بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح (رسالة ابن القيّم إلى أحد إخوانه)
الدّرس الثّاني
*** *** *** ***
قال ابنُ القيّمِ -رحمةُ الله عليه- في رسالتِه إلى أحدِ إخوانِه:
وَمن تَأمّلَ حَالَ هذا الخَلْقِ وجدَهم كلَّهم إِلَّا أقلَّ القليل مِمَّن غَفَلَت قلوبُهم عن ذكرِ الله تَعَالَى وَاتبعُوا أهواءَهم وَصَارَت أُمُورُهم ومصالحُهم فُرُطُا، أَي فرّطوا فِيمَا يَنْفَعهُمْ وَيعودُ بصلاحِهِم وَاشْتَغلُوا بِمَا لَا يَنْفَعهُمْ.
– الشيخ: أسألُ الله العافية، أسألُ الله العافيةَ، نعوذُ بالله صحيح، وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179]، ولكنّ أكثرَ النّاسِ لا يعلمون، نعم.
– القارئ: أحسن الله إليكم، بل يعودُ بضررِهِم عَاجلاً وآجلاً.
وَهَؤُلَاء قد أَمرَ اللهُ سُبْحَانَهُ ورَسُولُه أَلّا يُطيعَهم، فطاعةُ الرَّسُولِ لا تتمُّ إِلَّا بِعَدَمِ طَاعَة هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُم إِنَّمَا يدعونَ إِلَى ما يُشاكلهم من اتِّبَاع الهوى. والغفلة عن ذكر الله والغفلة عَن الله وَالدَّار الْآخِرَة مَتى تزوّجت بِاتِّبَاع الْهوى تولَّدَ
– الشيخ: ايش [ماذا]؟ والغفلة
– القارئ: والغفلةُ عن الله وَالدَّار الْآخِرَة مَتى تزوّجت بِاتِّبَاع الهوى تَوَلَّدَ مَا بَينهمَا كلُّ شَرٍّ، وَكَثِيرًا مَا يقْتَرنُ أَحدُهمَا بِالآخَر وَلَا يُفَارِقهُ، وَمن تَأمّلَ فَسَادَ أَحوالِ العالَمِ عُمُوماً وخصوصاً وجدَهُ ناشئاً عَن هذَيْن الْأَصْلَيْنِ، فالغفلةُ تحولُ بين العبد وبين تصوّر الحقّ ومعرفتِه والعلمِ بِهِ، فَيكونُ من الضَّالّين، واتباع
– الشيخ: واتِّباعُ الهوى، نعم.
– القارئ: فَيكونُ من الضَّالّين، وأتْبَاعِ الْهوى يصده
– الشيخ: لا، واتِّباعُ
– القارئ: أحسن الله إليكم
– الشيخ: اتِّباع.
– القارئ: وَاتِّبَاعِ الهوى
– الشيخ: واتِّباعُ
– القارئ: وَاتِّبَاعُ الهوى يصدُّه عن قصدِ الحقّ وإرادتِه واتّباعِه فيكون
– الشيخ: هذا الأولُ انحرافٌ في العلمِ، والثّاني انحرافٌ في العمل.
– القارئ: أحسن الله إليكم، فَيكونُ من المغضوب عَلَيْهِم، وَأما الْمُنعَمُ عَلَيْهِم فهم الَّذين مَنَّ الله.
– الشيخ: ايش أعد؟ لا أعِد أعِد مرة ثانية، ومن تأمَّلَ.
– القارئ: أحسن الله إليكم، وَمن تَأمّلَ فَسَادَ أَحوَالِ العالَمِ عُمُوماً وخصوصاً وجدَهُ ناشئاًعن هذين الْأَصْلَيْنِ، فالغفلةُ تحولُ بَين العبد وبين تصوّر الحقّ ومعرفتِه وَالعلمِ بِهِ فَيكونُ من الضَّالّين، وَاتِّبَاعُ الهوى يصدُّه عَن قصدِ الحقّ وإرادتِه واتباعُه فَيكون.
– الشيخ: واتِّباعِهِ
– القارئ: عن قصدِ الحقّ وإرادتِه واتباعِه فيكونُ من المغضوب عَلَيْهِم، وَأما الْمُنعَمُ عَلَيْهِم فهم الَّذين مَنَّ الله عَلَيْهِم بِمَعْرِفَة الحقّ علماً، وبالانقياد إِلَيْهِ وإيثاره على مَا سواهُ عملًا، وَهَؤُلَاء هم الَّذين على سَبِيل النجَاةِ، وَمن سواهُم على سَبِيل الْهَلَاك، وَلِهَذَا أمرنَا الله سُبْحَانَهُ أَن نقُولَ كلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عدَّة مَرَّات: اهدِنَا الصِّرَٰطَ االْمُسْتَقِيمَ*صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ المَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا الضَّآلِّينَ [الفاتحة:6-7].
– الشيخ: الله أكبر.
– القارئ: فَإِن العَبْد مُضْطَرٌّ
– الشيخ: فهذه الناس هذه أحوالُهم ثلاثُة أقسامٍ: مُنعَمٌ عليهم وهم الّذين عرفوا الحقَّ واتّبعوهُ، وهم متفاضِلونَ متفاوِتُون وعلى مراتبَ لا يعلمُ يعني درجاتِ النّاسِ فيها إلا الله، ومن عرفَ الحقّ واتبعَ هواهُ فهو المغضوبُ عليه، والثالثُ هو من جَهِلَ الحقّ وسارَ على غير هدى وهم الضالُّون.
قد نزَّهَ اللهُ نبيَّه عن الوَصفَينِ: الضّلالِ والغَيّ، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:2]، بل هو مَهديٌّ راشدٌ صلّى الله عليه وسلم، نعم.
– القارئ: فَإِنّ العَبْد مُضْطَرٌ كل الِاضْطِرَار إِلَى أَن يكون عَارِفاً بِمَا يَنْفَعهُ فِي معاشِه ومعادِه، وَأَن يكون مُؤْثراً مرِيداً لما يَنْفَعُهُ مجتنباً لما يضرُّهُ، فبمجموع هذَيْن يكون قد هُديَ إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم، فَإِنْ فَاتَهُ معرفَةُ ذَلِك سَلَكَ سَبِيلَ الضَّالّين، وَإِن فَاتَهُ قَصدُه واتّباعُه سَلَكَ سبيلَ المغضوبِ عليهم، وَبِهَذَا يُعرفُ قدرُ هَذَا الدُّعَاءِ العَظِيمِ وَشدَّةُ الْحَاجةِ إِلَيْهِ وَتوقُّفُ سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة عَلَيْهِ.
وَالْعَبْد مُفتَقِرٌ إِلَى الْهِدَايَة فِي كلّ لَحْظَةٍ وَنَفَس.
– الشيخ: الله الله المستعان.
– القارئ: وَالْعَبْدُ مُفتقِرٌ إِلَى الْهِدَايَة فِي كلّ لَحْظَةٍ وَنَفَسٍ فِي جَمِيع مَا يَأْتِيهِ ويذرُه.
– الشيخ: الله أكبر، اللهم اهدنا، الله أكبر، لا إله إلا الله لا إله إلا الله، وش بعده؟
– القارئ: أحسنَ الله إليكم، والعبد مُفتقِرٌ إِلَى الْهِدَايَة فِي كلّ لحظةٍ وَنَفَسٍ فِي جَمِيع مَا يَأْتِيهِ ويذرُه فَإِنَّهُ بَين أُمُورٍ لَا يَنْفَكّ عَنْهَا، أَحدهَا:
– الشيخ: إلى هنا بس.
– القارئ: أحسن الله إليكم.
– الشيخ: الله أكبر الله أكبر، المهم الجملةُ الأخيرةُ أنّ العبدَ مُفتقرٌ إلى هداية الله؛ هدايتِه العلميّةِ وهدايتِه التّوفيقيّة، هدايةِ الإرشادِ والبيان وهدايةِ التّوفيق، لا ينفكُّ عن الحاجة إلى الهدايتين في كلّ أمورِه فيما يأتيِه ويذرُه، فبهدايةِ الدَّلالةِ والإرشادِ يحصلُ له العلمُ، وبهدايةِ التّوفيقِ يحصلُ له العملُ بالحقّ الذي عرفَه، في كلّ في جميعِ أمورِه.
وهذا معنىً يبيّنُ أنّ الإنسانَ يعني ليست يعني لا يحصلُ بمجرَّدِ كونِ الإنسانِ مسلمٌ ويعرف أنه يصير مَهْدي (مهدياً) مُطلقاً لأ، هناك أمورٌ: يحتاجُ إلى هدايةِ اللهِ فيها، وكم يجهل فكم يجهلُ العبدُ مما ينبغي له العلم به، وكم يُقصّرُ فيما ينبغي للعبد أن يقوم به، فهو في حاجةٍ إلى هدايةِ اللهِ، إلى الهداية بنوعيها في جميعِ أمورِه. إلى هنا يا عمر.
– القارئ: أحسن الله إليكم يا شيخ.