بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب "روضة النّاظر وجنّة المناظر" لابن قدامة
الدّرس: السَّبعون
*** *** *** ***
– القارئ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ. قالَ شيخُ الإسلامِ موفَّقُ الدِّينِ ابنُ قدامةَ -رحمَهُ اللهُ تعالى- في "روضةِ النَّاظرِ":
الاستصلاحُ، أو المصلحةُ المُرسَلةُ.
الرَّابعُ مِن الأصولِ المُختلَفِ فيها: الاستصلاحُ:
وهوَ: اتِّباعُ المصلحةِ المُرسَلةِ.
والمصلحةُ: هيَ جلبُ المنفعةِ، أو دفعُ المضرَّةِ.
وهيَ ثلاثةُ أقسامٍ:
– الشيخ : الشَّرائعُ، شرائعُ الإسلامِ مبنيَّةٌ على هذا الأصلِ، وهو تحقيقُ مصالحِ العبادِ في معاشِهم ومعادِهم؛ لأنَّها رحمةٌ من الله بعبادِه، شرائعُ الإسلامِ.. فاللهُ تعالى لا يأمرُ عبادَه إلَّا بما فيه خيرٌ ومصلحةٌ لهم في دينِهم ودنياهم، ولا ينهاهم إلَّا على ما فيه ضررُهم، إذًا هي مبنيَّةٌ -الأوامرُ والنَّواهي- مبنيَّةٌ على جلبِ المصالحِ ودرءِ المفاسدِ؛ ولهذا ذكرَ أهلُ العلمِ هذا الأصلَ وهو طلبُ المصلحةِ، الاستصلاحُ طلبُ المصلحةِ السين والتاء للطَّلبِ طلب المصلحة، والمصلحةُ هي الخيرُ والمنفعةُ، وهذا معنىً معقولٌ، كلُّ عاقلٍ يطلبُ المصلحةَ والمنفعةَ ويكرهُ المضرَّةَ، فجلبُ المصالحِ ودرءُ المضارِّ أمرٌ هو موجبُ العقلِ والشَّرعِ.
– القارئ : وهيَ على ثلاثةِ أقسامٍ:
قسمٌ شهدَ الشَّرعُ باعتبارِها. فهذا هوَ القياسُ، وهوَ: اقتباسُ الحكمِ مِن معقولِ النَّصِّ أو الإجماعِ
– الشيخ : ما شهدَ الشَّرعُ باعتبارِهِ فإنَّنا نعتبرُهُ في المسألةِ المعيَّنةِ الَّتي وردَ فيها الشَّرعُ وفي ما أشبهَها ما دامَ.. فكأنَّ المصلحةَ هي علَّةُ الحكم، المصلحةُ هي علَّة الحكمِ، وعلَّةُ الحكم هي مناطُ القياسِ، هي محورُ القياسِ، فإذا دلَّ الشَّرعُ على اعتبارِ مصلحةٍ اعتبرْناها في المسألةِ المخصوصةِ المعيَّنةِ وفيما أشبهَها فأيُّ أمرٍ تتحقَّقُ فيه هذه المصلحةُ يُراعَى ويُطبَّقُ فيه الحكمُ، وهذا هو القياسُ.
– القارئ : القسمُ الثَّاني:
ما شهدَ ببطلانِهِ: كإيجابِ الصَّومِ بالوقاعِ في رمضانَ على الملكِ؛ إذْ العتقُ سهلٌ عليهِ فلا ينزجرُ
– الشيخ : النَّوعُ الثَّاني ما شهدَ ببطلانِه وذلك بالإجماعِ، كمصلحةِ إيجابِ الصَّومِ على من واقعَ في نهارِ رمضانَ، نقولُ: يجبُ عليك الصَّومُ لأنَّ العتقَ.. مثل الإنسان المستطيع كالملكِ، قالوا كالملكِ مستطيع أن يعتقَ رقابًا، وهذا لا يحقِّقُ الزَّجرَ بالنِّسبةِ له فنقولُ: من المصلحةِ أنْ نقولَ يجبُ عليكَ صيامُ شهرينِ لتحقيقِ مصلحةِ الزَّجرِ، فهذه مصلحةٌ ملغاةٌ، بل نقولُ: يجبُ عليك العتقُ، ولو كانَ سهلًا عليه ولا يحصلُ به الزَّجرُ الكافي كما يحصلُ للإنسانِ العاديِّ الَّذي يجدُ مشقَّةً ويضيقُ مالُه بالعتقِ فهذه مصلحةٌ قالَ الفقهاءُ والأصوليُّون: إنَّها مصلحةٌ ملغاةٌ، وهذا حقٌّ؛ لأنَّ اللهَ قالَ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ}، فإنَّما شرعَ الصِّيامَ وأوجبَه على من لم يجدْ رقبةً يعتقْها. نعم قل الثَّاني.
– القارئ : القسمُ الثَّاني:
ما شهدَ ببطلانِهِ: كإيجابِ الصَّومِ بالوقاعِ في رمضانَ على الملكِ؛ إذْ العتقُ سهلٌ عليهِ فلا ينزجرُ
– الشيخ : الملكُ ومَن في حكمِه ومثله، على إنسانٍ غنيٍّ ووافرِ المالِ وعندَه عبيدٌ كثيرون ليسَتْ المسألةُ مخصوصةً بالملك لكن هكذا المثال عندَهم.
– القارئ : إذْ العتقُ سهلٌ عليهِ فلا ينزجرُ، والكفَّارةُ وُضِعَتْ للزَّجرِ، فهذا لا خلافَ في بطلانِهِ؛ لمخالفتِهِ النَّصَّ، وفتحُ هذا يؤدِّي إلى تغييرِ حدودِ الشَّرعِ.
الثَّالثُ: ما لم يشهدْ لهُ بإبطالٍ، ولا اعتبارٍ معيَّنٍ:
وهذا على ثلاثةِ ضروبٍ
– الشيخ : لعلَّك تقفُ على هذانِ، فيه تفصيلٌ، المصالحُ المرسَلةُ.