بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح (رسالة ابن القيّم إلى أحد إخوانه)
الدّرس السّادس
*** *** *** ***
– القارئ: بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم، الحمدُ للهِ ربّ العالمين، والصّلاةُ والسّلامُ على المبعوث رحمةً للعالمين.
– الشيخ: صلّى الله عليه وسـلّم بأبي وأمي
– القارئ: قال ابنُ القيّم رحمهُ الله تعالى:
فصلٌ؛ وكما أَنّه سُبْحَانَهُ علّقَ الْإِمَامَةَ فِي الدّين بِالصبرِ وَالْيَقِين، فالآيةُ متضمّنةٌ لأصلينِ آخَرين؛ أَحدهمَا: الدّعوةُ إِلَى الله وهدايةُ خلقِه. الثَّانِي: هدايتُهم بِمَا أَمرَ بِهِ على لِسَان رَسُولِه -صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم- لَا بِمُقْتَضى عُقُولِهِم وآرائِهم وسياساتِهم وأذواقِهم وتقليدِ أسلافِهم بِغَير
– الشيخ: اللهُ أكبرُ نعم، وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا [الأنبياء:73]، شوف: هذينِ الأصلينِ أخذَهُما من قوله: يَهْدُونَ هذا الأصلُ الأوّلُ، بِأَمْرِنَا هذا هو الأصلُ الثّاني.
– القارئ: أحسن الله إليكم، قال: لَا بِمُقْتَضى عُقُولِهم وآرائِهم وسياساتِهم وأذواقِهم وتقليدِ أسلافِهم بغير برهَانٍ من اللهِ لِأَنَّهُ قَالَ: يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا فَهَذِهِ أَرْبَعَة أصُولٍ تضمّنَتها هَذِه الآيَةُ، أَحدُهَا: الصَّبْرُ: وَهُوَ حبسُ النَّفسِ عَن محارمِ اللهِ وحبسُها على فَرَائِضه وحبسُهَا عَن التَّسَخُّطِ والشِّكايةِ لأقدارِه.
الثَّانِي: الْيَقِينُ: وَهُوَ الْإِيمَانُ الْجَازِمُ الثَّابِتُ الَّذِي لَا ريبَ فِيهِ وَلَا تردُّد وَلَا شكَّ وَلَا شُبْهَة بِخَمْسَةِ أصُولٍ ذكرهَا سُبْحَانَهُ فِي قَوْله تَعَالَى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة:177].
وَفِي قَوْله: وَمَن يَكۡفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَٱليَوْمِ ٱلأٓخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَٰلَا بَعِيدًا [النساء:136]، وَفِي قَوْله: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ [البقرة:285]، وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ دَاخلٌ فِي الْإِيمَان بالكتب وَالرُّسل.
– الشيخ: على كلِّ حال هذه الأصولُ ذكرَ الرّسولُ صلّى الله عليه وسلّمَ أصولَ الإيمان ستّة، وذُكِرت مُجتمِعَةً، ذُكِرَ منها خمسةٌ مجتمعةٌ في آيتين، كما ذُكِر وذُكِرَ منها أربعةٌ في آية: آمَنَ الرَّسُولُ أربعة، وكثيرٌ ما يَقرِنُ اللهُ بين الإيمانِ بالله واليومِ الآخرِ: أصلين، أو الإيمانُ بالله ورسلِه: أصلين، فيذكر هذه الأصول يعني تارةً مُجتمعةً، وتارةً يُفرَدُ بعضُها عن بعض في الذِّكْر.
ويندرجُ بعضُها في بعض، فالإيمانُ بالله وملائكتِه وباليومِ الآخِرِ والإيمانُ بالقدرِ كلُّه يدخُلُ بالإيمان بالكُتبِ والرّسل، فالكتبُ والرُّسلُ متضمِّنَةٌ لما يجب من هذه الأصول، الإيمان بالكتب والإيمان بالرّسل، القرآنُ مُشتمِلٌ على الأمر بالإيمان بالله والإيمانِ بالرُّسل والإيمانِ بالقَدَرِ والإيمانِ باليوم الآخِرِ وفي ذكر الملائكة.
فهذه الأصولُ يندرجُ بعضُها في بعضٍ ولا سيّما الكتبُ والرُّسُل، الإيمان بكتب الله ورسلِه، نعم.
– القارئ: أحسن الله إليكم، وَجمعَ بَينهمَا النَّبِيُّ صلّى الله عَلَيْهِ وَسلّم فِي حَدِيث عمرَ في قوله.
– الشيخ: لا، وجمعَ
– القارئ: بينهما
– الشيخ: لا، بينَهَا لعلّه، بينَهَا
– القارئ: أحسن الله إليكم، وَجمعَ بَينها النَّبِيُّ صلّى الله عَلَيْهِ وَسلّم فِي حَدِيث عمرَ فِي قَوْله: (الْإِيمَان أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر).
فَهَذِهِ الْأُصُولُ الخمسُ من لم يُؤمن بهَا فَلَيْسَ بِمُؤْمِن، وَالْيَقِينُ أَن يقومَ الْإِيمَانُ بهَا حَتَّى تصير كَأَنَّهَا مُعَاينَة للقلب.
– الشيخ: كان ينبغي أن يقولَ أن يذكُرَ الأصلَ السّادسَ قال: وتؤمنَ بالقدر خيرِه وشرّه، نعم لأنّ الرّسولَ ذكرَه قال: (وتؤمن بالقدر خيره وشره)
– القارئ: أحسن الله إليكم، قال: فَهَذِهِ الْأُصُول الْخمس من لم يُؤمن بهَا فَلَيْسَ بِمُؤْمِن، وَالْيَقِينُ أَن يقومَ الْإِيمَانُ بهَا حَتَّى تصير كَأَنَّهَا مُعَايَنَةٌ للقلب مُشَاهَدَةٌ لَهُ، نسبتُها إِلى البصيرة ِكنِسبةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَر إِلَى البَصَر، وَلِهَذَا قَالَ من قَالَ من السّلف: اليَقِين: الْإِيمَانُ كُلُّه.
-الشيخ: الله المستعان، لا إله إلّا الله، لا إله إلّا الله، يعني الإيمانُ بهذه الأصولِ السّتّةِ والخمسةِ فرضُ عَينٍ، على كلّ مُكلَّفٍ أن يؤمنَ بهذه الأصول، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، وأمّا تفاصيلُ الإيمان بالله والملائكة فهذا لا يُحيطُ به أحدٌ، لكن على كلّ من عَلَمَ شيئاً منه أن يؤمنَ به ويعتقدَه.
– القارئ: قال: الثَّالِثُ: هِدَايَةُ الخلقِ ودعوتُهم إِلَى الله وَرَسُوله قَالَ تَعَالَى:
– الشيخ: ايش (ماذا)؟
– القارئ: هدايةُ الخلق
– الشيخ: ايش (ماذا) تقول؟ ايش الثّلاث؟
– القارئ: الأصلُ الثّالث
– الشيخ: ها؛ الصبرُ واليقينُ والهدايةُ، نعم.
– القارئ: أحسن الله إليكم، قال: الثَّالِثُ: هِدَايَةُ الخلقِ ودعوتُهم إِلَى الله وَرَسُولِهِ،
قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33]، قَالَ الحسنُ الْبَصرِيّ: هَذَا حبيبُ الله، هَذَا ولي الله، أسلمَ لله وَعمِلَ بِطَاعَتِهِ ودعا الخلق إِلَيْهِ. فَهَذَا النَّوْعُ أفضلُ أَنْوَاعِ الْإِنسان وَأَعلَاهُم دَرَجَةً عِند الله يَوْمَ الْقِيَامَة.
– الشيخ: اللهُ أكبر اللهُ أكبر اللهُ أكبر، هذا مقامُ الرُّسلِ الأنبياءِ والهُداةِ من أتباعهم، جمعوا بين العلمِ والعملِ والدّعوةِ والصبرِ "الخصال الأربع"، وكانوا هُداةً مُهتدين، مهتَدون بأنفسهم وهداةٌ لغيرهم، مقامٌ عظيمٌ، هؤلاءِ هم خِيرةُ الخلق، وهم فيما بينهم متفاضلون، نعم.
– القارئ: قال: وهم ثَنيَّة الله سُبْحَانَهُ من الخاسرين قَالَ تَعَالَى: وَالْعَصْرِ..
– الشيخ: كأنّها ثُنْية ثُنْية الله، ثَنيَّة تحتاجُ تأمل، نعم.
– طالب: أحسن الله إليكم، [….] استثناء، ثنيّةُ الله من الخاسرين.
– الشيخ: وش في وش تبي [ماذا تريد]؟
– طالب: يقول: ثنيَّة الله من الخاسرين.
– الشيخ: اي يعني الاستثناء، إلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ شوف اسمع الآية.
– القارئ: أحسن الله إليكم، قال: وهي ثُنيةُ الله.
– الشيخ: أي ثُنية هذا المعروف، الثُنية حتى، نعم.
– القارئ: قال: وهي ثُنيةُ الله سُبْحَانَهُ من الخاسرين، قَالَ تَعَالَى: وَٱلعَصْر * إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ [العصر].
– الشيخ: يُحتمل أنّها "ثَنيَّة"، يعني فعيلة بمعنى مفعولة أي مُستثناة يُحتمل، ثُنْية وثَنيَّة ممكن، ممكن تكون يعني تجي ثَنيَّة يعني مفعولة احتمال.
– القارئ: فأقسمَ سُبْحَانَهُ على خُسرانِ نوعِ الْإِنْسَانِ إِلَّا من كَمَّلَ نَفسَه بِالْإِيمَان وَالْعَمَلِ الصَّالح، وكمَّل غَيرَه بوصيّته لَهُ بهما، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحمَه الله: لَو فكّر النَّاس كلُّهم فِي سُورَة الْعَصْر لكَفَتْهُم.
وَلَا يكونُ من أَتبَاع الرَّسُولِ صلّى الله عليه وسلّم على الْحَقِيقَة إِلَّا من دَعَا إِلَى الله على بَصِيرَة، قَالَ الله تَعَالَى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108]، فَقَوله {أَدْعُو إِلَى الله}: تَفْسِيرٌ لسبيله التي هو..
– الشيخ: قِف على الآية هذه، الآن يبي [يريد] يتكلّم عليها الشّيخ شوي.
– القارئ: أحسن الله إليكم.