الرئيسية/شروحات الكتب/تفسير القرآن الكريم للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك/تفسير سورة ص/(9) من قوله تعالى {هذا وإن للطاغين لشر ماب} الآية 55 إلى قوله تعالى {إن ذلك لحق} الآية 64
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(9) من قوله تعالى {هذا وإن للطاغين لشر ماب} الآية 55 إلى قوله تعالى {إن ذلك لحق} الآية 64

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تفسير الشَّيخ عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك / سورة  ص

الدَّرس: التَّاسع

***     ***     ***

 

– القارئ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ * هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ * قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ * قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ * وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ * إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ * قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ..[ص:55-65]

– الشيخ : إلى هنا بس، لا إله إلا الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعوذُ باللهِ مِن النارِ.

لَمَّا ذكرَ اللهُ ثوابَ وجزاءَ المتقين: {هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} [ص:49] قالَ بعدَ ذلكَ: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ}، أولئكَ {لَحُسْنَ مَآبٍ}، {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ}، وهنا يقولُ: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ}، فالـمُتَّقُونَ هم خيرُ البريةِ، ولهم خيرُ مَآبٍ وحُسْنُ مَآبٍ، والطاغونَ هم شرُّ البريةِ الكَفَرة، نسألُ الله..، لهمْ شرُّ مآبٍ، {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ}.

ثم فَسَّرَها، ثمَّ فَسَّرَ هذا المآبَ، هذا المآبُ الشَّرُّ: {جَهَنَّمَ}، جهنَّمُ، النَّار، أعوذ بالله، {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ}، اللهم عافِنا، اللهمَّ أجرْنا وإياكم مِن النار، {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ}، هذا الشَّرابُ، وازنْ وقابلْ بينَ جزاءِ الفريقين.

{جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ * هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ}، يُلقَونَ في جهنمَ أفواجاً، {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} [الملك:8]، أفواجٌ، أُمَمٌ، {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ}، مُقْتَحِمٌ، مُقْتَحِمٌ جهنَّمَ يَدخُلُها.

{لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ * قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا} هذا حوارٌ بينَ الضَّالِّينَ والـمُضلِّينَ، بينَ أئمةِ الكفرِ وأتباعِهم، يتجادلونَ ويَتَلَاعَنُونَ، {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ} [الأعراف:38]

{بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ * قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ}، هؤلاء الـمُسْتَضعَفُونَ الأتباعُ يَدعونَ على مَن أضلَّهُم، يَدعونَ على الـمُسْتَكبرين، يَدعونَ لهمْ بمزيدٍ مِن العذاب، أعوذ بالله مِن النار، أعوذ بالله من النار {قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ}

{وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ} سبحانَ الله، يقولونَ: أين الناس؟ أين الرجال الذين كُنَّا نَعُدُّهُم نحتقرُهم ونذمُّهم ونَسُبُّهم ونراهُم أشراراً؟ والظاهرُ أنَّ الآيةَ أنَّهم افتقدُوا الرجالَ الذينَ كانوا يَسخَرونَ منهم في الدنيا، وهم المؤمنونَ أتباعُ الرُّسل، يقولونَ: أينَ هم؟ {وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} قال الله، قال الله، {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ}، قال الله: إِنَّ هذا

– طالب: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ}

الشيخ : {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ}، قالَ الله: {إِنَّ ذَلِكَ}، الـمُشَارُ إليه مِن أولِ الآياتِ، {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ}، أمْرٌ واقعٌ لا مَحَالةَ، حَقٌّ، {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} [الواقعة:95]، {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة:95-96]، {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ}، يعني: تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ أمرٌ واقعٌ، يتَخَاصَمُونَ ويَتَجَادلُون، {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ}، {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر:46-48] الآياتُ والقرآنُ يُفَسِّرُ بعضُها بعضاً، وما يأتي مُجْمَلاً يأتي مُفَصَّلاً في..، نفسُ هذه الخصومةِ هي المذكورةُ في سورةِ المؤمِنِ وفي غيرِها، وفي سورة إبراهيمَ، وفي سورة سبأ، خصومةٌ بينَ الأتباعِ والمتبوعينَ، إنَّ ذلك، {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} هذهِ حالِ الأشقياءِ، هذه حالُهُم.

ومِن آياتِ اللهِ، سبحان الله!، يعني مِن آياتِ اللهِ أنَّهم في هذا الجحيمِ ومع ذلكَ أنَّهم يستطيعون أنْ يَتَحاورونَ، وأنْ يَتَلَاعَنُونَ، وأنْ يطلبونَ كذا، ويطلبونَ التخفيفَ، ويَدعونَ الرُّسُلَ، وهمْ في غايةٍ مِن المعاناةِ، وفي غايةٍ مِن الآلامِ، يعني إذاً نعلمُ أنَّ طبيعةَ العذابِ في النارِ تختلفُ عَن طبيعةِ النارِ في الدنيا، الدنيا أبدانُ الناسِ لا تَقْبَلُ، يعني تحترقُ ويموتُ، لكن في نارِ جهنَّم: لا، {لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى}{لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} [الأعلى:13]، مع أنَّها -كما جاء في الحديثِ-: (أنَّ النارَ أنَّها قد فُضِّلَتْ على نارِكُم -على هذهِ النارِ في الدنيا- بتسعةٍ وستينَ جزءاً)، نعم، نعم يا محمد.. آمنتُ باللهِ ورسلِهِ.

القارئ : أحسنَ الله إليك.

الشيخ : لا حول ولا قوة إلا بالله، أعوذ بالله.

 

(تفسيرُ السعدي)

القارئ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمنِ السَّعديّ رحمَه اللهُ تعالى في تفسيرِ قولِ الله ِتعالى: {هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ} الآيات:

{هَذَا} الجزاءُ للمُتقينَ ما وصفنَاهُ {وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ} أيْ: للمُتَجَاوزِينَ للحَدِّ في الكفرِ والمعاصي

الشيخ : أعوذ بالله.

القارئ : {لَشَرَّ مَآبٍ} أيْ: لشَرُّ مَرجِعٍ ومُنْقَلَبٍ.

ثمَّ فَصَّلَهُ فقالَ: {جَهَنَّمَ} التي جُمِعَ فيها كلَّ عذابٍ، واشتدَّ حرُّهَا، وانتهى قَرُّهَا

الشيخ : لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أعوذ بالله من النار.

القارئ : {يَصْلَوْنَهَا} أيْ: يُعَذَّبُونَ فيها عذاباً يُحيطُ بهم من كلِّ وجهٍ، {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر:16]

{فَبِئْسَ الْمِهَادُ} الـمُعَدُّ لهم مَسكَنَاً ومُستَقَرَّاً.

{هَذَا} الْمِهَادُ، هذا العذابُ الشديدُ، والخِزيُ والفضيحةُ والنَّكَالُ {فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ} ماءٌ حارٌّ، قد اشتدَّ حرُّهُ، يشربونَهُ فَيقَطِّعُ أمعاءَهُم. {وَغَسَّاقٌ} وهو أكْرهُ ما يكونُ مِن الشرابِ مِن قيحٍ وصديدٍ مُرِّ المذاقِ كريهِ الرائحةِ.

الشيخ : لا حول ولا قوة إلا بالله، أعوذ بالله.

القارئ : {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ} أي: مِن نوعِهِ {أَزْوَاجٌ} أيْ: عِدَّةُ أصنافٍ مِن أصنافِ العذابِ يُعذَّبونَ بها ويُخزونَ بها.

وعندَ تواردِهِمْ على النَّارِ يَشْتُمُ بعضُهم بعضاً

الشيخ : يعني: عندَ تواردِهِمْ داخرينَ [أو: داخلين]، {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ..} [الأعراف:38]

القارئ : يَشْتُمُ بعضُهم بعضاً، ويقولُ بعضُهم لبعضٍ: {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ} النارَ {لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ}

{قَالُوا} أيْ: الفوجُ الـمُقْبِلُ المقتَحِمُ: {بَلْ أَنْتُمْ

الشيخ : المقتَحِمُ هو الأمةُ الأخيرةُ، الأتباع، يعني: الأتباعُ يدخلونَ قبلَ المتبوعين، {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ}.

القارئ : {بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ} أي: العذابُ {لَنَا} بدعوتِكِم لنَا، وفِتْنَتِكُمْ وإضلالِكُمْ وتَسَبُّبِكُم {فَبِئْسَ الْقَرَارُ} قرارُ الجميعِ، قرارُ السُّوءِ والشَّرِّ.

ثم دعَوا على الـمُغوينَ لهمْ، {قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ}

وقالَ في الآيةِ الأخرى: {قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:38]

{وَقَالُوا} وهمْ في النارِ {مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ} أي: كُنَّا نزعمُ أنَّهم مِن الأشرارِ، الـمُستحقينَ لعذابِ النارِ، وهمُ المؤمنونَ، تَفَقَّدَهُم أهلُ النارِ قَبَّحَهُم اللهُ هلْ يرونَهم في النَّارِ؟

الشيخ : يقولون: وينهم؟ وينهم الذين كانوا في الدنيا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ؟ قالوا: أمْ زاغَتْ عنهم الأبصارُ؟ يعني الآن أبصارُنا زاغَتْ عنهم لا نراهَم.

القارئ : {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمْ الأبْصَارُ} أي: عدمُ رؤيتِنا لهمْ دائرَ بينَ أمرينِ:

إمَّا أنَّنَا غَالِطونَ في عَدِّنَا إيَّاهُم مِن الأشرارِ، بلْ همْ مِن الأخيارِ، وإنَّما كلامُنا لهمْ مِن بابِ السُّخريةِ والاستهزاءِ بهمْ، وهذا هو الواقع، كما قالَ تعالى لأهلِ النَّارِ: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون:109-110]

والأمرُ الثاني: أنَّهم لعلَّهُمْ زاغَتْ أبصارُنا عَن رؤيتِهم معَنا في العذابِ، وإلَّا فَهُمْ معَنا مُعَذَّبُونَ، ولكنْ تجاوزَتْهُم أبصارُنا.

فيُحتملُ أنَّ هذا الذي في قلوبِهم، فتكونَ العقائدُ التي اعتقدُوهَا في الدنيا وكثرةُ ما حكَّموا لأهلِ الإيمانِ بالنارِ، تمكَّنَتْ مِن قلوبِهمْ وصارتْ صبغةً لها فدخلوا النارَ وهمْ بهذهِ الحالةِ فقالوا ما قالوا.

ويُحتملُ أنَّ كلامَهم هذا كلامَ تمويهٍ كما مَوَّهُوا في الدنيا مَوَّهُوا حتى في النَّارِ، ولهذا يقولُ أهلُ الأعرافِ لأهلِ النارِ: {أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف:49]

قالَ تعالى مُؤكِّدَاً ما أخبرَ بِه وهو أصدقُ القائلين: {إِنَّ ذَلِكَ} الذي ذكرتُ لكمْ {لَحَقٌّ} ما فيهِ شَكٌّ ولا مِرْيَةٌ {تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ}

{قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ}

الشيخ : إلى هنا، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله.