بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (الجوابُ الكافي لِمَن سألَ عن الدّواءِ الشَّافي) لابن القيّم
الدّرس: الحادي والثَّلاثون
*** *** *** ***
– القارئ : الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلِّ اللَّهمَّ وسلِّمْ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. أمَّا بعدُ؛ قالَ العلَّامةُ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ "الجوابِ الكافي لـِمَن سألَ عن الدَّواءِ الشَّافي":
فَصْلٌ
وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تَسْتَدْعِي نِسْيَانَ اللَّهِ لِعَبْدِهِ
– الشيخ : الدَّواءُ الشَّافي من أدواءِ الذُّنوب هي المكفِّراتُ الَّتي أعظمُها التَّوبةُ، فالتَّوبةُ تمحو جميعَ الذُّنوبِ، التَّوبةُ النَّصوحُ المستوفيةُ للشُّروط، وكذلك الاستغفارُ هو من أعظمِ أسبابِ المغفرةِ ومحوِ الذُّنوب، وكذلك المصائبُ والمكفِّراتُ، المصائبُ، والأعمالُ الصَّالحةُ، ودعاءُ المؤمنين.. المكفِّراتُ العشرةُ الَّتي ذكرَها أهلُ العلمِ، شيخُ الإسلامِ وغيره، فللذُّنوب مكفِّراتٌ يمحو اللهُ بها الذُّنوبَ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:124]، فللحسناتِ عقوباتٌ ولها مكفِّراتٌ [لعلَّ قصدَ الشَّيخ: للسَّيِّئاتِ عقوباتٌ] لها عقوباتٌ ولها مكفِّراتٌ، ومن العقوباتِ ما يكون كفَّارةً، ولكنَّ أعظمَ العقوبات وأخطرَها ما يتضمَّنُ فسادَ قلبِ العبد كالغفلةِ ونسيانِ الله والغفلةِ عن ذكره، فهذا أخطرُ من أنْ يُعاقَبَ ببدنِه أو بمالِه أو بأهلِه، أنْ يُعاقَبَ وتكون مصيبتُه في دينه، وفي الدُّعاء: (ولا تجعلْ مصيبتَنا في دينِنا) أعظمُ المصائبِ: المصيبةُ في الدِّين، أعوذُ باللهِ.
– القارئ : وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تَسْتَدْعِي نِسْيَانَ اللَّهِ لِعَبْدِهِ، وَتَرْكَهُ وَتَخْلِيَتَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ وَشَيْطَانِهِ
– الشيخ : "نِسْيَانَ اللَّهِ لِعَبْدِهِ" يعني: تركَ اللهِ له، النِّسيانُ المضافُ إلى اللهِ بمعنى التَّرك، لا النِّسيانُ الَّذي هو نقصُ في العلم.
– القارئ : وَتَخْلِيَتَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ وَشَيْطَانِهِ، وَهُنَالِكَ الْهَلَاكُ الَّذِي لَا يُرْجَى مَعَهُ نَجَاةٌ
– الشيخ : أعوذُ بالله، أعوذُ بالله
– القارئ : قَالَ اللَّهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الْحَشْرِ:18-19]
فَأَمَرَ بِتَقْوَاهُ وَنَهَى أَنْ يَتَشَبَّهَ عِبَادُهُ الْمُؤْمِنُونَ بِمَنْ نَسِيَهُ بِتَرْكِ تَقْوَاهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ عَاقَبَ مَنْ تَرَكَ التَّقْوَى بِأَنْ أَنْسَاهُ نَفْسَهُ، أَيْ: أَنْسَاهُ مَصَالِحَهَا، وَمَا يُنْجِيهَا مِنْ عَذَابِهِ، وَمَا يُوجِبُ لَهُ الْحَيَاةَ الْأَبَدِيَّةَ، وَكَمَالَ لَذَّتِهَا وَسُرُورِهَا وَنَعِيمِهَا، فَأَنْسَاهُ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ جَزَاءً لِمَا نَسِيَهُ مِنْ عَظَمَتِهِ وَخَوْفِهِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ، فَتَرَى الْعَاصِيَ مُهْمِلًا لِمَصَالِحِ نَفْسِهِ مُضَيِّعًا لَهَا، قَدْ أَغْفَلَ اللَّهُ قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِهِ، وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا، قَدِ انْفَرَطَتْ عَلَيْهِ مَصَالِحُ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ، وَقَدْ فَرَّطَ فِي سَعَادَتِهِ الْأَبَدِيَّةِ، وَاسْتَبْدَلَ بِهَا أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْ لَذَّةٍ، إِنَّمَا هِيَ سَحَابَةُ صَيْفٍ، أَوْ خَيَالُ طَيْفٍ، قالَ الشاعرُ:
أَحْلَامُ نَوْمٍ أَوْ كَظِلٍّ زَائِلٍ … إِنَّ اللَّبِيبَ بِمِثْلِهَا لَا يُخْدَعُ
وَأَعْظَمُ الْعُقُوبَاتِ: نِسْيَانُ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ، وَإِهْمَالُهُ لَهَا، وَإِضَاعَتُهُ حَظَّهَا وَنَصِيبَهَا مِنَ اللَّهِ
– الشيخ : أعوذُ بالله، أعوذُ بالله من الخذلان
– القارئ : وَبَيْعُهَا ذَلِكَ بِالْغَبْنِ وَالْهَوَانِ وَأَبْخَسِ الثَّمَنِ، فَضَيَّعَ مَنْ لَا غِنَى لَهُ عَنْهُ، وَلَا عِوَضَ لَهُ مِنْهُ، وَاسْتَبْدَلَ بِهِ مَنْ عَنْهُ كُلُّ الْغِنَى ومِنْهُ كُلُّ الْعِوَضِ:
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِذَا ضَيَّعْتَهُ عِوَضٌ … وَمَا مِنَ اللَّهِ إِنْ ضَيَّعْتَهُ عِوَضُ
فَاللَّهُ -سُبْحَانَهُ- يُعَوِّضُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مَا سِوَاهُ وَلَا يُعَوِّضُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيُغْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ شَيْءٌ، وَيَمْنَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيُجِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يُجِيرُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَكَيْفَ يَسْتَغْنِي الْعَبْدُ عَنْ طَاعَةِ مَنْ هَذَا شَأْنُهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ؟ وَكَيْفَ يَنْسَى ذِكْرَهُ وَيُضَيِّعُ أَمْرَهُ حَتَّى يُنْسِيَهُ نَفْسَهُ، فَيَخْسَرُهَا وَيَظْلِمُهَا أَعْظَمَ الظُّلْمِ؟ فَمَا ظَلَمَ الْعَبْدُ رَبَّهُ وَلَكِنْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، وَمَا ظَلَمَهُ رَبُّهُ وَلَكِنْ هُوَ الَّذِي ظَلَمَ نَفْسَهُ.
فَصْلٌ: وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ دَائِرَةِ الْإِحْسَانِ وَتَمْنَعُهُ مِنْ ثَوَابِ الْمُحْسِنِينَ، فَإِنَّ الْإِحْسَانَ إِذَا بَاشَرَ الْقَلْبَ مَنَعَهُ عَنِ الْمَعَاصِي، فَإِنَّ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا لِاسْتِيلَاءِ ذِكْرِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَخَوْفِهِ وَرَجَائِهِ عَلَى قَلْبِهِ، بِحَيْثُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ يُشَاهِدُهُ، وَذَلِكَ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِرَادَةِ الْمَعْصِيَةِ، فَضْلًا عَنْ مُوَاقَعَتِهَا، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ دَائِرَةِ الْإِحْسَانِ فَاتَهُ صُحْبَةُ رُفْقَتِهِ الْخَاصَّةِ وَعَيْشُهُمُ الْهَنِيءُ وَنَعِيمُهُمُ التَّامُّ، فَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا أَقَرَّهُ فِي دَائِرَةِ عُمُومِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ عَصَاهُ بِالْمَعَاصِي الَّتِي تُخْرِجُهُ مِنْ دَائِرَةِ الْإِيمَانِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ إِلَيْهِ فِيهَا النَّاسُ أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) فَإِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ. خرجَ مِن دائرةِ الإيمانِ وفاتَهُ رُفْقَةُ الْمُؤْمِنِينَ وَحُسْنُ دِفَاعِ اللَّهِ عَنْهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَفَاتَهُ كُلُّ خَيْرٍ رَتَّبَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى الْإِيمَانِ، وَهُوَ نَحْوُ مِائَةِ خَصْلَةٍ، كُلُّ خَصْلَةٍ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
فَمِنْهَا: الْأَجْرُ الْعَظِيمُ: وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا [النِّسَاءِ:146]
وَمِنْهَا: الدَّفْعُ عَنْهُمْ شُرُورَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الْحَجِّ:38]
وَمِنْهَا: اسْتِغْفَارُ حَمَلَةِ الْعَرْشِ لَهُمُ: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا [غَافِرٍ:7]
وَمِنْهَا: مُوَالَاةُ اللَّهِ لَهُمْ، وَلَا يَذِلُّ مَنْ وَالَاهُ اللَّهُ، اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا [الْبَقَرَةِ:257]
وَمِنْهَا: أَمْرُهُ مَلَائِكَتَهُ بِتَثْبِيتِهِمْ: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [الْأَنْفَالِ:12]
وَمِنْهَا: أَنَّ لَهُمُ الدَّرَجَاتِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَالْمَغْفِرَةَ وَالرِّزْقَ الْكَرِيمَ.
وَمِنْهَا: الْعِزَّةُ: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [الْمُنَافِقُونَ:8]
وَمِنْهَا: مَعِيَّةُ اللَّهِ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ: وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ [الْأَنْفَالِ:19]
وَمِنْهَا: الرِّفْعَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [الْمُجَادَلَةِ:11]
وَمِنْهَا: إِعْطَاؤُهُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَإِعْطَاؤُهُمْ نُورًا يَمْشُونَ بِهِ وَمَغْفِرَةُ ذُنُوبِهِمْ.
وَمِنْهَا: الْوُدُّ الَّذِي يَجْعَلُهُ -سُبْحَانَهُ- لَهُمْ، وَهُوَ أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ إِلَى مَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ.
وَمِنْهَا: أَمَانُهُمْ مِنَ الْخَوْفِ يَوْمَ يَشْتَدُّ الْخَوْفُ: فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [الْأَنْعَامِ:48]
وَمِنْهَا: أَنَّهُمُ الْمُنْعَمُ عَلَيْهِمُ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ أَنْ يَهْدِيَنَا إِلَى صِرَاطِهِمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا هُوَ هُدًى لَهُمْ وَشِفَاءٌ: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]
– الشيخ : سبعةَ عشرَ
– القارئ : نعم، سبعةَ عشرَ، سبعَ عشرةَ مرَّةً
– الشيخ : سبعَ عشرةَ، هذا مراعًا فيه أيُّ شيءٍ؟ نعم؟ ركعاتُ الفرائضِ، الرَّكعاتُ سبع عشرة، فهذا دعاءٌ واجبٌ ندعو به سبعةَ عشرَ مرَّةً.
– القارئ : وَمِنْهَا: أَنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا هُوَ هُدًى لَهُمْ وَشِفَاءٌ: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ [فُصِّلَتْ:44]
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْإِيمَانَ سَبَبٌ جَالِبٌ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَكُلُّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَسَبَبُهُ الْإِيمَانُ، وَكُلُّ شَرٍّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَسَبَبُهُ عَدَمُ الْإِيمَانِ، فَكَيْفَ يَهُونُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَرْتَكِبَ شَيْئًا يُخْرِجُهُ مِنْ دَائِرَةِ الْإِيمَانِ، وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَلَكِنْ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَائِرَةِ عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنِ اسْتَمَرَّ عَلَى الذُّنُوبِ وَأَصَرَّ عَلَيْهَا خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَرِينَ عَلَى قَلْبِهِ، فَيُخْرِجُهُ عَنِ الْإِسْلَامِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَمِنْ هُنَا اشْتَدَّ خَوْفُ السَّلَفِ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: أَنْتُمْ تَخَافُونَ الذُّنُوبَ، وَأَنَا أَخَافُ الْكُفْرَ.
– الشيخ : اللَّهمَّ سلِّمْ، ولهذا من دعائِهم: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا [آل عمران:8]، هذا الدعاء يتضمن الدعاء بالنجاة من الكفر، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8]، (اللَّهمَّ مقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلوبَنا على دينِكَ).
– القارئ : فَصْلٌ: وَمِنْ عُقُوبَتِهَا: أَنَّهَا تُضْعِفُ سَيْرَ الْقَلْبِ إِلَى اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ
– الشيخ : إلى هنا يا شيخ، جزاك اللهُ خيرًا، اللَّهمَّ سلِّمْ سلِّمْ، اللهُ ينجينا وإيِّاكم، نسألُ اللهَ العافيةَ، نسألُ الله العافيةَ
– طالب: في [يوجد] كلام للزَّمخشريِّ عن قولِ العبدِ: يا ربُّ .. يقولُ: إنَّه من استقصارٍ منه لنفسِه، واستبعادٍ لها من مظانِّ الزُّلفى، يعني أنَّه من هضمِ النَّفس هذا العبد، هل هذا سائغٌ أو أنَّه ..؟
– الشيخ : لا، هذا بحثٌ لغويٌّ ما له علاقةٌ بتأويلٍ، هذا بحثٌ لغويٌّ، ليش تقول: يا الله، يا الله قريب، كما جاءَ في سبب إنزال الآية: "هل ربُّنا قريبٌ فنناجيه، أم بعيدٌ فنناديه؟" ودعاءُ الأنبياءِ كلُّه: يا ربُّ، ربِّ، ربَّنا، ربَّنا أي: يا ربُّ، رَبَّنَا لَا تُزِغْ [آل عمران:8]، أي: يا ربَّنا، وذو النُّونِ نادى، فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ [الأنبياء:87] نادى يعني: دعا ربَّه مخاطِبًا له: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ [الأنبياء:87] هذا ما له علاقةٌ بتأويلات الزَّمخشريِّ.