بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
سور " المسد – الإخلاص – الفلق – الناس "
*** *** ***
– القارئ : أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ [المسد:1-5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:1-5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس:1-6]
– الشيخ : الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، هذهِ أربعُ سورٍ، خاتمة القرآنِ الكريمِ، سورتانِ مكِّيَّتانِ: تبَّت والإخلاص، وسورتانِ مدنيَّتانِ: وهما المعوَّذتان.
سورةُ تبَّت: التَّبابُ: هو الخسارُ والبوارُ، وفي هذا دعاءٌ على هذا الشَّقيِّ أو خبرٌ عن حالِه أنَّه قد خسرَ، {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} أي: تبَّ وخسرَ، وأبو لهبٍ معروفٌ أنَّه عمُّ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أحدُ أعمامِه لكنَّه لم يُوفَّقْ، بل كانَ من أعدى أعداءِ اللهِ وأعداءِ رسولِه، ولهُ امرأةٌ شقيَّةٌ كذلك توافقُ زوجَها على الكفر والتَّكذيب والعدا للرَّسولِ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-، {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} وهذا تأكيدٌ.
{مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} فالمالُ لا يغني عن الكافرين شيئًا، وهذا نظيرُ قوله تعالى عن سائرِ الكفَّارِ: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ} [المجادلة:17]
وذُكِرَ من حالِ هذا الشَّقيِّ -والعياذُ باللهِ- أنَّه كانَ إذا خرجَ الرَّسولُ يدعو القبائلَ أنَّه يتبعُه وينفِّرُ النَّاسَ عنه.
{سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} وبهذهِ الآياتِ عُلِمَ شقاؤُه وأنَّه بعدَ هذه السُّورةِ لا يُرجَى إيمانُه، فعُلِمَ أنَّه من أهل النَّار قطعًا وهو حيٌّ يمشي على الأرضِ.
{وَامْرَأَتُهُ} والظَّاهرُ -واللهُ أعلمُ- أنَّ هذا معطوفٌ على قوله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} يعني: وتبَّتِ امرأتُه وخسرَتْ وبارَتْ بالخيبةِ والخسرانِ والبوارِ {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}، قيلَ: إنَّ من شقائِها أنَّها كانَت تحملُ الشَّوكَ وتلقيه في طريقِ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، تماديًا في العداءِ.
{فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} في عنقِها حبلٌ، تحملُ الحطبَ، فتضمَّنَتْ هذه السُّورةُ الخبرَ عن هذا الرَّجلِ وهذه المرأةِ عن شقائِهما، فهما من أشقى هذه الأمَّةِ، فالرَّجلُ من أشقى الرِّجالِ، وهذه المرأةُ من أشقى النِّساءِ، والنِّساءُ فيهنَّ المؤمنةُ والكافرةُ والمشركةُ والمنافقةُ.
أمَّا سورةُ الإخلاصِ فهي صفةُ الرَّبِّ تعالى، كما جاءَ في قصَّةِ الرَّجلِ الَّذي كانَ يختمُ بها قراءتَه في الصَّلاة، فلمَّا سُئِلَ عن ذلك، قالَ: إنَّها صفةُ اللهِ وإنِّي أحبُّها، فقالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: (حبُّكها أدخلَكَ اللهُ بهِ الجنَّةَ)، وجاءَ في الأحاديثِ ما يدلُّ على فضلِ هذه السُّورةِ وأنَّها تعدلُ ثلثَ القرآنِ، وقد تضمَّنَتْ التَّوحيدَ العلميَّ الخبريَّ المتضمِّنَ لتوحيد الرُّبوبيَّة وتوحيد الأسماءِ والصِّفاتِ، وتضمَّنَتْ ثلاثةً من أسماءِ اللهِ: اللهُ، أحدٌ، والصَّمدُ، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ} وتضمَّنَتْ تنزيهَ اللهِ عن الوالدِ والولدِ وعن الشَّبيهِ، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
ومن فضلِها أنَّه كانَ النَّبيُّ يقرأُ بها في الرَّكعةِ الثَّانيةِ من صلاةِ الفجرِ ومن ركعتي الطَّوافِ وفي صلاةِ الوترِ.
وقد أقسمَ النَّبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بربِّه على ذلك على أن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يقولُ: (والَّذي نفسي بيدِهِ إنَّها لتعدلُ ثلثَ القرآنِ) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أمَّا السُّورتانِ المعوِّذتانِ فهما مدنيَّتان، وقد أنزلَهما اللهُ وأبطلَ بهما السِّحرَ عن النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد جاءَ في السِّيرةِ أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ سحرَه لبيدُ بنُ أعصم اليهوديُّ فأنزلَ اللهُ عليه هاتين السُّورتين فبرِئَ من ذلكَ، والرَّسولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بشرٌ تعرضُ له العوارضُ البشريَّةُ من المرضِ أو الأذى من الأعداءِ بالجرحِ أو القتلِ، حتَّى القتل، كم قُتِلَ من الرُّسلِ في بني إسرائيل، فالأنبياءُ بشرٌ تعرضُ لهم العوارضُ البشريَّةُ، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين أنْ يسَّرَ لنا تلاوةَ كتابِه في هذا المجلسِ -وللهِ الحمدُ- من أوَّلِه إلى آخرِه، فنسألُ اللهَ أن ينفعَنا وإيَّاكم به وأنْ يجعلَه حجَّةً لنا لا حجَّةً علينا.
(تفسيرُ السَّعديِّ)
– القارئ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ السَّعديُّ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
تفسيرُ سورةِ تبَّتْ، وهيَ مكِّيَّةٌ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}
أبو لهبٍ هوَ عمُّ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكانَ شديدُ العداوةِ والأذيَّةِ للنَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلا فيهِ دينٌ، ولا حميَّةٌ للقرابةِ -قبَّحَهُ اللهُ-.
فذمَّهُ اللهُ بهذا الذَّمِّ العظيمِ، الَّذي هوَ خزيٌ عليهِ إلى يومِ القيامةِ فقالَ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} أي: خسرَتْ يداهُ، وشقى {وَتَبَّ} فلم يربحْ، {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ} الَّذي كانَ عندَهُ فأطغاهُ، ولا ما كسبَهُ فلم يردَّ عنهُ شيئًا مِن عذابِ اللهِ إذْ نزلَ بهِ، {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}
– الشيخ : أعمامُ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المشهورون أربعةٌ، اثنانِ مؤمنان واثنانِ كافران، ولكن أبو لهبٍ قد تميَّزَ والعياذُ باللهِ، عمَّان شقيَّان أحدُهما أشقى من الآخرِ، أبو لهبٍ وأبو طالبٍ، ولكن معَ الفرقِ، أبو طالبٍ وإن كانَ كافرًا ولم يؤمنْ بالرَّسولِ لكنَّه كان يناصرُ الرَّسولَ ويدافعُ عنهُ وينتصرُ له.
وكذلك العمَّان المؤمنان حمزة والعبَّاس -رضيَ اللهُ عنهما-، وكانَ حمزةُ أفضلَ من العبَّاس، واللهُ تعالى يفعلُ ما يشاءُ، يُضلُّ من يشاءُ ويهدي من يشاءُ، ومن بطَّأَ به عملُه كما في الحديثِ: (مَن بطَّأَ بهِ عملُهُ لم يسرعْ بهِ نسبُهُ) فأبو لهبٍ وأبو طالبٍ لم يغنِ عنهما نسبُهما ولا قرابتُهما من النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
– القارئ : {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} أي: ستحيطُ بهِ النَّارُ مِن كلِّ جانبٍ، هوَ {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}.
وكانَتْ أيضًا شديدةَ الأذيَّةِ لرسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، تتعاونُ هيَ وزوجُها على الإثمِ والعدوانِ، وتلقي الشَّرَّ، وتسعى غايةَ ما تقدرُ عليهِ في أذيَّةِ الرَّسولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وتجمعُ على ظهرِها الأوزارَ بمنزلةِ مَن يجمعُ حطبًا، قد أَعدَّ لهُ في عنقِهِ حبلًا {مِنْ مَسَدٍ} أي: مِن ليفٍ. أو أنَّها تحملُ في النَّارِ الحطبَ على زوجِها، متقلِّدةً في عنقِها حبلًا مِن مسدٍ.
وعلى كلٍّ ففي هذهِ السُّورةِ آيةٌ باهرةٌ مِن آياتِ اللهِ، فإنَّ اللهَ أنزلَ هذهِ السُّورةَ، وأبو لهبٍ وامرأتُهُ لم يهلكا، وأخبرَ أنَّهما سيعذَّبانِ في النَّارِ ولا بدَّ، ومِن لازمِ ذلكَ أنَّهما لا يسلمانِ، فوقعَ كما أخبرَ عالمُ الغيبِ والشَّهادةِ.
تفسيرُ سورةِ الإخلاصِ، وهيَ مكِّيَّةٌ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أي: {قُلْ} قولًا جازمًا بهِ، معتقِدًا لهُ، عارفًا بمعناهُ، {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أي: قد انحصرَتْ فيهِ الأحديَّةُ، فهوَ الأحدُ المنفرِدُ بالكمالِ، الَّذي لهُ الأسماءُ الحسنى، والصِّفاتُ الكاملةُ العليا، والأفعالُ المقدَّسةُ، الَّذي لا نظيرَ لهُ ولا مثيلَ.
{اللَّهُ الصَّمَدُ} أي: المقصودُ في جميعِ الحوائجِ. فأهلُ العالمِ العلويِّ والسُّفليِّ مفتقرونَ إليهِ غايةَ الافتقارِ، يسألونَهُ حوائجَهم، ويرغبونَ إليهِ في مهمَّاتِهم، لأنَّهُ الكاملُ في أوصافِهِ، العليمُ الَّذي قد كملَ في علمِهِ، الحليمُ الَّذي قد كملَ في حلمِهِ، الرَّحيمُ الَّذي كملَ في رحمتِهِ الَّذي وسعَتْ رحمتُهُ كلَّ شيءٍ، وهكذا سائرُ أوصافِهِ، ومِن كمالِهِ أنَّهُ {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} لكمالِ غناهُ {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} لا في أسمائِهِ ولا في أوصافِهِ ولا في أفعالِهِ تباركَ وتعالى. فهذهِ السُّورةُ مشتمِلةٌ على توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ.
تفسيرُ سورةِ الفلقِ، وهيَ مكِّيَّةٌ:
– الشيخ : وهي مكِّيَّةٌ أيضًا؟
– القارئ : نعم
– الشيخ : سبحانَ الله، راجع التَّفسير
– طالب: ابن كثير يا شيخ يقول
– الشيخ : عندَ من تقرأُ؟
– طالب: ابن كثيرٍ
– الشيخ : إي، أيش يقولُ ابنُ كثيرٍ؟
– طالب: تَفْسِيرُ سُورَتَيِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وهما مدنيَّتان
– الشيخ : مدنيَّتان، هذا هو …
– القارئ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} الآياتِ:
أي: {قُلْ} متعوِّذًا {أَعُوذُ} أي: ألجأُ وألوذُ، وأعتصمُ {بِرَبِّ الْفَلَقِ} أي: فالقُ الحبِّ والنَّوى، وفالقُ الإصباحِ.
{مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} وهذا يشملُ جميعَ ما خلقَ اللهُ، مِن إنسٍ، وجنٍّ، وحيواناتٍ، فيُستعاذُ بخالقِها، مِن الشَّرِّ الَّذي فيها، ثمَّ خصَّ بعدَ ما عمَّ، فقالَ: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} أي: مِن شرِّ ما يكونُ في اللَّيلِ، حينَ يغشى النَّاسَ، وتنتشرُ فيهِ كثيرٌ مِن الأرواحِ الشِّريرةِ، والحيواناتِ المؤذيةِ.
{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} أي: ومِن شرِّ السَّواحرِ، اللَّاتي يستعنَّ على سحرِهنَّ بالنَّفثِ في العُقدِ، الَّتي يعقدْنَها على السِّحرِ.
{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} والحاسدُ هوَ الَّذي يحبُّ زوالَ النِّعمةِ عن المحسودِ فيسعى في زوالِها بما يقدرُ عليهِ مِن الأسبابِ، فاحتيجَ إلى الاستعاذةِ باللهِ مِن شرِّهِ، وإبطالِ كيدِهِ، ويدخلُ في الحاسدِ العاينِ، لأنَّهُ لا تصدرُ العينُ إلَّا مِن حاسدٍ شريرِ الطَّبعِ، خبيثِ النَّفسِ، فهذهِ السُّورةُ تضمَّنَتِ الاستعاذةَ مِن جميعِ أنواعِ الشُّرورِ عمومًا وخصوصًا.
ودلَّتْ على أنَّ السِّحرَ لهُ حقيقةٌ يُخشَى مِن ضررِهِ، ويُستعاذُ باللهِ منهُ ومِن أهلِهِ.
تفسيرُ سورةِ النَّاسِ، وهيَ مكِّيَّةٌ
– طالب: عندي "وهي مدنيَّةٌ"
– الشيخ : هي مدنيَّةٌ نعم، عندك في تفسير السِّعديِّ؟
– طالب: إي نعم
– الشيخ : إي لا هذا هو الصَّوابُ
– القارئ : وهيَ مكِّيَّةٌ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}
– طالب: بعضُ النُّسخِ مو موجود فيها يا شيخ لا مكِّيَّة ولا مدنيَّة، اجتهاد من …
– الشيخ : لا، الشَّيخ .. الشَّيخ كل السُّور يتكلَّمُ عنها
– القارئ : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} الآياتِ:
وهذهِ السُّورةُ مشتمِلةٌ على الاستعاذةِ بربِّ النَّاسِ ومالكِهم وإلهِهم، مِن الشَّيطانِ الَّذي هوَ أصلُ الشُّرورِ كلِّها ومادَّتِها، الَّذي مِن فتنتِهِ وشرِّهِ، أنَّهُ يوسوسُ في صدورِ النَّاسِ، فيحسنُ لهم الشَّرَّ، ويريهم إيَّاهُ في صورةٍ حسنةٍ، وينشطُ إرادتَهم لفعلِهِ، ويقبِّحُ لهم الخيرَ ويثبِّطُهم عنهُ، ويريهم إيَّاهُ في صورةٍ غيرِ صورتِهِ، وهوَ دائمًا بهذهِ الحالِ يوسوسُ ويخنسُ أي: يتأخَّرُ إذا ذكرَ العبدُ ربَّهُ واستعانَ على دفعِهِ.
فينبغي لهُ أنْ يستعينَ ويستعيذَ ويعتصمَ بربوبيَّةِ اللهِ للنَّاسِ كلِّهم.
وأنَّ الخلقَ كلَّهم، داخلونَ تحتَ الرُّبوبيَّةِ والملكِ، فكلُّ دابَّةٍ هوَ آخذٌ بناصيتِها، وبألوهيَّتِهِ الَّتي خلقَهم لأجلِها، فلا تتمُّ لهم إلَّا بدفعِ شرِّ عدوِّهم، الَّذي يريدُ أنْ يقتطعَهم عنها ويحولُ بينَهم وبينَها، ويريدُ أنْ يجعلَهم مِن حزبِهِ ليكونُوا مِن أصحابِ السَّعيرِ، والوسواسُ كما يكونُ مِن الجنِّ يكونُ مِن الإنسِ، ولهذا قالَ: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ أوَّلًا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
ونسألُهُ تعالى أنْ يتمَّ نعمتَهُ، وأنْ يعفوَ عنَّا ذنوبًا لنا حالَتْ بينَنا وبينَ كثيرٍ مِن بركاتِهِ، وخطايا وشهواتٍ ذهبَتْ بقلوبِنا عن تدبُّرِ آياتِهِ.
ونرجوهُ ونأملُ منهُ ألَّا يحرمَنا خيرَ ما عندَهُ بشرِّ ما عندَنا، فإنَّهُ لا ييْئَسُ مِن رَوحِ اللهِ إلَّا القومُ الكافرونَ، ولا يقنطُ مِن رحمتِهِ إلَّا القومُ الضَّالُّونَ.
وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على رسولِهِ محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، صلاةً وسلامًا دائمَيْنِ متواصلَينِ أبدَ الأوقاتِ، والحمدُ للهِ الَّذي بنعمتِهِ تتمُّ الصَّالحاتِ.
تمَّ تفسيرُ كتابِ اللهِ بعونِهِ وحسنِ توفيقِهِ، على يدِ جامعِهِ وكاتبِهِ، عبدِ الرَّحمنِ بنِ ناصرٍ بنِ عبدِ اللهِ المعروفِ بابنِ سعديٍّ، وقعَ النَّقلُ في 7 شعبان 1345 ربَّنا تقبَّلْ منَّا واعفُ إنَّكَ أنتَ الغفورُ الرَّحيمُ.
انتهى التَّفسيرُ
– الشيخ : هذه من المصادفاتِ سبحانَ اللهِ! اليوم كم مِن شبعان؟ خمسة؟
– طالب: أربعة
– الشيخ : أربعة، رحمَ اللهُ الشَّيخَ، رحمَ اللهُ الشَّيخَ وجزاهُ اللهُ عنَّا وعن المسلمين خيرًا، رحمَه اللهُ رحمَه اللهُ، تفسيرٌ مباركٌ سهلٌ، ينتفعُ به المتعلِّمُ والعالمُ، فريدٌ، منهجُه بالتَّفسيرِ تميَّزَ عن سابقيه من المفسِّرين، اتَّخذَ هذا المنهجَ، حقيقٌ أنَّه تفسيرٌ ميسَّرٌ، تفسيرٌ ميسَّرٌ، وقد يسَّرَه اللهُ لجامعِه وكاتبِه، والحمدُ للهِ أنْ يسَّرَ لنا قراءتَه، لا إله إلَّا الله.