الرئيسية/شروحات الكتب/الطرق الحكمية في السياسة الشرعية/(64) فصل الحكم بالقرعة – فصل الحكم بالقافة
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(64) فصل الحكم بالقرعة – فصل الحكم بالقافة

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرَّحيم
التَّعليق على كتاب (الطّرق الحُكميَّة في السّياسة الشَّرعيَّة) لابن قيّم الجوزيَّة
الدّرس الرَّابع والستون

***    ***    ***    ***

 

– القارئ : الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، اللهمَّ اغفرْ لنا ولشيخِنا ووالدينا والمسلمينَ. قالَ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ- في كتابِهِ "الطُّرقِ الحكميَّةِ في السِّياسةِ الشَّرعيَّةِ":

الطَّرِيقُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ الْحُكْمُ بِالْقُرْعَةِ: وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا مُسْتَوْفًى، وَالْحُجَّةُ فِي إثْبَاتِهَا، وَأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الطُّرُقِ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا مَنْ أَبْطَلَهَا، كَمَعَاقِدِ الْقَمْطِ وَالْخَصِّ، وَوُجُوهِ الْآجُرِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَقْوَى مِنْ الْحُكْمِ بِكَوْنِ الزَّوْجَةِ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَإِنْ عَلِمَ قَطْعًا عَدَمَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَأَقْوَى مِنْ الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ الْمُجَرَّدِ.

الطَّرِيقُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ الْحُكْمُ بِالْقَافَةِ:

وَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَمَلُ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَالصَّحَابَةِ مِنْ بَعْدِهِمْ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ، وَقَالَ بِهَا مِنْ التَّابِعِينَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَقَتَادَةُ، وَكَعْبُ بْنُ سَورٍ، وَمِنْ تَابِعِي التَّابِعِينَ: اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَصْحَابُهُ، وَمِمَّنْ بَعْدَهُمْ: الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ كُلُّهُمْ.

وَبِالْجُمْلَةِ: فَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ.

وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: الْعَمَلُ بِهَا تَعْوِيلٌ عَلَى مُجَرَّدِ الشَّبَهِ، وَقَدْ يَقَعُ بَيْنَ الْأَجَانِبِ، وَيَنْتَفِي بَيْنَ الْأَقَارِبِ.

وَقَدْ دَلَّتْ عَلَى اعْتِبَارِهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مَسْرُورٌ، تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، فَقَالَ: (أَيْ عَائِشَةُ، أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ، فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا، وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ، قَدْ غَطَّيَا رُؤوسَهُمَا، وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) وَفِي لَفْظٍ «دَخَلَ قَائِفٌ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاجِدٌ

– الشيخ : سبحانَ الله! يعني

– القارئ : قالَ: هكذا والصَّوابُ: شاهدٌ، كما في صحيحِ مسلمٍ

– الشيخ : جيِّد، يعني والرَّسولُ حاضرٌ، يعني مرَّ مُجَزِّزٌ ورأى الأقدامَ، وقالَ: هذه بعضُها من بعضٍ، كانَ الرَّسولُ قريبًا منه، ولهذا سمعَه وسُرَّ بذلكَ.

 

– القارئ : وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مُضْطَجِعَانِ، فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، فَسُرَّ بِذَلِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخْبَرَ بِهِ عَائِشَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إلْحَاقَ الْقَافَةِ يُفِيدُ النَّسَبَ، لِسُرُورِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ، وَهُوَ لَا يُسَرُّ بِبَاطِلٍ.

فَإِنْ قِيلَ: النَّسَبُ كَانَ ثَابِتًا بِالْفِرَاشِ، فَسُرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمُوَافَقَةِ قَوْلِ الْقَائِفِ لِلْفِرَاشِ، لَا أَنَّهُ أَثْبَتَ النَّسَبَ بِقَوْلِهِ.

قِيلَ: نَعَمْ، النَّسَبُ كَانَ ثَابِتًا بِالْفِرَاشِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقْدَحُونَ فِي نَسَبِهِ، لِكَوْنِهِ أَسْوَدَ وَأَبُوهُ أَبْيَضُ، فَلَمَّا شَهِدَ الْقَائِفُ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ سُرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ الَّتِي أَزَالَتْ التُّهْمَةَ. حَتَّى بَرَقَتْ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ مِنْ السُّرُورِ.

وَمَنْ لَا يَعْتَبِرُ الْقَافَةَ يَقُولُ: هِيَ مِنْ أَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُسَرَّ لَهَا، بَلْ كَانَتْ أَكْرَهُ شَيْءٍ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ بَاطِلَةً لَمْ يَقُلْ لِعَائِشَةَ: "أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ قَالَ كَذَا وَكَذَا؟" فَإِنَّ هَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ، وَرِضًا بِقَوْلِهِ

– الشيخ : سبحانَ الله، كأنَّ الكلامَ متَّصلٌ وهو معارِضٌ لقولِهِ، كأنَّ هذه دخلَت الجملةُ وهي ردٌّ على القول بعدمِ اعتبارِ القافةِ.

– القارئ : فَإِنَّ هَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ، وَرِضًا بِقَوْلِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْقَافَةُ بَاطِلَةً: لَمْ يُقِرَّ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَرْضَ بِهَا، وَقَدْ ثَبَتَ «فِي قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ قَافَةً، فَأَتَى بِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْقَافَةِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ، فَاسْتَدَلَّ بِأَثَرِ الْأَقْدَامِ عَلَى الْمَطْلُوبِينَ. وَكذَلِكَ شِبهُ الأقدامِ بعضُها ببعضٍ دَلِيلٌ حِسِّيٌّ عَلَى اتِّحَادِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَجْرَى الْعَادَةَ بِكَوْنِ الْوَلَدِ نُسْخَةَ أَبِيهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ.

قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- دَعَا الْقَافَةَ فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الْوُقُوعِ عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ. وَادَّعَيَا وَلَدَهَا فَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا".

قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَمَنْ بَعْدَهُ بِنَظَرِ الْقَافَةِ فِي مِثْلِ هَذَا. وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ فَقَدْ لَقِيَ عُرْوَةُ عُمَرَ. وَاعْتَمَرَ مَعَهُ.

وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- قَالَ: اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي طُهْرِ امْرَأَةٍ. فَوَلَدَتْ. فَدَعَا عُمَرُ الْقَافَةَ. فَقَالُوا: قَدْ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا جَمِيعًا. فَجَعَلَهُ عُمَرُ بَيْنَهُمَا". وَهَذَا صَحِيحٌ أَيْضًا.

– الشيخ : في [يوجد] تعليق أو شيء؟

– القارئ : إي نعم، قالَ في الزَّاد: "في غايةِ الصِّحَّةِ" انتهـى، أمَّا ابنُ حزمٍ فقالَ عقبَ ذكرِهِ توبةَ العنبريِّ: "ضعيفٌ متَّفقٌ على ضعفِهِ" انتهـى، وهذهِ مجازفةٌ مِن ابنِ حزمٍ وإلَّا فتوبةُ قد وثَّقَهُ ابنُ معينٍ وأبو حاتمٍ، انظرِ الجرحَ والتَّعديلَ والنَّسائيَّ، انظرْ تهذيبَ الكمالِ قالَ: ووثَّقَهُ الذَّهبيُّ في الكاشفِ، قالَ ابنُ حجرٍ: وشذَّ أبو الفتوحِ الأزديِّ فقالَ: "منكرُ الحديثِ". انتهـى.

وَرَوَى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَاءَهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي غُلَامٍ، كِلَاهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: اُدْعُوَا لِي أَخَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَجَاءَ، وَأَنَا جَالِسٌ، فَقَالَ: اُنْظُرْ: ابْنَ أَيِّهِمَا تَرَاهُ؟ فَقَالَ: قَدْ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا، فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ ذَهَبَ بِك بَصَرُكَ الْمَذَاهِبَ، وَقَامَ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْغُلَامِ -وَالرَّجُلَانِ جَالِسَانِ، وَالْمُصْطَلْقِيُّ جَالِسٌ- فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: ابْنُ أَيِّهِمَا هُوَ؟ قَالَتْ: كُنْتُ لِهَذَا، فَكَانَ يَطَؤُنِي، ثُمَّ يُمْسِكُنِي حَتَّى يَسْتَمِرَّ بِي حَمْلِي، ثُمَّ يُرْسِلُنِي حَتَّى وَلَدْتُ مِنْهُ أَوْلَادًا، ثُمَّ أَرْسَلَنِي مَرَّةً، فَأهْرِقت الدِّمَاءُ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ، ثُمَّ أَصَابَنِي هَذَا، فَاسْتَمْرَرْتُ حَامِلًا، قَالَ: أَفَتَدْرِينَ مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ؟ قَالَتْ: مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ؟ قَالَ: فَعَجِبَ عُمَرُ لِلْمُصْطَلْقِيِّ وقَالَ لِلْغُلَامِ: خُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ، فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَاتَّبَعَهُ".

وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ -فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي طُهْرِ امْرَأَةٍ، فَحَمَلَتْ غُلَامًا يُشْبِهُهُمَا- فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَدَعَا الْقَافَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: اُنْظُرُوا فَنَظَرُوا، فَقَالُوا: نَرَاهُ يُشْبِهُهُمَا، فَأَلْحَقَهُ بِهِمَا، وَجَعَلَهُ يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ، وَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا".

قَالَ قَتَادَةُ: فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: لِمَنْ عَصَبَتُهُ؟ قَالَ: لِلْبَاقِي مِنْهُمَا.

وَرَوَى قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ -رضيَ اللهُ عنهما- "أَنَّ رَجُلَيْنِ وَقَعَا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ، فَدَعَا لَهُ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- الْقَافَةَ، وَجَعَلَهُ ابْنَهُمَا جَمِيعًا يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ". وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: "اخْتَصمَ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي وَلَدٍ ادَّعَاهُ دِهْقَانٌ وَرَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ، فَدَعَا الْقَافَةَ

– الشيخ : ولعلَّ هذا في ملكِ اليمينِ يعني، أقولُ: ما هو معناه أنَّهما زنيَا بها، وإلَّا الزِّنى لا يثبتُ به النَّسبُ، لكن هما وَطَأها بملكِ اليمينِ أو وطأها بالشُّبهةِ، هذا هوَ الَّذي يتصوَّرُ.

 

– القارئ : وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: "اخْتَصمَ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي وَلَدٍ ادَّعَاهُ دِهْقَانٌ وَرَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ، فَدَعَا الْقَافَةَ، فَنَظَرُوا إلَيْهِ، فَقَالُوا لِلْعَرَبِيِّ: أَنْتَ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ هَذَا الْعِلْجِ، وَلَكِنْ لَيْسَ ابْنَكَ، فَخَلِّ عَنْهُ، فَإِنَّهُ ابْنُهُ". وَرَوَى زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ.

قَالَ: "انْتَفَى ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ وَلَدٍ لَهُ، فَدَعَا لَهُ ابْنَ كَلْدَةَ الْقَائِفَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنَّهُ وَلَدُهُ، وَادَّعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ". وَصَحَّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ: "أَنَّ أَنَسًا وَطِئَ جَارِيَةً لَهُ، فَوَلَدَتْ جَارِيَةً، فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ: اُدْعُوا لَهَا الْقَافَةَ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْكُمْ فَأَلْحِقُوهَا بِكُمْ".

وَصَحَّ عَنْ حُمَيْدٍ: "أَنَّ أَنَسًا شَكَّ فِي وَلَدٍ لَهُ، فَدَعَا لَهُ الْقَافَةَ". وَهَذِهِ قَضَايَا فِي مَظِنَّةِ الشُّهْرَةِ، فَيَكُونُ إجْمَاعًا.

قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: تَحْكُمُ بِالْقَافَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ.

فَصْلٌ: وَالْقِيَاسُ وَأُصُولُ الشَّرِيعَةِ تَشْهَدُ لِلْقَافَةِ: لِأَنَّ الْقَوْلَ بِهَا

– الشيخ : إلى هنا بس [يكفي] اللهُ المستعانُ، هذا الَّذي يسمُّونَه "الحمض النَّووي" الآنَ، يعني من نوعِ القافةِ المتطوِّرة؛ لأنَّهم يستدلُّون به بواسطةِ تحليلِ العناصرِ فيعلمونَ أنَّ هذا من هذا.

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :متفرقات