذيبِهم وعِنادِهم وردِّهم على الرسلِ {فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} وكأنَّ هذا جوابٌ لقولهم: {وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} [الملك:9]
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} فيه التذكيرُ بأنَّ أرزاقَهم وكلَّ ما يحتاجونَ إليهِ لا يأتي به إلا اللهُ، فهو الخالقُ الذي يرزقُ العبادَ ويسقيهم الماءَ مِن السحابِ ومما يُخرجُهُ مِن الأرض {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ} لا أحدَ يأتيكُم بماءٍ إلا الله، {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [المؤمنون:18] فالذي أنزلَ الماءَ وجعلَهُ مخزونًا في الأرضِ قادرٌ على أنْ يذهبَ بِه فتغارُ بِه الأرضُ وتبتلعُهُ ولا يَصِلُ إليهِ الناس، فالآن يحفرونَ الآبارَ ويصلونَ إلى الماءِ ويستخرجونَهُ، لكن قد يغورُ الماءُ ويذهبُ في أعماقِ الأرضِ فلا يَصِلُونَ إليهِ، فالأمرُ كلُّه للهِ فهو الخالقُ الرازقُ الـمُدبِّرُ لكلِّ شيء، فبيدِه الخيرُ وبيدِه الملكُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ.
(تفسيرُ السعدي)
– القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبِه أجمعين. قال الشيخ عبدُ الرحمن السعدي -رحمه الله تعالى- في تفسير قول الله –تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
{وَيَقُولُونَ} تَكْذِيبًا: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} جَعَلُوا عَلَامَةَ صِدْقِهِمْ أَنْ يُخْبِرُوهُمْ بِوَقْتِ مَجِيئِهِ، وَهَذَا ظُلْمٌ وَعِنَادٌ فَإِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ لَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَلَا مُلَازِمَةَ بَيْنَ هَذَا الْخَبَرِ وَبَيْنَ الْإِخْبَارِ بِوَقْتِهِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يُعْرَفُ بِأَدِلَّتِهِ، وَقَدْ أَقَامَ اللَّهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ وَالْبَرَاهِينِ عَلَى صِحَّتِهِ مَا لَا يَبْقَى مَعَهُ أَدْنَى شَكٍّ لِمَنْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.
قال الله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} الآيات:
يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ تَكْذِيبِ الْكَفَّارِ وَغُرُورِهِمْ بِهِ حِينَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْجَزَاءِ، وَرَأَوُا الْعَذَابَ مِنْهُمْ {زُلْفَةً} أَيْ: قَرِيبًا، سَاءَهُمْ ذَلِكَ وَأَفْظَعَهُمْ، وَأَقْلَقَهُمْ، فَتَغَيَّرَتْ لِذَلِكَ وُجُوهُهُمْ، وَوُبِّخُوا عَلَى تَكْذِيبِهِمْ، {وَقِيلَ لَهُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ}
– الشيخ : يعني كما هو الـمُعتادُ إذا نزلَ بالإنسانِ أمرٌ يحذرُهُ ويخافُهُ ويَخشى أن يُتْلِفَهُ وأن يُهلكَه تغيَّر لذلك وجهه، تغيَّر، {سِيئَتْ وُجُوهُ} يظهرُ أثرُ الخوفِ على الوجهِ، فالوجه مُعـبّـِرٌ عن الأحوال النفسية فرحًا أو حزنًا أو خوفًا أو طمأنينةً، فالوجه تظهر على صفحاتِهِ الأحوالُ النفسية للإنسان.
– القارئ : {وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} فَالْيَوْمَ رَأَيْتُمُوهُ عَيَانًا، وَانْجَلَى لَكُمُ الْأَمْرُ، وَتَقَطَّعَتْ بِكُمُ الْأَسْبَابُ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مُبَاشَرَةُ الْعَذَابِ.
وَلَمَّا كَانَ الْمُكَذِّبُونَ لِلرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِينَ يَرُدُّونَ دَعْوَتَهُ يَنْتَظِرُونَ هَلَاكَهُ، وَيَتَرَبَّصُونَ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ، أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: إنَّكم وَإِنْ حَصَلَتْ لَكُمْ أُمْنِيَتُكُمْ وَأَهْلَكَنِي اللَّهُ وَمَنْ مَعِي، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَافِعٍ لَكُمْ شَيْئًا، لِأَنَّكُمْ كَفَرْتُمْ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَاسْتَحْقَقْتُمُ الْعَذَابَ، فَمَنْ يُجِيرُكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ قَدْ تَحَتَّمَ وُقُوعُهُ بِكُمْ؟ فَإِذًا، تَعَبُكُمْ وَحِرْصُكُمْ عَلَى هَلَاكِي غَيْرُ مُفِيدٍ، وَلَا مَجْدٍ عَنْكُمْ شَيْئًا.
وَمِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهُمْ عَلَى هُدًى، وَالرَّسُولُ عَلَى ضَلَالٍ، أَعَادُوا فِي ذَلِكَ وَأَبْدُوا، وَجَادَلُوا عَلَيْهِ وَقَاتَلُوا، فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُخْبِرَ عَنْ حَالِهِ وَحَالِ أَتْبَاعِهِ، مَا بِهِ يَتَبَيَّنُ لِكُلِّ أَحَدٍ هُدَاهُمْ وَتَقْوَاهُمْ، وَهُوَ أَنْ يَقُولُوا: {هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} والإيمانُ يَشْمَلُ التَّصْدِيقَ الْبَاطِنَ، وَالْأَعْمَالَ الْبَاطِنَةَ وَالظَّاهِرَةَ، وَلَمَّا كَانَتِ الْأَعْمَالُ وُجُودُهَا وَكَمَالُهَا مُتَوَقِّفَانِ عَلَى التَّوَكُّلِ، خَصَّ اللَّهُ التَّوَكُّلَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ، وَإِلَّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْإِيمَانِ، وَمِنْ جُمْلَةِ لَوَازِمِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة:23] فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالَ الرَّسُولِ وَحَالَ مَنِ اتَّبَعَهُ، وَهِيَ الْحَالُ الَّتِي تَتَعَيَّنُ لِلْفَلَّاحِ، وَتَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا السَّعَادَةُ، وَحَالَةُ أَعْدَائِهِ بِضِدِّهَا، فَلَا إِيمَانَ لَهُمْ وَلَا تَوَكُّلَ، عُلِمَ بِذَلِكَ مَنْ هُوَ عَلَى هُدًى، وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ.
ثُمَّ أَخْبَرَ عَنِ انْفِرَادِهِ بِالنِّعَمِ، خُصُوصًا الْمَاءَ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ فَقَالَ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} أَيْ: غَائِرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ تَشْرَبُونَ مِنْهُ، وَتَسْقُونَ أَنْعَامَكُمْ وَأَشْجَارَكُمْ وَزُرُوعَكُمْ؟ وَهَذَا اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى النَّفْيِ، أَيْ: لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى.
تَمَّ تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمُلْكِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
– الشيخ : الحمد لله، الحمد لله، ومِن التناسبِ بينَ أولِ السورة وآخرِها أنَّه تعالى قال: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك:1] الملك كلِّه بيدِه وتحتَ تصرفِه، فمنه العطاءُ والمنعُ، يُعطي ويمنع كما يشاءُ، ومما يدخلُ في ملكِه أمرُ السُّقيا والغَيث والماءُ النَّازل مِن السماءِ أو النابعُ مِن الأرض، فكأنَّ المعنى: بيدِه الملكُ ومنْه الرزق، منه أرزاقُ العبادِ وأسبابِها التي أهمُها الماء، فخُتمَتْ السورة ببعضِ معنى أولِها، ببعضِ معنى أولِها، وكأنَّ المعنى يأتي به {الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}، {إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} من يأتي؟ لا أحدَ يأتي به، إنما يأتي بِه {الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} إذا شاءَ سبحانه وتعالى، أكثرُ السورِ أو كلِّها يُلاحَظُ فيها التناسبُ بين آخرِها وأولِها، وهذا ظاهرٌ لمن تدبَّر.