الرئيسية/شروحات الكتب/شرح نونية ابن القيم (الكافية الشافية)/(32) فصل: في مقالات طوائف الاتحادية في كلام الرب جل جلاله “شرح الهراس”

(32) فصل: في مقالات طوائف الاتحادية في كلام الرب جل جلاله “شرح الهراس”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح نونيّة ابن القيم – المسمّاة: (الكافية الشّافية)
الدّرس الثاني والثلاثون

***    ***    ***    ***
 
– القارئ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللَّهُم وسلّم على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أمَّا بعدُ: قالَ العلَّامةُ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ-.
– الشيخ:
لا لا نقرأُ من شرحِ الهرَّاس، قلْتُ لكم أمس سنمرُّ عليه يوضِّحُ، قرأْنا شوطاً طويلاً.
– القارئ: قالَ الشَّيخُ الهرَّاسُ في شرحِهِ.
– الشيخ:
رحمه اللهُ وجزاه اللهُ خيراً
– القارئ: لفصلٍ في مقالاتِ الاتِّحاديَّةِ في كلامِ الرَّبِّ جلَّ جلالُهُ.
سبقَ الكلامُ على مذاهبِ الاتِّحاديَّةِ الَّذينَ زعمُوا أنَّ الوجودَ واحدٌ، وأنَّهُ ليسَ ثَمَّ وجودانِ متغايرانِ، وجودٌ واجبٌ ووجودٌ ممكنٌ، وذكرْنا أنَّهم اختلفُوا في هذهِ الموجوداتِ المتكاثرةِ، هل هيَ أجزاءٌ لذلكَ الوجودِ الواحدِ فتكونُ نسبتُها إليهِ كنسبةِ أعضاءِ الجسمِ إلى الجسمِ، أو كنسبةِ قوى النَّفسِ المختلفةِ إليها، أو هيَ أنواعٌ لذلكَ الوجودِ وهوَ كالجنسِ لها، أو أنَّ تلكَ الكثرةَ وهمٌ وخداعٌ مِن الحسِّ لا حقيقةَ لها؟ ومهما كانَ اختلافُهم فإنَّ الأصلَ الَّذي اتَّفقوا عليهِ أنَّ العوالمَ كلَّها هيَ مظاهرُ وتجلياتٌ للرَّبِّ جلَّ شأنُهُ.
– الشيخ
: سبحانه وتعالى عمَّا يقولون، سبحانَ اللهِ، سبحانَ اللهِ العظيمِ.
 
– القارئ: وأنَّ وجودَها عينُ وجودِهِ، فلزمَهُم على هذا الأصلِ الأعرجِ الفاسدِ أنْ يكونَ كلُّ كلامٍ في الوجودِ هوَ كلامُهُ سبحانَهُ كما قالَ شاعرُهم:
وكلُّ كلامٍ في الوجودِ كلامُهُ        سـواءٌ علينا نثرُهُ ونظامُهُ
وحسبُكَ مِن مذهبٍ قبحاً وشناعةً أنْ يجعلَ اللهَ -عزَّ وجلَّ- هو المتكلِّمُ بكلامِ سائرِ الخلقِ مِن جنٍّ وأنسٍ وغيرِهما، معَ اشتمالِ هذا الكلامِ على أنواعٍ مِن القبائحِ والمُنكراتِ لا يُعقَلُ صدورُها عن الحقِّ جلَّ شأنُهُ، كالزُّورِ والكذبِ، والشَّتمِ والسَّبِّ، وقذفِ المحصناتِ، وأنواعِ الأغاني بما فيها مِن فُحشٍ وخلاعةٍ.
– الشيخ:
شوف يقول، هو الآن يعني يذكرُ نفسَ الكلماتِ الَّتي تضمَّنَتْها أبياتُ النونيَّةِ.
– القارئ: وأنواعِ الأغاني بما فيها مِن فحشٍ وخلاعةٍ، والنِّياحةِ ورُقى السِّحرِ وتعازيمِهِ، وما إلى ذلكَ مِن البهتانِ والهذيانِ، أفيقولُ عاقلٌ: أنَّ هذا الكلامَ الباطلَ صادرٌ عن اللهِ؟! وهوَ الَّذي لا يأمرُ بالفحشاءِ، وهوَ الَّذي تمَّتْ كلماتُهُ صدقاً وعدلاً لا مبدِّلَ لكلامِهِ، وهوَ الَّذي قولُهُ الحقُّ ولهُ المُلكُ، ولكنَّ هؤلاءِ الزَّنادقةِ مِن الاتِّحاديَّةِ يلزمُهم أنْ يقولوا ذلكَ بناءً على أصلِهم الخبيثِ الَّذي أقامُوا عليهِ بناءَهم المُكسَّحَ المنهارَ.
ثمَّ قالَ بعدَ ذلكَ:
– الشيخ:
ثمَّ قالَ بعدَ ذلكَ يعني: ابن القيِّم.
– القارئ: يعني أنَّ الأصلَ والمبدأَ الَّذي اتَّفقَ عليهِ هؤلاءِ الاتِّحاديَّةُ، والَّذي بنَوا عليهِ كلَّ شناعاتِهم أنَّ الإلهَ في الحقيقةِ هو عينُ هذا الوجودِ الظَّاهرِ، وهوَ عينُ هذهِ الأكوانِ المخلوقةِ، وحينئذٍ فيكونُ كلامُ هذهِ المخلوقاتِ وصفاتُها هيَ عينُ كلامِهِ وصفاتِهِ، إذا كانَتْ هيَ عينُهُ، ويكونُ كذلكَ هوَ نفسُهُ الموصوفُ بالضِّدَّينِ حينَ يُقالُ: هذا حسنٌ وهذا قبيحٌ، إذْ ليسَ ثمَّةَ غيرُهُ، ويكونُ أيضاً هوَ الموصوفُ بالكمالِ وضدِّهِ وهوَ النَّقصُ؛ لأنَّهُ عينُ الموصوفِ بكلٍّ منهما، فهوَ عندَهم مجمعُ الأضدادِ والمتقابلاتِ، فهوَ الرَّبُّ والعبدُ، والخالقُ والمخلوقُ، والمالكُ والمملوكُ، والآمرُ والمأمورُ، والسَّيِّدُ والمسودُ، والمُكلِّفُ والمُكلَّفُ، والمؤمنُ والكافرُ، والبرُّ والفاجرُ، بل هو اللَّيلُ النَّهارُ، والماءُ والنَّارُ، والأرضُ والسَّماءُ إلى آخرِهِ.
فما أشنعَ ما رضيَ هؤلاءِ لربِّهم، الَّذي يزعمونَ كذباً وزوراً أنَّهم أهلُ معرفتِهِ وولايتِهِ، وما أقبحَ ما رضَوا لأنفسِهم مِن الارتماءِ في أحضانِ الجهلِ والحماقةِ.
وهكذا يسوقُ إلينا المؤلِّفُ -رحمَهُ اللهُ- مقالاتِ الطَّوائفِ كلِّها هذا السَّوقَ الرَّائعَ، ويحملُها إلينا سهلةَ التَّناولِ رخيصةَ الأثمانِ.
– الشيخ:
هذا تعبيرٌ عن الأبياتِ الَّتي ضمَّنَها ابنُ القيِّمِ يعني ذكرَ يعني حُسنِ ما قدَّمَ وما قرَّبَهُ لطلَّابِ العلمِ، وأنَّه عرضَ هذه المذاهبَ عرضاً بديعاً مرتَّباً بصياغةٍ جميلةٍ، والهرَّاسُ يُعبِّرُ عن هذه الأبياتِ، نعم وما أحسنَ.
– طالب: أحسنَ اللهُ إليكَ، شيخُنا ألا يقرأُ الأبياتَ لكي تكونَ مرتبطةً بالشرحِ؟
– الشيخ: أيش؟
– طالب: ألا يقرأُ الأبياتَ حتَّى تكونَ مرتبطةً بالشرحِ؟
– الشيخ: واللهِ جميل بس بناءً على ما قرأناه، امشِ ..

– القارئ: وهكذا يسوقُ إلينا المؤلِّفُ -رحمَهُ اللهُ- مقالاتِ الطَّوائفِ كلِّها هذا السَّوقَ الرَّائعَ، ويحملُها.
– الشيخ:
أي خذْ باقتراحِ الأخ يعني مقاطع هي الآن.. أقولُ: هي مقاطع، كلُّ مقطعٍ يشرحُه الشيخُ الهرَّاس ويعبِّر عنه على حدا نعم، هو يمشي بمقاطع ما هو يمشي بدون يعني نظام.
– القارئ: نأخذُ لأجلِ المقطعِ هذا.
– الشيخ
: أي خذْ هذا المقطعَ اللي أنتَ تقرأُه.
 
– القارئ:
إذْ أصــلُــهـــم أنَّ الإلــهَ حقــيـــقـــةً       عيـنُ الوجودِ وعينُ ذي الأكوانِ
فكــلامُـــها وصـــفاتُـها هوَ قـــولُهُ           وصفاتُـهُ مـا ها هُنـــا قــولانِ
وكذاكَ قالُوا: إنَّهُ الموصوفُ بالضِّـ             ـدَّينِ مِــن قُبحٍ ومِـــن إحســـانِ
وكذاكَ قدْ وصفُوهُ أيضــاً بالكـمــا           لِ وضـــدِّهِ مِن سائــرِ النُّقصانِ
هـــذي مقـــالاتُ الطَّــوائـفِ كلِّـــها           حُمِـلَتْ إليكَ رخيصةَ الأثمانِ
وأظـــنُّ لو فتشْتَ كتبَ النَّاسِ مـا            ألفيْتَهــا أبـــداً بـذا التِّبـيانِ
زُفَّـــتْ إليكَ فإنْ يكنْ لكَ نـاظرٌ          أبصرْتَ ذاتَ الحُسنِ والإحسانِ
ثمَّ قالَ رحمَهُ اللهُ تعالى:
– القارئ: وهكذا يسوقُ إلينا المؤلِّفُ -رحمَهُ اللهُ- مقالاتِ الطَّوائفِ كلِّها هذا السَّوقَ الرَّائعَ، ويحملُها إلينا سهلةَ التَّناولِ رخيصةَ الأثمانِ، بحيثُ لم نجدْ في فهمِها مِن نظمِهِ كدَّاً ولا تعباً، ولم يُحِجْنا إلى أنْ نفتِّشَ عنها هُنا وهُناكَ في بطونِ الكتبِ على أنَّنا لو فتَّشْنا كتبَ أهلِ النَّظرِ جميعاً ما ألفيْنا هذهِ المقالاتِ والمذاهبَ مذكورةً على هذا النَّحوِ البديعِ مِن الدِّقةِ والبيانِ، فجزاهُ اللهُ عن قارئيهِ ومحبيِّ كتبِهِ ومصنَّفاتِهِ خيرَ الجزاءِ بمنِّهِ وكرمِهِ.
– الشيخ:
جزاهُ اللهُ خيراً، رحمَهم اللهُ، رحمَهم اللهُ جميعاً، رحمَنا اللهُ وإيَّاهم.
 
– القارئ: ثمَّ قالَ ابنُ القيِّمِ -رحمَه اللهُ تعالى-.
فاعطفْ على الجهميَّةِ المغلِ الأُلى          خرقُــوا سيــاجَ العقــلِ والقـــرآنِ
شــرِّدْ بهــم مَــن خلفَـــهم واكسرْهُمُ       بلْ نــادِ في ناديــهـمُ بـــأذانِ
أفسـدْتُم المنقــولَ المعقولَ والـ           ـمسمــوعَ مِـــن لغـــةٍ بكـــلِّ لســانِ
أيصحُّ وصــفُ الشَّيءِ بالمُشتقِّ للـ         ـمسلوبِ معنـــاهُ لذي الأذهــانِ؟
أيصـحُّ صبَّارٌ ولا صبــرَ لـــهُ                  ويصحُّ شكَّارٌ بـلا شُكـرانِ؟!
ويصـــحُّ عــلَّامٌ ولا علـــمَ لـــهُ            ويصــحُّ غفَّـــارٌ بــلا غفـــرانِ؟!
ويُقــالُ: هذا ســامـــعٌ أو مبصــرٌ              والسَّمـعُ والإبصارُ مفقودانِ؟!
هذا محالٌ في العقـــولِ وفي النُّقو              لِ وفي اللُّغاتِ وغيرُ ذي إمكانِ
ثمَّ قالَ الشَّيخُ الهرَّاسُ بعدَ أنْ فرغَ المؤلِّفُ مِن ذكرِ مقالاتِ الطَّوائفِ في كلامِ الرَّبِّ -عزَّ وجلَّ- وصفاتِهِ عطفَ عليها بالنَّقضِ والإبطالِ، وبدأَ منها بالجهميَّةِ نُفاةِ الصِّفاتِ؛ لأنَّهم الأصلُ الَّذي تفرَّعَ عنهُ كثيرٌ مِن المقالاتِ الفاسدةِ، كما سبقَ ووصفَهم بالمغلِ يعني: المغولَ وهم التَّتارُ.
– الشيخ:
التتر، نعم.
– القارئ: لأنَّ التَّتارَ بعدَ غزوِهم للبلادِ الإسلاميَّةِ ودخولِهم في الإسلامِ كانُوا مِن أنصارِ التَّجهُّمِ والتَّعطيلِ بتأثيرِ وزيرِهم (نصيرِ الدِّينِ الطُّوسيِّ).
ثمَّ وصفَهم ثانياً بأنَّهم خرقُوا سياجَ العقلِ والقرآنِ؛ لأنَّ أقوالَهم مناقضةٌ للعقلِ الصَّريحِ، ومخالفةٌ للنَّقلِ الصَّحيحِ.
وهذا مِن شأنِهِ أنْ يغريَ صاحبَ الحقِّ بهم فيحملُ عليهم حملةً صادقةً يشرِّدُ بهم مَن خلفَهم، ويكسرُ بها شرتهم، ويصرخُ فيهم منكراً عليهم ما ذهبُوا إليهِ ممَّا خالفُوا فيهِ العقلَ والنَّقلَ واللُّغةَ جميعاً بنفي صفاتِ اللهِ -عزَّ وجلَّ- فإنَّ العقلَ يثبتُها؛ لأنَّها صفاتُ كمالٍ يستحيلُ على اللهِ خلوُّهُ عنها، والنُّقولُ مِن الكتابِ والسُّنَّةِ مصرِّحةٌ بثبوتِها لهُ، واللُّغاتُ كلُّها متَّفقةٌ على أنَّ إطلاقَ المشتقِّ على شيءٍ يقتضي مأخذَ الاشتقاقِ للموصوفِ فلا يصحُّ وصفُ الشَّيءِ بالمشتقِّ ويكونُ معناهُ مسلوباً عنهُ، بل يجبُ أنْ يكونَ المعنى الَّذي هوَ مبدأُ الاشتقاقِ ثابتاً لهُ، فإذا قيلَ: "فلانٌ صبَّارٌ" دلَّ هذا الإطلاقُ على ثبوتِ الصَّبرِ لهُ، فلا يصحُّ صبَّارٌ لا صبرَ لهُ فإنَّهُ تناقضٌ، وكذلكَ لا يُقالُ: "شكَّارٌ" إلَّا لموصوفٍ بالشكرِ، و "علَّامٌ غفَّارٌ" إلَّا لموصوفٍ بالعلمِ والغفرانِ، وكذلكَ لا يُقالُ: "سامعٌ أو مبصرٌ" وهوَ فاقدٌ للسَّمعِ والإبصارِ.
هذا ممَّا اتَّفقَ على استحالتِهِ العقلُ والنَّقلُ وسائرُ اللُّغاتِ، وهوَ غيرُ ممكنٍ بحالٍ مِن الأحوالِ.
ثمَّ قالَ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
فلئنْ زعمْتُم أنَّهُ متكــلِّـمٌ             لكـنْ بـــقـولٍ قـامَ بالإنسانِ
أو غيرِهِ فيُقالُ: هذا باطلٌ             وعليكُـمُ فــي ذاكَ مـحـــذورانِ
نفيُ اشتقاقِ اللَّفظِ للموجودِ معـ           ـناهُ بهِ وثبوتُـــهُ للثَّـاني
أعنـي الَّـذي ما قـــامَ معنــاهُ بهِ          قلبُ الحقائقِ أقبـحُ البُهتــانِ
ونظيــرُ ذا أخـــوانِ هـــذا مبصرٌ         وأخـوهُ معــدودٌ مِـن العُميانِ
سمَّيْتُمُ الأعمـى بصيراً إذْ أخــو           هُ مبصــرٌ وبعكسِهِ في الثَّـاني
ثمَّ قالَ الشَّيخُ الهرَّاسُ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
يردُّ المؤلِّفُ على هؤلاءِ الجهميَّةِ ومَن تبعَهم مِن المعتزلةِ الَّذين زعمُوا أنَّ معنى كونِهِ تعالى "متكلِّماً" أنَّهُ خالقٌ للكلامِ في غيرِهِ، فليسَ الكلامُ وصفاً لهُ هوَ، ولكنَّه وصفٌ للمحَلِّ الَّذي خلقَهُ اللّهُ فيهِ مِن إنسانٍ وغيرِهِ.
فيقولُ: إنَّ هذا مِن أبطلِ الباطلِ ويلزمُكم فيهِ محذورانِ:
الأوَّلُ: نفيُ اللَّفظِ المشتقِّ عمَّن قامَ بهِ معناهُ ووُجِدَ فيهِ.
والثَّاني: إثباتُهُ للمسلوبِ عنهُ ذلكَ المعنى، وهذا مِن قلبِ الحقائقِ، وهوَ أقبحُ أنواعِ الكذبِ.
ونظيرُ هذا إذا كانَ هناكَ أخوانِ، أحدُهما مبصرٌ والآخرُ أعمىً فاقدٌ لحاسَّةِ البصرِ، فسُمِّيَ الأعمى بصيراً؛ لأنَّ أخاهُ كذلكَ، معَ أنَّهُ فاقدٌ للمعنى الَّذي أُخِذَ منهُ المشتقُّ -وهوَ بصيرٌ- فيكونُ قد أطلقَ المشتقَّ على فاقدٍ لمعناهُ، ومثلُهُ يُقالُ في عكسِ ذلكَ وهوَ تسميةُ الأخِ المبصرِ أعمىً؛ لأنَّ أخاهُ كذلكَ.
والحاصلُ أنَّهُ لا يُعقَلُ مِن قولِنا متكلِّمٌ إلَّا مَن قامَ بهِ الكلامُ لا مَن أوجدَ في غيرِهِ الكلامَ، فإذا أطلقَ "مُتكلِّم" على مَن أوجدَ الكلامَ في غيرِهِ كانَ في ذلكَ إطلاقٌ للمشتقِّ على مَن لم يقمْ بهِ معناهُ ولم يوجدْ فيهِ، وكانَ في ذلكَ نفيُ المشتقِّ عمَّن ثبتَ لهُ معناهُ ووُجِدَ فيهِ، وهذا تخليطٌ وهذيانٌ لا يليقُ بإنسانٍ.
ثمَّ قالَ ابنُ القيِّمِ رحمَهُ اللهُ تعالى:
فلئـــنْ زعمْتـُـــم أنَّ ذلكَ ثابــتٌ        في فعلِـهِ كالخلـــقِ للأكـوانِ
والفعـــلُ ليسَ بقائـــمٍ بإلهِنـــا        إذْ لا يكونُ محلُ ذي حدثـــانِ
ويصــحُّ أنْ يشتقَّ منـــهُ خالقٌ             فكذلكَ المتكلِّــمُ الوحـداني
هـوَ فاعــلٌ لكلامِــهِ وكتابِــهِ          ليـسَ الكلامُ لهُ بوصـــفِ معـانِ
ومخالفُ المعقولِ والمنقولِ والـ          ــفطــراتِ والمسمـــوعِ للإنسانِ
مَـــن قـالَ: إنَّ كلامَهُ سبحـانَــهُ          وصــفٌ قديمٌ أحرفٌ ومعــانِ
والسِّينُ عندَ الباءِ ليسَتْ بعدَها         لكــنْ هما حرفـانِ مقـــترنـانِ
ثمَّ قالَ الشَّيخُ الهرَّاسُ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
لمَّا أنكرَ المؤلِّفُ على الجهميَّةِ والمعتزلةِ ما زعمُوهُ مِن أنَّهُ تعالى متكلِّمٌ بكلامٍ قائمٌ بغيرِهِ، وبيَّنَ أنَّ ذلكَ مخالفٌ للعقلِ والنَّقلِ ولما هوَ معروفٌ في سائرِ اللُّغاتِ مِن أنَّ الوصفَ بالمشتقِّ يقتضي قيامَ معناهُ بالموصوفِ بهِ لا بغيرِهِ أوردَ على ذلكَ معارضةً مِن جانبِ هؤلاءِ الخصومِ بأنَّ ذلكَ الَّذي قلْناهُ في معنى "مُتكلِّم" هوَ ثابتٌ في صفاتِ الأفعالِ مثلُ: "خالقٍ ورازقٍ"، فإنَّ وصفَ اللّهِ -عزَّ وجلَّ- بهما لم يقتضِ قيامَ معناهما مِن الخلقِ والرَّزقِ بهِ؛ لأنَّ كُلَّاً منهما فعلٌ حادثٌ، واللّهُ ليسَ محلَّاً للحوادثِ.
فإذا صحَّ أنْ يُشتَقَّ مِن الخلقِ الَّذي ليسَ قائماً بهِ وصفاً لهُ وهوَ خالقٌ، فكذلكَ يصحُّ أنْ يُقالَ لهُ: "مُتكلِّمٌ" بمعنى أنَّهُ فاعلٌ لكلامِهِ وكتابِهِ دونَ أنْ يكونَ الكلامُ وصفَ معنىً لهُ قائماً بذاتِهِ، وعلى هذا لا يكونُ مذهبُنا مخالفاً للعقلِ والنَّقلِ واللُّغةِ كما زعمْتُم، ولكنَّ الَّذي يصحُّ أنْ يُحكَمَ عليهِ بتلكَ المخالفةِ للعقلِ والنَّقلِ والفطرةِ مذهبُ هؤلاءِ "الاقترانيَّةِ" الَّذينَ زعمُوا أنَّ كلامَ اللّهِ بألفاظِهِ ومعانيهِ قديمٌ، وأنَّ حروفَهُ مجتمعةٌ في الأزلِ لا ترتيبَ ولا تعاقُبَ بينَها، فالسينُ مِن (بسمِ اللّهِ) تكونُ معَ الباءِ في النُّطقِ لا بعدَها متأخِّرةً عنها بل مقارنةً لها، فارتكبُوا بذلكَ أشنعَ مخالفةٍ للضَّرورةِ القاضيةِ بأنَّ الحروفَ لا يُتصوَّرُ وجودُها ولا النُّطقُ بها إلَّا معَ التَّعاقُبِ على نحوِ ورودِها إلى الأسماعِ سواءً بسواءٍ.
ثمَّ قالَ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ تعالى:
أو قـالَ: إنَّ كــلامَهُ سبحانَــهُ          معنـىً قديـمٌ قـامَ بالرَّحمـنِ
ما إنْ لــهُ كلٌّ ولا بعضٌ ولا الـ          ــعربيُّ حقيقتُهُ ولا العـبراني
والأمرُ عيــنُ النَّهي واستفهامُهُ        هـــوَ عيـــنُ إخبارٍ بلا فــرقانِ
– الشيخ:
بالضبط، هذا تصويرٌ لمذهبِ الأشاعرةِ، نعم والكلَّابيَّة.
– القارئ:
والأمـــرُ عيــنُ النَّهي واستفهامُهُ       هــوَ عينُ إخبارٍ بلا فــرقانِ
وكلامُهُ كحياتِــهِ مـا ذاكَ مــقـ            ـدورٌ لهُ بــلْ لازمُ الرَّحمنِ
هذا الَّذي قدْ خالفَ المعقولَ والـ          ـمنقولَ والفطراتِ للإنسانِ
أمَّـــا الَّـــذي قـــدْ قالَ: إنَّ كلامَهُ        ذو أحرفٍ قدْ رُتِّبَتْ ببيـــانِ
وكـــلامُــهُ بــمشـيئـــةٍ وإرادةٍ          كالفعلِ منهُ كلاهــما سيَّــانِ
فهوَ الَّذي قــد قالَ قولاً يعلمُ الـ         ـعقلاءُ صحَّتَهُ بـــلا نُكـــرانِ
ثمَّ قالَ الشَّيخُ الهرَّاسُ -رحمَهُ اللهُ تعالى– في شرحِ ذلكَ:
ومثلُ هؤلاءِ الاقترانيَّةِ في شناعةِ مذهبِهم وفسادِهِ الطَّائفةُ الكلَّابيَّةُ والأشعريَّةُ الَّذينَ زعمُوا أنَّ كلامَهُ سبحانَهُ هوَ معنىً واحدٌ قديمٌ قائمٌ بذاتِهِ لا تعدُّدَ فيهِ، وليسَ لهُ كلٌّ ولا بعضٌ، ولا يُوصَفُ بأنَّهُ عربيٌّ ولا عبرانيٌّ، والأمرُ فيهِ عينُ النَّهي، والاستفهامُ نفسُ الخبرِ، وهوَ وصفٌ للذَّاتِ لازمٌ لها أزلاً وأبداً كالحياةِ وليسَ هوَ صفةُ فعلٍ فلا يتعلَّقُ بمشيئتِهِ تعالى وقدرتِهِ. فهذانِ المذهبانِ هما الَّلذانِ يصحُّ أنْ يُقالَ: إنَّهما مخالفانِ للعقلِ والنَّقلِ والفطرةِ الإنسانيَّةِ.
أمَّا مذهبُ الَّذي يقولُ: بأنَّ كلامَهُ تعالى حروفٌ وألفاظٌ مرتَّبةٌ، وأنَّهُ متعلِّقٌ بمشيئتِهِ وإرادتِهِ مثلَ فعلِهِ، فقد قالَ ما يعلمُ جميعُ العقلاءِ صحَّتَهُ دونَ أنْ يتوجَّهَ عليهِ إنكارٌ، ولا شكَّ أنَّهُ لا ينكرُ على المعتزلةِ قولَهم: إنَّ كلامَهُ تعالى حروفٌ وألفاظٌ عربيَّةٌ، وأنَّهُ متعلِّقٌ بالقدرةِ والمشيئةِ كسائرِ الأفعالِ، ولكنَّ موضعَ الإنكارِ عليهم هوَ زعمُهم أنَّ الكلامَ ليسَ صفةً للّهِ قائمةً بهِ، بل مخلوقاً لهُ منفصلاً عنهُ، كما ينكرُ على الكُلَّابيَّةِ والأشعريَّةِ جعلَهم الكلامَ صفةَ ذاتٍ، وزعمَهم أنَّهُ ليسَ بحرفٍ ولا صوتٍ، ونفيُهم أنَّهُ صفةُ فعلٍ متعلِّقةٌ بالقدرةِ والاختيارِ.
ثمَّ قالَ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
فـــلأيِّ شيءٍ كـــانَ مــا قـــد قلْتُمُ           أولى وأقربُ مـنــهُ للبُرهـــانِ
ولأيِّ شـيءٍ دائـــمــاً كفَّــرْتُمُ                 أصحـابَ هذا القولِ بالعدوانِ
فدعــوا الدَّعــاويَ وابحثُـــوا معنــىً          بتحقيقٍ وإنصـافٍ بلا عـــدوانِ
وارفوا مذاهبَكــم وســـدُّوا خـرقَــها          إنْ كانَ ذاكَ الرَّفو في الإمـــكانِ
فاحكمْ -هداكَ اللهُ- بينَهم فقد                  أدلُـوا إليــكَ بحجَّةٍ وبـيـــانِ
لا تنصرَنَّ سوى الحديثِ وأهــلِهِ             هم عسكرُ القــرآنِ والإيـمــانِ
وتحـيـــزَنَّ إليهمُ لا غــيرَهم                 لتكــونَ منصــوراً لدى الرَّحـــمنِ
ثمَّ قالَ الشَّيخُ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
بعدَ ما برَّرَ الجهميَّةُ والمعتزلةُ مذهبَهم في الكلامِ بقياسِهِ على الفعلِ وقالُوا: إنَّ وصفَهُ تعالى بأنَّهُ متكلِّمٌ، هوَ نظيرُ وصفِهِ بأنَّهٌ خالقٌ أو رازقٌ لا يقتضي ثبوتَ معناهُ للّهِ، وشنَّعُوا على مذاهبِ خصومِهم مِن الكلَّابيَّةِ والأشعريَّةِ والاقترانيَّةِ، قالُوا لخصومِهم متسائلينَ:
لأيِّ شيءٍ كانَ ما قلْتُم أنتم معَ ظهورِ بطلانِهِ أولى مِن مذهبِنا بالقبولِ وأقربَ منهُ إلى الحجَّةِ والبرهانِ؟
ولأيِّ شيءٍ تكفرونَنا بهذا القولِ ظلماً وعدواناً؟
فهل تظنُّونَ أنَّ الأمرَ مجرَّدُ دعوى تُدَّعَى بلا دليلٍ؟
فاتركُوا الدَّعاوى إذاً وتعالَوا -نحنُ وأنتم- نبحثُ كلَّاً مِن مذهبِنا ومذاهبِكم بحثاً يقومُ على التَّمحيصِ والإنصافِ، لا على البغيِ والعدوانِ، وبدلاً مِن أنْ تشغلُوا بنقضِ مذهبِنا وأبطالِهِ، فارجعُوا إلى مذاهبِكم وأصلحُوا مِن خللِها وسدُّوا خرقَها إنْ أمكنَكم ذلكَ أو استطعْتُم إليهِ سبيلاً.
هذا هوَ مضمونُ إيرادِ المعتزلةِ وحجَّتِهم على صحَّةِ مذهبِهم ورجحانِهِ على مذاهبِ خصومِهم، وقدْ انتدبَ المؤلِّفُ حَكَمَاً مِن أهلِ الحقِّ؛ ليحكمَ بينَهم بعدَ ما أدلَوا بما لديهم مِن حجَّةٍ وبيانٍ، وأوصاهُ ألَّا ينصرَ إلَّا السُّنَّةَ وأهلَها، وألَّا يقولَ إلَّا بما قالَهُ أهلُ الحديثِ، فإنَّهم جندُ الإيمانِ وعسكرُ القرآنِ، وأمرَهُ أن يتحيَّزَ ويميلَ إليهم لا إلى غيرِهم مِن طوائفِ المُبتدعةِ والضُّلَّالِ؛ ليكونَ جزاؤُهُ أنْ ينصرَهُ اللّهُ بنصرِهِ الَّذي وعدَ بهِ المؤمنينَ في قولِهِ: {وكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم:47].
ثمَّ قالَ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
فتقولُ هذا القدرُ قد أعيا على         أهـــلِ الكــلامِ وقــادَهُ أصـلانِ
إحداهما هــل فعلُـــهُ مفعولُهُ          أو غيــرُهُ فهـما لهــم قــولانِ؟
وطالبـونَ بأنَّــه هـوَ عينـُــهُ           فرُّوا مِـــن الأوصافِ بالحدثانِ
لكـنْ حقيقـةُ قولِهـم وصريحةٌ          تعطيـــلُ خالــقِ هـذهِ الأكــوانِ
عن فعـلِـــهِ إذْ فعـلُــهُ مفعولُهُ          لكنَّـــهُ مـــا قامَ بـــالرَّحـــمنِ
فعلـــى الحقيقةِ ما لهُ فعلٌ إذْ الــ           ـمفعــولُ منفصــلٌ عن الدَّيَّانِ
ثمَّ قالَ الشَّيخُ -رحمَهُ اللهُ تعالى-:
هذا جوابُ المؤلِّفِ على إيرادِ المعتزلةِ الَّذي أرادُوا بهِ تصحيحَ مذهبِهم في الكلامِ بقياسِهِ على الفعلِ، وقولِهم إنَّ وصفَهُ بمتكلِّمٍ لا يقتضي قيامَ الكلامِ بهِ، كما لا يقتضي وصفَهُ بفاعلٍ قيامَ الفعلِ بهِ، وقد استطردَ المؤلِّفُ في الجوابِ بذكرِ مذاهبِ المتكلمينَ في فعلِهِ تعالى، وهل هوَ عينُ مفعولِهِ أو غيرِهِ؟ فطالبونَ بأنَّهُ هوَ عينُهُ كالجهميَّةِ والمعتزلةِ إنَّما دعاهُم إلى ذلكَ فرارُهم مِن القولِ بقيامِ الحوادثِ بذاتِهِ، فإنَّ الفعلَ إذا جُعِلَ وصفاً لهُ لم يكنْ إلَّا حادثاً، واللّهُ ليسَ محلَّاً للحوادثِ عندَهم؛ لأنَّ ذلكَ يستلزمُ حدوثَهُ، وهذا الأمرُ ممَّا وافقَتْ فيهِ الأشعريَّةُ المعتزلةَ حيثُ منعُوا -هم أيضاً- قيامَ الحوادثِ بذاتِهِ، وقالُوا: إنَّ ما لا يخلو مِن الحوادثِ فهوَ حادثٌ.
وقد قادَتْ هذهِ القضيَّةُ الكاذبةُ كلَّاً مِن الطَّائفتينِ إلى أحكامٍ فاسدةٍ، فقد التزمَ المعتزلةُ لأجلِها أنْ يكونَ الفعلُ عينَ المفعولِ، وأنْ يكونَ كلامُهُ تعالى مخلوقاً لهُ منفصلاً عنهُ، والتزمَ الأشاعرةُ لأجلِها نفيَ الحرفِ والصَّوتِ، ونفيَ صفاتِ الأفعالِ مِن الاستواءِ والمجيءِ، والغضبِ والرِّضى، والمحبَّةِ والسُّخطِ، والكراهيةِ والنُّزولِ والإتيانِ … إلى آخرِهِ.
والتزمُوا أنْ يكونَ اللّهُ قد تكلَّمَ في الأزلِ بكلامٍ سمعَهُ موسى، وأنَّهُ ناداهُ وناجاهُ في الأزلِ إلى غيرِ ذلكَ ممَّا هذى بهِ الفريقانِ ممَّا يصادمُ المعقولَ والمنقولَ مصادمةً صريحةً.
وحقيقةُ قولِ هؤلاءِ المعتزلةِ والجهميَّةِ أنَّ الفعلَ عينُ المفعولِ، هوَ نفيُ الفعلِ وتعطيلُ الخالقِ عنهُ، فإنَّهُ إذا كانَ الفعلُ هوَ المفعولُ، ومعلومٌ أنَّ المفعولَ مخلوقٌ لهُ منفصلٌ عنهُ لمْ يكنْ لهُ في الحقيقةِ فعلٌ هوَ وصفٌ لهُ قائمٌ به، فتفسيرُ الفعلِ بالمفعولِ مستلزمٌ لنفيهِ، وأنَّهُ ليسَ هناكَ إلَّا المفعولُ.
ثمَّ قالَ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ تعالى-
– الشيخ:
باقي؟
– القارئ: نعم باقي.
– الشيخ: باقي ممّا قرأْنا أمس؟
– القارئ: أي يا شيخ باقي عشرين.. خمسَ عشرَةَ صفحةً.
– طالب: أي والله بعيد بعيد.
– القارئ:
وطالبونَ بأنَّــهُ غـيـرٌ لهُ           متنازعـــونَ وهـــم فطائفــتـانِ
إحداهما قالَتْ قديمٌ.

– الشيخ: لا لا نقف، والله أنا مجهد شوي، نقف بس، محمَّد..: هات بعض الأسئلة، رحمه الله نعم، لا إله إلَّا الله.


 
الأسئلة:
س1: هل مِن كتابٍ أو رسالةٍ بسطَتْ بابَ القضاءِ والقدرِ وقرَّبَتْهُ؛ لأفهمَهُ ويزولَ عنِّي بعضُ الإشكالاتِ؟
ج1:
لا لا لا، ما في إلَّا كتبٌ مبسوطةٌ ومثلك لا، وبابُ القدرِ يسيرٌ جدَّاً إذا الإنسانُ فهمَ ما دلَّتْ عليه النصوصُ، إذا فهمْتَ أنَّ القدرَ مبنيٌّ على أربعِ أمورٍ، على أربعةِ أمورٍ: الإيمانُ بعلمِ اللهِ السابقِ، وبكتابتِهِ المقاديرَ، وعمومِ المشيئةِ، وعمومِ الخلقِ، إذا آمنْتَ بهذا كلِّه فهذا تحقيقُ الإيمانِ بالقدرِ.
ويجبُ عليكَ مع الإيمانِ بالقدر الإيمانُ بالشرع والإيمانُ بحكمةِ الله، فالإيمانُ بالقدر وجبَ لك التوكُّلُ على الله، والإيمانُ بربوبيتِه ووحدانيتِه في الخلقِ والتدبيرِ، والإيمانُ بالشرعِ يُوجِبُ لكَ الطاعةَ والاجتهادَ في فعلِ ما أمرَك اللهُ به وتركِ ما نهاكَ اللهُ عنه، ولا تكثرْ التفكيرَ في هذا، اكتفِ بما بيَّنَ اللهُ في كتابِه وبيَّنَه الرسولُ عليه الصلاة والسلام، وقفْ ولا تسترسلْ في التفكيرِ والتساؤلاتِ، لِمَ؟ ولِمَ؟ ولِمَ؟، آمنْ بأنَّ اللهَ بكلِّ شيءٍ عليمٌ، وأنَّ اللهَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأنَّ اللهَ حكيمٌ عليمٌ، انتهى.
_______________
س2: ما معنى قولِ الاتِّحاديَّةِ: "أنَّهُ ليسَ ثَمَّ وجودانِ متغيِّرانِ" وجودٌ؟
ج2:
هذا هو معناه، هذا الَّذي قلْتَهُ هو معناه، ما عندنا تفسيرٌ أكثرُ من هذا، يعني العبدُ ربٌّ والربُّ عبدٌ، والخالقُ هو المخلوقُ والمخلوقُ هو الخالقُ، واللهُ هو السمواتُ والأرضُ والإنسُ والجنُّ والحيوانُ، ما في شيء آخر، نعم، لعنةُ اللهِ على الكافرين.
_______________
س3: ما رأيُكم بهذهِ المقولةِ: "يا أيُّها الرَّاجونَ منهُ شفاعةً صلّوا عليهِ وسلِّموا تسليماً"؟
ج3:
اللَّهم صلِّ على محمَّدٍ، ما في الراجون شفاعةً، نحن نرجو شفاعتَه صلَّى الله عليه وسلَّم، ما في شيء، الراجون منه شفاعةً بإذنِه سبحانه وتعالى، كلُّ المؤمنين الموحِّدين يؤمنون بأنَّه الشافعُ المشفَّعُ وأنَّه سيِّدُ الشافعين، وأنَّه يشفعُ لمن يشفعُ إذا أذنَ اللهُ له بالشفاعةِ، وأنَّه له عددٌ من الشفاعاتِ صلَّى الله عليه وسلَّم، ما فيه شيءٌ.
_______________
س4: أنا وصلْتُ إلى أمريكا للعلاجِ ولا أعرفُ كم المدَّةُ الَّتي سوفَ أجلسُ فيها ولكن حسبَ ما سمعْتُ أنَّها لا تقلُّ عن ثلاثةِ أشهرٍ وربَّما تزيدُ وليسَ هناكَ معرفةٌ مسبقةٌ باليومِ الَّذي ينتهي فيهِ العلاجُ.
ج4:
المقصودُ أتمّ صلاتَك وبس.
_______________
س5: إذا أرادَ الإنسانُ السَّفرَ بالطَّائرةِ ورحلتُهُ قبلَ صلاةِ العصرِ بقليلٍ وقد يصلِّي في وقتِ المغربِ، فهل يصلِّي العصرَ جمعاً معَ الظُّهرِ؟
ج5:
أي يصلّي العصرَ مع الظهرِ.
_______________
س6: ما حكمُ مَن يعملُ في مجالِ الذَّهبِ والفضَّةِ وهوَ إعادةُ تدويرِها مِن المختلطِ المعايرِ إلى الصَّافي علماً أنَّ مَن يتعاملُ معَهُ في العملِ باعةٌ ومشترينَ للذَّهبِ ويتعاملونَ بالآجلِ.
ج6:
هذا يبغى له تفصيل ما، أقول: يبغى له تفاهم، شرح وتفاهم، اسألْ عنه سؤالاً خاصَّاً.
_______________
س7: ما حكمُ قولِ مَن يقولُ في، في الإصلاحِ بينَ النَّاسِ أتيتُكَ بجاهِ اللهِ ثمَّ بجاهِ فلانٍ؟
ج7:
لا لا ما يُقالُ بجاه الله، ولا بجاهِ فلان ولا شيء أبد، قول: أتيتُكَ؛ لأُصلحَ بينكم.
_______________
س8: دخلْتُ المسجدَ في أحدِ الأيَّامِ فوجدْتُ شخصاً غيرَ عربيٍّ يلحنُ بقراءةِ الفاتحةِ يصلِّي بالنَّاسِ ومن المأمومينَ مَن هوَ متقنٌ للفاتحةِ لا يلحنُ فيها، فهل يحقُّ للإمامِ الرَّاتبَ أو لأحدِ المتقنينَ والعالمينَ بفقهِ الصَّلاةِ أنْ يسحبَهُ ويكملَ الصَّلاةَ؟ أو يبتدئُها مِن جديدٍ؟
ج8:
لا إله إلَّا الله، لا إله إلَّا الله، لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله، إن كانَ هذا المأمومُ هذا الإمامُ عاجزٌ عن تعلُّمِ الفاتحةِ وهو معذورٌ فصلاتُه صحيحةٌ إنْ شاءَ اللهُ وصلاتهم، وإنْ كانَ لا، يعني مقصِّرٌ ما اهتمَّ بإقامةِ سورةِ الفاتحةِ فصلاتُه غيرُ صحيحةٍ وصلاتُهم كذلك، وعليهِ أن ينكرَ عليهم تقديمَهُ.
_______________
س9: كيفَ نجمعُ بينَ قولِ اللهِ تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران:145]، وقولِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "لو كانَ شيئاً سابقٌ القدرَ لكانَتْ العينُ"؟
ج9: "لو" هذا فَرَضٌ، ها تقدير، ما في شيء سابقٌ القدرَ، امشِ.
_______________
س10: في بعضِ مساجدِ الطُّرقِ يتقدَّمُ بعضُ المسافرينَ على بعضِ المقيمينَ بحجَّةِ أنَّه سيقصرُ الصَّلاةَ علماً بأنَّ في المقيمِ أولى في قراءتِهِ وتمسُّكِهِ بالسُّنَّةِ، فهل هذا يصحُّ؟
ج10:
غلط، لأنَّ تقدَّمَ المسافرِ عليه غلطٌ، نعم غلطٌ منه، نعم، انتهى؟
_______________
س11: أحدُهم فسَّرَ رؤيا لمريضٍ بأنَّ البيتَ مرشوشٌ بالسِّحرِ فما المشروعُ في ذلكَ؟
ج11:
ما هو، على كلِّ حالٍ المشروُع يقرؤون سورةَ البقرةِ، يتحصَّنون بذكرِ اللهِ أو يقرؤون الفاتحةَ والمعوذتين وآيةَ الكرسي واللهُ يحفظُهم، وليسَ كلُّ تعبيرٍ يكونُ صحيحاً، المعبِّرون هؤلاءِ يتخرَّصون يتخرَّصون، البيتُ مرشوشٌ بالسحرِ! أيش هالكلام! هذا دخَّلَهم في وسواسٍ وفي أوهامٍ.
_______________
س12: أحسنَ الله إليكم، تقولُ السَّائلةُ: لدينا في الجامعةِ بعضُ المعلِّماتِ لديهم بعضُ الأفكارِ الخاطئةِ وتجبرُنا على الكتابةِ معَها أحياناً، وتأتي أسئلةٌ على هذهِ الكتاباتِ، فهل يجوزُ لي أنْ أجيبَ بهذا الخطأِ معَ علمي.
ج12:
لا، لا يجوزُ أن تجيبي بالخطأ، نعم، قولي يعني رأي المدرِّسة كذا، تجيب، أمَّا أنَّها تجيُب على أنَّها تؤمنُ به لا، أو ما يعني ما سمعْناه من المدرِّسةِ هو كذا.
_______________
س13: في صيامِ القضاءِ استيقظْتُ الفجرَ وكنْتُ جاهلاً في الوقتِ فذهبْتُ؛ لأتسحَّرَ فبعدَ مضيِ دقيقتينِ مِن بدايةِ السَّحورِ سمعْتُهُ يقيمُ لصلاةِ الفجرِ فما الحكمُ؟
ج13:
خلاص تقضي هذا اليوم وللهِ الحمدُ.
_______________
س14: ما حكمُ مشاهدةِ ما يُسمَّى بالتَّمثيليَّاتِ الإسلاميَّةِ؟
ج14:
التمثيليَّاتُ الإسلاميَّةُ هذه ضربٌ من ضروبِ اللهوِ، فلا تشاهدها ولا تعبأ بها.
_______________
س15: ما حكمُ التَّحاكُمِ إلى أعرافِ الباديةِ
ج15:
هذا من التحاكمِ إلى الطاغوتِ، نعم بعده.
– القارئ: ويقولُ: وما حكمُ ما يُسمَّى بالجيرةِ القبليَّةِ؟
– الشيخ: منكرةٌ، نعم منكرةٌ وهي من التحاكمِ إلى الطاغوتِ.
– القارئ: انتهى.
– الشيخ: توكَّل على اللهِ.    
          
طالب: أحسنَ اللهُ إليكم، معنى حديث: "الإمامُ ضامنٌ".
– الشيخ: ما أدري اللهُ أعلمُ ما معناه، لكن يجب أن يتحمَّلَ ما يفوتُ على المأمومِ سهواً، نعم.
طالب: لا يدخلُ فيه قراءتهم.. لا يدخل فيه –مثلاً- عدمُ إجادتِه للفاتحةِ؟
– الشيخ: من هو؟ إجادة من؟
طالب: الإمام.
– الشيخ: الإمام أيش معنى ضامن؟ يعني الإمامُ أصبحَ ما هو ضامنٌ، هذا جاهلٌ.
 

info

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :العقيدة