بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح رسالة (حراسة الفضيلة) للشيخ بكر بن عبدالله
الدّرس الخامس والخمسون
*** *** *** ***
– القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله والصّلاة والسّلام على رسول الله نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد _رَحِمَنا الله وإيّاه _في كتابهِ "حِراسةُ الفضيلة":
الملحق الثاني "فتوى في صفة العباءة الشرعية للمرأة"
الحمدُ لله وحدهُ، والصّلاة والسّلام على مَن لا نبيَّ بَعدهُ، وبعد:
فَقد اطّلعتِ اللجنةُ الدائمةُ للبحوثِ العلميةِ والإفتاء، على ما وَردَ إلى سَماحةِ المُفتي العام مِنَ المُستَفتي "عبد العزيز الدهام" والمُحالُ إلى اللجنةِ منَ الأمانة العامة لهيئةِ كِبارِ العلماء، وقد سألَ المُستَفتي سؤالاً هذا نَصهُ: " لقد انتَشرَ في الآونةِ الأخيرة عَباءةٌ مُفصّلةٌ على الجسمِ وضيّقة، وتَتكوّن مِن طَبقتينِ خَفيفتينِ مِن قِماش الكُريب، ولها كُمٌّ واسِع، وبِها فُصوصٌ وتَطريز، وهي تُوضعُ على الكتف، فما حُكمُ الشرعِ في مِثلِ هذه العباءة؟ أفتونا مأجورينَ! ونَرغبُ _حَفِظَكُم الله_ بِمخاطبةِ وزارةِ التجارةِ لِمنعِ هذه العباءة وأمثالها.
وبعدَ دراسة اللجنة للاستفتاء، أجابت بأنَّ العباءةَ الشَّرعيَّة للمرأة هي الجلبابُ، وهي ما تَحققَ فيها قَصدُ الشَّارعِ مِن كَمالِ السّتْر، والبعدِ عَنِ الفتنةِ، وبناءً على ذلكَ لابُدَّ لعباءة المرأة أن تَتوافرَ فيها الأوصافُ الآتية:
أولاً: أن تكونَ سميكةً لا تُظهِر ما تَحتها، ولا يكونُ لها خاصيّة الالتصاق.
ثانياً: أن تكونَ ساترةً لجميعِ الجسمِ، واسعةً لا تُبدي تَقاطيعهُ.
ثالثاً: أن تكونَ مَفتوحة مِنَ الأمامِ فقط، وتكونُ فَتحةُ الأكمامِ ضيّقة.
رابعاً: ألا يكونَ فيها زينةٌ تَلفتُ إليها الأنظار، وعليهِ فلابُدَّ أن تخلو مِنَ الرّسومِ والزّخارفِ والكتاباتِ والعلامات.
خامساً: ألا تكونَ مُشابِهة للباسِ الكافراتِ أو الرّجال.
سادساً: أن توضعَ العباءةُ على هامةِ الرّأسِ ابتداءً.
وعلى ما تقدّم فإنَّ العباءةَ المذكورةَ في السؤالِ ليست عَباءةً شرعية للمرأة، فلا يَجوزُ لِبسُها لعدمِ توافرِ الشروطِ الواجبةِ فيها، ولا لِبسُ غَيرها مِنَ العباءاتِ التي لم تتوافرُ فيها الشروطُ الواجبة، ولا يجوزُ كذلكَ استيرادُها، ولا تَصديرُها، ولا بَيعُها، وتَرويجها بين المسلمين، وأنَّ ذلكَ مِنَ التعاونِ على الإثمِ والعدوان، والله جلَّ وعلا يقول: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ [المائدة:2]
واللجنةُ إذ تُبيّنُ ذلكَ، فإنّها توصي نِساءَ المؤمنينَ بِتقوى الله تعالى، والتزامِ السِتر الكامل للجسمِ مِن الجلبابِ والخمار عَنِ الرجالِ الأجانبِ، طاعةً لله تعالى ولرسولهِ صلّى الله عليه وسلّم، وبُعداً عَن أسبابِ الفتنةِ والافتتان، وبالله التوفيق، وصلّى الله على نبيِّنا محمّدٍ وآلهِ وصحبهِ وسلّم.
اللجنةُ الدّائمةُ للبحوثِ العلميةِ والإفتاء
الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وعبد الله بن عبد الرحمن الغديان، والشيخ بكر أبو زيد، والشيخ صالح الفوزان
– الشيخ: رحمهم الله جميعهم، الحيّ والميّت، رحمهم الله، الله المستعان.
قد تَضمّنت هذه الفتوى بيانَ أنَّ العباءةَ هي الجِلبابُ الذي أُشيرَ إليهِ في القرآن، يعني المهم إنّهُ غِطاءٌ واسع، تَضعهُ المرأةُ على بَدنِها، سواءً كانَ بِشكل عباءة، أو بشكل آخر، المهم إنّهُ يكونُ غِطاءً فَضفاضا، تُغطّي بهِ المرأةُ بدنها، ويَستر ثيابها الداخلية، الثياب التي مِن داخل، التي هي إنّهُ قميص، إنّهُ كذا، يعني وما ذكروهُ مِنَ الأوصاف هي مُستَنبطة مِن مقاصدِ الشريعة في جِلبابِ المرأة، أن تكونَ سميكة، إذا كانت شَفّافة، صارت يعني للإغراء، لا للتستّر والاحتشام، إذا صار عليها الفصوص ونقوش وزخارف، كذلك، ما سوِّينا شيء، المقصودُ مِنَ العباءةِ ساتر الزخارف التيمِنَ الداخل في بعض الملابس، فإذا تحوَّلت الجلبابُ أو العباءة إلى رسوم أو زَخارف، وتكون يعني من النوع الذي ليسَ مِن طبيعتهِ الالتصاق، لأن القماش لو صار، إذا صار رقيقا بَعضهُ يَلصق على الجسم، كل هذه المعاني التي ذكروها، تكونُ على الرأسِ، تُغطّي الرأس،.
لذلكَ لازم يكون الجلباب على الرأس، ظهرَ الشعر، أو ظهر يعني حجب الشعر، وعندي دائماً قاعدة "كلُّ ما يِنكِرهُ أصحابُ الأهواءِ فهو مِنَ الحق" أصحابُ الأهواء.
الآن الكتَّاب والصحفيون كثيراً ما تحدثوا عن العباءة، حتى أنّهُ لمّا قدّر الله على فتاة أنّهُ عُلِقت عباءتها في طرف السيارة فأفضى ذلك لها بأن أظنها دهستها السيارة، ها سموا العباءة "المشنقة" مشنقة، خلاص كلُّ العباءاتِ صارت مِشنَقة، يعني اخلعنها يا بنات، يا بنات هذه مِشنَقة! هذي لغة الصحفيين، وعَجيب عِندهم مَقدِرة على يعني صُنع العبارات والكلمات التي تُشوِّه الخيرَ وتشوِّه الحق، والعبارات التي تُغري الباطل، زخرفة عِندهم، يعني أبداً كما وصفَ الله شياطينَ الإنسِ والجن، زخرفٌ: زُخرُفَ القَولِ غُرُورًا [الأنعام:112]
والآخر يُسمّي العباءةَ السودة، والمرأة التي ما عليها إلا ثوب أسود هذا "الكفنُ الأسود"، هذه يعني تنفير للغرة الجاهلة عن هذا النوع، الكفنُ الأسود "المشنقة" ثمَّ صُنّاع العباءاتِ والأزياء يَتفنّنونَ فيها، مرة تصير قصيرة، ومرة شَفافة، ومرة ضيّقة، ومرة فوق، ومرة نزلها، يعني العباءة ذي قضية القضايا عند أولئكَ المفتونين يعني المرأة ليش، كالرجل، لماذا!؟
بل الرجل الآن الغالب يستر كلَّ بدنهِ، وكما سبق، وفي الاجتماعات، ما يَبدو مِنهُ إلّا القليل، أو قد لا يبدو إلّا الوجه والكفان.
سبحان الله، عجائب، والمرأةُ لا، يُريدونها أن تَخرج، يعني كثيراً مِن بَدنها، تُخرج ساقيها، تُخرج شَعرها، ورأسها وعُنُقها وذراعيها، وتُظهر الحُلي؛ لأنَّ المرأة هي الفتنة، النساء الشريرات والنساء الجاهلات هنَّ حَبائلُ الشيطان، يَصيدُ بهنَّ الفَسَقَة، تَظهر المرأة مُتبرّجة ومُتصنّعة في الشارع فَتَلفت أنظارَ المفتونينَ مِنَ الشبابِ وغيرهم.
وهذه العباءةُ يقولون ضيقت صدورهم مرة، كم كتبوا عنها، لو جُمِعَت كتاباتُهم عَنِ العباءةِ ومواصفاتِها، وتعيير النساءِ اللائي يُحافظنَ عليها، ويُحافظنَ ويَحَتشمن؛ لوجدت كمّاً هائلاً، الصّحف هذه غالبٌ عليها منابرُ شرٍّ، ودعوى للفسادِ، ومُعظمُ الطرح، زيادةً على ما يُطرحُ في الصحف ِمِن أفكار، مِن أفكارٍ لها بُعدٌ في الإلحاد، بُعد في الإفساد.
– طالب: ما في مانع لو أخذوا غيرَ اللونِ الأسود، المعتاد أن تكونَ سودة دائماً؟
– الشيخ: والله ما أدري، المعتاد، ما عندي فيه، يعني اللون أقول قَد يَختلف، يعني ما في يعني قد يكون عُرفيا، المهم أنّهُ لون ما يصير جذّاب في الأصل، وثم لابُد مِن اعتبارِ الأعرافِ والعادات.