الرئيسية/شروحات الكتب/كتاب حراسة الفضيلة/(8) الأصل الثالث “قوله الوجه الثاني ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(8) الأصل الثالث “قوله الوجه الثاني ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله 
الدّرس الثّامن

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه "حراسة الفضيلة":
الوجه الثاني: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] أي لا يُظهرن شيئاً من الزينة للأجانب عن عمد وقصد، إلا ما ظهر منها اضطراراً لا اختياراً، مما لا يمكن إخفاؤه كظاهر الجلباب "العباءة" ويقال: الملاءة الذي تلبسه المرأة فوق القميص والخِمار، وهي ما لا يستلزم النظر إليه رؤية شيء من بدن المرأة الأجنبية، فإن ذلك معفوٌ عنه، وتأملْ سراً من أسرار التنزيل في قوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ كيف أسند الفعل إلى النساء في عدم إبداء الزينة متعدّية، وهو فعل مضارع "يُبدين" ومعلوم أن النهي إذا وقع بصيغة المضارع يكون آكد في التحريم، وهذا دليلٌ صريحٌ على وجوب الحجاب لجميع البدن وما عليه من زينة مكتسبة، وستر الوجه والكفين من باب أولى، وفي الاستثناء "إلا ما ظهر منها": لم يُسند الفعل إلى النساء، إذ لم يجيء متعديَّا بل جاء لازما.
ومقتضى هذا أن المرأة مأمورة أن المرأة مأمورة بإخفاء الزينة مطلقاً غير مخيّرة في إبداء شيء منها، وأنه لا يجوز لها أن تتعمد إبداء شيءٍ منها إلا ما ظهر اضطراراً بدون قصد، فلا إثم عليها، مثل انكشاف شيء من الزينة من أجل الرياح أو لحاجة علاج لها ونحوه من أحوال..
– الشيخ:
مثلُ
– القارئ: ومثل انكشاف شيء من الزينة من أجل الرياح.
– الشيخ:
بسبب يعني؟
– القارئ: أي نعم
– الشيخ: بسبب يعني نعم..
– القارئ: أو لحاجة علاجٍ لها ونحوه من أحوال الاضطرار.
– الشيخ: إيش أو؟
– القارئ: أو لحاجة علاج أو لحاجة علاج لها ونحوه من أحوال الاضطرار؛ فيكون معنى هذا الاستثناء رفع الحَرَج كما في قول الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]
وقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119]
الوجه الثالث: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ لما وجب الله على نساء المؤمنين الحجاب للبدن والزينة في الموضعين السابقين وألا تتعمد المرأة إبداء شيء من زينتها وأن ما يظهر منها من غير قصد معفوٌ عنه، ذكر سبحانه لكمال الاستتار مبيناً أن الزينة التي يَحرُم إبداؤها يدخل فيها جميع البدن.
وبما أن القميص يكون مشقوق الجيب عادةً، بحيث يبدو شيء من العنق والنحر والصدر، بيَّن سبحانه وجوب ستره وتغطيته وكيفية ضرب المرأة للحجاب على ما لا يستره القميص، فقال عزَّ شانه: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ والضرب إيقاع شيءٍ على شيء.
ومن: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ [آل عمران:112] أي: التحفتهم الذّلّة التحافاً..
– الشيخ:
أي؟
– القارئ: أي: التحفتهم
– الشيخ:
التحفتهم؟
– القارئ: نعم
أي: التحفتهم الذلة التحاف الخيمة بمن ضُربت عليه.
والخمور: جمع "خمار" مأخوذ من الخمر، وهو: الستر والتغطية ومنه قيل للخمر خمراً؛ لأنها تستر العقل وتغطيه، قال الحافظ بن حجر_ رحمه الله تعالى_ في فتح الباري: ومنه خمار المرأة؛ لأنه يستر وجهها انتهى.
ويُقال: اختمرت المرأة وتخمّرت إذا احتجبت وغطّت وجهها.
والجيوب مفردها: جيب وهو شقٌ في طول القميص فيكون معنى وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ أمرٌ من الله لنساء المؤمنين أن يُلقين بالخمار إلقاءً محكماً على المواضع المكشوفة وهي الرأس والوجه والعنق والنحر والصدر وذلك بلف الخِمار الذي تضعه المرأة على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهذا هو "التقنُّع" وهذا خلافاً لما كان عليه أهل الجاهلية من سدل المرأة خِمارها من ورائها وتكشف..
– الشيخ:
من من سدل؟
– القارئ: أي نعم
من سدل المرأة خِمارها من ورائها وتكشف ما هو قُدّامها، فأُمرن بالاستتار ويدل لهذا التفسير المتَّسق مع ما قبله الملاقي للسان العرب كما ترى، أن هذا هو الذي فهمه نساء الصحابة- رضي الله عن الجميع_ فعملن به، وعليها ترجم البخاري في صحيحه فقال: بابٌ: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وساق بسنده حديث عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرين الأُوَل لما أنزل الله: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شققنَ مروطهن فاختمرنَ بها.
– الشيخ:
الله المستعان
 
– القارئ: قال ابن حجر في الفتح في شرح هذا الحديث: قوله "فاختمرن" أي: غطين وجوههن. وذكر صفته كما تقدم. انتهى.
ومن نازع فقال بكشف الوجه؛ لأن الله لم يصرح بذكره هنا فإنا نقول له: إن الله سبحانه لم يذكر هنا الرأس والعنق والنحر والصدر والعضدين والذراعين والكفين، فهل يجوز الكشف عن هذه المواضع؟ فإن قال لا، قلنا والوجه كذلك لا يجوز كشفه من باب أولى؛ لأنه موضع الجمال والفتنة.
وكيف تأمر الشريعة بستر الرأس والعنق والنحر والصدر الذراعين والقدمين، ولا تأمر بستر الوجه وتغطيته.
– الشيخ:
لا إله إلا الله لا إله إلا الله
– القارئ: وهو أشدُّ فتنةً وأكثر تأثيراً على الناظر والمنظور إليه.
وأيضاً ما جوابكم عن فهم نساء الصحابة_ رضي الله عن الجميع_ في مبادرتهن إلى ستر وجوههن حين نزلت هذه الآية.
– الشيخ:
إلى هنا بس.
 
 
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :الفقه وأصوله