الرئيسية/شروحات الكتب/الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي/(47) فصل المعصية تباعد بين العبد والملك قوله “فمن عقوبة المعاصي أنها تبعد من العبد وليه الذي سعادته في قربه”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(47) فصل المعصية تباعد بين العبد والملك قوله “فمن عقوبة المعاصي أنها تبعد من العبد وليه الذي سعادته في قربه”

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
التَّعليق على كتاب (
الجوابُ الكافي لِمَن سألَ عن الدّواءِ الشَّافي) لابن القيّم
الدّرس: السَّابع والأربعون

***    ***    ***    ***

 

– القارئ : الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلِّ اللَّهمَّ وسلِّمْ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. أمَّا بعدُ؛ قالَ العلَّامةُ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في كتابِهِ "الجوابُ الكافي لـِمَن سألَ عن الدَّواءِ الشَّافي":

فَمِنْ عُقُوبَةِ الْمَعَاصِي: أَنَّهَا تُبْعِدُ مِنَ الْعَبْدِ وَلِيَّهُ الَّذِي سَعَادَتُهُ فِي قُرْبِهِ وَمُجَاوَرَتِهِ وَمُوَالَاتِهِ، وَتُدْنِي مِنْهُ عَدُوَّهُ الَّذِي شَقَاوتهُ وَهَلَاكُهُ وَفَسَادُهُ فِي قُرْبِهِ وَمُوَالَاتِهِ،

– الشيخ : أعوذ بالله، أعوذ بالله من الشيطان

– القارئ : حَتَّى إِنَّ الْمَلَكَ لَيُنَافِحُ عَنِ الْعَبْدِ، وَيَرُدُّ عَنْهُ إِذَا سَفِهَ عَلَيْهِ السَّفِيهُ وَسَبَّهُ، كَمَا اخْتَصَمَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلَانِ، فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا يَسُبُّ الْآخَرَ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ يَرُدُّ بِهَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ قُمْتَ، فَقَالَ: (كَانَ الْمَلَكُ يُنَافِحُ عَنْكَ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ جَاءَ الشَّيْطَانُ فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ).

وَإِذَا دَعَا الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ أَمَّنَ الْمَلَكُ عَلَى دُعَائِهِ، وَقَالَ: (وَلَكَ بِمِثْلِهِ).

وَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَمَّنَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى دُعَائِهِ.

وَإِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ الْمُوَحِّدُ الْمُتَّبِعُ لِسَبِيلِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ اسْتَغْفَرَ لَهُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَمَنْ حَوْلَهُ.

وَإِذَا نَامَ الْعَبْدُ عَلَى وُضُوءٍ بَاتَ فِي شِعَارِه مَلَكٍ.

– الشيخ : هذا من خرَّجه، أيش قال؟ في شِعارِهِ مَلَك

– القارئ : يشيرُ إلى الحديثِ الذي أخرجَهُ ابنُ حبَّانَ في "صحيحِهِ" وابنُ مباركٍ في "المسندِ" وفي "الزهدِ" وابنُ عَدِيٍّ والبيهقيُّ في "الشُّعَبِ" وغيرُهُم مِن طريقِ ابنِ المباركِ عَن الحسنِ بنِ ذَكْوانَ عَن سليمانَ الأحولِ عَن عطاءٍ عَن ابنِ عمرَ، هكذا رواهُ حِبَّانَ المروزيّ وأبو عاصمٍ أحمدُ بنُ جواسٍ الحنفيّ كلاهُما عن ابنِ المباركِ بِهِ، وخالفَهُم الحسنُ بنُ عيسى والحسينُ بن المروزي وسويدُ بنُ نصرٍ كلِّهم عَن ابنِ المباركِ فجعلوهُ مِن مسندِ أبي هريرةِ، ورواهُ عاصمُ بنُ عليٍّ عَن إسماعيلَ بن عيَّاشٍ عَن العبَّاسِ عَن عتبةٍ عن عطاءٍ عن ابنِ عمرَ فذكرَ نحوهُ، أخرجَهُ العَقيليّ في "الضعفاءِ"، والطبرانيُّ في "الأوسطِ" ولكنْ جعلَهُ عَن ابنِ عباسٍ.

قلتُ: الاضطراب لعلَّهُ مِن الحسنِ بنِ ذَكْوانَ وعطاءٌ لمْ يسمعْ مِن ابنِ عمرَ، وأمَّا الطريقُ الثاني فلا يصحُّ، قالَ العَقيليُّ: لا يصحُّ حديثُهُ ثم ساقَ

– الشيخ : العُقيلي؟

– القارئ : قالَ العُقيليُّ: لا يصحُّ حديثُهُ ثم ساقَ لَهُ هذا الحديثَ وَجَوَّدَ إسنادَ ابنِ عباسٍ المنذريُّ وابنُ حجرٍ، انظر "الترغيب"، والحديثُ ضعَّفَهُ العُقيليُّ بقولِهِ: وقد رُوِيَ هذا -يعني: حديثَ ابنَ عباسٍ- بغيرِ هذا الإسنادِ، بإسنادٍ ليِّنٍ أيضًا، انتهى.

– الشيخ : نعم

– القارئ : فَمَلَكُ الْمُؤْمِنِ يَرُدُّ عَنْهُ وَيُحَارِبُ وَيُدَافِعُ، وَيُعَلِّمُهُ وَيُثَبِّتُهُ وَيُشَجِّعُهُ، فَلَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يُسِيءَ جِوَارَهُ وَيُبَالِغَ فِي أَذَاهُ وَطَرْدِهِ عَنْهُ وَإِبْعَادِهِ، فَإِنَّهُ ضَيْفُهُ وَجَارُهُ.

وَإِذَا كَانَ إِكْرَامُ الضَّيْفِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْجَارِ مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ وَمُوجِبَاتِهِ، فَمَا الظَّنُّ بِإِكْرَامِ أَكْرَمِ الْأَضْيَافِ، وَخَيْرِ الْجِيرَانِ وَأَبَرِّهِمْ؟ وَإِذَا آذَى الْعَبْدُ الْمَلَكَ بِأَنْوَاعِ الْمَعَاصِي وَالظُّلْمِ وَالْفَوَاحِشِ دَعَا عَلَيْهِ رَبَّهُ، وَقَالَ: لَا جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، كَمَا يَدْعُو لَهُ إِذَا أَكْرَمَهُ بِالطَّاعَةِ وَالْإِحْسَانِ.

قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: إِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ، فَاسْتَحْيُوا مِنْهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ.

وَلَا أَلْأَمَ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْكَرِيمِ الْعَظِيمِ الْقَدْرِ، وَلَا يُجِلُّهُ وَلَا يُوَقِّرُهُ، وَقَدْ نَبَّهَ -سُبْحَانَهُ- عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ [الِانْفِطَارِ:11،10] أَيِ: اسْتَحْيُوا مِنْ هَؤُلَاءِ الْحَافِظِينَ الْكِرَامِ وَأَكْرِمُوهُمْ، وَأَجِلُّوهُمْ أَنْ يَرَوْا مِنْكُمْ مَا تَسْتَحْيُونَ أَنْ يَرَاكُمْ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ مِثْلُكُمْ، وَالْمَلَائِكَةُ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ، فَإِذَا كَانَ ابْنُ آدَمَ يَتَأَذَّى مِمَّنْ يَفْجُرُ وَيَعْصِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَمَا الظَّنُّ بِأَذَى الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ؟ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

فَصْلٌ

وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا:

– الشيخ : حسبك، نعم يا محمد

– طالب: في بعض الأسئلة

– الشيخ : نسمعُ شيئًا منها

أعوذ بالله، جميعُ الشرورِ والمصائبِ التي تصيبُ الإنسانَ بسببِ الذنوبِ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ [الشورى:30] ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ [الروم:41].

 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :متفرقات