بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله
الدّرس الخمسون
*** *** *** ***
– القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله والصّلاة والسّلام على رسول الله، نبيّنا محمّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، قالَ الشيخُ بكر بن عبد الله أبو زيد -رَحِمَنا الله وإيّاه- في كتابهِ "حِراسةُ الفضيلة":
الأمر الثاني: إعادةُ المطالبِ المُنحرفة، لضربِ الفضيلة في آخرِ مَعقلٍ للإسلامِ.
– الشيخ: الله أكبر، آخرُ مَعقل كادهُ اليهودُ والنّصارى، هذا البلدِ العزيز، هذا البلدِ العزيز.
– القارئ: إعادةُ المطالبِ المنحرفةِ، لضربِ الفضيلةِ في آخرِ مَعقلٍ للإسلام، وجَعلها مِهاداً للجهرِ بفسادِ الأخلاق.
إنَّ البدايةَ مَدخُل النهاية، وإنَّ أوّلَ عقبةٍ يَصطدِمُ بِها دُعاةُ المرأةِ إلى الرَّذيلةِ هي الفضيلةُ الإسلامية: الحجابُ لنساءِ المؤمنين، فإذا أسفرنَ عَن وجوههن حَسَرن عَن أبدانِهنَّ وزينَتِهنَّ التي أمرَ الله بِحَجبِها وسَترها عَنِ الرجالِ الأجانبِ عَنهنَّ، وآلت حالُ نساءِ المؤمنينَ إلى الانسلاخِ مِنَ الفضائلِ إلى الرَّذائل، مِنَ الانحلالِ والتَّهتّك والإباحية، كما هي سائدةٌ في جُلِّ العالمِ الإسلامي، نسألُ الله صلاحَ أحوالِ المسلمين.
واليومَ يَمشي المستغربونَ الأجراءُ على الخُطى نَفسِها، فَيَبذِلونَ جُهودَهم مُهَرولينَ، لضربِ فضيلةِ الحجابِ في آخرِ مَعقلٍ للإسلامِ، حتى تَصلَ الحالُ -سواءً أرادوا أم لم يُريدوا- إلى هذه الغاياتِ الإلحادية في وَسطِ دارِ الإسلام الأولى والأخيرة، وعاصمةُ المسلمينَ، وحَبيبةُ المؤمنينَ: جَزيرةُ العربِ التي حَمى الله قَلبَها وقِبلَتَها.
– الشيخ: جزيرة العرب، ولا سيما هذا البلد، هذا البلدُ المخصوص بالمملكة، هي المقصودةُ بالذاتِ، ليسَ فقط عُموم الجزيرة، يُمكن أن يُقال إنّهم بلغوا مِنها مَبلغاً كبيراً واسعاً، لكن الغاية القصوى عِندَهم هذا البلد، المملكة، ثمَّ بالذات المنطقةُ هذه بالذّات؛ لأنَّ الأمورَ ليست على مستوىً واحد، وهو مَنبعُ الدعوة، دَعوةُ الإصلاح، ودَعوةُ التجديدِ لعقيدة التوحيد، فهي البلدُ المتميّزة في تاريخها القريب، مُتَميّزة بِما فَتحَ الله بهِ مِنَ العلمِ والبصيرة، وبِما ترتّبَ على ذلكَ مِنَ المحافظةِ مِنَ الرجالِ والنساء، يعني كانَ المجتمعُ في هذا البلدِ، في نجد، كانَ مُجتمعاً نقيَّاً، فلا خُرافة، ولا رذيلة، ولا تَغريب، ولا تَشبّه بالكفّار، فالكيدُ، جهودُ الكفّار والمنافقين تتركّزُ يعني كُلّما كانَ أكثرَ محافظة كانَ حِرصُهم على التغييرِ فيهِ أكبر.
– القارئ: التي حمى الله قَلبَها وقِبلَتَها منذُ أسلمت بِبعثةِ خاتمِ الأنبياءِ والمرسلينَ إلى يومِنا هذا مِن أن يَنفذَ إليها الاستعمارُ، والإسلام فيها..
– الشيخ: لم يَستول النّصارى على هذه البلدان، لم يَستولوا عليها كما استولوا على مِصرَ والشام بأقسامهِ الأربعة، وعلى العراقِ، وعلى الهندِ، وعلى كثير، استولوا عليها النصارى، أمّا هذه الجزيرة فلم يَستولوا عليها، إلّا على أجزاءٍ في أطرافِها.
– القارئ: والإسلامُ فيها -بِحمدِ الله- ظاهِر، والشّريعةُ نافذة، والمجتمعُ فيها مُسلم، لا يَشوبهُ تَجنُّس كافِر، وهؤلاءِ المفتونونَ السَّخابون على أعمدةِ الصُّحف اتَّبعوا سَنن مَن كانَ مِثلَهم مِنَ الضالينَ مِن قَبل.
– الشيخ: نعم الصُّحف، الصُّحف هي مَنابرُ دَعوةِ الفساد، هي المنابرُ لدعوةِ الفساد، صُحفُنا المحليّة سمِّها "الرياض، الجزيرة، عكاظ"، سمِّها واعرفوها عكاظ، والوطن، هذه هي التي تَحمل تَبعية الإفساد في هذه البلاد، بِما تَنشرهُ مِنَ الدّعوةِ إلى السّفورِ إلى التبرّج، ونشرِ صورِ النساء، والاستهزاء، والدّعوةُ إلى الاختلاطِ، وتَشويهُ الحق.
– القارئ: وهؤلاءِ المفتونونَ السَّخابونَ على أعمدةِ الصّحف اتَّبعوا سَنن مَن كانَ مِثلهَم مِنَ الضالينَ مِن قبل، فَنَقلوا خِطّتهم التي واجهوا بِها الحجابَ إلى بِلادنا وصحافَتِنا، وبدأوا مِن حيثُ بدأَ أولئكَ بِمطالِبهم هذه يُجَرِّمونَ الوضعَ القائِم، وهو وضعٌ إسلامي فيهِ الحجابُ، وفيهِ الطهرُ والعفاف.
– الشيخ: لا إله إلا الله
– القارئ: وكلٌّ مِنَ الجنسينِ في مَوقِعه حَسبَ الشرعِ المُطهّر، فماذا يَنقمون؟! وإنّما تقدّمَ بَيانهُ مِن أصولِ الفضيلة..
– الشيخ: الله المستعان، الله المستعان، الله أكبر، الله أكبر، يا سلام سلِّم، يا سلام سلِّم، لا إله إلّا الله، لا إله إلّا الله
– القارئ: وإنَّ ما تقدّمَ بَيانهُ مِن أصولِ الفضيلةِ، يَردُّ على هذه المطالبِ المُنحرفةِ الباطلة، الدائرةِ في أجواءِ الرَّذيلة؛ مِنَ السّفورِ عَنِ الوجهِ، والتبرّج، والاختلاط، وسَلبِ قيامِ الرِّجالِ على النساءِ، ومُنازعةُ المرأةِ في اختصاصِ الرجل، وهكذا مِنَ الغايات المُدمِّرة.
وإنَّ حقيقةَ هذه المطالبة المُنحرفةِ عَن سبيلِ المؤمنين، إعلانٌ بالمطالبةِ بالمُنكرِ، وهجرٌ للمعروفِ، وخروجٌ على الفِطرة، وخروجٌ على الشّريعة، وخروجٌ على الفضائلِ والقيمِ بجميعِ مُقوّماتِها، وخروجٌ على القيادةِ الإسلامية التي تُحكِّمُ الشرعَ المطهّر، وجَعلُ البلادِ مِهاداً للتبرّجِ والسّفورِ والاختلاطِ والحُسور.
وهذا نوعٌ مِنَ المحاربةِ باللسانِ –والقلمُ أحدُ اللسانين- وقد يكونَ أنكى مِنَ المحاربةِ باليد، وهو مِنَ الإفسادِ في الأرض.
قال شيخُ الإسلامِ ابن تيمية رحمهُ الله تعالى في "الصارم المسلول": (وما يفسده اللسان من الأديان أضعاف ما تفسده اليد..
– الشيخ: ما يُسمّى بالغزو الفِكري، هو أخطرُ وأعمق وأكبرُ أثراً مِنَ الغزو المُسلّح، الغزو المُسلّح كلٌّ يُبغضهُ ويُحاربهُ ويُبغضُ أهلهُ، أمّا الغزو الفكري فهو البلاءُ الذي يَدخلُ على الناسِ، ويُدخِل على النّاسِ أنواعَ الفسادِ في العقائدِ، وفي الأخلاقِ، وفي كلِّ الجوانب، باختيارِ الناس لا كُرهاً عليه، يَدخلُ عليهم بأنواعِ الشرورِ، مِن حيثُ يَشعرونَ أو لا يَشعرون، ولهذا الكفّار عَدَلوا عَن الغزو في الأغلب، وأنّهم لا يَزالونَ على حَربِ المسلمين، غَزَوا في هذه المدة القريبة، غَزَوا مَرّتين، غزوا بلادَ الإسلامِ مرتين، وجاؤوا، لكنّهم يَتذرّعونَ بِشتّى الذرائعِ ليجعلوا حَربهم للمسلمينَ بِقالبِ الإحسانِ، والإصلاحِ، ونَصرِ المظلوم، هكذا، ولكن أيضاً الغزو الفكري، وقد تَهيّأت أيضاً الأسبابُ التي يَعظُم بِها أثرُ هذا الغزو الفكري، ألا وهي وسائلُ الإعلامِ، ومِنها الصُّحف، الصحف، وراحتِ الصُّحفُ الآن نِسبياً، وجاءت القنوات، لا إله إلّا الله، القنواتُ والإذاعات، لا إله إلّا الله.
افتح على ال fmتَجد فيها عشر مَحطات، واحدة قرآن، والباقي كُلّها تُغنّي، وتهذي، وتُحاورُ النساء، يعني كل هذه، افتح عليها تَجدها واحدة قرآن، والباقي كُلّها إمّا أغاني، ولا هذيان، ولا مُحاورات نِسائية، أو بينَ الرجالِ والنساء.
– القارئ: وما يُفسدهُ اللسانُ مِنَ الأديانِ أضعافُ ما تُفسِدهُ اليد، كما أنَّ ما يُصلِحهُ اللسانُ مِنَ الأديانِ أضعافُ ما تُصلِحهُ اليد. انتهى. هذا وليعلم أنَّ الدّعوةَ للسّفورِ..
– الشيخ: إلى هنا بارك الله فيك.