الرئيسية/شروحات الكتب/القواعد الحسان لتفسير القرآن/(50) القاعدة التّاسعة والأربعون: قوله “إذا منع الله عباده المؤمنين شيئا تتعلق به إرادتهم”
file_downloadsharefile-pdf-ofile-word-o

(50) القاعدة التّاسعة والأربعون: قوله “إذا منع الله عباده المؤمنين شيئا تتعلق به إرادتهم”

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
شرح كتاب (القواعد الحِسان في تفسير القرآن)
الدّرس الخمسون

***     ***     ***     ***

 
– القارئ: الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين، قال الشيخ عبد الرّحمن بن ناصر السّعدي رحمهُ الله تعالى، وأسكنهُ فَسيحَ جِنانه، في رسالتهِ: "قواعد وأصول في تَفسير القرآن"
– الشيخ:
قواعدُ
– القارئ: قواعدُ وأصولٌ في تَفْسيرِ القرآن:
القاعدة التاسعة والأربعون، أحسن الله إليك:
إذا منعَ الله عِبادهُ المؤمنينَ شيئاً تَتَعلّقُ بهِ إرادَتُهم، فَتحَ لهم باباً أنفعَ لَهمْ مِنْهُ وأسهَل..
– الشيخ:
إذا، أعد القاعدة
– القارئ: إذا منعَ الله عبادهُ المؤمنينَ شَيئاً تَتَعلَّقُ بهِ إرادَتُهم، فَتحَ لهمْ باباً أنْفعَ لَهمْ مِنْهُ وأسهَل وأولى.
وهذا مِن لُطْفهِ، قالَ تَعالى: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ 
[النساء:32]، فَنَهاهُم عَن التمنِّي الذي ليسَ بِنافِع، وفَتحَ لهمْ أبوابَ الفضلِ والإحسان، وأمَرَهم أنْ يَسْألوهُ بِلسانِ المقالِ وبِلسانِ الحال.
ولمّا سألَ موسى عليه السلام رؤيةَ رَبِّهِ حينَ سَمعَ كلامهُ..
– الشيخ:
حين؟
– القارئ: حينَ سَمٍعَ كَلامَهُ ومنَعَهُ الله مِنْها..
– الشيخ: إ
يش؟
– القارئ: ولمّا سألَ موسى عليه السلام رؤيةَ رَبِّهِ حينَ سَمِعَ كلامَهُ ومنَعَهُ الله مِنْها..
– الشيخ:
من الرؤية
– القارئ: نعم، سلّاهُ بِما أعْطاهُ مِنَ الخيرِ العَظيم: قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الأعراف:144]، وقولهُ تَعالى: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا [البقرة:106]، وقولهُ: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130]، وفي هذا المَعْنى آياتٌ كَثيرة.
القاعدة الخمسون
– الشيخ:
لا إله إلّا الله، كأنّهُ شَواهِدُ هذه القاعِدة قولهُ تَعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ [البقرة:216] وهذا والله أعلم في الشّرعيَّاتِ وفي الكونيَّات، ومَرَدُّ هذا الحِكمة، حِكْمةُ الله، فالله حَكيمٌ في شَرْعهِ وفي قدَرِهِ، لهُ الحِكمةُ البالِغة.
قدْ يَحْرصِ الإنسانُ على أمرٍ ويَرى أنَّ لهُ فيهِ خَيراً، فلا يُمْكِنهُ الله مِنْهُ، ولا يُقْدِرُهُ عليه، ثمَّ يَتَبيّن بعدَ ذلكَ أنَّ ذلكَ خيرٌ له، ولهذا أُمِرَ المسلمُ بالصّبرِ على المصائِب، ففي ذلكَ خيرٌ لهُ مِمّا فاتهُ، خيرٌ لهُ، صَبْرهُ ورِضاهُ، خيرٌ لهُ مِمّا فاتهُ، فَعلى المسلمِ أنْ يُحْسِنَ الظنَّ بربِّهِ ويُفوِّضَ أمرهُ إليهِ، ويَرْضى عَنْ رَبّهِ في تَدْبيرهِ، ويَرْضى عَن رَبّهِ في تَدْبيرهِ.
ولهذا يقولُ المُهتدونَ والمُوفَّقونَ إذا حَصلَ أمرٌ يَكْرهونهُ: عَسى أنْ يَكونَ خيراً، عَسى أنْ يَكونَ خيراً، أخْذاً مِن هذه الآية: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ [البقرة:216]

– القارئ: أحسن الله إليك، القاعدة الخَمْسون:
آياتُ الرّسولِ: هي التي يُبْديها الباري ويَبْتَديها.
وأمّا ما أبْداهُ المُكذِّبونَ لهُ واقْتَرحوهُ، فَليستْ آيات، وإنّما هي تَعنُّتاتٍ وتَعْجيزات..
– الشيخ:
تَعَنُّتاتٍ
– القارئ: وإنّما هي تَعَنُّتاتٍ وتَعْجيزات..
– الشيخ:
تعزيزات
– القارئ: وتَعْجيزات
– الشيخ: تَعْجيزات
– القارئ: وبهذا يُعرفُ الفرقُ بَينها وبينَ الآياتِ: وهي البَرَاهينُ والأدلّةُ على صِدقِ الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم وغَيرهِ مِنَ الرُّسل..
– الشيخ:
صلوات الله وسلامه عليه
– القارئ: وعَلى صِدقِ كُلِّ خَبرٍ أخبرَ الله بهِ، وأنّها الأدِلّةُ والبَراهينُ التي يَلزمُ مِن فَهْمِها على وَجْهها صِدقُ ما دلَّتْ عليهِ ويَقينه.
وبهذا المَعنى: "ما أرسلَ اللهُ مِنْ رَسولٍ إلّا أعْطَاهُ مِنَ الآياتِ عَلى مِثْلهِ آمنَ البَشر"، وما آتى اللهُ مَحمّداً صلّى الله عليه وسلّم مِنَ الآياتِ فَهي لا تُحَدُّ ولا تُعَدُّ مِنْ كَثْرَتِها وقوّتها ووضوحِها -ولله الحمد-
فَلمْ يَبْقَ لأحدٍ مِنَ النّاسِ بَعْدها عُذر.

فَعُلمَ بذلكَ أنَّ اقْتِراح المُكذِّبين لآياتٍ يُعيِّنونها ليستْ مِنْ هذا القَبيل، وإنّما مَقْصودُهم بِهذا أنّهم وطَّنُوا أنْفُسَهم على دينهم الباطِل وعَدمِ اتّباعِ النّبي صلّى الله عليه وسلّم..
– الشيخ:
أعد أعد، دينهم الباطل، إيش؟
– القارئ: أحسن الله إليك، وإنّما مَقْصودُهم بِهذا أنّهم وطَّنُوا أنْفُسَهم على دينهم الباطِل وعَدمِ اتّباعِ النّبي صلّى الله عليه وسلّم.
فَلمّا دَعاهم إلى الإيمانِ وأراهُم شَواهِدَ الآياتِ أرادوا أنْ يُبرِّروا ما هُمْ عليهِ عِندَ الأغمارِ والسُّفهاءِ، بِقولهم: ائْتِنا بالآيةِ الفُلانيّة والآيةِ الفُلانيّة إنْ كنتَ صَادِقاً، وإنْ لمْ تأتِ بذلكَ فلا نُصدِّقكَ، فهذه طَريقةٌ لا يَرْتَضيها أدنى مُنصِف، ولهذا يُخبرُ تَعالى أنّهُ لو أجابَهم إلى ما طَلبوا لمْ يُؤْمِنوا؛ لأنّهم وطَّنوا أنْفُسَهم على الرِّضا بِدينهم وعَرفوا الحقَّ ورَفَضوهُ.
وأيضاً فهذا مِن جَهْلِهم في الحالِ والمآل؛ أمّا الحالُ: فإنَّ هذه الآياتِ التي تُقْتَرحُ وتُعيَّنُ جَرت العادةُ أنَّ المُقْتَرحينَ لها لمْ يَكنْ قَصْدُهم الحق، فإذا جاءت ولمْ يُؤْمنوا عُوجِلوا بالعقوبةِ الحاضِرة.
وأمّا المآلُ: فإنّهم جَزموا جَزْماً لا تَردّدَ فيهِ أنّها إذا جاءتْ آمنوا وصَدَّقوا، وهذا قَلبٌ للحقائقِ، وإخبارٌ بِغيرِ الذي في قُلوبِهم، فَلو جاءتهم لمْ يؤمِنوا إلّا أنْ يَشاءَ الله تَعالى.
وهذا النوعُ ذَكرهُ الله في كتابهِ عَن المُكذِّبينَ في آياتٍ كَثيرةٍ جداً، كَقولِهم: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً [الإسراء:90]، وقوله: وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً [الأنعام:111]، إلى آخرها.
وأيضاً إذا تَدبَّرْتَ الاقْتِرَاحات التي عَيَّنوها لمْ تَجِدْها في الحَقيقة مِن جِنْسِ البراهين، وإنّما هي لو فُرِضَ الإتْيانُ تَكونُ شَبيهةً بآياتِ الاضطِرارِ التي لا يَنْفعُ الإيمانُ مَعَها، ويَصيرُ شَهادة، وإنّما الإيمانُ النّافعُ هو الإيمانُ بالغيبِ، فَكَما أنّهُ المُنْفَرِدُ بالحُكمِ بينَ العبادِ في أدْيانِهم وحُقوقِهم، وأنّهُ لا حُكْمَ إلّا حُكْمهُ، وأنّهُ مَنْ قالَ يَنْبَغي أو يَجِبُ أنْ يَكونَ الحُكمُ كَذا وكذا، فهو مُتَجرِّئٌ على الله، مُتوثِّبٌ على حُرُماتِ الله وأحكامهِ، فَكذلكَ بَراهينُ أحكامِهِ لا يَتَولَّاها إلّا هو، فَمَن اقْتَرحَ شيئاً مِن عِنْدهُ فقد ادَّعى مُشاركةَ الله في حُكْمهِ، ومُنازَعتهِ في الطّرقِ التي يَهْدي ويُرشِدُ بِها عِبادهُ، قال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ [الأنعام:93]
القاعدة الحادية والخمسون
– الشيخ:
حسبُكَ يا أخي
– القارئ: أحسنَ الله إليك.
 

معلومات عن السلسلة


  • حالة السلسلة :مكتملة
  • تاريخ إنشاء السلسلة :
  • تصنيف السلسلة :القرآن وعلومه